الحرب على الصحفيين في غزة جلسة حوارية تناقش الأسباب والأبعاد والمقارنات
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
- د.عبدالله الكندي: عدد الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في غزة يفوق بكثير ما سجل في جملة الحروب التاريخية
- د.نور الدين ميلادي: "خطاب المُشيطنة" لا يستهدف المقاومة فقط بل يتجلى في ربط الفلسطينيين بتنظيمات إرهابية
ليست مجرد حرب واحدة.. بهذه العبارة اختصرت جلسة "الحرب على الصحفيين في غزة" النقاش الذي انطلق بمشاركة المكرم الأستاذ الدكتور عبدالله الكندي والأستاذ الدكتور نور الدين ميلادي وأدارها عاصم الشيدي رئيس تحرير "عمان" في معرض مسقط الدولي للكتاب.
وتناول المتحدثون بالتحليل والنقد الأسباب وراء تفاقم ظاهرة استهداف الصحفيين وكيفية التصدي لها من خلال آليات المساءلة والمحاسبة وحماية حرية الرأي والتعبير. كما تطرق النقاش إلى الدور المحوري الذي يلعبه الناشطون والإعلاميون عبر منصات التواصل الاجتماعي في تغيير السرديات المعتادة.
وأشار الدكتور عبدالله الكندي قائلا: إن عدد الشهداء في غزة خلال الحرب الأخيرة قد بلغ حوالي ثلاثين ألف شهيد، من بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل. ومع ذلك، فإن الأرقام تتزايد بشكل مثير للقلق عند النظر إلى عدد الجرحى، الذي يتجاوز الستين إلى السبعين ألفًا، وفقًا لبعض المصادر الرسمية. وبلا شك، فإن هذه الأرقام تنطوي على حجم كبير جدًا من الخسائر البشرية.
وعند النظر إلى مصير الصحفيين، فإن الأمور تبدو أكثر سوءًا، حيث بلغ عدد الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب أكثر من 130 صحفيًا. هذا العدد المروع يسلط الضوء على مدى التهديد الذي يواجهه الصحفيون أثناء تغطية الصراعات والحروب، ويجعلنا نتساءل عن الأسباب وراء هذا العنف المتزايد تجاههم.
ويؤكد "الكندي" أن عمليات قتل الصحفيين ليست جديدة، فهي تمارس في مختلف أنحاء العالم بواسطة الجيوش والقوى المتصارعة. ومع ذلك، يبدو أن هذا النوع من العنف يشتد بشكل خاص في غزة، مما يتطلب توجيه الضوء إلى هذه الظاهرة ومحاولة فهم جذورها وعواقبها.
ويضيف: عندما نقارن بين عدد الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في حروب سابقة مثل حرب فيتنام والحرب العالمية الثانية، نجد أن الأرقام في غزة تفوق بكثير ما سجل في تلك الحروب التاريخية. إذًا، يثير هذا الاختلاف تساؤلات عميقة حول السبب وراء هذا المستوى المرتفع من العنف الموجه نحو الصحفيين.
لذلك، يبدو أن هناك حاجة ملحة إلى تحليل شامل لهذه الظاهرة ودراسة أسبابها بعمق، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لحماية حرية الصحافة وسلامة الصحفيين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات والحروب.
وجاء في معرض حديثة: إن النقاش والحوار الدوليين ليس لهما الوزن المطلوب لتحقيق التغيير المطلوب في سياسات إسرائيل، لذلك، يبدو أن هناك حاجة ماسة إلى تغيير في استراتيجية العمل يجب، علينا أن نتحرك بحزم لتحويل انتباه العالم إلى قضية استهداف الصحفيين والمخاطر التي يواجهونها في ظل النزاعات.
ورغم أن هناك تغيرًا في الديناميكية العالمية، حيث يمتلك الناشطون الرقميون القدرة على تحويل المشهد وتشكيل الرأي العام بشكل أكبر من السابق. ولذلك، يجب أن نستغل هذا النشاط الرقمي لنشر الوعي حول استهداف الصحفيين وضرورة حمايتهم..بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نلقي الضوء على دور المجتمعات المدنية في هذه القضية، حيث يمكن للضغط المجتمعي والحملات الشعبية المنظمة أن تقوم بدور مهم في دفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية حقوق الصحفيين.
وفي النهاية، يجب أن نستمر في المطالبة بالمقاضاة وتحميل المسؤولية لأولئك الذين يرتكبون جرائم ضد الصحفيين، سواء كانوا دولاً أو أفرادًا، وهذا يتطلب تعاونًا دوليًا وتضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية.
عين الحقيقة
من جانبه قال الأستاذ الدكتور نور الدين ميلادي: هناك كتاب نُشِرَ قبل أحداث غزة، يُعتَبَرُ نتاجًا لدراسة أُشرِفُ عليها، وهو عمل جماعي من قِبَلِ عددٍ من الأكاديميين حول العالم، الذين يتخصصون في دراسة الحرب الإسرائيلية العربية والفلسطينية، وتحديدًا حول أحداث الشيخ جراح في عام 2021. وبالتالي، تم تجسيد الخلاصات التي نتحدث عنها الآن في هذه الحرب، وما نراه اليوم يُعتبر فعليًا تمثيلًا لما جاء في تلك الدراسة.
يتحدث الكتاب بوضوح عن الحقائق التي تظهر في هذه الحرب، والتي يُمكن اعتبارها بمثابة عين الحقيقة في هذا الصراع. ومع ذلك، تطرح الأسئلة حول مكانة أجهزة الرقابة في السياق الغربي، والتي تحاصر إلى حد كبير الرواية الفلسطينية، حتى على وسائل الإعلام التي يُمكن اعتبارها مستقلة، وبالطبع الوسائل الإعلامية التابعة للدولة، مثل شبكة(بي.بي.سي) و(سي.أن.أن)، وشبكة سكاي، وغيرها. ويُشير ذلك إلى تحول في الوسائل الإعلامية، حيث كانت في البداية تسمح بنوع من "فتح الحرية"، لكن بعد ذلك تغيرت بشكل ملحوظ إلى "حارس البوابة"، وذلك في محاولة لمحاصرة الرواية الفلسطينية.
النقطة الثانية تتعلق بالخطاب الذي يسيطر على المشهد، والذي يمكن تسميته بـ "خطاب المُشيطنة" للفلسطينيين بشكل عام، وليس فقط في سياق المقاومة. هذا الخطاب يتجلى في استخدام اللغة وفي ربط الفلسطينيين -على سبيل المثال- بتنظيمات مثل داعش، وربط الأحداث الجارية بأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ويضيف "ميلادي": كان لاستخدام المصطلحات وشيطنة المقاومة عمومًا وجود بارز في وسائل الإعلام الغربية، تمثل هذه الظاهرة على الأقل ثلاثة عوامل رئيسية. أولًا، مسألة ربط أفعال المقاومة بمجزرة قتل أربعين طفلا رضيعا، حيث تم تسويق هذا الربط بشكل مخيف في السياق الغربي، وتم بناء السردية الكاملة حول ما يحدث بناءً على هذا الاتهام. ثانيًا، مسألة ادعاء اغتصاب الأسيرات الإسرائيليات، والتي لا يوجد لها أي أساس واقعي، لكن تم تسويقها بشكل مخيف أيضًا في وسائل الإعلام الغربية. كما تم ربط المقاومة بتنظيم داعش، الذي يُصوّر في المخيلة الغربية بأنه متطرف وبربري وغير إنساني، وهذا الربط يعتبر خطيرًا في تشكيل الصورة العامة والتحديثية للمقاومة.
وأخيرًا، يأتي ربط المقاومة بأحداث 11 من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية منذ البداية أن ما حدث في السابع من أكتوبر هو "11 من سبتمبر للإسرائيليين"، وهذا الربط في المخيلة الغربية يُعتبر خطيرًا، مما يبرر ما نشاهده الآن من تطهير عرقي وإلصاق لقب "لا إنساني" بالفلسطينيين، مما يسهل تقبل التصريحات التي تصدر عن الحكومة الإسرائيلية بشكل عام في الغرب.
نقاش الجمهور
وفي سؤال حول التغير في الإعلان العربي يقول الأستاذ الدكتور عبدالله الكندي: يبدو أن الإعلام العربي لم يتغير كثيرًا، ولم يقم بقراءة فعّالة للتطورات الجديدة في السردية والتغطية الإعلامية، وبدلاً من ذلك، توجه الجمهور والناشطون الرقميون نحو ما يُعرف بالتغطية البديلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إن هؤلاء الناشطين الذين يصنعون القصص القصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هم الذين أحدثوا تأثيرًا حقيقيًا. فهم الذين يتلقون التهديدات وهم أيضًا الذين يشعلون الشوارع في أماكن مختلفة من أوروبا وأمريكا، والمهم أنهم لا يُدرجون في إحصاءات القتلى، للأسف. وبشهادة بعض الباحثين، تمكن هؤلاء الناشطين من تغيير السردية الآن، حيث يُقابلون الفصل العنصري أو العنصرية الإسرائيلية بسردية أخرى تتحدث عن الإبادة الجماعية، وهذه السردية أيضًا منتشرة.
لذا، من الضروري تشجيع هذا النوع من العمل، الذي لا ينتمي للإعلام الرسمي أو الإعلام الخاص، بل هو عمل النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي. ينبغي علينا التوقف عنده وتشجيعه؛ لأنه يقدم رسائل مختلفة تتعارض مع السردية الإسرائيلية وسردية الإعلام الغربي التقليدي.
ويشير الأستاذ الدكتور نور الدين ميلادي إلى أنه بعد انتهاء حرب غزة بثلاث سنوات، قد تتكشف بعض الفضائح في المجازر التي تحدث الآن أمام الرأي العام بطريقة صادمة، كما حدث في المرات السابقة. ولكن أعتقد أن الأمر الآن صار مختلفًا، حيث أن الثورة الرقمية خلقت واقعًا جديدًا، حيث يشاهد العالم بأسره مباشرة مجازر تحدث لمجموعة بشرية في فلسطين.
ويقول: لأول مرة في تاريخنا الإنساني، يمكن للمعتدي أن يصور نفسه كالشخص المعتدى عليه. يُلاحظ الآن أن الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات تصوير مباشرة لعدوانه على الآخرين، وهذا أمر غريب وعجيب، وهذا يعني أن هناك إدانة واضحة ومباشرة للمعتدين، وقد تحدث في المدى القريب مراجعات مهمة جدًا للمعايير المهنية والموضوعية في تغطية الحروب والصراعات، والتي وقعت فيها العديد من وسائل الإعلام الغربية، وحتى العربية، التي لم تقم بدورها بالواجب نحو القضية الفلسطينية.
ويضيف "ميلادي": أعتقد أن الصحفيين، خاصة الغربيين، قد لاحظوا أنهم يتعرضون لضغوط واستهداف من لوبيات في السياق الغربي تمنعهم من كسر حاجز الحرية، وقد يحدث تغييرات كبيرة على هذا الأساس، وفي المستقبل، قد يفضح الشرفاء من الصحفيين الغربيين والمتخصصين ما حدث، وقد يحدث تغييرات جذرية في التغطية الإعلامية والرواية الغربية بشكل عام.
وفي الختام أكد المكرم الأستاذ الدكتور عبدالله الكندي على أنه على الرغم من أن الانتباه يتجه عادةً إلى قائمة الصحفيين الذين قتلوا خلال الحروب والصراعات، والتي قد تشمل أحيانًا صحفيين يعملون لصالح وسائل إعلام كبيرة، إلا أن الحقيقة تكشف أن العديد من الصحفيين الذين يخاطرون بحياتهم في تغطية الصراعات هم في الواقع صحفيون مستقلون أو يعملون في مؤسسات صغيرة أو حتى ينتمون للمجتمع المحلي في الدول التي تشهد الصراعات.
ويقول: "الصحفيون المحليون والمستقلون" غالبًا ما يكونون هم الأكثر تعرضًا للمخاطر، حيث يعملون في ظروف قاسية ومحل تهديدات متزايدة فهم يقدمون التغطية الأكثر دقة ومصداقية للأحداث، وغالبًا ما يكونون أقرب إلى الحقيقة الميدانية. لذلك، يجب أن لا تُغفل قائمة الصحفيين الذين يفقدون حياتهم خلال الحروب والنزاعات أو يعانون من إصابات خطيرة، فهم يمثلون الضمان الرئيسي لنقل الأحداث والحقائق إلى العالم.. وعليه ينبغي أن يلقى الضوء على الصحفيين المحليين والمستقلين ودورهم الحيوي في تغطية الأحداث، وأن يتم دعمهم وحمايتهم لضمان استمرارية عملهم المهم في توثيق الحقائق والظروف التي يعيشها الناس في مناطق النزاع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی الأستاذ الدکتور الصحفیین الذین الإعلام الغربی وسائل الإعلام حیاتهم فی یبدو أن أن هناک فی غزة فی هذه یجب أن التی ی الذی ی
إقرأ أيضاً:
رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.
كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.
يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.
وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.
وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.
وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".
إعلانويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.
وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.
ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.
ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.
ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".
ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.
أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.
إعلانويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.
ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".
صعوبات جمةلمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.
لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.
ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.
ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.
إعلانلكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.
ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.
خسائر كبيرةوإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.
ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.
ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.
ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.
ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.