الجزائر – موريتانيا: طريق تندوف الزويرات معبدة بالنوايا السيئة
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
كشف إشراف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في تندوف يوم 22 فبراير الحالي ،على إعطاء انطلاقة مشروع إنجاز طريق تندوف(الجزائر) – الزويرات(موريتانيا) ،مجددا على رغبة النظام الجزائري في تحويل حربه ضد مصالح المغرب ووحدته الترابية ،التي تأخذ طابعا ثنائيا إلى صراع مغاربي، بمحاولة تأليب بقية دول المنطقة ضد المغرب وجرها إلى تبني موقفه والسير في فلكه، بادعائه أن الجزائر دولة محورية وعلى جيرانها الانصياع لأجندتها.
اتفاقية تضر بمصالح موريتانيا
و نصت اتفاقية انجاز هذا المشروع الحدودي الذي يمتد على مسافة 840 كيلومتر، على هامش زيارة الدولة التي سبق للرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني أن قام بها الى الجزائر في دجنبر 2021،على تكفل الجزائر ببنائه مع استغلاله في شكل امتياز لمدة 10 سنوات مع تجديد ضمني وأن تستغل شركة نفطال الجزائرية محطات الوقود الموجودة على طول مسار الطريق ،الذي يشمل بالطبع التراب الموريتاني الممتد إلى الزويرات.
وظل الجانب الجزائري يروج لهذا المشروع، متوهما أنه يستطيع من خلاله توظيف المرور عبر موريتانيا لمنافسة حضور المغرب في أسواق غرب القارة الإفريقية،لكن يبدو أن اتفاقية إنجاز الطريق فيها إجحاف لموريتانيا وكان من المفروض أن يستلهم الجانب الجزائري القواعد المتعارف عليها في العالم بشأن الصفقات ، من نوع البناء والاستغلال والتحويل Build–operate–transfer (BOT)، بأن يبني الطريق ويستغله لسنوات معينة غير قابلة للتجديد ،يصبح بعدها الجانب الموريتاني مالكا للجزء من الطريق المقام في ترابه الوطني وله السيادة في استغلاله.
كما أن تمكين شركة نفطال الجزائرية بمفردها من استغلال محطات الوقود في الجانبين الجزائري والموريتاني فيه إضرار بمصالح موريتانيا وحقها في بناء محطات وقود في الجزء المتعلق بترابها الوطني ،في الوقت الذي تتأهب لبداية تصدير ثروتها النفطية في يونيو المقبل،علما أن لها احتياطات ضخمة من الغاز.
طريق بري للاستعمال العسكري
وبمعزل عن مضمون الاتفاقية، ردد الإعلام الرسمي الجزائري أن ” الشروع في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي يعكس مرحلة جديدة في العلاقات التاريخية بين الجزائر وموريتانيا، ومن شأنه فتح محاور طرق دولية هامة والسماح للمتعاملين الجزائريين بالولوج إلى الأسواق الإفريقية مرورا بموريتانيا. كما سيسمح أيضا بتعزيز التعاون الاقتصادي بين المتعاملين الاقتصاديين لكلا البلدين وتنشيط الحركية الاقتصادية وانسيابية المبادلات التجارية”.
والصورة هنا هي أن طريق تندوف الزويرات يقتصر فقط على تنقل الأشخاص والممتلكات ،لكن حسابات النظام الجزائري وسوابق سلوكاته في المنطقة تجعل هذا الطريق معبدا أيضا بالنوايا السيئة ، بإضفاء طابع عسكري عليه ،واحتمال استخدامه من قواته المسلحة وميليشيات البوليساريو الخاضعة له ،لمواصلة معاكسة حق المغرب في وحدته الترابية وضرب وحدة موريتانيا، طمعا في حرمان المغرب من امتداده الإفريقي وإيجاد موطئ قدم للجزائر على المحيط الأطلسي.
وهنا يمكن استحضار تصريح رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي الموريتاني مسعود ولد بولخير الرئيس الأسبق للبرلمان، في غشت 2021 ،الذي حذر فيه من استغلال البوليساريو بدعم من الجزائر الوضع القائم فى موريتانيا ويعلن انفصال الشمال .
وقال ولد بولخير ، في حديث لوكالة ” الأخبار” المستقلة الموريتانية لقد “حدثت الرئيس الغزواني عن تخوفي من أن يكون استعراض الجزائر الأخير لعضلاتها، وكذا ما حدث في معبر الكركرات قبل أشهر يمكن أن يدفع بعضهم لأن ينتهز هذه الفرصة، ويتعاون مع الجزائريين والصحراويين ويعلن انفصال الشمال عن موريتانيا، فأهل الشمال يتحدثون منذ فترة أنهم تعبوا من حمل موريتانيا على ظهورهم، وأنهم يريدون أن يكونوا أمة وحدهم، وأكدت له أن الكثير قيل في هذا المجال”.
وأخذ تصريح ولد بولخير حينئذ طابعا رسميا ، لأنه فضلا عن صفته الحزبية ،كان يتولى رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في موريتانيا ولم يبرئ الجانب الجزائري ساحته من الاتهام الموجه إليه من المسؤول الموريتاني، ملتزما الصمت إزاء موضوع حساس يهم نواياه إزاء موريتانيا واحتمال دعمه لأية نزعة انفصالية في شمال موريتانيا ،علما أن له سوابق في استخدام القوة العسكرية ضد موريتانيا، عندما هدد الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين في 1974 ضيفه الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داده في بشار، بشن عدوان عسكري على بلاده إذا ما واصل التعاون مع المغرب في قضية الصحراء ونفذ لاحقا هذا التهديد بإرساله في يونيو 1976 الألاف من جنوده ومقاتلي البوليساريو لشن هجمات برية على موريتانيا ،مواصلا الاعتداءات العسكرية على موريتانيا ،إلى غاية سقوط نظام ولد داداه في انقلاب عسكري في 1978 وحمل قادة الانقلاب على الاعتراف بجمهورية الوهم في 5غشت 1979.
دار لمحاولة احتواء الصحفيين الموريتانيين
وانتهز الرئيس تبون مناسبة إعطاء انطلاقة إنجاز مشروع الطريق البري بين البلدين ليحاول استمالة الصحافة الموريتانية من أجل خدمة أجندة الجزائر في المنطقة، معلنا أمام الرئيس ولد الشيخ الغزواني أنه أمر المدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي ببناء دار للصحافة تكون بمثابة ناد اجتماعي ضخم بعدة مرافق لفائدة الصحفيين الموريتانيين في أقرب وقت .
وإذا علمنا أن الصحفيين الجزائريين لا يتوفرون على مثل هذه الدار في بلدهم ، يتضح أن إعلان الرئيس تبون عن هذه الهدية المشبوهة جاء بعد تنديد الصحفيين الموريتانيين بتدخل السفارة الجزائرية في نواكشوط في السنة الماضية ،في الشأن الداخلي الموريتاني واتهامها في بيان صادر عنها مواقع إعلامية بالارتزاق ،مدعية أنها عمدت إلى محاباة بلد “معاد” (أي المغرب) في معالجة قضية الصحراء، على حساب التعاون الإستراتيجي بين نواكشوط والجزائر.
وانتفض الصحفيون الموريتانيون لكرامتهم ، معتبرين في بيان لرابطتهم إن “محاولة السفارة الجزائرية التحكم في الصحافة الموريتانية واحتقارها واستعبادها لتخدم أجندتها السياسية مع كونها محاولة مضحكة ومثيرة للسخرية، إلا أنها تكشف وجهًا آخر من وجوه عمل هذه السفارة، الذي يثير الخوف والقلق، ويستدعي منا أقصى درجات الحيطة والحذر”.
ووقفت رابطة الصحفيين أمام حقيقة أن المؤسسة العسكرية الجزائرية هي التي تملك السلطة الحقيقية وتحارب حرية الصحافة ،بتأكيدها أن “الجزائر التي ظلت لعقود في قبضة جنرالات الجيش، لا تفهم أن موريتانيا متفوقة عليها في ما يتعلقُ بحرية الصحافة والإعلام وحرية التعبير واحترام الرأي والرأي الاخر ، وهي أشياء لا تُشترى وإنما تُكتسب، والموريتانيون كسبوها بنضال صحافتهم الطويل ضد القمع والتسلط والدكتاتورية والإيداع في السجون”.
واستحضر الصحفيون الموريتانيون: في بيانهم الأذى الذي تعرضت له بلادهم في الماضي من النظام الجزائري ،بقولهم “إننا كموريتانيين نحترم الجزائر ونحب شعبها الطيب والأبي، لما يجمعنا من روابط الدم والقربى والتاريخ والمصير المشترك، إلا أن التاريخ حافل بالطعنات التي وجهت لنا من طرف حكامها وعسكرها، وتنظيماتها العابرة للصحراء”.
عقيدة قائمة على احتقار الجيران
وفي المجال الإعلامي سعى النظام الجزائري الذي يخوض بأذرعه الإعلامية في القطاعين العام والخاص حربا ضد المغرب دائما إلى توظيف الإعلام الموريتاني في هذه الحرب ولنا في واقعة طرد موريتانيا في أبريل 2015 المستشار الأول في سفارة الجزائر في نواكشوط بلقاسم الشرواطي خير دليل ، بعد انحرافه عن مهمته الدبلوماسية ، بدفعه موقع “البيان” الإلكتروني الموريتاني إلى نشر خبر كاذب عن شكوى تقدمت بها موريتانيا إلى الأمم المتحدة تتهم فيها المغرب بإغراقها بمادة الحشيش، وهو ما نفته السلطات الموريتانية واعتبرت نشره محاولة لزعزعة علاقاتها بالرباط.
وهكذا لن تكون دار الصحافة التي وعد بها الرئيس تبون الصحفيين الموريتانيين هدية خالصة لوجه الله، بل يريدها النظام أن تكون وسيلة للترويض والاحتواء وتوظيف الإعلام الموريتاني في مهاجمة المغرب والإساءة إليه وهو ما لا يرضاه أصحاب الأقلام الحرة في موريتانيا ،لدفعهم إلى خوض حرب بالوكالة لفائدة النظام الجزائري ضد المغرب.
إن عقيدة النظام الجزائري قائمة على الاستعلاء واحتقار جيران الجزائر والحط من قدرهم ورفضه قيام علاقات معهم على أساس التكافؤ والمساواة وخدمة المصالح المشتركة وهوسه المطبوع بالفشل بتأليب دول المنطقة ضد المغرب ووحدته الترابية. وفي سياق احتقاره موريتانيا ،أوعز هذا النظام قبل بضعة أسابيع فقط إلى أذرعه الإعلامية المحسوبة على القطاع الخاص بشن حملة عليها، في أفق المباراة التي انتصر فيها منتخبها لكرة القدم على نظيره الجزائري في منافسات “الكان” في كوت ديفوار في يناير الماضي ، بأن ادعى ذلك الإعلام عجز موريتانيا عن تأمين حاجيات منتخبها وأن المغرب هو الذي دفع تكاليف تربص المنتخب الموريتاني في تونس قبل كأس أفريقيا، وكذلك تكاليف الإقامة في “الكان”، و النقل الجوي والمستلزمات اللوجستية من ملابس ومعدات مختلفة.
وإزاء هذه الحملة الدنيئة أصدر الاتحاد الموريتاني لكرة القدم بلاغا نفى فيه ادعاءات الإعلام الجزائري، مؤكدا أن ” الحكومة الموريتانية والاتحادية الوطنية تعتبران تمويل المنتخب الوطني مسألة سيادية غير قابلة للنقاش أو المساومة …و يرفض تدخل أي جهة ، مهما كانت، في تولي أي من نفقاته، سواء على مستوى إقامة المعسكرات الداخلية أو الخارجية، أو على مستوى اقتناء المعدات واللوازم الفنية المختلفة”.
وفي ضوء ما مضى من سلوكات النظام الجزائري إزاء موريتانيا ونهجه المستمر للتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة الإساءة إلى علاقاتها مع المغرب ، من يجرؤ على قول أن طريق تندوف الزويرات معبدة بالنوايا الطيبة؟
*سفير سابق
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: النظام الجزائری ضد المغرب
إقرأ أيضاً:
هذه الأجهزة ممنوعة من الدخول إلى الجزائر
حذر المدير المركزي ورئيس مشروع الرقمنة بالمديرية العامة للجمارك رضوان بوطالب، المسافرين القادمين إلى أرض الوطن، من جلب بعض الأجهزة الحساسة والتي تخضع لتراخيص مسبقة.
ونبه بوطالب المسافرين، لدى إستضافته بالإذاعة الجزائرية، إلى تفادي جلب بعض الأجهزة الحساسة والتي تخضع لتراخيص مسبقة لدى عودتهم من السفر.
ومن بين هذه الأجهزة، الطائرات الصغيرة المعروفة بـ”الدرونات” وأجهزة تحديد المواقع والمناظير والأسلحة المحظورة. وكذا البضائع ذات الاستخدام التجاري والخاضعة لأنظمة جمركية ذات طابع تجاري.
هذا وصدر في شهر نوفمبر 2024 قرار وزاري مشترك يحدد الشروط والإجراءات المتعلقة باقتناء وحيازة واستغلال الأجهزة الحساسة.
وينص القرار على استمرار العمل بالمادة 17 من القرار الوزاري الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2011. مع إدراج تفاصيل جديدة بشأن طلبات استغلال الأجهزة الحساسة المصنفة في قوائم خاصة.
نظام الكتروني خاص بالمسافرين والاستغناء تدريجيا عن التصاريح الورقيةكما كشف ذات المسؤول، أن إدارة الجمارك شرعت في تعميم نظام الكتروني خاص بالمسافرين بما يمكن هؤلاء من تقديم البيانات الخاصة بسند العبور للسيارات والتصريح بالعملة الأجنبية وكل الأشياء الثمينة عن بعد عن طريق الولوج إلى المنصة الرقمية الخاصة بالمديرية العامة للجمارك.
وتم تعميم هذه الخدمة عبر الموانئ والمطارات ونقاط العبور الحدودية والبرية على كامل التراب الوطني.
وقال ذات المسؤول، أنه سيتم تدريجيا الاستغناء عن التصاريح الورقية والتي تؤدي عمليا إلى ظهور الطوابير بسبب طول وبطئ عمليات وإجراءات الجمركة والتخليص بالنسبة للمسافرين و حتى رجال الأعمال.
أكثر من 37 ألف سند عبور خاص بالسيارات و8 آلاف تصريح إلكترونيكما كشف رضوان بوطالب، عن تسجيل أكثر من 37 ألف سند عبور خاص بالسيارات منذ عملية منذ دخول النظام حيز التشغيل.
بالإضافة إلى أكثر من 08 آلاف تصريح الكتروني فيما يتعلق بعملية التصريح بالعملة الصعبة والأشياء ذات القيمة.
وأبرز ذات المسؤول، سعيهم للوصول إلى مستويات عالية من النجاعة والفعالية للنظام بمرور الوقت. خاصة وأن هناك حملة تحسيسية لفائدة المسافرين للتعريف بمزايا النظام الرقمي الجديد.
ولفت بوطالب، إلى أن هدفهم، هو قيام المسافر بتحضير هذه التصاريح من بيته الكترونيا. وأن تكون هناك قاعدة لتهيئة الظروف لبروز بيئة رقمية لا مادية.
وأضاف قائلا: “النظام المعلوماتي يوفر خدمات متميزة وتسهيلات كبيرة للمتعاملين الاقتصاديين عند التصدير والاستيراد. وذلك من خلال وكلاء الجمارك المعتمدين لديهم بحيث يمكنهم اكتتاب التصريح عن بعد وتقديم الوثائق الثبوتية دون الحضور إلى مكاتب الجمارك. بالإضافة إلى متابعة مسار عملية الجمركة بطريقة تلقائية وآنية و إجراءات تخليص الحقوق الجمركية.”
الجمارك قطعت أشواطا معتبرة في مجال الرقمنةاعتبر رضوان بوطالب، أن الجمارك قطعت مرحلة معتبرة في مجال استكمال برنامج الرقمنة من خلال تطوير البنية التحتية وانجاز مركز للبيانات أو ما يعرف ب (الداتا سنتر). بالاستعانة بالربط عبر منظومة الألياف البصرية والقمر الصناعي الجزائري (سات 1) وخاصة للفرق المتنقلة وتلك الموجودة عبر المناطق النائية والمعزولة.
وقال بوطالب، إن مؤسسة الجمارك نجحت في تطوير وتحديث نظام معلوماتي جديد يتماشى مع المقاييس المعمول بها من قبل المنظمة العالمية للجمارك. وهذا النظام يعرف اختصارا بـ”الساز “لمواكبة التكنولوجيات الحديثة للإعلام والإتصال.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور