قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن خطورة الفتوى تبرز بملاحظة دورها وأثرها في حياة المسلم، فالفتوى الصحيحة المتوافقة مع المقاصد الشرعية لها أثر فعال مثمر في توجيه المسلمين أفرادًا وجماعات إلى طريق الخير والصلاح في الدنيا والآخرة، حيث ترسخ الأخلاق الحميدة والقِيَم الفاضلة وتأخذ بيد المجتمع إلى طريق التطور الحضاري المنشود والكمال الدنيوي، كما أنها تضبط حركة المجتمع وتنشر فيه قيم التعايش والتسامح والتآلف والتآخي، والعكس من ذلك الفتوى الخاطئة، فإنها تضر بالمجتمع وتكون مدعاةً للاحتراب والاقتتال، وطريقًا لتدمير المجتمعات ودفعها إلى الهلاك والتخلف الحضاري.

المؤتمر الثالث لكلية الدعوة بالأزهر

وخلال عرضه للورقة البحثية المقدمة من دار الإفتاء المصرية بالمؤتمر الثالث لكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، الذي نظم برئاسة أ.د. محمد عبد الدايم الجندي الجعفري عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، وبإشراف مقرر المؤتمر أ.دمحمد رمضان وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، وأمين عام المؤتمر أ.د. صلاح الباجوري وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والذي عقد تحت عنوان: «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن»، أضاف أمين الفتوى الدكتور علي فخر أنه نظرًا لأهمية الفتوى وخطورتها، ينبغي لمن يتصدر لمهامها أن يستطيع التعامل مع معطيات العصر التي تتميز بالسرعة والتطور في شتى مناحي الحياة، والتي أصبحت تتطلب نظرًا جديدًا من قِبَل العلماء المجتهدين في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها واجتهادات العلماء السابقين والرجوع لأهل التخصص من أجل الوقوف على حقيقة المسألة وتصورها بشكل صحيح، وبخاصة في ظل تغير وظيفة الإفتاء في عصرنا الحاضر عما كانت عليه في العصور الماضية، فقد أصبح الإفتاء يُمارَس من خلال المؤسسات الدينية في ظل تطور المجتمعات وتحولها إلى نمط الدول الحديثة، فأصبح لزامًا على المفتي في ظل هذا الواقع الجديد أن يراعي ما هو اجتماعي وثقافي وعالمي؛ حتى يحافظ على سياق الدولة الحديثة وهويتها الوطنية والدينية في وقتٍ واحد.

وأوضح فضيلته أن دار الإفتاء المصرية وضعت تصورها للمفتي المعاصر عن طريق جملة من الشروط والضوابط، أولها: أن يكون من يتصدر للإفتاء مؤهلًا للاجتهاد، من خلال قدرته على استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة، الأمر الثاني: المعرفة التامة بالقياس وأركانه، وهو التفقه والمعرفة العميقة لأسرار الشريعة ومقاصدها وعلل أحكامها، ثالثها: الاستعانة بأهل التخصص في المجالات المختلفة، فقد كثرت النوازل التي تحتاج في معرفة حقيقتها وتصورها إلى أهل التخصص، مصدقًا لقوله سبحانه وتعالي: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، الأمر الرابع: جودة القريحة، وهو ما يعني أن يكون كثير الإصابة، صحيح الاستنباط، وهذا يحتاج إلى حُسن التصور للمسائل، الأمر الخامس: معرفة العوائد والأعراف ومراعاتها عند النظر والاجتهاد؛ لأن العادة والعرف لهما اعتبار في الشرع، ومن بين القواعد الكلية التي وضعها العلماء قاعدة «العادة محكمة»، الأمر السادس: مراعاة واقع المجتمعات المعاصرة: فعلى المفتي المعاصر أن يراعي واقع المجتمعات بما يشتمل عليه من المفاهيم المعاصرة من معنى الدولة المدنية والمواطنة وسيادة القانون، ونحوها من المفاهيم، الأمر السابع، الإحاطة بالعلوم الحديثة: فقد تصادف المفتي مسائل وقضايا تتوقف على إحاطته بالعلوم الدنيوية كالحساب ومبادئ الاقتصاد والطب، حيث يوظف تلك المعارف في تصور الواقع ومعرفته على حقيقته، حيث ظهرت في هذا العصر الحديث كثير من المعاملات المالية المستحدثة التي لم يكن لها نظير في الفقه قديمًا.

فتاوى تشغل الأذهان | حكم قطع الصلاة بدون عذر .. متى يكون الصبر جميلا؟ ما حكم قطع الصلاة بدون عذر؟ ..الإفتاء توضح الحالات التي تجيز ذلك

وبين فخر، أن دار الإفتاء المصرية منذ بداية العقد الماضي عملت على تكوين العقل الإفتائي والعقل الاجتهادي، من خلال تدريب الباحثين الشرعيين؛ ليستطيعوا إصدار حكمًا شرعيًّا متفقًا مع مقصود الشارع ومتفقًا مع الواقع المعيش، بالإضافة إلى إصدار موسوعة علمية «المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية»، تستهدف تنمية ملكة الإفتاء، وتطوير الجانب المهاري للمفتين، كما أصدرت الدار آلاف الفتاوى المؤصلة والمنهجية التي تمثل ثروةً إفتائية يمكن الاستفادة منها في تنمية ملكة الإفتاء، والتي تنطوي على المبادئ التي يمكن من خلال استقرائها وتحصيلها اكتساب ملكة الإفتاء وصقل مهارات المفتي، وإمداده بزاد فقهي متنوع يثري معارفه ويسترشد به في إصدار فتوى صحيحة.

وفي ختام الورقة البحثية المقدمة من دار الإفتاء والتي ألقاها أمين الفتوى، شدد على ضرورة مراجعة مؤهلات المتصدّر للإفتاء لمواكبة تطورات الزمن وإيجاد الحلول لمشاكله ونوازله، وهو الأمر الذي يحتم تكوين المفتي المعاصر، عن طريق تأهيله العلمي وتوسيع معارفه وتنمية مهاراته؛ لكي يتمكن من تصور المسائل وتكييفها تكييفًا صحيحًا لبناء الحكم الشرعي على أساس متين، وهو ما يدل على أن الإفتاء في هذا العصر علم متخصص شأنه شأن كل العلوم الأخرى.

ونظمت كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر مؤتمرها الدوري الثالث، تحت عنوان "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن"، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بضرورة مناقشة التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه العالم الإسلامي، والسعي إلى توحيد الجهود الدعوية لبلورة حلول فعالة، وتعزز وعي فكري سليم يحصن المجتمعات من الأفكار المتطرفة ويواجه الغزو الثقافي بعلم راسخ وفهم مستنير.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء خطورة الفتوى كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر دار الإفتاء المصریة من خلال

إقرأ أيضاً:

احترس من هذه اليمين بعد صلاة العصر ؟.. داعية يحذر

الحلف بالله كذبًا يُسمى في الشريعة الإسلامية باليمين الغموس، وهذا النوع من اليمين سمي كذلك؛ لأنه يغمس صاحبه في النار فهو إثم عظيم، وقال عنه بعض العلماء إنه ليس له كفارة من شدة الإثم.

وحذر الدكتور رمضان عبد الرازق، الداعية الإسلامي، من يمين شديدة على صاحبها لو كان كاذبًا، خاصة بعد صلاة العصر.

وقال عبد الرازق، في فيديو منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك،: احذر من كل الأيمان مرة، واحذر من يمين بعد العصر مليون مرة.

وتابع متسائلاً: "لماذا اليمين التي بعد العصر؟، سيدنا النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، منهم رجلا حلف يمينا كاذبة بعد العصر)، والسبب في اليمين التي بعد العصر؛ لأن بعد العصر تجتمع فيه ملائكة الليل والنهار، فهو عندما يحلف بيمين كاذبة؛ فكأنه كذب أمام الناس وأمام ملائكة النهار وملائكة الليل.

دعاء الصباح لك ولمن تحب.. 10 كلمات تخلصكم من الذنوب والهمومأدعية الصباح للرزق والفرج.. رددها الآن وابدأ يومك بهاهل يجوز فى كفارة اليمين أن تكون مالا بدل الإطعام ؟

سؤال أجاب عنه الشيخ عمرو الورداني، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال فتوى مسجلة له، على صفحة دار الإفتاء المصرية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

ردَّ الورداني، بأنه يجوز إخراج كفارة اليمين إطعاما بدلًا من المال، وهذا ما نفتي به في دار الإفتاء المصرية، ومن الممكن أن يقسم الكفارة على عدة أشخاص، ومن الممكن أن يعطيها لفرد واحد فقط.

هل يجوز في كفارة اليمين أن تكون مالا بدل الطعام؟

قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء: إن كفارة حنث اليمين، تكون إطعام 10 مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، أو صيام 3 أيام.

وأوضح «ممدوح» خلال البث المباشر لدار الإفتاء على «فيسبوك»، أن مقدار إطعام المسكين شرعًا: نصف صاع من الطعام لكل مسكين، وقدره كيلو ونصف الكيلو تقريبًا، مشيرًا إلى أن دفع قيمة مالية بدل الإطعام في الكفارة أمر مختلف بين العلماء، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء تؤيد الإمام أبو حنيفة الذي رأى جواز إخراج قيمة مالية في الكفارات وزكاة الفطر.

وحدد أمين الفتوى، المقدار المالي لكفارة حنث اليمين، «70 جنيهًا» كحد أدنى، ويجوز لمن حنث في اليمين أن يخرج أكثر من هذه القيمة.

كفارة اليمين التصرف الشرعي لمن تراكمت عليه كفارة الأيمان

قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، إنه يجب على المسلم عدم الإكثار من الحلف بالله، لما في ذلك من الجرأة على الله- سبحانه وتعالى- وعدم هيبته وتعظيمه، فقد قال الله- تعالى-: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}، وقال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}، وجاء ذمّ كثرة الحلف في قول الله عز وجل: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ {القلم:10}.

وأضاف لـ" صدى البلد" تعليقا على شخص يسأل ما حكم تكرار الحلف بالله في كثير من أمور الحياة فما كفارة ذلك اذا تعدد الحلف؟، قائلا : الْقَوْل الأْوَّل: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ لِكُل يَمِينٍ كَفَّارَةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، وَرِوَايَةُ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ.

الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، قَال الْقَاضِي: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.

وأوضح الأطرش أن أحكام كفارة اليمين هي على التخيير بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزت عنها جميعًا انتقلت إلى الأمر الرابع وهو الصيام، ولا يجزئك البدء بالصيام ما دمت قادرا على واحد من تلك الأنواع الثلاثة.

واستطرد: وإذا جهلت عدد الأيمان التي تلزمك كفاراتها، فلك أن تأخذ بالأقل، فإن شككت ـ مثلًا ـ هل عليك خمس كفارات أو ست؟ فعليك أن تكفر عن خمس؛ لأن الأصل عدم لزوم الكفارة.

مقالات مشابهة

  • حكم الامتناع عن الزوج لأنه لا يصلي .. أمين الفتوى يجيب
  • أيهما أولى بالحج الأم أم الزوجة؟.. أمين الفتوى يوضح
  • هل يجوز الزواج مع وجود نية الطلاق؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يُستجاب دعاء غير الحاج في يوم عرفة؟.. أمين الفتوى يكشف
  • بنكيران يقصي خصومه من حضور مؤتمر البيجيدي و يوجه الدعوة إلى حماس
  • أمين الفتوى: لا تجوز الغيبة فى حق المسلم والكافر
  • كفّارة الحلف بالله كذبًا .. أمين الفتوى يوضح التصرف الشرعي
  • احترس من هذه اليمين بعد صلاة العصر ؟.. داعية يحذر
  • كيفية الجمع بين الحج والعمرة في نفس الوقت.. أمين الفتوى يوضح
  • ما حكم الرجوع فى الهبة بعد منحها؟.. أمين الفتوى يجيب