لجريدة عمان:
2025-03-10@09:16:35 GMT

ترامب وحلف الناتو وأوروبا..

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

في تجمع انتخابي بولاية كارولينا الجنوبية الأمريكية مؤخرا بدا دونالد ترامب وكأنه يدعو روسيا لغزو أي عضو في الناتو يعجز عن الوفاء بنسبة 2% من موازنته على الإنفاق الدفاعي. (تعهد الحلفاء بإنفاق هذه النسبة على الأغراض الدفاعية في عام 2014- المترجم).

وفي حين بدا أن تعليقاته وجدت استحسانا وسط حشد «ماغا» الذي حضر اللقاء الانتخابي إلا أنها أدينت على الفور على جانبي المحيط الأطلسي.

(يقصد الكاتب بحشد ماغا مؤيدي ترامب الذين يلتفون حول شعاره «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى. وكلمة ماغا مُشكَّلة من الأحرف الأولى لكلمات هذه العبارة باللغة الإنجليزية»- المترجم).

إلى ذلك، وصف ناطق باسم البيت الأبيض التعليقات بأنها «مروِّعة وغير متَّزنة». كما ردَّ عليها الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بلغة غير دبلوماسية، حيث قال: «أي إيحاء بأن الحلفاء لن يدافعوا عن بعضهم البعض من شأنه أن يقوض أمننا كله بما في ذلك أمن الولايات المتحدة ويعرِّض الجنود الأمريكيين والأوروبيين لأخطار أكبر».

من زاوية ما، يمكن ببساطة وصف تعليقات ترامب بأنها خطاب حملة انتخابية. فالوعود التي تطلق أثناء الحملات الانتخابية ليست بالضرورة تعهدات. ومعظم الساسة يتراجعون عنها بمجرد انتخابهم. لكن ترامب ليس سياسيا تقليديا وما قاله ليس تعليقا معزولا.

سيجادل مؤيدوه بأن أوروبا إلى حدٍّ ما تركت الولايات المتحدة تسدد فاتورة الأمن الأوروبي أثناء الحرب الباردة ومنذ نهايتها. وسيقولون عن تهديداته السابقة عندما كان رئيسًا أنها أسهمت في زيادة المجهود الدفاعي لأوروبا. ترامب يملك حجة قوية في هذا الجانب.

في أثناء معظم فترته الرئاسية الأولى كان العقلاء في حكومته بمن فيهم مختلف مستشاريه للأمن القومي ووزراء الخارجية والدفاع يلطّفون من تشدده. ويبدو أنه لن يكون هنالك احتمال لمثل هذا النفوذ الملطِّف للتشدد في إدارة ترامب الثانية إذا فاز في الانتخابات القادمة. وفي الواقع يهدف مشروع مؤسسة «هيرتدج فاونديشن» لعام 2025 إلى تمكين ترامب من تطبيق أهداف سياسته من اليوم الأول لتوليه الحكم.

وعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تفصلنا عنها 8 أشهر أو نحو ذلك ونتيجتها أبعد من أن تكون حتمية إلا أن الكونجرس أجاز تشريعا لضمان ألا يكون بمقدور الرئيس الأمريكي إخراج الولايات المتحدة من حلف الناتو بدون موافقته.

لكن هذا لن يكون كافيًا. فالبند الخامس في معاهدة الناتو أو ما يسمى فقرة «الفرسان الثلاثة» ليس ضمانة قوية. (البند الخامس هو بند الدفاع الجماعي في المعاهدة وينص على أن شن هجوم مسلح على عضو أو أكثر من أعضاء الناتو يعتبر هجوما على كل أعضائه. أما وصفه ببند الفرسان الثلاثة فمستعار من شعار «الكل للواحد والواحد للكل» الذي يرفعه الفرسان الثلاثة في رواية بهذا الاسم للكاتب الفرنسي اليكساندر دوما. وهو شعار يتَّسق مع فكرة الدفاع الجماعي- المترجم).

هذا البند ضمانة بأن الهجوم على أحد أعضاء الناتو يعني أن أعضاءه الآخرين سينظرون في احتمال الرد. ويمكن لترامب كرئيس أن يختار ببساطة عدم الرد على مثل هذا الهجوم. وفي هذه الحالة لن يكون بمقدور الكونجرس، الى حد بعيد، فعل أي شيء.

لكن خطاب ترامب الانتخابي أيضا يقوِّض هذا البند الذي يُفترض أن يكون له تأثير رادع للخصوم المحتملين. ويمكن أن يشجع روسيا والآخرين على التصرف على النحو الذي يعتبرونه مناسبا.

لعب ستولتنبرج دورًا مفتاحيًا لكن لم يُقدَّر حق قدره في إدارة علاقة ترامب مع الناتو أثناء فترته الرئاسية الأولى. وردُّه الفوري على تعليقات ترامب الأخيرة هذه صدر أيضا عنه كشخص له خبرة في التفاعل مع ترامب ومع المخاطر التي يحتمل أن يأتي بها.

السؤال: هل هذا هو الوقت الذي يجب أن تتولى فيه أوروبا مسؤولية أمنها الخاص بها؟ على أية حال خطاب ترامب الانتخابي تودَّدَ إلى الفئات الانعزالية والقومية في الولايات المتحدة والتي ستظل موجودة حتى إذا مُنِع من خوض الانتخابات الرئاسية أو خسرها في نوفمبر.

ربما فعلت إدارة بايدن الكثير لترميم العلاقة الأمريكية الأوروبية داخل الناتو وقيادة الرد على اجتياح روسيا لأوكرانيا. لكن اهتمام الولايات المتحدة يتركز أساسا على الصين. فمع تحول الحجم النسبي للاقتصاد العالمي من المحيط الأطلسي الى المحيط الهادي حتما سينحسر التزام الولايات المتحدة تجاه أوروبا.

في هذا الخصوص تعليقات ترامب المذكورة مجرد تنبيه للقادة الأوروبيين وخصوصا في برلين ولندن وباريس. لقد تقدمت أوروبا كثيرا بعد سفك دم غزير (في حربين عالميتين) حوَّلَها من القارة الأشد عنفا في العالم الى الأكثر سلمية. أما استعداد ألمانيا وبريطانيا وفرنسا على العمل معا فموضوع آخر. التاريخ يقول لنا أنه من النادر أن تتسق مواقف كل عواصم هذه البلدان الثلاثة. لكن ربما لا بُدَّ من ذلك.

الخيار الأكثر سهولة سيكون ببساطة تجاهل خطاب ترامب أو مجرد إدانته وعمل أقل شيء يمكن أن يحافظ على استمرار الولايات المتحدة في تمويل الدفاع عن أوروبا.

أما الخيار الأكثر شجاعة ومسؤولية فسيكون التأكيد على الحاجة لبناء القدرات الدفاعية الأوروبية وضمان قدرة أوروبا على ردع روسيا، بمفردها على الأقل في الأجل المتوسط. وإذا لم يكن بمقدور دونالد ترامب توحيد قادة أوروبا في الدفاع عن أوروبا فلن يكون هنالك حقا أمل يذكر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة لن یکون

إقرأ أيضاً:

التليجراف: واشنطن تبلغ حلفاءها بعدم المشاركة فى المناورات العسكرية بأوروبا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت صحيفة التليجراف إن واشنطن أبلغت حلفاءها أنها لن تشارك بتخطيط المناورات العسكرية فى أوروبا، بدءا من العام المقبل.

أكدت الصحيفة أن قرار واشنطن يعنى أن قواتها لن تشارك فى المناورات مع نظيرتها الأوروبية أو أن مشاركتها ستكون محدودة.

يذكرأن، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس الماضى، إنه يشك في استعداد أعضاء حلف الناتو للدفاع عن الولايات المتحدة إذا لزم الأمر، موضحا أنه يجب تقييم الإنفاق الدفاعي.

وأوضح ترامب خلال حديثه في البيت الأبيض، قائلا: "أرى أن حلف الناتو جيد بشكل محتمل، لكننا بحاجة إلى التفكير مليا في الناتو، فأشياء غير عادلة للغاية تحدث. قبل مجيئي، كنا ندفع ما يقرب من 100% للدفاع، وهم يخدعوننا في التجارة".

وأضاف أن "الشكوى الرئيسية بشأن التحالف هي الشكوك حول جاهزيته للدفاع عن الولايات المتحدة".

كما ذكر ترامب: "المشكلة الأكبر مع حلف الناتو هي أنني أعرف هؤلاء الرجال، وهم أصدقائي، ولكن إذا كانت الولايات المتحدة لديها مشكلة وذهبنا إليهم، هل تعتقد أنهم سيأتون لحمايتنا؟ لا أعتقد ذلك".

وقال: "الولايات المتحدة بقيادة ترامب لن تدافع عن دول حلف الناتو التي لا تنفق ما يكفي على الدفاع المشترك، وأعتقد أن هذا أمر منطقي.. إذا لم يدفعوا فلن أحميهم، وهناك دائما نقاش ساخن عندما أقول ذلك ويقولون: إنه ينتهك حلف الناتو".

وأشار ترامب، إلى أنه "قد نشأ نفس الوضع بين طوكيو وواشنطن، فمثلا يجب على الولايات المتحدة حماية اليابان، واليابان ليست ملزمة بأي حال من الأحوال بالرد بالمثل، مع الاستفادة من التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة".

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن في وقت سابق، عن ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي بدلا من 2% الراهن.

مقالات مشابهة

  • فون دير لايين: الولايات المتحدة حليفة الاتحاد الأوروبي
  • ماسك يصدم أوروبا: على أمريكا الانسحاب من الناتو
  • التليجراف: واشنطن تبلغ حلفاءها بعدم المشاركة فى المناورات العسكرية بأوروبا
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • ترامب: الولايات المتحدة لن تحمي إلا حلفاءها الذين يدفعون فواتيرهم
  • سفير الولايات المتحدة لدى الناتو يقترح نشر وحدة عسكرية من الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا
  • ترامب يدرس خطوة من شأنها زيادة توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • هل يستطيع الناتو البقاء بدون الولايات المتحدة؟
  • تحليل: هل يمكن لحلف الناتو أن يصمد دون الولايات المتحدة؟ وما قدراته أمام روسيا؟
  • ترامب عن الدفاع المتبادل بالناتو: إذا لم يدفعوا فلن أدافع عنهم