لماذا يجب التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟ وكيف تتخلص من هذه الخصلة؟
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
"المقارنة هادم السعادة".. تحمل هذه العبارة القصيرة التي قالها الرئيس الأميركي السابق ثيودور روزفلت، معنى يدركه الناس، لكنهم يعجزون عن اتباعه في كثير من الأحيان، لأن المقارنة مع الآخرين سمة متأصلة في الطبيعة البشرية.
يحاول الإنسان بطبعه تعزيز مكانته بين أقرانه من خلال السعي إلى المال والشهرة والمكانة الاجتماعية، كما يُلزم المجتمع وأنظمة التعليم والمؤسسات وأصحاب العمل، كثيرين بمقارنة أنفسهم بمن يعدون أشخاصا ناجحين.
ذلك السعي إلى المكانة والدفع الاجتماعي، يجعل الإنسان ينظر حوله ليعرف من أفضل منه أو أقل منه، لكن في واقع الأمر، فإن الالتفات إلى الآخرين لا يزيد من مكانة الشخص، ولا يعزز من احترامه، بل يزيد من القلق ويقلل من شعور الثقة بالنفس.
لماذا يلجأ الإنسان للمقارنة؟درس عالم الاجتماع الأميركي ليون فستنغر دوافع المقارنة لدى الناس في عام 1954، وقال إن الناس يقيمون أنفسهم من خلال المقارنة بالآخرين لسببين:
شعورهم بعدم اليقين من قدراتهم في مجال المقارنة. أن يصلوا إلى طريقة للتعريف بأنفسهم.وقد أثبت فستنغر أن البشر لا يستطيعون تعريف أنفسهم بمعزل عن محيطهم، مشيرا إلى أنه كلما زاد اعتقاد الشخص بأهمية مجموعة ما من الناس، زاد الضغط الذي يدفعه للتوافق معهم في القدرات والآراء، وقد أطلق على هذا المفهوم "نظرية المقارنة الاجتماعية" والتي تعد إحدى أهم النظريات في مجال علم النفس الاجتماعي.
يدفع المجتمع وأنظمة التعليم والمؤسسات كثيرين لمقارنة أنفسهم بمن يعدون أشخاصا ناجحين (شترستوك) طرق مختلفة من المقارنةمن خلال نظرية فستنغر، ظهر أن هناك نوعين من المقارنة، الأولى هي المقارنة التصاعدية وهي مقارنة الشخص نفسه بأشخاص آخرين يعتقد أنهم أفضل منه. أما الثانية، ففي المقارنة التنازلية والتي يقارن الإنسان فيها نفسه بأشخاص يعتقد أنهم أسوأ منه.
وتختلف دوافع المقارنة وأشكالها تبعا لعوامل متعددة، ففي حالة المقارنة التصاعدية، يحاول الشخص تقييم أدائه الذاتي والاتجاه للأفضل. أما المقارنة التنازلية، فتدفعها الرغبة في تعزيز الذات وشعور الشخص بالرضا تجاه نفسه وحياته.
ولكن هناك جانبا سيئا بالتأكيد للمقارنة، حيث أثبتت أن لها تأثيرا كبيرا على صورة الشخص عن نفسه، واحترامه لذاته. ورغم أن المقارنة قديمة قدم الإنسان، فإن وسائل التواصل الاجتماعي والبنية الاجتماعية الحديثة والرأسمالية عززت مفهوم المقارنة، ودفعت الناس للنظر إلى حياة الآخرين وإنجازاتهم، كما زادت من المشاعر السلبية تجاه الذات والسخط على الحياة.
كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟لا شيء يمكنه منع المقارنات وتحجيم آثارها السلبية مثل الامتنان الذي يؤدي إلى الرضا. فالرضا يسمح للإنسان بأن يكون في حالة من السعادة والهدوء، رغم سعيه لتحقيق أهدافه، كما يدفع مشاعر السخط بعيدا، ويسهم في توقف مشاعر الغضب والغيرة المستمرة كلما رأى ما يعجبه أو يتمناه لدى شخص آخر.
كما أن للتركيز على نقاط القوة مفعولا كبيرا في التوقف عن المقارنة بالآخرين، لأنه كلما ركز الشخص على الآخرين لن يمكنه معرفة نفسه. لذا فإن التركيز على المميزات الشخصية، والنظر إلى الإنجازات السابقة تدعم الشخص لتحقيق إنجازات جديدة.
وقد تمثل مشاركة الآخرين احتفالهم بإنجازاتهم تحديا كبيرا بالنسبة لشخص يشعر بالإحباط تجاه نفسه، لكن من شأنه أن يعزز مشاعر المودة، ويقلل من التبعات السلبية للمقارنة.
كتابة اليوميات قد تكون طريقة جيدة لتسجيل اللحظات السعيدة والإنجازات التي يمكن العودة إليها بعد سنوات (بيكسابي)تنافس مع نفسك بدلا من التنافس مع الآخرين، وركز على أهدافك الخاصة. قارن بين نفسك في الوقت الحالي وبين ما كنت عليه قبل عام أو عدة أعوام. يمكن لكتابة اليوميات أن تكون طريقة جيدة لتسجيل اللحظات السعيدة والإنجازات التي يمكن العودة إليها بعد سنوات، لتعرف أين تضع قدمك الآن.
امنح نفسك هدنة وتوقف عن المقارنة بوعي، وحاول تغيير ما تشعر أنه يؤثر فيك سلبا ببطء وبصورة تدريجية، حتى تصل للشعور بالرضا والثقة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف تتخلص من التفكير الزائد
بالتأكيد وجد العديد أنه لا يستطيع الهروب من أفكاره، حيث يميل الكثير منا إلى الإفراط في التفكير، وقد يصبح ذلك ضارًا في مرحلة معينة.
أولاً لا يوجد شيء اسمه اضطراب التفكير الزائد، لكن القلق والتفكير الزائد، هما من المخاوف التي تؤرق صفو حياة العديدين، ويمكن أن يرتبط الميل إلى الإفراط في التفكير، بالعديد من حالات الصحة العقلية، التي يمكن تشخيصها حيث الإفراط في التفكير هو أحد أعراض مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية، بما في ذلك اضطرابات القلق، عندما يتحدث شخص ما عن اضطراب الإفراط في التفكير، فقد يكون في الواقع يشير إلى اضطراب القلق، أو الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى الهواجس، أو الأفكار المتطفلة، أو السلوكيات القهرية، وهي حالة صحية من القلق العام، تسبِّب صعوبة في التركيز، علي سبيل المثال لا الحصر: قد يكون القلق المفرط الذي يتميز به اضطراب القلق العام، هو ما تشعر به بالفعل عندما تقول أنك تفكر كثيرًا، أو تعاني من اضطراب التفكير الزائد، في حين أن اضطراب القلق العام شائع، لكنه ليس اضطراب القلق الوحيد، فمن المهم ملاحظة أنه من الممكن أن يكون لديك أكثر من اضطراب قلق واحد: فقد تعاني من اضطراب القلق الاجتماعي،أو اضطراب القلق العام، ويمكن أن تتزامن اضطرابات القلق لديك مع حالات الصحة العقلية الأخرى، مثل اضطرابات الشخصية كاضطراب الشخصية الحدية، واضطرابات المزاج مثل الاضطراب ثنائي القطب “بايبولار”، الإفراط في التفكير أمر غير بديهي عند حل المشكلات في حياتك، لذا إذا كنت تريد التوقف عن التفكير الزائد، فاعلم أنك تتخذ خطوة إيجابية، فإن إدراك القلق والتفكير الزائد، هو أول شيء عليك القيام به للتغلب على هذه المشكلة، فقد يؤدي الاكتئاب في بعض الأحيان إلى اجترار الأفكار، أو الإفراط في التفكير: فقد تفكر في أعراض الاكتئاب، أو الظروف في حياتك، أو مشاعر عدم القيمة، أو اليأس التي يمكن أن تصاحب الاكتئاب، في حين أن حالات مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب تأتي مع تحديات، فمن الممكن أن تعيش حياة كاملة مع الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب. ويجد العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، أن زيارة الطبيب النفسي، تساعدهم على إدارة حالتهم بفاعلية.
NevenAbbass@