أفضل الأعمال الصلاة على وقتها .. هل يدل على وجوب الأداء في أول الوقت؟
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)، وهل جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمَّا سُئل عن ذلك يدل على وجوب أداء الصلاة في أول الوقت؟
أفضل الأعمال الصلاة على وقتهاروى الإمام البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ».
وقالت دار الإفتاء: هذا الحديث لا يدل على وجوب الصلاة أول الوقت من قريب ولا بعيد؛ فإن التعبير بـ«أفضل» يدل على أن لكلا العملين فضلًا، ويزيد أحدهما على الآخر فيه؛ فغاية المراد أنَّ الصلاة في أول الوقت أفضل ما لم يَعْرِضْ ما يُعَارِضُ هذا الفضلَ، ثم إن الحديث ذكر الصلاة على وقتها ولم يعين أول الوقت لهذا الفضل.
هل يجوز قطع الصلاة للرد على الهاتف.. اعرف الضوابط الشرعية قراءة التشهد بعد الركعتين الأوليين في الصلاة .. هل تجب كاملة؟قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في كتابه "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (1/ 163، ط. السنة المحمدية): [ليس فيه ما يقتضي أول الوقت وآخره. وكان المقصود به: الاحتراز عما إذا وقعت خارج الوقت قضاء] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (2/ 9، ط. دار المعرفة): [المشاركة أي في قوله: أفضل إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي؛ فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبًا، لكن إيقاعها في الوقت أحب] اهـ.
فضل صلاة الجماعةالصلاة هي عمود الدِّين، كما جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ» رواه الترمذي في "سننه".
وقد حَثَّنا الشرع الحنيف على أداء الصلاة المفروضة في جماعةٍ، ووعدنا على ذلك الأجر العظيم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» متفقٌ عليه.
وفي الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً».
بيان المقصود بالإمام الراتبالإمام الراتب: هو الذي رَتَّبه -أي: وظَّفه- ولي الأمر أو مَن ينيبه للإمامة بمحلٍّ مُعدٍّ لصلاة الجماعة، مسجدًا كان أو غيره في الصلوات الخمس أو بعضها، كما أفاده العلامة عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 356، ط. دار الفكر).
حكم التقدم على الإمام الراتب في المسجد للصلاةقد اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أَنَّ الإمام الراتب هو الأحقُّ بالإمامة من غيره، وإن كان هذا الغير أعلم وأفقه منه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ ولا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح" عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلاَ يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ» أخرجه أصحاب "السنن" واللفظ للترمذي.
فالحديث نَصٌّ على أحقِّيَّة الإمام الراتب بالإمامة، فإمام المسجد ذو سلطان في مسجده الذي نُصِّب للإمامة فيه، فلا يجوز أن يتقدَّمه أحد إلَّا بإذنه، وهو فيه بمنزلة صاحب البيت بل هو أحق بها؛ ولأنَّ تقدم غيره عليه دون إذنه يؤدي إلى التشويش والتنفير عنه، وترك تأليف القلوب المجتمعة عليه، ويبطل فائدة اختصاصه بالتقدم.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (5/ 173، ط. دار إحياء التراث العربي): [صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه، وصاحب المكان أحق، فإن شاء تقدم وإن شاء قدم مَن يريده، وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولًا بالنسبة إلى باقي الحاضرين؛ لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء] اهـ.
وقال الإمام الحصفكي الحنفي في "الدر المختار" (1/ 557، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين"): [(والأحق بالإمامة) تقديمًا بل نصبًا "مجمع الأنهر" (الأعلم بأحكام الصلاة) فقط صحة وفسادًا، بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: تقديمًا) أي: على مَن حضر معه (قوله: بل نصبًا) أي: للإمام الراتب، (قوله: بأحكام الصلاة فقط) أي: وإن كان غير متبحر في بقية العلوم، وهو أولى من المتبحر، كذا في "زاد الفقير" عن "شرح الإرشاد"] اهـ.
وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 382، ط. دار الفكر): [(ونُدِب) بضم فكسر نائب فاعله (تقديم سلطان) أي: ذي سلطنة وإمارة، سواء كان الإمام الأعظم أو نائبه للصلاة إمامًا على الحاضرين معه الصالحين للإمامة. ولو كانوا أفقه وأفضل منه، أو رب منزل أو راتب مسجد، والندب لا ينافي القضاء عند المشاحة، (ثم) إن لم يكن فيهم سلطان ندب تقديم (رب) أي: مالك (منزل) أو راتب مسجد مثلًا، وإن كان غيره أفقه وأفضل منه] اهـ.
وجاء في "حاشية قليوبي على شرح المحلي على المنهاج" (1/ 271-272، ط. دار الفكر): [(والإمام الراتب.. إلخ) أي: أن الإمام الراتب يقدم على غير الوالي، ويقدم الوالي عليه إلَّا إن كان قد رتبه الإمام الأعظم، فيقدم على الوالي أيضًا. وهذا في مسجد غير مطروق بأن لا يصلي فيه في كلِّ وقت إلَّا جماعة واحدة ثم يقفل.. وإلا فالراتب كغيره] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم قال الصلاة على وقتها رضی الله عنه أ الإمام الراتب أفضل الأعمال دار الفکر أول الوقت ى الله ع ه وآله وإن کان یدل على عن أبی
إقرأ أيضاً:
حكم قول "الله أكبر" عند الرفع من الركوع في الصلاة
سؤالٌ يطرحه العديد من المسلمين حول حكم قول "الله أكبر" عند الرفع من الركوع، بدلاً من قول "سمع الله لمن حمده"، وهو ما يمكن أن يحدث أحيانًا أثناء الصلاة. في هذا الموضوع، نتناول حكم هذا الفعل ونتعرف على ما يجب فعله إذا وقع هذا الخطأ.
في البداية، من المقرر في الشريعة الإسلامية أن الصلاة تحتوي على العديد من الأذكار التي يُستحب أو يُفرض قولها في أوقات معينة، ويعتبر قول "سمع الله لمن حمده" عند الرفع من الركوع من السنة الثابتة. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد" (رواه البخاري ومسلم). هذا الذكر يُعرف بـ "التسميع"، ويعدُّ من السنن المؤكدة في الصلاة، حيث يجب على المسلم أن يقوله عند الرفع من الركوع.
ما حكم قول "الله أكبر" عند الرفع من الركوع؟في حال نسي المصلي وقال "الله أكبر" بدلاً من "سمع الله لمن حمده" عند الرفع من الركوع، فإنه لا يعتبر ذلك خطأ فادحًا يؤثر على صحة الصلاة، خاصة إذا قام بتدارك الأمر وذكر الذكر الصحيح بعد ذلك. فالمسألة لا تستدعي إبطال الصلاة، بل يمكن للمرء تدارك خطأه في الحال، ويستمر في الصلاة بشكل طبيعي.
حكم سجود السهو في هذه الحالةأما بالنسبة لسجود السهو، فإن الفقهاء اختلفوا في حكمه عند حدوث خطأ من هذا النوع، حيث يرى جمهور الفقهاء، بما فيهم الحنفية والمالكية والشافعية، أن سجود السهو لا يجب في هذه الحالة. ويعتبرون أن ما حدث هو مجرد نسيان أو خطأ غير مؤثر على صحة الصلاة، ولا يستدعي سجود السهو.
ففي المذهب الحنفي، الذي يرفض سجود السهو لترك الأذكار غير المؤكدة أو للخطأ في سنن الصلاة، فإن قول "الله أكبر" بدلاً من "سمع الله لمن حمده" لا يستوجب سجود السهو، طالما أن المصلي قد تدارك الأمر وأتى بالذكر الصحيح.
وفي المذهب المالكي، يرى العلماء أن السهو في هذه الحالة لا يستدعي السجود، لأن ما فعله المصلي لا يُعتبر نقصًا في واجب الصلاة، بل هو مجرد تغيير في الذكر.
أما في المذهب الشافعي، فيقول العلماء إن سجود السهو لا يكون مطلوبًا في حالة النطق بغير الذكر المطلوب في الركوع، طالما أن المصلي قد تدارك الخطأ وأتى بالذكر الصحيح في وقت لاحق.
بناءً على ما سبق، فإن قول "الله أكبر" عند الرفع من الركوع بدلاً من "سمع الله لمن حمده" لا يؤثر على صحة الصلاة، ما دام المسلم قد تدارك الأمر وأتى بالذكر المطلوب بعد ذلك. ولا يُلزم المسلم في هذه الحالة بسجود السهو، إذ إن الخطأ الذي وقع فيه يُعتبر خطأ غير مؤثر على صحة الصلاة.
وفي النهاية، يجب على المسلم أن يسعى للتقيد بالذكر الصحيح في الصلاة ليحصل على كامل الأجر، لكن في حال حدوث أي خطأ أو نسيان، يُستحب تداركه دون أن يؤثر ذلك على صحة العبادة أو يستدعي سجود السهو.