هل تمضي المعارضة في مبادرة تقديم ملتمس للرقابة على الحكومة؟
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
يضغط الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على حلفائه في المعارضة، لتبني خطة تقديم ملتمس للرقابة في مواجهة الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش.
وفق مصادر “اليوم 24″، فإن المقترح الذي كان مبادرة نابعة من المناقشات الجارية بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، قبل أن ينادي إليها المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي بصفة رسمية، ما يزال في مرحلته الأولى “من التفكير”، دون أن تُتخذ أي خطوات عملية مع باقي مكونات المعارضة.
يؤكد ذلك الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، فقد قال لـ”اليوم 24″، “إن المبادرة في طور التفكير والإنضاج الآن، ولم يتم الحسم فيها نهائياً خاصة مع باقي مكونات المعارضة”.
يخالف ذلك ما سار إليه عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، المهدي مزواري، عندما أعلن في تصريح قدمه إلى “هسبريس” أمس الثلاثاء، بأن مقترح ملتمس الرقابة “يحظى بدعم أحزاب المعارضة”، على أن “ننفتح على بعض النواب اليساريين”، مشيرا بذلك إلى النائبتين البرلمانيتين، نبيلة منيب (الاشتراكي الموحد)، وفاطمة التامني (تحالف فدرالية اليسار). ولاحقا، سيعلن الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر عن التوجه نفسه، مشددا في تصريح لموقع “كيفاش”، على “مبادرة حزبه” إلى هذا الأمر.
وتحول قيام الاتحاد الاشتراكي بنسب خطوة ملتمس الرقابة إلى نفسه، إلى عقبة في الجهود التي بذلت في سبيل الحصول على موافقة فرقاء المعارضة. فاليساريون عادة ما كانت طموحات الاتحاد الاشتراكي تعرقل بالنسبة إليهم أي خطط مشتركة، مثلما حدث في توحيد اليسار، وكذلك في الكتلة الديمقراطية التي تجمعه كذلك بحزب الاستقلال، اليميني المحافظ.
ولا تشعر الحكومة بتهديد كبير من تحركات الاتحاد الاشتراكي واليساريين الذي يمكن أن ينضموا إليه، فهي تتحوز على “أغلبية مطلقة، وصلبة وغير قابلة للاختراق”، كما يقول مصدر بالتجمع الوطني للأحرار.
يتوفر للتحالف الحكومي 270 مقعدا في مجلس النواب، من مجموع 395 مقعدا، دون احتساب التغيرات الطفيفة حول هذا العدد جراء الانتخابات الجزئية التي تكررت طيلة السنتين الماضيتين، لكنها لم تسفر عن تدهور مقاعد الأغلبية.
في مطلع فبراير، وببرودة، رد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، على دعوة الاتحاد الاشتراكي إلى تقديم ملتمس الرقابة. وقال في مؤتمر صحفي عقده بعد اجتماع للمجلس الحكومي، “إن الدستور حدد مختلف الآليات والميكانيزمات والإجراءات والضوابط” من أجل اللجوء إلى ملتمس الرقابة… ونحن نتعامل مع هذا الموضوع في إطار نظام ديمقراطي”.
وبالرغم من أن تحوز التحالف الحكومي على أغلبيته، إلا أن تقديم ملتمس للرقابة، وحصوله على النصاب القانوني لعرضه ومناقشته في البرلمان، يشكل ضربة موجعة للحكومة ورئيسها اللذين لا يرغبان في التعرض لمساءلة صعبة ودقيقة مثل تلك التي تنتج عن ملتمس الرقابة. وحاولت حكومات في السابق، منع تقديم هذا الملتمس، ومن ثم، فقد كان آخر ملتمس رقابة في مجلس النواب عام 1990، أي قبل 34 عاما، وهو الثاني بعد أول كان عام 1964، وكلاهما لم يؤديا إلى سقوط الحكومتين اللتين كانتا هدفا لتلك الملتمسات.
وفقا للدستور، يحق لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بالتصويت على ملتمس للرقابة، لكن لا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. تملك المعارضة، 125 نائبا، ويشكل أكثر من الخمس المطلوب لتقديم ملتمس رقابة، إلا أن التناقضات بين أطراف هذه المعارضة تضعف هذه الأعداد.
من الوجهة التقنية، تتشكل المعارضة في مجلس النواب من سبع حساسيات سياسية، لكن الاتحاد الدستوري، رابع أكبر كتل المعارضة بـ18 مقعدا، يدعم التحالف الحكومي. ومثله في ذلك، النواب الخمسة عن الحركة الديمقراطية الاجتماعية. لكن يمكن للمعارضة أن تمضي قدما في الحصول على النصاب القانوني بالرغم من عدم دعم الكتلتين المذكورتين.
مع ذلك، لا تصمد كتل المعارضة كثيرا، فالحركة الشعبية بـ28 مقعدا، ما زالت مترددة إزاء هذا الخيار. وبالرغم من العلاقة المتشنجة التي تربط بين أمينها العام، محمد وازين، ورئيس الحكومة، إلا أن هذا الحزب لا يظهر حماسة كبيرة لإحراج الحكومة بواسطة ملتمس رقابة. في ندوة لفرق المعارضة في البرلمان، في 8 فبراير، اكتفى رئيس فريقه النيابي، إدريس السنتيني، بأن حزبه “منفتح على كل مبادرة تطلقها فرق المعارضة داخل المجلس”، معبرا عن “استعداد حزبه للانخراط فيها وإنجاحها كذلك”. لكن لم يصدر أي تعبير عن الأمين العام لحزبه يؤيد ذلك.
إذا لم تسند الحركة الشعبية هذا الملتمس، فإن نتيجته محسومة. بأقل من 75 صوتا، لا يستطيع الملتمس الحصول على خمس أعضاء مجلس النواب. يحتسب في هذا، كتلة حزب العدالة والتنمية. بدوره، لم يحسم هذا الحزب في هذا المقترح، وتجاهل رئيس مجموعته النيابية، عبد الله بوانو، سؤالا بهذا الخصوص طرح عليه في ندوة فرق المعارضة.
في الخطوة التالية، بحسب الدستور، لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، وفق أحكام الدستور، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.
وبالنسبة للمعارضة، فإن تقديم ملتمس للرقابة ومناقشته في البرلمان “يغني عن النتائج الأخرى”، حيث تعجز المعارضة على الحصول على أغلبية للوصول بملتمسها إلى نهاية الطريق. لكن، وفقا للمؤشرات، فإن هذه المهمة نفسها تبدو صعبة كما هي معقدة.
كلمات دلالية أحزاب المغرب حكومة رقابة سياسية ملتمسالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أحزاب المغرب حكومة رقابة سياسية ملتمس الاتحاد الاشتراکی مجلس النواب الحصول على
إقرأ أيضاً:
السودان.. هل تعلمت المعارضة الدرس؟
تلعب المعارضة المدنية في أي بلد – من الناحية النظرية – دورًا محوريًا في ترسيخ أركان الحكم الرشيد، وفي مواجهة الأزمات الوطنية، فهي تمثّل صوت الشعب وتطلّعاته نحو مستقبل أفضل.
وفي السودان، عُلّقت آمال عريضة على ما عُرف بـ"قوى الحرية والتغيير" عقب الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، حيث توقّع السودانيون أن تقود هذه القوى البلاد نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
بيدَ أن مسيرة هذه القوى شابها الكثير من خيبات الأمل والإخفاقات، وهو ما تجلّى بشكل خاص في تعاملها مع الأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد.
ويثير هذا الواقع تساؤلًا جوهريًا: لماذا أخفقت المعارضة المدنية السودانية – وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي"، التي يُعد رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك من أبرز وجوهها – في الاضطلاع بدورٍ فعّال في مواجهة الأزمة الحالية وتقديم حلول عملية؟
ويتفرع من هذا السؤال المحوري أسئلة أخرى: لماذا اتخذت موقفًا ضبابيًا، أو مؤيدًا إلى حدٍّ كبير، لمليشيا الدعم السريع وتجنبت إدانة جرائمها بشكل صريح؟
كيف أدت مواقفها السياسية إلى إضعاف المبادرات الداخلية وربط مصير الحركة المدنية بأجندات خارجية لا تخدم المصالح السودانية بالضرورة؟ كيف أثّر غياب القيادة الكاريزمية والموحدة في قدرتها على حشد الجماهير والتأثير في مسار الأحداث؟ وكيف أدّت حالة الترقّب للحلول الخارجية إلى جعل هذه المعارضة في موقع ردّ الفعل بدلًا من أن تكون قوة فاعلة؟ وكيف أدّى الارتهان للخارج والانقسامات الداخلية إلى فقدانها أي تمثيل حقيقي للقاعدة الشعبية في الداخل؟
إعلانإن فشل المعارضة في إدانة مليشيا الدعم السريع وجرائمها ضد الإنسانية، واستمرارها في تبني منطق انتظار الحلول من الخارج دون بناء قوة داخلية موحدة وذات مشروع وطني واضح المعالم، جعلها جزءًا من المشكلة لا من الحل.
فالتواصل مع المجتمع الدولي والإقليمي – وإن بدا أحيانًا ضروريًا – يجب أن يتم على قاعدة إجماع داخلي واسع، وبالاستناد إلى رؤية وطنية خالصة تُعبّر عن مصالح السودانيين. إن استعادة المعارضة قرارها السيادي المستقل، هي الخطوة الأولى نحو دمجها في الحراك الوطني، ومن ثمّ الاضطلاع بدورها في تحقيق الحكم الرشيد، ومواجهة الأزمات بفاعلية.
الموقف الضبابي من الأزمة الحاليةإن الموقف السلبي للمعارضة السودانية المدنية، بقيادة عبدالله حمدوك وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) – والتي تسمّت في فترة وجيزة بسبب الانقسامات الداخلية بأسماء جديدة مثل (تقدّم) و(صمود) – كان موقفًا وُصف بالضبابي – في أحسن الأحوال – من الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع.
وهي حرب لم تكن مجرد صراع على السلطة كما تم توصيفها أحيانًا، بل هو تمردٌ واضح على الدولة ومؤسساتها. هذا الموقف الملتبس جرّ على المعارضة الكثير من الانتقادات، وفتح الباب لتوجيه اتهامات مباشرة لها بدعم المليشيا سياسيًا، أو في أقل تقدير، بتوفير غطاء ناعم لتحركاتها الإجرامية.
من أبرز ما أُخذ على قوى الحرية والتغيير، أنها لم تُدن صراحةً مليشيا الدعم السريع، رغم تورطها في إشعال الحرب وارتكابها انتهاكات واسعة بحق المدنيين، بل جاءت بياناتها في كثير من الأحيان بصيغة الحياد السلبي إذ تُحمّل المسؤولية للطرفين، وكأن الطرفين متكافئان من حيث المشروعية والسلوك.
بل وقّعت اتفاقًا مع قائد المليشيا برعاية أجنبية في إثيوبيا. كما تمسكت بما عرف بـ(الاتفاق الإطاري) الذي كان مثار جدل واسع قبيل اندلاع الحرب، والذي رأى فيه كثيرون محاولة لتفكيك الجيش، وإعادة هندسة المؤسسة العسكرية بما يخدم مصالح فئة ضيقة.
إعلانوتم هذا الاتفاق برعاية رئيس بعثة الأمم المتحدة، التي كان حمدوك قد طلبها إبان رئاسته مجلس لوزراء دون علم الجيش. بعد اندلاع المعارك، واصل بعض قادة المعارضة الحديث عن هذا الاتفاق، وكأنه ما يزال صالحًا، متجاهلين تحولات الواقع الكارثي الذي فرضته المليشيا.
واحدٌ من أكثر المواقف المثيرة للجدل كان في توصيف الأزمة بأنها "صراع بين جنرالين"، وهو توصيف ساوى بين مؤسسة الدولة العسكرية النظامية، وبين مليشيا مسلحة خارجة عن القانون.
كما بدت المعارضة، في كثير من مواقفها، وكأنها تتبنى مقاربة خارجية للأزمة، مركّزة على المبادرات الدولية والإقليمية المرتبطة بالمصالح الأجنبية، دون تقديم رؤية وطنية مستقلة أو جهود حقيقية لرأب الصدع داخل الصف الوطني.
وقد شاركت المعارضة في مبادرات خارجية مشبوهة لم تُدرج ضمن أولوياتها مساءلة مليشيا الدعم السريع عن انتهاكاتها، وكأنها تتعامل مع المليشيا كطرف سياسي، لا كقوة تمرد مسلحة.
ومن المآخذ الأخرى على المعارضة أنها استمرّت في المناداة بضرورة "إصلاح الجيش"، وإعادة هيكلته، بينما لم تُظهر الجدية نفسها في المطالبة بنزع سلاح مليشيا الدعم السريع، أو محاسبتها على الجرائم الفادحة التي ارتكبتها.
لقد تعززت الاتهامات ضد المعارضة المدنية استنادًا إلى قرائن عدة، من بينها استمرار التواصل المباشر أو غير المباشر مع قيادة مليشيا الدعم السريع حتى بعد اندلاع الحرب، في لقاءات كشفتها تقارير مسرّبة وأخرى علنية. كما أن علاقات بعض قيادات المعارضة بدولٍ متهمة بدعم المليشيا زادت من الشكوك حول أجنداتهم.
كما كشفت تصريحات بعض القادة عن ازدواجية في الخطاب؛ إذ بينما يدعون في العلن إلى إيقاف الحرب، يروّجون في الكواليس لفكرة أن انتصار الجيش يمثل خطرًا بعودة النظام القديم، فيما بدا تبريرًا ضمنيًا لبقاء المليشيا كعامل توازن.
إعلانهذا الموقف جعل المعارضة تفقد كثيرًا من رصيدها السياسي الشعبي، وأعطى الانطباع بأنها لم تكن حريصة على الوطن بقدر حرصها على استعادة السلطة، حتى لو كان الثمن هو التحالف الضمني مع مليشيا ارتكبت فظائع ضد شعبها.
إشكالات هيكلية وتنظيميةظلت الانقسامات العميقة داخل صفوف المعارضة نفسها، تُغري الأطراف الخارجية بالتعامل الانتقائي معها، مما يعزز من تبعيتها للخارج ويحول دون توحيد كلمتها على أسس وطنية متينة.
هذا التشتت يُضعف الشرعية التمثيلية لهذه الفصائل لدى القاعدة الشعبية في الداخل، التي قد لا تجد صوتها ممثلًا بشكل حقيقي في كيانات تعتمد على نيل شرعيتها من الخارج، خاصة بعد تمرّد مليشيا الدعم السريع.
إلى جانب هذا الارتهان للخارج، تعاني المعارضة المدنية السودانية من ضعف تنظيمي مزمن، وانقسام حاد، وغياب قيادة موحدة. وهي تحديات تفاقمت بشكل خاص بعد نيلها السلطة التنفيذية عقب سقوط نظام البشير.
هذه الهشاشة الهيكلية، المتمثلة في تعدد الفصائل والتيارات السياسية والأيديولوجية، أضعفت قدرتها على تبني مواقف موحدة وفعّالة في مواجهة التحديات المختلفة.
فالانقسامات السياسية والأيديولوجية – التي تتراوح بين الأحزاب التقليدية وما يسمى بالقوى الثورية الحديثة والنشطاء المستقلين – تخلق صراعات مستمرة حول الرؤى والأولويات والتكتيكات، مما يعيق صياغة إطار عمل وطني موحّد.
كما أن غياب القيادة الكاريزمية والموحدة، بعد تشتّت تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، أدّى إلى تشتّت المرجعية وتنافس الشخصيات على الزعامة، مما أضعف التماسك الداخلي وقوّض القدرة على حشد الجماهير والتأثير في مسار الأحداث.
هذا الضعف المؤسسي، حيث تعتمد بعض الجماعات على قيادات فردية وهياكل تنظيمية هشّة، يجعلها أكثر عرضة للانشقاق، ويحدّ من قدرتها على التخطيط الإستراتيجي وتنفيذ الخطط بفاعلية.
إعلانإن استمرار هذه الحالة من الارتهان للخارج والضعف الداخلي، يثير تساؤلات جدية حول قدرة المعارضة السودانية على لعب دور فاعل ومؤثر في مستقبل البلاد.
في لحظات ضعف السلطة المركزية، تزداد فرص المعارضة في التأثير والحضور، كما حدث عقب انتفاضات شعبية تاريخية مثل أكتوبر/ تشرين الأول 1964، وأبريل/ نيسان 1985، وديسمبر/ كانون الأول 2018، حيث اندفعت الجماهير إلى الشارع، فظهرت المعارضة وكأنها المعبر السياسي عن هذا الحراك. لكن هذا الصعود عادةً ما يكون مؤقتَا إذا لم يُترجم إلى بنية سياسية مستقرة قادرة على استيعاب التحولات وقيادة التغيير.
إن التوحد الظاهري الذي بدا داخل صفوف المعارضة شكّل لحظة استثنائية في مسارها، لكنه سرعان ما تبدد بسبب التباينات الأيديولوجية والمناطقية والجهوية، مما أدى إلى حالة من التشرذم أفقدت المعارضة قدرتها على الفعل السياسي المؤثر.
المثال الأبرز لذلك هو ما حدث لقوى الحرية والتغيير، التي بدأت كجسم موحّد وقوي، ثم ما لبثت أن تشظّت بفعل صراعات القيادة وتناقض الرؤى حول أولويات المرحلة الانتقالية.
مع مرور الوقت، فقدت المعارضة الصلة بالجماهير، فقد انشغلت بالصراعات الداخلية وبالحصول على مكاسب تفاوضية على حساب التعبير عن تطلعات الشارع.
هذا الانفصال سيظل يزداد حدة كلما اختزلت المعارضة دورها في اللقاءات النخبوية أو المؤتمرات الصحفية، بدلًا من النزول إلى الأرض وتنظيم الجماهير، وتقديم خطاب سياسي واضح يعالج قضايا الناس اليومية.
فهل تتعلّم المعارضة السودانية الدرس بأن الرهان المفرط على الدعم الخارجي، دون امتلاك أدوات داخلية للتغيير، يفقدها كثيرًا من هيبتها؟ فكلما انتظرت الضوء الأخضر من العواصم الدولية، بدت عاجزة عن اتخاذ قراراتها من منطلق وطني مستقل، مما يُضعف ثقة الشعب بها.
فضلًا عن أن الخطابات الثورية التي لا تستند إلى خطط عملية واضحة لم تعد تُقنع الشارع الذي أصبح أكثر وعيًا وإلحاحًا في مطالبه.
لذا، يصبح من الضروري على قوى المعارضة أن تعيد تقييم إستراتيجياتها، وأن تعمل بجدية على بناء مشروع وطني جامع يعتمد على الإرادة الداخلية ووحدة الصف، عوضًا عن انتظار الحلول أو الوعود من الخارج، التي غالبًا ما تأتي محمّلة بأجندات لا تخدم بالضرورة مصلحة السودان وشعبه.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline