المخرج عمروش بدر في حواره لـ"البوابة نيوز": الحد الفاصل بين الفيلم الروائي والوثائقي اختفى.. أسعى جاهدًا حتى لا يتدخل أحد في عملي
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
يحل مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة كل عام ليفتتح موائد نقاش ضخمة حول مستجدات السينما التسجيلية والقصيرة حول العالم وداخل مصر والوطن العربي، وفي دورة هذا العام التي تفتتح فعالياتها اليوم وتمتد أسبوعا كاملا، يشهد المهرجان تكثيفا لأنشطته وإضافة محاور جديدة لبرنامجه وذلك احتفالا بيوبيله الفضي، ومن بين هذه المحاور ورشا للمخرجين الشباب، من بينهم المخرج عمروش بدر الذي فاز مشروع فيلمه التسجيلي "بتاع العرايس" منذ أيام قليلة بمنحة إنتاج في دورة هذا العام لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.
تلتقي "البوابة نيوز" مع المخرج السينمائي عمروش بدر في هذا الحوار لتفتح معه عددا من الملفات المتعلقة بالسينما التسجيلية وأبرز التحديات التي تواجه المخرجين الشباب، وتفاصيل الورش التي يعدها مهرجان الإسماعيلية هذا العام فضلا عن التفاصيل المتعلقة بفيلمه "بتاع العرايس"، وإلى نص الحوار...
سمعنا عن مشروع فيلمك "بتاع العرايس" ضمن المشروعات المختارة للمشاركة في ورشة منحة إنتاج وتطوير الأفلام التسجيلية في الدورة الــ 13 لمهرجان الأقصر السينمائي، فهل تستطيع إخبارنا عما دار داخل هذه الورشة وما الأهداف المرجوة منها بالضبط؟
"ذا فاكتوري" ورشة تطوير الأفلام الوثائقية بمهرجان الأقصر كانت تضم مجموعة من الورش في كافة مجالات صناعة الأفلام الوثائقية و تطويرها على كافة الجوانب من الفكرة للقصة للحبكة وتطرقت لابواب وأساليب جديدة في طرق الإنتاج غير الاعتيادية وانتهت الورشة بعرض تقديم لسبع مشاريع وثائقية جديدة تدخل مرحلة الإنتاج.
تشارك في الدورة الـ 25 لمهرجان الإسماعيلية السينمائي، ما طبيعة مشاركتك في تلك الدورة؟
أشارك بفيلمي "بتاع العرايس" في ورشة الأفلام الوثائقية ضمن رحلة تطوير الفيلم وقد اكتسبت العديد من الخبرات ومناقشة الأفكار الفعالة في تطوير هذا الفيلم.
ما الذي دفعك لاختيار فكرة فيلمك عن "فناني العرائس"، يظن البعض أنه بسبب فوز فيلم فيليب جاريل بجائزة في برلين 23 وهو كان عن فناني العرائس أيضا، قد يلجأ مخرجون لمثل هذه التيمات؟
لم أشاهد فيلم فيليب جاريل حتى الآن و فيلمي "بتاع العرايس" مزج بين حياة محركي العرائس في حياتهم العادية و حياتهم الفنية و يلعب أحد العرائس(كباصا) دور رئيسي في الفيلم فهي العروسة التي صنعها بطل الفيلم لتربية ولده الصغير من خلالها فنستطيع القول الفيلم يحكي قصة محركي العرائس أكثر من العرائس ذاتها.
جانب من فيلم بتاع عرايس
يدور "بتاع العرايس" حول شخصية فنان العرائس عاطف أبو شهبة فلماذا عاطف أبو شهبة بالتحديد؟
عاطف شخصية عظيمة و قيمة فنية كبيرة أدخل فن المسرح الورقي لمصر عمل مع المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال ومخلص جدا لفنه وأعتقد أنه لم يأخذ حقه الأدبي حتى الآن رغم قضاء عمره في المسرح و بين العرائس مخلصا لهذا الفن واعتقدت أن الفيلم سينجح فقط إن استطاع تسليط الضوء على هذا الفنان العظيم.
للأفلام التسجيلية تاريخ كبير من التهميش، هل تظن أن وضعها تغير الآن، ولماذا؟
الوضع تغير تماما الآن فالحدود بين الأفلام الروائية و الوثائقية زالت تماما مع إزدياد الأفلام الوثائقية و قنوات عرضها و محبيها فيمكنني القول أنها فاقت الأفلام الروائية و الدليل في السنوات الأخيرة أصبحنا نرى أفلام وثائقية تفوز بمهرجانات أفلام روائية مثل فيلم "نار في البحر" إخراج جيانفرانكو روسي الذي فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين الدورة ٦٦ عام ٢٠١٦
منذ عامين خرجت في الصحف، للمطالبة بحقوقك في فيلم "عاش يا كابتن"، فهل لك أن تطلعنا على وضع الملكية الفكرية في الوسط السينمائي حاليا، لأن هذا الموضوع يتكرر كثيرا، لماذا يتم الإعتداء على حقوق المبدعين وكيف يمكننا التصدي لهذه الظاهرة في رأيك؟
لا تعامل الناس بنية طيبة حتى تضيع حقوقك..درس صعب تعلمته مع الأيام كصانع أفلام مستقل متحمس لرحلتي في السينما كانت بداياتي كلها أشاركها أصدقائي العمل بها فكانت مساحة العمل آمنه فكنت أشارك كل أفكاري و كتاباتي مع المقريين مني بلا أي حساب، و خصوصا أنه قديما كانت حفظ حقوق الملكية مكلف للغاية يمكن أكثر من تكلفة الفيلم نفسه أحيانا، وقد تعلمت درسا قاسيا في "عاش يا كابتن" ولكن الوضع تغير الآن فأصبح بكل سهولة تستطيع بمبلغ زهيد أن تحفظ كل أفكارك بمجرد ذهابك لمبنى وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية بالدقي.. ويقابلني العديد من شباب صناع الأفلام و يحكوا لي دائما أن ما حدث لي كان درس لهم فهم يحفظوا كل حقوقهم فرب ضارة نافعة.
تشارك منذ سنوات في مهرجانات دولية، ترى ما أهم المعوقات التي قد تواجه مخرج مصري شاب؟ وإلى أي مدى تتدخل الجهات الممولة أو المنتجة في النص المقدم من المخرج، وهل هذا التدخل ينعكس بالإيجاب أم بالسلب؟
يكذب من يخبرك بأن لا أحد يتدخل .. من تجاربي في المهرجانات العديدة، من المهرجانات الدولية كمخرج شاب، كل مكان تذهب فيه لديه رؤية معينة يدفعك اتجاهها وكانت تلك معركتي الدائمة.. أنا أريد أن أصنع أفلام بناء على أفكاري وخيالي الخاصين، ما يضطرني إلى بذل مجهود كبير.. فمثلا في فيلمي الحالي أنهي مرحلة التطوير الكاملة والبحث بنفسي ولم أتقدم لأي منحة خلال مرحلة التطوير بأكملها وهي المرحلة التي عادة ما يتدخل في تغييرها الجهات الممولة، لأن طريقة صنعي للأفلام الوثائقية تعتمد على المعايشة ومحاولة فهم الشخصيات و مضمونها و خلفيتها فتخيل أننا عملنا لمدة عامين كاملين لفهم القصة بمعايشة كاملة لأبطال الفيلم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مهرجان الإسماعيلية السينمائي 25 افلام وثائقية بتاع العرايس الأقصر للسينما الأفريقية البوابة نيوز الأفلام الوثائقیة بتاع العرایس
إقرأ أيضاً:
إنجاز مذهل من الصمود وشهادة على المثابرة التي لا تموت لسكان غزة
خليل المعلمي
لاتزال البندقية في يد المقاوم الفلسطيني وفي يده الأخرى أدوات المقاومة من أدب وفن وتراث، يستخدم الأولى وهو على أرضه يصارع المحتل الغاصب، وبالأخرى يؤكد حقه في الأرض ويوثق معطياتها من أدب وفلكلور، كما يقوم بفضح هذا الكيان الغاصب وأساليبه في القتل والتدمير والعنصرية، من خلال تسجيلها ونشرها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.. ولا شك ان هذا سيكون له الأثر الفعال في إيصال مظلومية الشعب الفلسطيني إلى كافة دول العالم..
ويصرخون عالياً إنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون..
في قلب العاصمة الفرنسية باريس عرضت دور السينما مؤخراً للمرة الأولى فيلم “أفروم غراوند زيرو” (من نقطة الصفر) للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والذي يظهر حدود إمكانات التصوير ومدى قدرة الفن في زمن الحرب.
ويجمع الفيلم 22 فيلماً قصيراً لسينمائيين غزيين تمكنوا من توثيق حياتهم اليومية أثناء الحرب المدمرة التي شنها عليهم الكيان الإسرائيلي الغاصب منذ أكتوبر 2023م.
وضمن هذا الفيلم الجامع، يخرج أطفال فلسطينيون فيلم رسوم متحركة من الورق المقطع ويحكون قصة أمهم التي تكتب أسماءهم على أعضائهم في حالة القصف فإذا ما استشهدوا يمكن التعرف عليهم، فيما يحاول فيلم كوميدي آخر إظهار عرضه وسط حي للاجئين في حين يستخدم أحد السينمائيين خشب لوح الإخراج الخاص به للتدفئة، ضاربا بعرض الحائط الفن السابع برمته.
إنها بعض النماذج من الأفلام القصيرة المنضوية تحت الفيلم الجامع “من نقطة الصفر” والتي تم تصويرها بالوسائل الشحيحة المتاحة لتفتح نوافذ على حياة المدنيين الغزيين ونضالهم اليومي من أجل الطعام والماء أو لشحن هواتفهم المحمولة.
ويتميز هذا العمل الفني بخلوه تماماً من السياسة، حيث أصر المخرج رشيد مشهراوي على وضع وجوه وأسماء على المأساة الفلسطينية وإثبات قدرة الفن على الاحتفاظ بديناميكيته في غزة رغم الحرمان والموت والخوف. كما أنه لا يخلو من فكاهة، ولو كانت مأساوية، مثل الفيلم القصير “فردوس الجحيم” الذي يظهر رجلاً وهو يستولي على أحد أكياس لف الجثامين لينام داخله من أجل الاستفادة منه قبل الموت.
وتحدث مشهراوي عن فيلمه قائلاً: “ولدت وترعرعت في غزة، وصنعت العديد من الأفلام في غزة كمخرج ومنتج، وهذه المرة بعد أن رأيت كل ما يجري، قلت: لا، لن أصنع فيلماً وبدلاً من ذلك سأعطي الفرصة للمخرجين الفلسطينيين الموجودين في غزة الآن مشاركة ما يجري مع الناس”.
هذه المبادرة أطلقها المخرج الفلسطيني لمنح الفنانين والمخرجين في غزة فرصة التعبير عن حياتهم اليومية من خلال أفلام قصيرة، ونشاهد الأفلام: “خارج الإطار” إخراج نداء أبو حسنة، “جنة جهنم” إخراج كريم صتم، “سحر” إخراج بشار البلبيسي، “الصحوة” إخراج مهدي كريرة، “جاد وناتالي إخراج أوس البنا، “لا” إخراج هناء عوض، “كل شيء على ما يرام” إخراج نضال دامو، “تاكسي ونيسة” إخراج اعتماد وشاح “24 ساعة” إخراج علاء دامو، “سيلفي” إخراج ريما محمود.
كما نشاهد الأفلام: “لا إشارة” إخراج محمد الشريف، “بشرة ناعمة” للمخرج خميس مشهراوي، “فلاش باك” لإسلام الزريعي، “شظايا” لباسل المقوصي، “القرابين” إخراج مصطفى النبيه، “يوم دراسي” لأحمد الدانف، “فرح ومريم” إخراج وسام موسى، “مثقلة بالأعباء” إخراج علاء أيوب، “المعلم” إخراج تامر نجم، “إعادة التدوير” إخراج رباب خميس، “صدى” إخراج مصطفى سينما آسفة” إخراج أحمد حسونة.
وكل هذه القصص هي جزء من الواقع من خلال سرد القصص المذهلة مع الواقعية الرمزية والإبداعية، فإن شهادات هؤلاء المخرجين عن الحصار تحت القصف المستمر والمجاعة المفروضة تعرض كفاحهم اليومي من أجل البقاء.
هذه المجموعة من الأفلام تعيد الرؤى والتجارب وشرائح الحياة التي عمل عليها صانعو أفلام شباب من غزة الصامدة التي أراد الاحتلال “إسكاتها وخنقها”، وصنعت هذه الأفلام في ظروف صعبة للغاية، وبوسائل محدودة للغاية وتحت قيود وثقل حرب الإبادة الجماعية، ولا تزال مستمرة ضد السكان المدنيين في غزة.
هذا التآزر الذي يمثل صمود الشعب الفلسطيني ولد بمبادرة من المخرج والمنتج الغزاوي رشيد مشهراوي بعد العدوان الهمجي على غزة الذي انطلق بعد أكتوبر 2023، وساهم العديد من المخرجين والأفراد والمؤسسات الإقليمية والدولية في دعمه ورعايته، بعد ثمانية أشهر، لينتج عملاً سينمائياً يمثل 22 شهادة على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي يرتكبها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
نجح مشهراوي وفريقه المكون من 22 مخرجاً في تحقيق هذا الهدف، وتختلف القصص المقدمة في الفيلم عبر مجموعة من المشاعر، تتراوح من المرونة والمأساة إلى الأمل وإيجاد الفرح في أماكن غير محتملة، كما أنها تتضمن عناصر غير متوقعة، بما في ذلك الرسوم المتحركة والدمى والحركة.
يقدم هذا الفيلم الدرامي تنوعاً غنياً من القصص التي تعكس الحزن والفرح والأمل المتأصل في حياة غزة على الرغم من ظروف التصوير القاسية، يتألق المشهد الفني النابض بالحياة في غزة من خلال هذه المجموعة، ويقدم صورة حميمية وقوية للحياة اليومية والروح الدائمة لشعبها.
“من نقطة الصفر” هو إنجاز مذهل من الصمود وشهادة على المثابرة التي لا تموت لسكان غزة.
يقدم كل فيلم منظوراً فريداً للواقع الحالي في غزة. ويجسد المشروع تجارب الحياة المتنوعة في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك التحديات والمآسي ولحظات الصمود التي يواجهها شعبه.
ويعرض فيلم “من نقطة الصفر نسيجاً غنياً من القصص التي تعكس الحزن والفرح والأمل المتأصل في حياة غزة.