لجريدة عمان:
2024-07-07@03:06:28 GMT

ترامب وحلف الناتو وأوروبا..

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

في تجمع انتخابي بولاية كارولينا الجنوبية الأمريكية مؤخرا بدا دونالد ترامب وكأنه يدعو روسيا لغزو أي عضو في الناتو يعجز عن الوفاء بنسبة 2% من موازنته على الإنفاق الدفاعي. (تعهد الحلفاء بإنفاق هذه النسبة على الأغراض الدفاعية في عام 2014- المترجم).

وفي حين بدا أن تعليقاته وجدت استحسانا وسط حشد «ماغا» الذي حضر اللقاء الانتخابي إلا أنها أدينت على الفور على جانبي المحيط الأطلسي.

(يقصد الكاتب بحشد ماغا مؤيدي ترامب الذين يلتفون حول شعاره «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى. وكلمة ماغا مُشكَّلة من الأحرف الأولى لكلمات هذه العبارة باللغة الإنجليزية»- المترجم).

إلى ذلك، وصف ناطق باسم البيت الأبيض التعليقات بأنها «مروِّعة وغير متَّزنة». كما ردَّ عليها الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بلغة غير دبلوماسية، حيث قال: «أي إيحاء بأن الحلفاء لن يدافعوا عن بعضهم البعض من شأنه أن يقوض أمننا كله بما في ذلك أمن الولايات المتحدة ويعرِّض الجنود الأمريكيين والأوروبيين لأخطار أكبر».

من زاوية ما، يمكن ببساطة وصف تعليقات ترامب بأنها خطاب حملة انتخابية. فالوعود التي تطلق أثناء الحملات الانتخابية ليست بالضرورة تعهدات. ومعظم الساسة يتراجعون عنها بمجرد انتخابهم. لكن ترامب ليس سياسيا تقليديا وما قاله ليس تعليقا معزولا.

سيجادل مؤيدوه بأن أوروبا إلى حدٍّ ما تركت الولايات المتحدة تسدد فاتورة الأمن الأوروبي أثناء الحرب الباردة ومنذ نهايتها. وسيقولون عن تهديداته السابقة عندما كان رئيسًا أنها أسهمت في زيادة المجهود الدفاعي لأوروبا. ترامب يملك حجة قوية في هذا الجانب.

في أثناء معظم فترته الرئاسية الأولى كان العقلاء في حكومته بمن فيهم مختلف مستشاريه للأمن القومي ووزراء الخارجية والدفاع يلطّفون من تشدده. ويبدو أنه لن يكون هنالك احتمال لمثل هذا النفوذ الملطِّف للتشدد في إدارة ترامب الثانية إذا فاز في الانتخابات القادمة. وفي الواقع يهدف مشروع مؤسسة «هيرتدج فاونديشن» لعام 2025 إلى تمكين ترامب من تطبيق أهداف سياسته من اليوم الأول لتوليه الحكم.

وعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تفصلنا عنها 8 أشهر أو نحو ذلك ونتيجتها أبعد من أن تكون حتمية إلا أن الكونجرس أجاز تشريعا لضمان ألا يكون بمقدور الرئيس الأمريكي إخراج الولايات المتحدة من حلف الناتو بدون موافقته.

لكن هذا لن يكون كافيًا. فالبند الخامس في معاهدة الناتو أو ما يسمى فقرة «الفرسان الثلاثة» ليس ضمانة قوية. (البند الخامس هو بند الدفاع الجماعي في المعاهدة وينص على أن شن هجوم مسلح على عضو أو أكثر من أعضاء الناتو يعتبر هجوما على كل أعضائه. أما وصفه ببند الفرسان الثلاثة فمستعار من شعار «الكل للواحد والواحد للكل» الذي يرفعه الفرسان الثلاثة في رواية بهذا الاسم للكاتب الفرنسي اليكساندر دوما. وهو شعار يتَّسق مع فكرة الدفاع الجماعي- المترجم).

هذا البند ضمانة بأن الهجوم على أحد أعضاء الناتو يعني أن أعضاءه الآخرين سينظرون في احتمال الرد. ويمكن لترامب كرئيس أن يختار ببساطة عدم الرد على مثل هذا الهجوم. وفي هذه الحالة لن يكون بمقدور الكونجرس، الى حد بعيد، فعل أي شيء.

لكن خطاب ترامب الانتخابي أيضا يقوِّض هذا البند الذي يُفترض أن يكون له تأثير رادع للخصوم المحتملين. ويمكن أن يشجع روسيا والآخرين على التصرف على النحو الذي يعتبرونه مناسبا.

لعب ستولتنبرج دورًا مفتاحيًا لكن لم يُقدَّر حق قدره في إدارة علاقة ترامب مع الناتو أثناء فترته الرئاسية الأولى. وردُّه الفوري على تعليقات ترامب الأخيرة هذه صدر أيضا عنه كشخص له خبرة في التفاعل مع ترامب ومع المخاطر التي يحتمل أن يأتي بها.

السؤال: هل هذا هو الوقت الذي يجب أن تتولى فيه أوروبا مسؤولية أمنها الخاص بها؟ على أية حال خطاب ترامب الانتخابي تودَّدَ إلى الفئات الانعزالية والقومية في الولايات المتحدة والتي ستظل موجودة حتى إذا مُنِع من خوض الانتخابات الرئاسية أو خسرها في نوفمبر.

ربما فعلت إدارة بايدن الكثير لترميم العلاقة الأمريكية الأوروبية داخل الناتو وقيادة الرد على اجتياح روسيا لأوكرانيا. لكن اهتمام الولايات المتحدة يتركز أساسا على الصين. فمع تحول الحجم النسبي للاقتصاد العالمي من المحيط الأطلسي الى المحيط الهادي حتما سينحسر التزام الولايات المتحدة تجاه أوروبا.

في هذا الخصوص تعليقات ترامب المذكورة مجرد تنبيه للقادة الأوروبيين وخصوصا في برلين ولندن وباريس. لقد تقدمت أوروبا كثيرا بعد سفك دم غزير (في حربين عالميتين) حوَّلَها من القارة الأشد عنفا في العالم الى الأكثر سلمية. أما استعداد ألمانيا وبريطانيا وفرنسا على العمل معا فموضوع آخر. التاريخ يقول لنا أنه من النادر أن تتسق مواقف كل عواصم هذه البلدان الثلاثة. لكن ربما لا بُدَّ من ذلك.

الخيار الأكثر سهولة سيكون ببساطة تجاهل خطاب ترامب أو مجرد إدانته وعمل أقل شيء يمكن أن يحافظ على استمرار الولايات المتحدة في تمويل الدفاع عن أوروبا.

أما الخيار الأكثر شجاعة ومسؤولية فسيكون التأكيد على الحاجة لبناء القدرات الدفاعية الأوروبية وضمان قدرة أوروبا على ردع روسيا، بمفردها على الأقل في الأجل المتوسط. وإذا لم يكن بمقدور دونالد ترامب توحيد قادة أوروبا في الدفاع عن أوروبا فلن يكون هنالك حقا أمل يذكر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة لن یکون

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء بريطانيا: الدفاع عن الوطن ومساندة «الناتو» على رأس الأولويات

أفاد كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا الجديد، اليوم السبت، أن واجب المملكة المتحدة الأول هو الدفاع عن الوطن وتأكيد المساندة لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ويجب اتخاذ إجراءات وقرارات قاسية خلال الفترة المقبلة.

وأضاف ستارمر خلال مؤتمر صحفي، أن حكومته لن يقودها إلا التصميم على خدمة مصالح المواطنين، موضحًا أنه سيشارك في قمة «الناتو» القادمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع رئيس وزراء بريطانيا الجديد، أن الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة، مشيرًا إلى أن التغيير يحتاج إلى وقت، خاصة بعد الابتعاد لمدة 14 عامًا، كما أن الحكومة البريطانية الجديدة لا مكان بها للمصالح الذاتية.

اقرأ أيضاًبايدن يهنئ ستارمر على رئاسة حكومة بريطانيا.. ويجددان تعهدهما بدعم أوكرانيا

تحت قيادة ستارمر.. تشكيل الحكومة البريطانية الجديدة

بايدن يهنئ ستارمر على رئاسة حكومة بريطانيا.. ويجددان تعهدهما بدعم أوكرانيا

مقالات مشابهة

  • حلفاء الولايات المتحدة في الناتو قلقون من خسارة بايدن أمام ترامب
  • خبيران: بزشكيان يدعم محور المقاومة لكنه يريد إحياء المفاوضات مع واشنطن
  • منتخب الولايات المتحدة الامريكية لكرة السلة الاسطوري يتجمع استعدادا لباريس 2024
  • رئيس وزراء بريطانيا: الدفاع عن الوطن ومساندة «الناتو» على رأس الأولويات
  • الولايات المتحدة: بايدن يعلن نيته الترشح لعهدة رئاسية ثانية في انتخابات 2024
  • «فورين بوليسي»: خطة ترامب لإضعاف الدولار ليس لها أي معنى
  • بايدن واثق من فوزه بالانتخابات المقبلة: ساهزم ترامب
  • قادة أوروبا يتطلعون للعمل مع رئيس الحكومة البريطانية الجديد ويثنون على فوزه
  • مناظرة الرئاسة الأمريكية: الحلفاء منزعجون من أداء بايدن واحتمال عودة ترامب
  • لماذا تخاف أوروبا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض؟!