أهلاً وسهلاً بالاستثمار الأجنبى
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
لا يجوز النظر لمشروع رأس الحكمة الاستثمارى باعتباره مجرد وسيلة لجذب عملة صعبة فقط، وإنما يجب النظر لسمات عديدة يتميز بها، ومنها سمة مُهمة ظلت غائبة عن كثير من المشروعات وهى الاستدامة، وأبعاد التنمية المتكاملة، وتنوع مجال الاستثمار، وأسلوب مشاركة الحكومة فى العائد، والتعاون مع المستثمرين المحليين.
صحيح أن مصر تعانى من شُح كبير فى موارد النقد الأجنبى تأثرا بعوامل خارجية ضربت عائدات السياحة، وقناة السويس بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة نتيجة الحرب فى غزة والاضطرابات فى البحر الأحمر، وعوامل داخلية وهى الأهم فى نظرى منها ارتفاع معدل الاقتراض الحكومى، وسوء توزيع خريطة الاستثمارات العامة بالمقارنة للاستثمارات الخاصة، وانخفاض معدل الحرية الاقتصادية، والتباطؤ فى تنفيذ قاعدة توسيع الملكية الخاصة، وغيرها من الأسباب مصحوبة بخروج استثمارات قصيرة الأجل فى ظل أوضاع عالمية مرتبكة.
وصحيح أن أحد مكاسب المشروع هو تدفق نحو 24 مليار دولار سيولة نقد أجنبى لمصر، فضلا عن احتفاظ البنك المركزى بأحد عشر مليار دولار قيمة الوديعة الدولارية الإماراتية بالبنك المركزى، مقابل سداد قيمتها بالجنيه المصرى.
لكن العائد الحقيقى لمصر من هذا المشروع هو توليد فرص عمل مستقبلية، وجذب سياح من كافة أنحاء العالم مستقبلا، والأهم من كل هو ذلك كتابة قصة نجاح حقيقية يُمكن أن تمثل نموذجا يُحتذى لكبرى الشركات والمؤسسات وأصحاب رؤوس الأموال الباحثين عن فرص استثمار حقيقية.
إن مُجرد الإعلان عن هذا المشروع غير المسبوق يعيد جزءا من الثقة المفقودة، ومجرد ضخ هذه الأموال يمثل نظرة إيجابية نحو المستقبل.
كذلك، فإن علينا النظر لما يعود به مثل هذا المشروع على المصريين من تأهيل لكوادر جديدة للعمل فى مجالات مستحدثة من السياحة والخدمات، وبأنظمة أكثر فاعلية، وبسياسات متطورة، وهو ما يُحفز الكيانات الكبرى الأخرى لتطوير قدراتها وإمكانياتها.
وليس من العدل التهوين من الصفقة تحت زعم أنها بيع لأراضى مصرية للمستثمرين الأجانب، فلن يحمل المستثمر الموانئ والمصانع والمنتجعات والأراضى الزراعية ويرحل بعيدًا. ولنا فى إندونيسيا والبرازيل وماليزيا وسنغافورة والصين أسوة حسنة. والاستثمار الأجنبى هو ضرورة من ضرورات التنمية المستدامة، ومَن يعود إلى تجارب الدول المتقدمة يكتشف أن ذلك التقدم لم يولد دون انفتاح وتكامل مع رؤوس الأموال العالمية. والاستثمار الأجنبى هو السبيل الأمثل لتطوير وتحسين بنية الاستثمار فى مصر، لأن الشركات العالمية تختبر بمشروعاتها مدى ملاءمة مناخ الاستثمار لاستيعاب مشروعات جديدة، وتقدم مقترحاتها لتحسين ذلك المناخ، ومَن ثم سيتم تحسين وتيسير إجراءات عديدة تخص الاستثمار بشكل عام حتى للمستثمرين المحليين.
وستكون الفرصة طيبة لاستكمال إصلاحات مناخ الاستثمار فى مصر، فهذا المناخ لايزال تصاحبه عواصف بيروقراطية ويملؤه سحب عدم استقرار السياسات المالية والنقدية وإزالة العقبات والعوائق التقليدية أمام كثير من المستثمرين فى مختلف المجالات، والتى سبق وأشرنا إلى بعضها فى مقالات عديدة صارت ضرورة.
وأتصور أيضاً أن تلك بداية جادة وحقيقية لاستعادة دور القطاع الخاص سواء المحلى أو الأجنبى فى إدارة وقيادة التنمية، وباسترداد مسئوليته السابقة عن توليد فرص العمل، وهو ما تعرض خلال السنوات الأخيرة لتراجع كبير.
وثمة إشارة مُهمة كشفها هنا المشروع، هى أن الاستثمار الأجنبى يتأثر كثيرًا بالاعتبارات السياسية فبدون دعم سياسى من حكومة الإمارات لهذا المشروع لما كنا رأيناه. ولذا لزم التنوع فى المحفظة الجغرافية للاستثمار الأجنبى، ودعم الاستثمار المحلى. بكل ما أوتينا من قوة للمحافظة على التوازن. ولا شك أن توجيه الاستثمارات الضخمة لمشروعات الطرق والكبارى والبنية التحتية، ومنحها الأولوية لم يكن خطأ فى حد ذاته بل هو ضرورة لتعزيز مزايا المشروع بالنسبة للاستثمارات الخاصة الكبرى فتوفر البنية الأساسية وجودتها من أهم مقومات جذب الاستثمارات الخاصة المباشرة.
وكما كتبت قبل أسبوعين فقط مؤكدا على ثقتى التامة فى القدرة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية الراهنة، فإننى أؤكد أن مصر قادرة على الخروج من الأزمة، وجنى ثمار التنمية الجارية. إننا نحتاج فقط من الحكومة أن تستمع بشكل أكثر جدية لآراء المختصين. فمصر قادرة على جذب استثمارات بما لايقل عن أربعين مليار دولار سنويًا، ونحن نحتاج فقط لتصحيح المسار الاقتصادى فورًا ودون تأجيل.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هانى سرى الدين عملة صعبة التنمية المتكاملة مشاركة الحكومة الشهور الأخيرة الاستثمار الأجنبى
إقرأ أيضاً:
جامعة حلوان تطلق دورة تدريبية للتوعية بالاستثمار في البورصة المصرية
أطلقت جامعة حلوان، بالتعاون مع البورصة المصرية، دورة تدريبية متخصصة لطلاب برنامج الأسواق والمؤسسات المالية (Financial Markets & Institutions- FMI)، وذلك في إطار تفعيل بروتوكول التعاون المشترك بين الجانبين.
ينظم الدورة مركز التطوير الوظيفي (CDC) تحت رعاية الدكتور السيد قنديل، رئيس الجامعة، والدكتور حسام رفاعي، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتور جمال على، عميد كلية التجارة، وبإشراف الدكتورة حنان كمال، مدير مركز التطوير الوظيفي.
تهدف الدورة إلى تأهيل الطلاب كمستثمرين مبتدئين في البورصة، وتزويدهم بأساسيات التحليل الأساسي والفني للأوراق المالية، وتطوير مهاراتهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأسهم والسندات. وقد تم تجهيز جناح مصغر للبورصة داخل حرم الكلية والذى يستمر لمدة اسبوعين، بمشاركة ممثلين عن البورصة المصرية وشركات الخدمات المالية لتعريف الطلاب بأنشطتها المختلفة.
تستمر الدورة لمدة أربعة أيام وتقدم مجانًا للطلاب ويحاضر بها مجموعة من الكوادر المتميزة والمتخصصة في مجال البورصة المصرية ويحصل الطلاب على شهادات معتمدة من البورصة بنهاية الدورة التدريبية، حيث تمثل باكورة سلسلة من الدورات التدريبية التي ستبدأ بطلاب برنامج FMI قبل توسيع نطاقها لتشمل باقي طلاب الحرم الجامعي.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور السيد قنديل رئيس جامعة حلوان على أهمية نشر الثقافة المالية وتشجيع الادخار والاستثمار في البورصة، مشدداً على ضرورة بناء جسور التواصل بين المؤسسات الأكاديمية وقطاع سوق المال لتحقيق التكامل بين التعليم الأكاديمي والتطبيق العملي.
من جانبه، أشار الدكتور جمال على إلى الدور المحوري للجامعة في إعداد الكوادر المؤهلة لمختلف قطاعات الدولة من خلال صقل مهارات وقدرات الطلاب.
وأكدت الدكتورة حنان كمال على أهمية توسيع نطاق التوعية بالاستثمار في البورصة ليشمل طلاب كافة التخصصات، وليس فقط طلاب كلية التجارة، بهدف نشر الوعي الاستثماري والثقافة المالية بين جميع الطلاب.