تغير المناخ بين الأزمة والفرصة
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
فى مواجهة أزمة المناخ المتصاعدة والنظام البيئى العالمى سريع التغير، أصبحت ضرورات الاستدامة والإشراف البيئى أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى. يُمثل عام 2024 لحظة محورية فى رحلتنا الجماعية نحو مستقبل أكثر استدامة، ولكنه يتسم بتحديات شاقة وهائلة تتطلب خطوات مبتكرة للتقدم إلى الأمام. وتبقى الأمور المركزية فى هذا السرد مرتبطة بمجموعة من القضايا المتشابكة المتمثلة فى تقليل فقدان التنوع البيولوجى، وضبط انبعاثات الكربون، والاستفادة من القوة التحويلية لممارسات الأعمال المستدامة.
الحقيقة القاسية التى يجب وعيها هى أن أكثر من 40 ألف نوع من الكائنات الحية تتأرجح على شفا الانقراض، وهو أمر مقلق ويؤكد الحاجة للعمل المشترك. فأزمة التنوع البيولوجى لا يمكن اعتبارها كقضية معزولة بل كحلقة مترابطة وبشكل وثيق مع أزمة المناخ، وتهدد الأمن الغذائى، وظهور الأمراض، وفقدان الخدمات البيئية الحيوية التى تعتمد عليها البشرية.
فى خضم هذه الاضطرابات البيئية، لا يمكن المبالغة فى تقدير الخسائر التى قد تغذيه أعباء التحديات الهائلة المتمثلة فى الانهيار البيئى، والانقسامات الاجتماعية، والشكوك الاقتصادية، والتى تدعو فى مجملها لإعادة تصور جذرى لآليات الاستجابة.
عالميًا، تشهد صناعة المنتجات الفاخرة، التى لطالما واجهت انتقادات بسبب تأثيرها البيئى، تغييرات كبيرة وملفتة فى الآونة الأخيرة. العلامات التجارية العملاقة فى عالم الموضة وصناعة السيارات بدأت تقود طفرة فى الابتكارات الخضراء والمستدامة. من بين هذه الجهود، نجد «شركة بورشه» التى تبنت الطاقة الكهربائية فى إنتاجها، و«مجموعة كيرنج الفرنسية»، الرائدة فى المنتجات الفاخرة، والتى اعتمدت مبادرات لإزالة الكربون من عملياتها بدءًا من عام 2012. هذه المساعى تمثل تحولات جوهرية فى الالتزام القطاعى بتقليل البصمة البيئية وتعزيز التأثير الإيجابى على البيئة.
ومع ذلك، يبقى التحدى الشامل المتمثل فى تغير المناخ فى عمومه، والذى يبرز فى الارتفاع المستمر فى انبعاثات الكربون، يلقى بظلال طويلة على مثل هذا التقدم. فقد وصلت انبعاثات الكربون العالمية من الوقود الأحفورى إلى مستوى قياسى فى عام 2023، لتتجاوز 40 مليار طن، بزيادة قدرها 1.1% عن العام السابق. ويتناقض هذا المسار التصاعدى فى الانبعاثات بشكل صارخ مع مستوجب الحد من بصمتنا الكربونية لتجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ. وتبقى المفارقة فى تصدر الدول الغربية لبعض المؤشرات السلبية، كالولايات المتحدة، التى وعلى الرغم من انخفاض انبعاثاتها بنسبة 3%، مع انخفاض استخدامها للفحم، فإنها لا تزال تساهم بشكل كبير فى هذه المعضلة العالمية.
الطريق إلى الأمام يتطلب إجراء إصلاحات جذرية فى أنظمة الطاقة الحالية، وشبكات النقل، والممارسات الصناعية. الانتقال إلى الصافى الصفرى، هو الهدف الذى يعد بفرصة تجارية سنوية بقيمة 12 تريليون دولار، ولكنه مرتهن بقدرة العالم على تعبئة غير مسبوقة للموارد والابتكار والجهود التعاونية عبر القطاعات.
الرحلة نحو مستقبل مستدام محفوفة بالتحديات ولكنها مليئة بالفرص أيضاً. تدعو جميع المعطيات إلى إعادة بناء الصورة الكلية، وعملنا وتفاعلنا مع كوكبنا. أن المخاطر كبيرة، فى سعينا نحو إيجاد التوازن الدقيق بين متطلبات الحفاظ على البيئة والازدهار الاقتصادى. الوقت هو الآن لصياغة مسار يحترم أوجه الترابط الدقيقة فى عالمنا، ويضمن كوكبًا صالحًا للعيش فيه للأجيال القادمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أزمة المناخ نحو مستقبل
إقرأ أيضاً:
6 نقاط تشرح تغير موقف ترامب من الرسوم الجمركية والأطراف المتأثرة
صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية عقابية على أكثر من 12 دولة ما لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق قبل أول أغسطس/آب المقبل، مُعلنًا بذلك آخر مرحلة في حربه التجارية.
ويأتي هذا ضمن الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي أعلن عنها ترامب لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي، ثم أُجّلت 90 يومًا لإتاحة الفرصة للمفاوضات. وقد أُجّل هذا الموعد النهائي -الذي كان من المقرر أن ينتهي هذا الأسبوع- إلى أغسطس/آب المقبل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تطورات رسوم ترامب الجمركية تدفع النفط والذهب للتراجعlist 2 of 2تعليق التداول في البورصة المصرية بعد حريق سنترال رمسيسend of listوأثار الجدول الزمني المُتغيّر لأهم زيادات الرسوم الجمركية الأميركية -منذ ما يقرب من قرن- اضطرابًا في الأسواق العالمية وأحدث ارتباكًا واسع النطاق، حيث لا تزال الإدارة الأميركية بعيدة عن إبرام "90 صفقة في 90 يومًا" التي وعدت بها في البداية، وفق صحيفة غارديان البريطانية.
1- ما الذي تغير مع طرح ترامب للرسوم الجمركية؟أبلغ ترامب الموردين الرئيسيين (اليابان وكوريا الجنوبية، و12 دولة أخرى) -مطلع هذا الأسبوع- أنهم سيواجهون رسومًا جمركية بنسبة 25% على الأقل، بدءًا من أغسطس/آب المقبل، ما لم يتمكنوا من التفاوض بسرعة على صفقات.
كما هدد بزيادتها إذا أقدمت أي دولة على الرد، أو حاولت التحايل على الرسوم الجمركية عبر دول أخرى.
وأبقى ترامب العالم في حيرة بشأن نتائج شهور من المحادثات مع الدول، على أمل تجنب الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية التي هدد بها.
ومعدل الرسوم الجمركية لكوريا الجنوبية هو نفسه الذي أعلنه ترامب في البداية، بينما معدل الرسوم الجمركية لليابان أعلى 1% مما أُعلن عنه في أبريل/نيسان الماضي.
2- ما الدول المتأثرة؟أُبلغت 14 دولة هذا الأسبوع بزيادة الرسوم الجمركية الوشيكة، مع توقعات بإبلاغ المزيد من الدول الأيام المقبلة.
وتتراوح معدلات التعريفات الجمركية الباهظة بين 25% و40%، وتُفرض بعضٌ من أقسى الرسوم الجمركية على الدول النامية جنوب شرق آسيا، بما في ذلك 32% على إندونيسيا، و36% على كل من كمبوديا وتايلند، و40% على كل من لاوس وميانمار.
إعلانوتواجه بنغلاديش -التي تعد مركز تصنيع- رسومًا جمركيةً بنسبة 35%، كما فُرضت على تونس وماليزيا وكازاخستان وجنوب أفريقيا والبوسنة والهرسك رسومًا جمركيةً بنسبة 30% ما لم تتوصل إلى اتفاق.
3- كم عدد الصفقات المبرمة؟منح ترامب مهلةً لمدة 90 يومًا في أبريل/نيسان الماضي لإتاحة الوقت الكافي للتوسط في صفقات تجارية، لكن لم يتم التوصل إلا إلى اتفاقين:
الأول مع بريطانيا المُوقّع في 8 مايو/أيار، ويشمل 10% من معظم السلع البريطانية، بما في ذلك السيارات، وإعفاءً من الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم. والثاني مع فيتنام الأسبوع الماضي ويُحدد رسومًا جمركيةً بنسبة 20% على معظم صادراتها، على الرغم من أن التفاصيل الكاملة غير واضحة، ولم يُنشر نصٌّ للاتفاق.وحسب غارديان، توصلت الولايات المتحدة إلى هدنة هشة مع الصين بعد تصاعد الحرب التجارية بينهما.
ويتوقع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت صدور عدة إعلانات تجارية خلال الـ48 ساعة القادمة، مضيفًا أن بريده الإلكتروني مليء بعروض اللحظة الأخيرة من الدول المتضررة.
ومن ناحية أخرى، دعا رئيس كوريا الجنوبية لاجتماع طارئ، وقالت وزارة التجارة إن البلاد ستستغل الموعد النهائي الممدد للتفاوض على "نتائج مفيدة للطرفين" وثمة تقارير تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى التوصل لاتفاق تجاري بحلول الأربعاء.
وفي غضون ذلك، ردت دول أخرى -مثل جنوب أفريقيا- وقال رئيسها سيريل رامافوزا إن معدل الرسوم الجمركية الأميركية البالغ 30% غير مبرر، نظرًا لأن 77% من البضائع الأميركية تدخل البلاد من دون رسوم جمركية.
4- كيف تتفاعل الأسواق والشركات؟تراجعت الأسهم الأميركية استجابةً لذلك في أحدث اضطرابات بالسوق، حيث هزت تحركات ترامب التجارية الأسواق المالية ودفعت صانعي السياسات إلى الإسراع في حماية اقتصاداتهم.
5- لماذا تضررت الدول الآسيوية؟تعرضت دول في آسيا لبعض أشد الرسوم الجمركية عقابية بسبب ما يزعم ترامب أنه عجز تجاري غير عادل، مما يعني أن صادراتها إلى الولايات المتحدة تفوق وارداتها.
ومع ذلك، يشكك المحللون في جدوى استخدام هذه الحسابات، وأشاروا كذلك إلى أن ترامب ربما يحاول بدلاً من ذلك معاقبة الصين، من خلال استهداف الدول التي تتلقى استثمارات كبيرة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتُعدّ العديد من دول جنوب شرق آسيا -وهي منطقة شكّلت 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2024- مراكز تصنيع رئيسية لسلع مثل المنسوجات والأحذية، مما يعني أنها ستتأثر بشدة بالرسوم الجمركية، في حين سترتفع أسعار هذه السلع أيضًا في الولايات المتحدة.
6- ماذا سيحدث بعد ذلك؟صرحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت -في مؤتمر صحفي- بأنه سيتم إبلاغ المزيد من الدول بالرسوم الجمركية الوشيكة هذا الأسبوع.
وأضافت أن الرئيس ترامب كان "قريبًا" من إبرام صفقات أخرى، لكنه "يريد ضمان أن تكون هذه أفضل الصفقات الممكنة".
ومع ذلك، فإن التقدم الطفيف في الصفقات حتى الآن يُسلط الضوء على ما يصفه خبراء التجارة بأن اتفاقيات التجارة معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، وفق تقرير الصحيفة البريطانية.
إعلان