لقد خلق الله المرأة من ضلع آدم، وخلق جميع الرجال من رحمها، وكرمها الله وخصها بسورة النساء في كتابه العزيز.. وقال عنها الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، إن أجمل ما في المرأة أنها تستطيع أن تسعدك متى أرادت.. فقد خلقها الله لتكون الحياة وصانعة للسعادة والفرح.
وكم من قصص كثيرة لسيدات صنعن النجاح، ولم يكسرهن سخف البعض في مجتمعاتنا، ولم يؤثر فيهن قسوة الظروف، فكثير من النساء نجحن في مختلف المجالات، فأصبحت من بينهن الطبيبة والعالمة والشاعرة والرسامة التي تلون الحياة بفرشاتها، والمخرجة والكاتبة والفنانات بكافة الأشكال والتخصصات.
فكثير من النساء صاحبات قصص النجاح الصعبة لم تخرجن للعالم لتتسولن التعاطف وتلطمن كالضحية، بل كتمن أوجاعهن وحولن الألم لقصص نجاح، فيما يشبه طائرا خرافيا مبهرا منطلقا كالصقر لا أحد يستطيع إيقافه، فيما تواصل عطائهن في أقصى جنوب مصر المحروسة وتحول كهالة نور تسطع في سماء مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، وأصبحت المرأة كفراشات ملونة لا ترضى سوى بنجاح وتكريم مستحق، ليس لإمتداد قامتها أو لرنين ضحكتها أو لشعرها الطويل، ولكن كنصف المجتمع وكشريكه في الرأي والتفكير، ورمزا للحضارة.
وقد كانت السينما المصرية خير شاهدا على إبداع المرأة في أرض الفراعنة، حيث نشأت السينما عندنا على يد رائدات مثل عزيزة أمير وبهيجه حافظ، مما كان له أكبر الأثر في أن تولد فكرة تنظيم مهرجان متخصص في أفلام المرأة بمدينة أسوان الساحرة، تلك المدينة الشاهدة على عظمة المرأة الفرعونية وإبداع المرأة العصرية .
فمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة الذي تنطلق فعاليات دورته الثامنة في 20 أبريل المقبل، هو الأول من نوعه في مصر، والأهم في المنطقة العربية المتخصص في عرض إبداع المرأة، وطرح قضاياها ومناقشة مشاكلها، سواء من خلال الأفلام أو الندوات، فالمهرجان ينتصر لقضايا المرأة الكثيرة والمتشابكة، خاصة أن كل الأفلام المشاركة فيه تناقش قضايا المرأة وتعبر عن تحدياتها الحالية.
ويكتسب المهرجان بعدا تنمويا مميزا، حيث ينظم أكبر برنامج لورش التدريب بين المهرجانات المصرية، يضم ما يقرب من 140 فتاة وشاب، كلهم من جنوب مصر بصفة عامة، ومحافظة أسوان بصفة خاصة، وهي المنطقة المحرومة من فرص التدريب على فنون السينما بسبب بعد المسافة عن القاهرة، فضلا عن عدم وجود معاهد متخصصة في تدريس السينما في جنوب مصر، الأمر الذي يجعل برنامج ورش مهرجان أسوان متنفسا للشباب العاشقين لفن السينما، كما أنه من المهم أن يكون لدينا نافذة سينمائية تكرم النجمات وصانعات السينما من مصر والعالم.
من مزايا المهرجان أيضا أنه يلقي الضوء على جمال وروعة محافظة أسوان، أو أرض الذهب كما يطلقون عليها، الأمر الذي يساهم في الترويج للسياحة المصرية، خاصة أن المهرجان يحظى بتواجد فنانين وصناع سينما مهمين من مختلف أنحاء العالم ، مما يجعل اسم مصر يتردد في وسائل الإعلام الدولية.
إذا كانت مصر حققت نقلة نوعية في السنوات الأخيرة في مجال دعم المرأة وتمكينها، فإن وجود مهرجان مثل مهرجان أسوان يعتبر إستكمالا لمسيرة دعم المرأة المصرية في بقعة مهمة وغالية مثل محافظة أسوان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السينما إبداع المرأة أفلام المرأة مهرجان مهرجان أسوان الدولي مهرجان أسوان
إقرأ أيضاً:
عباس فارس.. شيخ الشاشة وصوت الحكمة في السينما المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحتفي الأوساط الفنية بذكرى ميلاد الفنان عباس فارس، الذي يعد أحد أعمدة الفن العربي الكلاسيكي، بما قدمه من أدوار تنوعت بين الحكمة والزهد والهيبة، من الأسماء اللامعة في سجل السينما المصرية، وحفرت حضورها بعمق في الذاكرة المشاهدين.
عباس فارس أحد أبرز الوجوه السينمائية المتسمة بالقوة الداخلية والوقارفي حي المغربلين بالقاهرة ولد عباس فارس في 22 أبريل 1902، وانطلقت مسيرته الفنية في ثلاثينيات القرن الماضي، ليصبح خلال العقود التالية أحد أبرز الوجوه السينمائية التي اتسمت بالقوة الداخلية والوقار، حيث امتلك صوتًا جهوريًا وأداءً متزنًا، جعله الخيار الأول لأدوار الشيخ والعالم والفقيه.
حضور ديني وتاريخي لا يُنسىاشتهر عباس فارس بأدائه الرفيع للأدوار الدينية والتاريخية، وكان من أوائل الممثلين الذين قدموا شخصية العالم الأزهري أو الفقيه بكل ما تحمله من جلال وهيبة، فقدم شخصية الإمام العز بن عبد السلام في فيلم «وا إسلاماه» عام 1961، وهي من أبرز الشخصيات الدينية والتاريخية التي ظهرت في الفيلم، فظهر كشخصية وقورة وعالمة ومهابة، تمثل رمزًا للحكمة والعدل والدين، لعب الدور بأسلوبه المعروف، حيث جمع بين هيبة العالم الجليل والروحانية والصرامة الأخلاقية، فالإمام في الفيلم كان صوتًا للحق، يدافع عن الإسلام ويرشد الحكام والشعب في زمن الفتن والغزو المغولي، حيث ظهر في مشاهد حاسمة ينصح فيها قادة الدولة، وخصوصًا السلطان قطز، ويوجهه نحو الجهاد ضد التتار، وكان له تأثير روحي كبير في تحفيز الهمم.
شخصية الأب المصري التقليديكما جسد عباس فارس شخصية الصوفي الزاهد في عدد من الأفلام، يظهر في زوايا المساجد أو بيوت العلم، يحمل في حديثه مزيجًا من الفلسفة الدينية والعاطفة الإنسانية، وبعيدًا عن أدواره الدينية، أبدع أيضًا في تجسيد شخصية الأب المصري التقليدي في أفلام مثل «الزواج على الطريقة الحديثة» عام 1968، حيث لعب دور الجد والأب المتفهم، وفي فيلم «أبو حلموس» عام 1947، حيث ظهر بدور عبدالحميد بك فتح الباب، ناظر الوقف المختلس الذي يقتنع بذكاء نجيب الريحاني في كيفية ضبط المستندات بعد الاختلاس، إلى جانب دور عثمان بك في فيلم «رباب» عام 1942، فقدم الدور ببساطة دون افتعال أو تصنع.
شارك عباس فارس في العديد من الأعمال في مختلف القنوات الفنية سواء في السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة، فقدم في السينما أفلام: «العنيد، خلي بالك من زوزو، كفاية يا عين، السيد البدوي، ماجدة، البؤساء، قيس وليلي، ليلى بنت الصحراء» وغيرها، أما المسرح فقدم عروض: «حسن ومرقص وكوهين، 30 يوم في السجن، أهل الكهف، على جناح اللتبريزى وتابعه قفه، علي بابا، شهرزاد» وغيرها، وفي المسلسلات الإذاعية: «الكنفاني، ليلة الفرح، ستائر الدخان، حكم الزمن» وغيرها.
مدرسة تمثيلية قائمة بذاتهاكانت ملامح عباس فارس الوقورة تؤهله أيضًا لأداء أدوار القضاة، ورجال الدولة، وأصحاب المناصب العليا، فغالبًا ما كان يستعان به ليجسد شخصية المسئول العادل، الذي ينحاز للضمير قبل القانون، فلم يكن مجرد ممثل، بل مدرسة تمثيلية قائمة بذاتها، قامت على الأداء الصادق واللغة الفصحى السليمة والنبرة التي تجمع بين الهدوء والسلطة، حتى استطاع أن يفرض احترامه على الشاشة دون صراخ، وأن يترك أثره في كل دور مهما كان حجمه، وفي الثالث عشر من فبراير عام 1978، رحل الفنان عباس فارس، تاركا إرثا فنيا ضخما تتواره الأجيال.