لجريدة عمان:
2024-09-19@22:57:51 GMT

كتاب واحد!

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

نقلل دائما من حجم التأثير الذي تحدثه الأشياء الصغيرة في الحياة، نقلل من القطرات التي تشكِّل النهر، وحبيبات الرمل التي تشكل الصحراء، ومن المائة بيسة التي نمنحها للمحتاج، ومن الكتاب الواحد الذي نضعه في الركن المخصص للطلاب الجامعيين!. فتأبى أنفسنا أن تمنح وتبذل القليل لأسباب عدة، فنخشى أن نمنح القليل حين يتوقع منا المجتمع أو الأصدقاء أو المقربون الكثير، ونخشى أن نمنح شيئا واحدا ونحتقره مقابل منحنا لكمية من الأشياء، وفي خضم هذه الحياة المتسارعة ركضا ولهاثا؛ لا يلتفت أحدنا إلى ما للشيء الواحد من أثر، وما يترتب على ذلك الشيء من نمو واطراد يجعله عظيما في الغد.

قبل عشر سنوات، بدأت مبادرةٌ رائعة في معرض مسقط الدولي للكتاب، وبشيء من الريبة والتوجس، والنظر عن قرب ومن بعيد للمبادرة، كانت توجَّه إليها الكتب المُتَبرع بها مع الإشادات والتصحيحات الممكن عملها لجعل المبادرة أفضل وأفضل. تتلخص فكرة هذه المبادرة في أنها مبادرة لدعم الطالب الجامعي، فهي في الأساس تستهدف فئة الطلاب الذين تتراوح أعمارهم من الثامنة عشرة إلى ما دون الخامسة والعشرين، شريطة أن يحملوا البطاقة الجامعية. وتهدف من هذا كله لمنح الطلاب الكتب المجانية كي يقرؤوا ما يفيدهم دون أن يدفعوا شيئا مقابل الكتاب.

حسنا، ما علاقة الكتاب الواحد؟ تطورت المبادرة فشملت الكتب المستعملة جنبا إلى جنب مع الكتب الجديدة، فأصبح الطالب المستفيد من المبادرة بالأمس، أصبح متبرعا اليوم. وأصبح القارئ الذي يؤمن برسالية القراءة ورسالته في الحياة، يقدم جزءا من مكتبته ليدعم الطلاب الجامعيين فيحصلون على كتاب عظيم الفائدة مقابل لا شيء. ولأنني كنت يوما أحد هؤلاء الطلاب؛ أتذكر جيدا تلك البهجة وأنا أحصل على كتاب مجاني لطالما رغبت بقراءته ولكن الحاجز المالي كان يمنعني من اقتنائه. لأجل هذا استمرت هذه المبادرة حتى اليوم، بل ونجد من المتبرعين بالكتب من الطلاب المقتدرين الذين قرؤوا كتبا محببة إليهم، ما يجعل المرء يبتهج وهو يشاهد ثقافة العطاء والبذل والإيمان بالأثر الذي يمكن أن يحدثه كتاب ما في حياة أحد ما.

إن فلسفة الشيء الواحد تؤثر في الكل تأثيرا بالغا، ولو تأملنا الكون بما فيه، والتاريخ بأحداثه، واليوم بحاضره؛ لوجدنا بأن للواحد جذرا يجعلهُ أُسَّ الأشياء جميعها وأصلها كلها. وفي الفلسفات العالية كما في الأمثال العامية، يتفق الناس على ما للواحد من تأثير؛ فهذا أبو العتاهية، شاعر التصوف والزهد والحكمة يقول:

إِنَّ القَليلَ بِالقَليلِ يَكثُرُ

إِنَّ الصَفاءَ بِالقَذى لَيَكدُرُ

وكما يقول الآخر:

كلُّ الحوادثِ مبداها من النظرِ

ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَررِ

وقبلهما قال النبي عليه السلام « اتقوا النار ولو بشق تمرة». أما في الأمثال الدارجة فنقول بأن التفاحة الواحدة الفاسدة في صندوق التفاح، يمكن أن تجعل الصندوق كله فاسدا. إن الحكيم مَن تفكر في مآلات صغائر الأشياء والأمور وتدبرها، فالصغير اليوم يكون عظيما في الغد الآتي. يدرك المسلم المتدين أثر الواحد في الحياة، فالقرآن والسنة النبوية الشريفة مليئة بهما، كما في سورة الأنعام «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»، والتاجر الحصيف يدرك بأن الثروة إن هي إلا قطرات صغيرة من المال تتراكم فتصير ذهبا وعقارا، والمثقف الجاد يعلم بأن ثقافته التراكمية مصدرها الكتاب تلو الكتاب والمعرفة تلو المعرفة، لا الصدفة ولا الفطنة وحدها. وهذه دعوة صادقة لكل من يريد أن يترك أثرا خيِّرا في نفوس الطلبة الذين لا يستطيعون شراء للكتب بأن يتبرع بكتابه المستعمل أو الجديد خدمة لهم ، فالطالب المثقف اليوم، قائد يحمل راية الوطن غدا للازدهار والرفعة ؛ فلنمنح كتبنا حياةً أخرى!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قبل أيام من بدء العام الدراسي الجديد.. فرق المبادرة الرئاسية «بداية» تجوب الفيوم لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب

بدأت المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» أولى فعالياتها الميدانية، بمحافظة الفيوم، بتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب قبل أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد المقرر يوم 21 سبتمبر الجاري.

 

وتضمنت الفعاليات الميدانية تنفيذ أنشطة تحفيزية على مستوى محافظات الجمهورية، مع توزيع مستلزمات المدارس من شنط مدرسية وكراسات وألوان وزجاجات مياه وأقلام وعدد من المستلزمات، وذلك في إطار تنفيذ أحد محاور المبادرة الرئيسية وهو تطبيق الحماية الاجتماعية ودعم الأسر الأكثر احتياجا وتسهيل وصول مستلزمات المدارس لمستحقيها من الطلاب.

 

يأتي ذلك ضمن مستهدفات مبادرة «بداية» والتي تسعى لتحسين جودة حياة جميع المواطنين في كافة أنحاء الجمهورية من خلال تقديم خدمات الحكومة المصرية في مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، والتوظيف، بطريقة تكاملية بين جميع الجهات المشاركة، إتساقًا مع برنامج عمل الحكومة للفترة 2024 – 2027.

 

يذكر أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، قام بتدشين مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» تحت رعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبحضور  أعضاء المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والجهات الشريكة بالمبادرة من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات العامة، يوم 17 سبتمبر، وذلك ضمن المشروع القومي للتنمية البشرية. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محافظ الفيوم يعطي إشارة بدء فعاليات مبادرة "بداية" بالمحافظة IMG-20240919-WA0157 IMG-20240919-WA0156 IMG-20240919-WA0154 IMG-20240919-WA0155 IMG-20240919-WA0153 IMG-20240919-WA0152 IMG-20240919-WA0151 IMG-20240919-WA0149 IMG-20240919-WA0150 IMG-20240919-WA0148 IMG-20240919-WA0147

مقالات مشابهة

  • قبل أيام من بدء العام الدراسي الجديد.. فرق المبادرة الرئاسية «بداية» تجوب الفيوم لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب
  • فرق المبادرة الرئاسية «بداية» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب|صور
  • رئيس القطاع يجتمع بشيوخ المعاهد الأزهرية للوقوف على استعدادات العام الدراسي الجديد
  • «رعاية المبتكرين والنوابغ»: برنامج «Gen z» يدعم الشباب في مختلف المحافظات
  • المبادرة الرئاسية «بداية» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب
  • تاريخ مصر العسكري عبر العصور باتحاد الكتاب
  • فرق المبادرة الرئاسية «بداية» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب
  • فرق مبادرة «بداية» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب
  • «تعليم الجيزة»: توزيع الكتب المدرسية ومرونة في تحصيل المصروفات
  • محافظ القليوبية: ضرورة العمل بروح الفريق الواحد لتنفيذ مبادرة «بداية»