اختتام “قمة العلا” بنقاشات ثريّة لتعزيز التبادل الثقافي العالمي
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
العلا : البلاد
اختتمت مساء أمس، قمة العلا لمستقبل الثقافة، والتي نظمتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بالشراكة مع وزارة الثقافة،حيث شهدت مشاركة أكثر من 150 قائدًا ثقافيًا عالميًا لاستكشاف ومعالجة أهم التحدّيات التي تواجه الثقافة في وقتنا الحاضر.
وحظيت القمة على مدى 3 أيام في قلب واحة العلا الثقافية، ببرنامج متنوع من حلقات النقاش والعروض التفاعلية وورش العمل والتجارب المبتكرة، ومثّلت منصة حوارية استعرضت تأثير الثقافة على الهوية، ودورها في تعزيز التغيير الإيجابي والتقدّم المجتمعي.
من جانبه، ذكر معالي مساعد وزير الثقافة، راكان الطوق خلال الكلمة الرئيسية للقمة “تجمع هذه القمة روادًا عالميين وصنّاع التغيير من أنحاء المجال الثقافي، يتشاركون الإيمان بقدرة الثقافة والفنون على تنمية المجتمعات وتطويرها “.
بدورها قالت المديرة التنفيذية للفنون والصناعات الإبداعية بالهيئة، نورا الدبل، “شهدنا خلال الأيام الثلاثة الماضية حضورًا متنوعًا للمشاركين الذين اجتمعوا للتواصل والمشاركة والتعلّم من خبرات بعضهم، وذلك من خلال الحوارات والنقاشات الملهمة والتعبير الفني”، مضيفة “استلهم المشاركون من المناظر الطبيعية الجميلة لمحافظة العلا، وشاركوا في المحادثات والحوارات التي بدورها ستسهم في إعادة تعريف النظام الثقافي، وتعزيز المملكة كمركز للتبادل الثقافي العالمي”.
وخلال حلقة النقاش “مستقبل المشهد الثقافي: عامل النجاح”، أكّد مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)،عبد الله الراشد،على ضرورة الحفاظ على مستقبل ثقافي ناجح، بينما دعا نائب الرئيس لشؤون الثقافة في الهيئة جيسون هاربورو،للنظر إلى ما هو أبعد من الأرقام ومؤشرات الأداء الرئيسية للتركيز على كيفية التعلّم وتوسيع الروابط الإنسانية المتبادلة.
وفي حلقة أخرى “البيئة الطبيعية: التنمية الثقافية والبيئة”، استعرض المتحدثون العلاقة بين البنية الثقافية والبيئة، ودمج الفن مع المناظر الطبيعية وأوضحت المديرة الفنية الدولية لموقع “بينيسي” للفنون في ناوشيما ومديرة متحف “ناوشيما” الحديث للفنون،أكيكو ميكي،أن “الرحلة لموقع معيّن هي جزء من التجربة، وأخذ الوقت والتجربة شيء مهم جداً للنشاط البشري”، ورأت أن السفر المستدام يسمح للزوّار بتجربة الفن ومحيطه بالكامل.
وتناولت ورش العمل التي قادتها مؤسسات ثقافية رائدة، موضوعات متنوعة مثل دمج “البلوكشين” في المتاحف، والتفكير بالمناظر الطبيعية كوسائل للتعبير الثقافي، وتعزيز التعاون متعدد الثقافات، في حين قدمت الفنانة السعودية بلقيس الراشد العرض الأدائي “أساطير غير منقوشة”، الذي يتشابك مع موسيقى الزفة الإيقاعية وعبق البخور، ويرشد المشاركين نحو واحة العلا.
وقام المشاركون بجولات لاستكشاف مناظر العلا الثقافية والطبيعية، واستمتعوا برحلة مليئة بالأداء والشعر والموسيقى والقصص بين وادي الفن، في تجربة غامرة بعنوان “حكايات الشبّة: تقاطعات الإبداع”، حيث أضاءت الفنانة عهد العمودي، أخاديد الوادي، وحولتها إلى صدى يردد مواويل قديمة وأهازيج عربية.
يشار إلى أن القمة تأتي في إطار جهود الهيئة الملكية لمحافظة العلا ووزارة الثقافة لوضع بصمة في مستقبل الثقافة والفنون عالميًا بالتحديث والتطوير من خلال الحوار المستمر والتعاون والابتكار.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: قمة العلا
إقرأ أيضاً:
مقدمة كتاب “كتابات وقصص قصيرة” للروائية ليلى أبو العلا
بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه مقدمة بقلم الأستاذ السفير / جمال محمد إبراهيم لمجموعة من القصص القصيرة والكتابات الأخرى للروائية ليلى أبو العلا، قمت بترجمتها وجمعها في كتاب سيصدر بإذن الله عن دار نشر المصورات بالقاهرة.
--------------------
مُـقـــدِمَــــة
لِلكـتابـةِ الإبْـداعـيـة مَداخِــل. .
أنْ تنالَ عـضوية في الجمعية الملكية للأدب في المملكة المتحدة، لهو شرف لا يتاح إلا لمن نالت أعماله الإبداعية في لغتها الإنجليزية الرصينة، قبولاً مستحقاً من قبل مجلس تلك الجمعية، ووفـق معايير للترشّح والاعتماد تلامس المحتوى كما المضمون. في عالم تلاقت أطرافه بفضل ثورة الاتصالات والتواصل الالكتروني باتت التحديات التي تواجه المجتمع الانساني متماثلة في طبيعتها واهتماماتها، وصار للإبداع والمبدعين دور بما يحمل من رسـائل تلامس القضايا الانسـانية والحضارية. نالتْ الـروائيـة ليـلى أبوالعـلا هـذا التشريف بزمالتها لهذه الجمعية وهي محفل يضمّ المبدعين من مختلف القارات ممن يبدعون باللغة الإنجليزية أول شـخصية سـودانية تكتب الروايـة بلغة انجليزية رصينة ومميـزة، أجلستها في ذلـك العرين اللغوي للأدب الإنجليزي.
لقد تركت أعمالها الروائيـة العظيمة صدىً واســعا وحظيت رواياتها وأعمالها النثرية شــهرة مرموقة عكسـتها الجوائز التي نالتها على المستوى العالمي بعد ترجمة أعمالها من الإنجليزية إلى العـديد من اللغات الحية، وأول لغة كانت بالطبع إلى اللغة العربية.
أما الذي جلس إلى مكتبته وقواميسه ليترجم أكثر أعمالها وحرّر هذا الكتاب الذي بين يديك، فهـو الأستاذ الدكتور بدر الدين الهاشمي، ذلك الذي تخصّصَ في علمي الأدوية والسموم كما برع في الأدب والترجمة. عـرف تاريخ العربيّ الشيخ الرئيس ابن سينا، عالماً لم تمنعه الكتابة في الطب عن الكتابة في الموسيقى، مثلما عـرف أدبنا العربي الكثير من الأُطباء والعلماء الذين كتبوا في الشعر والنثر فأبدعوا. ولقـد نظر الهاشــمي- وهو الذي ترجم لليلى عدداً من أعمالها الروائيـة - في كتابات أخرى، بعضها قصصٌ قصيرة وبعضها مقالات نثرية، ألقتْ ليلى فيها إضـاءات على أسـلوب ســـردياتها في كتابة الرواية المُستوحاة من التاريخ، أو ما يعــرف عـند النقــاد بـ "التخيّل التاريخي".
ذلك إبداع يدخل في التاريخ ثم يخرج منه إلى مساحات مفتوحة يلعب فيها الكاتب بخيالٍ خصبٍ بشخوص القصّة، يدخل في أنفاسهم ويسبر أغوارهم ويؤانس أرواحهم، استكمالاً وتلويناً للسرد. غير أنّ ذلك الدخول وذلك الخروج، هــو ما يعطي العمل الرّوائــي تميّـزهُ وإبهاره. لكن تحدثك الروائية ليلى أبو العلا عن التنقيب عن حقائق التاريخ، والذي لا يقلَّ رهقا عن البحث والتقصّي لإعداد رسالة جامعية. بالطبع فإن ذلك البحث والتقصّي المضني، هو ما يشكل الأرضية التي يبدأ بعدها الروائي تجهيز "مكوّنات الطبخـة"، ثم يدفـع بها إلى الطنجرة، حيث تظلّ لبرهة قد تطــول وقد تقصر، والأنسب أن تبقَى على نارٍ هادئة لأطول مدة. الروائي الماهر هو من يضبط خلط المكوّنات بذكاء يحفظ التوازن فـلا يكثر من الماء والزيت وهو التاريخ، ولا يقلل من البَهار وهو الخيال، فتفسـد الطبخة في الحالين. ثمّـة من كـتبَ روايـة في التخيل التاريخي ـ فانتهى عمله- أو قلْ طبخته- الروائيـة، إلى كتابٍ في التاريخ، تجاوزت صفحاته الأربعـمائة مـن الحجم الكبيـر. .! ما أتعس قراؤه فقد أتعبهم بتلـبُّـك ثقافي البـرءُ مِنه مُكلـف إن لم يكن مستحيلا. لـم تكـن تلـك سُـــبُـل تتبعها ليلى في استنطاق تاريخ تُمازج وقائعه بما يُحيـك خيالها الخصب في ملاعـب رواياتها البديعـة.
في خاطراتها حول ما أبدعــتْ ليلى من روايات أذهلـتْ نقـاداً يدبّجـــون مقـالاتهم ومقـالاتهـن، في صفـحـات أدبيـة في صحـفٍ مثـل الـ"جـارديان" في بريطـانيـا، أو الـ "نيويورك تايمز" الأمريكية ، تقـدّم الروائية تجربتها قي سطور مُختزلة، لا تشبع ولا تغني، وإني لأحثها لأن توسـع في الذي اختزلته،ْ فالكـثيـر الكثير في تجــربتها الإبداعـية ما قد يحتاج لإفصـاح أكـثر تفصيـلا من جـانبها . في هــذا العالــم الـذي صــار "معولماً" بأكثر ممّا كنا نظن، نوَّعّـْت لـيلى تجــربتها الحياتـيــة بتطـوافٍ جغــرافي لامست خلاله مجتمعات وثقافات وألسُـن، فكانت بقلمها سـفيرة لوطنها الســـودان، لثـقـافـاتـه وأدابه وفـنونـه. ونحـن نعرف عـن أســوار الغـرب الأوروبي والأمـريكي العصيّة على العبور. عـبرتْ ليـلى بقـــدرات وبذكاء وبحصافة، إلـى أبعـد من الإقليم الذي انتمت إليـه، فأوحـى لها ما أوحى مـن إبداع، فـثبتـت صــورتها راســخة قوية، حتى جاءها التشريف يسعى بما كسـبت وكتـبت يداهــا بزمـالة الجمعية الملكية للأدب الانجليــزي. وإنْ بلغ البروفسور الرّاحـل عبد الـله الطيّـــب عضــوية مُسـتحـقـة بمجمع اللغـة العـربيـة في القـاهـــرة، فـقـد ارتـقـتْ ليـلـى أبو العــلا درجــات إلـى العُــلا، بـنـيـلـها زمــالة تلـك الجمعـية الملكـيــة في لــنـدن، عَـريــن الأدب المكــتـوب بالإنجليـزية.
شــاركتُ مرّة في مسابقة في كتابة القصة القصيرة نظمها مركز عبد الكريم ميرغـني الثقافي للشباب فراعني استخفافُ بعض المتنافسين في تقـديم ما حسـبوه مـوادَ في الإبـداع تستحق أن تنافس للجائزة. حمدتُ لهؤلاء الشباب إقدامهم للمشاركة والتنافـس، لكنّي نصحتُ بأمرين: أولهما المزيـد من الإطلاع على المنشور والمتاح في أدب القـصص القصيـرة، وثانيهما السعي لاكتساب قدرات في الكتابة الإبداعية، مضامينها وأساليبها، خاصة تجويد اللغة وجمالياتها.
أحسب أن ما جاء في هذا الكتاب من نصائح تقدمها كاتبة مرموقة وما حـوَى كتابها مـن نماذج لبعض قصصها القصيرة، يفيد كثيراً جيلاً ناهضاً من شـبابٍ يتطلع ليكتب في الآدب. ولعلّي تعمدت ألا أثير موضوع غياب الموهبة عند بعضهم. غير أنْ أهمَّ ما حملـتْ مقـالات ليلى وأقاصيصها، هو أن تتقـدم الموهبة كلّ أمرٍ في شأن الكتابة الإبداعـية. تلك من الدروس القيمة التي يعـزّزها لـنا كلُّ من الأديبـة الروائية ليلى أبو العـلا والمترجم بدر الدين الهاشــمي. الروائيـة جاءت بها الموهبة من علم الاحصاء إلى الأدب، والمترجم جاءت به الموهبة من علمي الأدوية والسموم إلى الترجمة الأدبية.
جمال محمد ابراهيم
alibadreldin@hotmail.com