موقف حذر للإليزيه من الحرب في غزة واتفاق فرنسي قطري لإيصال المساعدات
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
باريس- أدان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني" و"التهجير القسري"، خلال زيارته قصر الإليزيه أمس الثلاثاء، في حين أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن "إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين أولوية مطلقة بالنسبة لباريس".
وخلال زيارة أمير دولة القطر الممتدة ليومين، أعلن البلدان عن تنسيق لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتزام مشترك بمبلغ 200 مليون يورو لصالح الشعب الفلسطيني.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار ومنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، يرى مراقبون أن تعامل باريس مع ملف الحرب في قطاع غزة ثابت نسبيا، ويتغير بشكل بطيء وحذر.
تنسيق قطري فرنسيأعلن الإليزيه في بيان أن 3 طائرات شحن فرنسية قطرية محملة بـ75 طنا من البضائع ستتوجه إلى العريش، فضلا عن وصول 10 سيارات إسعاف ومواد غذائية و300 خيمة عائلية.
وقال أدريان غومي النائب الفرنسي عن حزب "الجمهورية إلى الأمام" إن "زيارة أمير دولة قطر تعد حدثا مهما للقادة السياسيين الفرنسيين، لأنها تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وحقيقة أن قطر شريك رئيسي في جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة، وقد رأينا ذلك بالفعل في دور الدوحة في إطلاق سراح الرهائن قبل أشهر قليلة".
وتطرق غومي في حديثه للجزيرة نت إلى دعوة رئيس الجمهورية قبل عدة أسابيع لفتح جميع نقاط العبور التي تسمح بشحن المساعدات الإنسانية والطبية الأساسية، مشيرا إلى حاملة طائرات المروحية الفرنسية "ديكسمود"، التي سمحت باستقبال السكان المدنيين من غزة وعلاج 120 شخصا مصابا بجروح خطيرة.
موقف ثابت وحذرومن خلال تصريحات ماكرون، أمس الثلاثاء، يبدو موقف فرنسا ثابتا فيما يتعلق بمكافحة حركة حماس، التي تعتبرها حركة إرهابية، وإطلاق سراح الرهائن، لكن خطة الاحتلال الإسرائيلي بالذهاب إلى أبعد من مجرد القضاء على الحركة بالتعدي لمهاجمة المدنيين وتدمير قطاع غزة، شكلت نقطة تحول في التعامل الفرنسي مع هذا الملف.
وقد لفت الخبير في السياسة الفرنسية والدولية بيير لويس ريموند إلى أن السلطة التنفيذية في باريس اقتنعت بضرورة التواصل مع الأطراف الفاعلة في هذا النزاع، بما فيها الدول العربية، بدل الانحياز الأعمى إلى الطرف الإسرائيلي.
ووصف الخبير ذاته في حديثه للجزيرة نت موقف فرنسا بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بـ"المتعثر والحذر"، مشددا على رغبة الإليزيه الشديدة اليوم في "إعادة توجيه مساره السياسي بشكل مخلص نحو ثوابت الجمهورية، بغض النظر عن ردة فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأن الأولوية الآن تتركز في التهدئة والمفاوضات ووقف إطلاق النار".
وهذا ما أكده النائب عن الحزب الحاكم غومي، بالقول إن "موقف رئيس الجمهورية كان دائما ثابتا، فقد أدان هجوم حماس، وأعلن عن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها كحق مشروع ومفهوم، والاختلاف الحالي يتمثل في اعتبار فرنسا أن رد إسرائيل على الهجوم يجب أن يتم بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي والقواعد التي تنطبق على الديمقراطية".
لكن النائب عن حزب "فرنسا الأبية" جيروم لوغافر يصف موقف فرنسا بـ"الضبابي وضعيف التأثير"، مقارنا بين تصريحات ماكرون المدوية بشأن الحرب في أوكرانيا حيث ذهب إلى حد القول إن إرسال القوات الفرنسية ليس أمرا مستبعدا، والحرب في غزة، ليجيب عن سؤال "هل يستطيع التحدث بالحدة نفسها ضد إسرائيل؟ بالطبع لا".
وأضاف لوغافر في حديثه للجزيرة نت "لم أسمع رئيس الجمهورية أو وزراءه يقولون إن إسرائيل مذنبة بارتكاب مذبحة جماعية، مما يعني أن السياسة العميقة للدولة الفرنسية لم تتغير ولا تزال متواطئة".
اعتراف بالدور القطريتجمع قطر وفرنسا علاقات صداقة قديمة، وتأتي هذه الزيارة لتعزيز ذلك على عدة أصعدة، فعلى المستوى السياسي يرى السيناتور السابق جيلبير روجيه أن اللقاء مع أمير قطر يمثل "اعترافا فرنسيا بالدور المركزي الذي تلعبه الدوحة في المنطقة".
وأضاف روجيه، الذي شغل منصب نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي، ورئيس مجموعة "فلسطين ـ فرنسا" البرلمانية، أنه "رغم عدم معرفتي بما يحدث داخل الغرف المغلقة في الإليزيه، فإنني لا أستبعد أن تكون مسألة حل الدولتين على جدول الأعمال".
بدوره، وصف الخبير ريموند التنسيق بين البلدين بـ"الجوهري، لأنه يدل على دور قطر الرائد في المنطقة كدبلوماسية عربية ذات مكانة عالمية"، معتبرا أن المفاوضات التي تقوم بها الدوحة هي بمثابة "ورقة أساسية لفرنسا، التي تسعى إلى قيادة الموقف الأوروبي بعد أن كان محتضرا أو في حالة غيبوبة"، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، لفت المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الفرنسية والدولية إلى أن باريس تعتمد في سياستها الخارجية على مفهوم "البراغماتية"، وأنها تعي جيدا خصوصية قطر وعلاقتها التي تنفرد بها مع القيادات الفلسطينية، لذلك تأتي هذه الزيارة كاعتراف واضح من الجانب الفرنسي للدور القطري الرامي إلى وضع حد للصراع المستمر.
ازدواجية المعاييريعتقد النائب لوغافر أن "الموقف الفرنسي يتسم بالنفاق والازدواجية الصارخة في المعايير، فبعد تقديم السلطة التنفيذية دعمها غير المشروط لإسرائيل، تغيرت تصريحات ماكرون وبعض وزرائه، بسبب الوضع الخطير في القطاع، لكن كل تصريحاتهم عبارة عن كلمات فارغة طالما فرنسا مستمرة في تسليم الأسلحة إلى إسرائيل".
واستذكر لوغافر استجواب ماتيلد بانو، رئيسة المجموعة البرلمانية بحزب "فرنسا الأبية" في الجمعية الوطنية، لوزير الخارجية ستيفان سيجورنيه، حول ما إذا كانت فرنسا تستمر في تقديم المساعدات العسكرية، بالقول إن "جواب الوزير لم يحدد الكمية أو الذخيرة بدقة، لكنه أكد أن بلدنا تواصل إرسال الأسلحة لدولة ترتكب حتى الآن مذبحة جماعية ضد شعب بأكمله".
واعتبر النائب الفرنسي أن "الفرق شاسع بين الأفعال والأقوال، وبما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، لا أعتقد أن الأمر مختلف كثيرا بعد توقف فرنسا عن تقديم المساعدات للأونروا المخصصة للاجئين الفلسطينيين، لتنخفض بذلك إلى أكثر من النصف"، على حد قوله.
وبشأن التنسيق الذي حدث في الأيام الماضية بين فرنسا والأردن، يأمل لوغافر أن "تصل طرود المساعدات إلى أهالي القطاع، في الجنوب والشمال على حد سواء، بطريقة كريمة ومواتية، بدل الطريقة المهينة التي ألقت فيها الطائرات الفرنسية المساعدات من السماء إلى وسط البحر، في مشهد مخز ومحزن".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
القوات الخاصة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا وتعمل على تحرير الرهائن
فرضت عناصر من القوات الخاصة الفرنسية، طوقا أمنيا وتعمل حاليا على تحرير الرهائن، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
مباراة فرنسا وإسرائيل.. أجواء مشحونة بالغضبم/ تفاصيل اشتباكات عنيفة بين جماهير فرنسا والكيان الصهيوني "صور"
وذكرت وسائل إعلام فرنسية بأن مسلحا احتجز رهائن في مطعم بمدينة إيسي ليه مولينو الفرنسية بالقرب من العاصمة باريس اليوم السبت.
وأكد مصدر في الشرطة لوكالة "فرانس برس"، إن رجلا مسلحا بسكين متحصن في مطعم والده، مع "ثلاثة أو أربعة موظفين". وأشار المصدر أيضًا إلى أنه حبس نفسه في هذا المطعم على بعد بضع عشرات من الأمتار من طريق باريس الدائري جنوب غرب العاصمة، قبل الساعة الواحدة ظهرًا.
وذكرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن المسلح يحتفظ "بثلاثة أو أربعة موظفين"، مبينة أنه يتم حاليا تعيين وسيط من (لواء البحث والتدخل، وحدة النخبة في شرطة باريس) "بسبب رغبة الشخص المعني في الانتحار". وأن المسلح غير معروف لدى المحاكم.