المؤتمر الثالث لكلية الدعوة بالأزهر.. ممثل دار الإفتاء يوضح 7 ضوابط للمفتين
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن خطورة الفتوى تبرز بملاحظة دورها وأثرها في حياة المسلم، فالفتوى الصحيحة المتوافقة مع المقاصد الشرعية لها أثر فعال مثمر في توجيه المسلمين أفرادًا وجماعات إلى طريق الخير والصلاح في الدنيا والآخرة، حيث ترسخ الأخلاق الحميدة والقِيَم الفاضلة وتأخذ بيد المجتمع إلى طريق التطور الحضاري المنشود والكمال الدنيوي، كما أنها تضبط حركة المجتمع وتنشر فيه قيم التعايش والتسامح والتآلف والتآخي، والعكس من ذلك الفتوى الخاطئة، فإنها تضر بالمجتمع وتكون مدعاةً للاحتراب والاقتتال، وطريقًا لتدمير المجتمعات ودفعها إلى الهلاك والتخلف الحضاري.
وخلال عرضه للورقة البحثية المقدمة من دار الإفتاء المصرية بالمؤتمر الثالث لكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، الذي نظم برئاسة أ.د. محمد عبد الدايم الجندي الجعفري عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، وبإشراف مقرر المؤتمر أ.دمحمد رمضان وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، وأمين عام المؤتمر أ.د. صلاح الباجوري وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والذي عقد تحت عنوان: «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن»، أضاف أمين الفتوى الدكتور علي فخر أنه نظرًا لأهمية الفتوى وخطورتها، ينبغي لمن يتصدر لمهامها أن يستطيع التعامل مع معطيات العصر التي تتميز بالسرعة والتطور في شتى مناحي الحياة، والتي أصبحت تتطلب نظرًا جديدًا من قِبَل العلماء المجتهدين في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها واجتهادات العلماء السابقين والرجوع لأهل التخصص من أجل الوقوف على حقيقة المسألة وتصورها بشكل صحيح، وبخاصة في ظل تغير وظيفة الإفتاء في عصرنا الحاضر عما كانت عليه في العصور الماضية، فقد أصبح الإفتاء يُمارَس من خلال المؤسسات الدينية في ظل تطور المجتمعات وتحولها إلى نمط الدول الحديثة، فأصبح لزامًا على المفتي في ظل هذا الواقع الجديد أن يراعي ما هو اجتماعي وثقافي وعالمي؛ حتى يحافظ على سياق الدولة الحديثة وهويتها الوطنية والدينية في وقتٍ واحد.
وأوضح فضيلته أن دار الإفتاء المصرية وضعت تصورها للمفتي المعاصر عن طريق جملة من الشروط والضوابط، أولها: أن يكون من يتصدر للإفتاء مؤهلًا للاجتهاد، من خلال قدرته على استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة، الأمر الثاني: المعرفة التامة بالقياس وأركانه، وهو التفقه والمعرفة العميقة لأسرار الشريعة ومقاصدها وعلل أحكامها، ثالثها: الاستعانة بأهل التخصص في المجالات المختلفة، فقد كثرت النوازل التي تحتاج في معرفة حقيقتها وتصورها إلى أهل التخصص، مصدقًا لقوله سبحانه وتعالي: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، الأمر الرابع: جودة القريحة، وهو ما يعني أن يكون كثير الإصابة، صحيح الاستنباط، وهذا يحتاج إلى حُسن التصور للمسائل، الأمر الخامس: معرفة العوائد والأعراف ومراعاتها عند النظر والاجتهاد؛ لأن العادة والعرف لهما اعتبار في الشرع، ومن بين القواعد الكلية التي وضعها العلماء قاعدة «العادة محكمة»، الأمر السادس: مراعاة واقع المجتمعات المعاصرة: فعلى المفتي المعاصر أن يراعي واقع المجتمعات بما يشتمل عليه من المفاهيم المعاصرة من معنى الدولة المدنية والمواطنة وسيادة القانون، ونحوها من المفاهيم، الأمر السابع، الإحاطة بالعلوم الحديثة: فقد تصادف المفتي مسائل وقضايا تتوقف على إحاطته بالعلوم الدنيوية كالحساب ومبادئ الاقتصاد والطب، حيث يوظف تلك المعارف في تصور الواقع ومعرفته على حقيقته، حيث ظهرت في هذا العصر الحديث كثير من المعاملات المالية المستحدثة التي لم يكن لها نظير في الفقه قديمًا.
وبين فخر، أن دار الإفتاء المصرية منذ بداية العقد الماضي عملت على تكوين العقل الإفتائي والعقل الاجتهادي، من خلال تدريب الباحثين الشرعيين؛ ليستطيعوا إصدار حكمًا شرعيًّا متفقًا مع مقصود الشارع ومتفقًا مع الواقع المعيش، بالإضافة إلى إصدار موسوعة علمية «المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية»، تستهدف تنمية ملكة الإفتاء، وتطوير الجانب المهاري للمفتين، كما أصدرت الدار آلاف الفتاوى المؤصلة والمنهجية التي تمثل ثروةً إفتائية يمكن الاستفادة منها في تنمية ملكة الإفتاء، والتي تنطوي على المبادئ التي يمكن من خلال استقرائها وتحصيلها اكتساب ملكة الإفتاء وصقل مهارات المفتي، وإمداده بزاد فقهي متنوع يثري معارفه ويسترشد به في إصدار فتوى صحيحة.
وفي ختام الورقة البحثية المقدمة من دار الإفتاء والتي ألقاها أمين الفتوى، شدد على ضرورة مراجعة مؤهلات المتصدّر للإفتاء لمواكبة تطورات الزمن وإيجاد الحلول لمشاكله ونوازله، وهو الأمر الذي يحتم تكوين المفتي المعاصر، عن طريق تأهيله العلمي وتوسيع معارفه وتنمية مهاراته؛ لكي يتمكن من تصور المسائل وتكييفها تكييفًا صحيحًا لبناء الحكم الشرعي على أساس متين، وهو ما يدل على أن الإفتاء في هذا العصر علم متخصص شأنه شأن كل العلوم الأخرى.
ونظمت كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر مؤتمرها الدوري الثالث، تحت عنوان "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن"، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بضرورة مناقشة التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه العالم الإسلامي، والسعي إلى توحيد الجهود الدعوية لبلورة حلول فعالة، وتعزز وعي فكري سليم يحصن المجتمعات من الأفكار المتطرفة ويواجه الغزو الثقافي بعلم راسخ وفهم مستنير.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء خطورة الفتوى كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر دار الإفتاء المصریة من خلال
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الجمع بين نية القضاء وصيام الستة من شوال؟
أجاب الشيخ حسن اليداك، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول حكم الدين في جمع النية بين صيام قضاء رمضان والستة أيام من شوال.
وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة «الناس»، اليوم الخميس، أن هذا الموضوع من المسائل الفقهية التي يحرص المسلمون على معرفة حكمها خاصة في مواسم رمضان.
جواز الجمع بين النيتينوأوضح أمين الفتوى، أن الشافعية قالوا بجواز الجمع بين نية قضاء أيام رمضان والستة أيام من شوال، وهو الرأي الذي تم تبنيه من قبل دار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أن صيام الستة أيام من شوال يعد سنة مؤكدة، بينما قضاء رمضان واجب.
وأكد الشيخ حسن اليداك أنه إذا أراد المسلم الجمع بين النيتين، يجب أن يبدأ بنية قضاء ما عليه من أيام رمضان، حيث يكون القضاء هو الأولوية، أي يجب أن ينوي في قلبه قضاء الأيام التي أفطرها في رمضان، ثم بعد ذلك يمكنه إضافة نية صيام الستة أيام من شوال.
النية محلها القلب في الأساسوأضاف أمين الفتوى، أن النية هي محلها القلب في الأساس، لكن من الأفضل أن يلفظ المسلم بها ليتأكد من ترتيب ذهنه وتوضيح النية، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعد فرضًا ولكنه يساعد في تنظيم الفعل.