شل مصر توقع اتفاقًا إطاريًا مع إيجاس لإدارة وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
أعلنت شركة شل مصر عن إنجازها بنجاح اتفاق إطاري، مع الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي "إيجاس"، وذلك لإدارة وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من عمليات جميع الشركات التابعة لها، إذ يأتي هذا الإنجاز في أعقاب مذكرة التفاهم التي وقعتها إيجاس وشركة شل مصر خلال قمة المناخ COP27، التي عقدت في شرم الشيخ عام 2022.
ويعد الاتفاق الإطاري، الذي يحمل عنوان دليل إدارة غازات الاحتباس الحراري، وثيقة مستقلة تتماشى مع توصيات معهد البترول الأمريكي لصناعة النفط والغاز الطبيعي، كما يقدم خريطة طريق مُفصلة ودليل عملي لقياس وتقليل البصمة الكربونية لشركة "إيجاس" والشركات التابعة لها.
وتشمل العناصر الرئيسة لهذا الاتفاق، تقييم البصمة الكربونية، ووضع خط أساس، وتحديد مصادر الانبعاثات، وذلك من خلال أهداف لخفضها قابلة للتحقيق، وخطوات قابلة للتنفيذ، ومن المُستهدف أن يخدم الاتفاق نفسه الشركات التابعة للقطاع في مرحلة لاحقة.
وبالتوازي مع ذلك، أطلقت شركة شل مصر ثلاث ورش عمل شاملة مع فريق إيجاس والفرق التابعة لهم لبناء القدرات والمعرفة والمهارات اللازمة لتحديد وتنفيذ أساليب خفض الانبعاثات بشكل فعال.
وتعليقًا على الاتفاقية خلال مؤتمر "إيجيبس 2024"، قالت داليا الجبري، رئيس مجلس إدارة شركات شل في مصر: "نحن فخورون جدًا بأن نشهد نجاح إنهاء إطار العمل المُنظم لهذه الاتفاقية الرئيسية مع شركة إيجاس، فهو يضع خارطة الطريق التي تعزز من نجاح الاتفاقية من خلال، دمج أفضل الممارسات الصناعية، مما يتيح لقطاع النفط والغاز في مصر نقطة مرجعية صلبة".
وأضافت: "هذا الاتفاق الإطاري دليل على التزام شركة شل مصر بإزالة الكربون من سلسلة قيمة الغاز، وخفض الانبعاثات تمهيدًا للطريق نحو مستقبل أنظف في مجال الطاقة، كما أنه يعد شهادة على التعاون الناجح بين جميع الأطراف المعنية، مدفوعًا بالتزامنا بتحقيق هدف مشترك ".
وبدعم خبرتها العالمية، شاركت شركة شل مصر في عديد من مشروعات إزالة الكربون، التي تدعم طموحات الدولة المصرية للحد من الانبعاثات الكربونية بقطاع النفط، جنبًا إلى جنب مع شركات إيجاس وبتروناس، تدعم شركة شل مشاريع الوصول إلى صافي الصِّفر من الحَرْق الروتيني للغاز بمنطقة امتياز غرب الدلتا العميق (WDDM) والشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال (ELNG). كذلك تُنفذ الشركة برامج الكشف عن التسرب والإصلاح (LDAR) لرصد انبعاثات الميثان والحد منها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاحتباس الحراري الاتفاق الإطاري خفض الانبعاثات شل مصر إيجاس
إقرأ أيضاً:
تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا
استضافت العاصمة التركية أنقرة، في الحادي عشر من ديسمبر 2024، لقاءً جمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بكل من الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، للإعلان عن توصل الصومال وإثيوبيا إلى اتفاق برعاية تركية لإنهاء الخلافات الحادة بين البلدين، والتي وصلت إلى مستويات مرتفعة من الحدة على امتداد العام الحالي.
وفي هذا الإطار، يبدو من المهم محاولة تقييم فرص وتحديات نجاح هذا الاتفاق في الصمود في بيئة إقليمية ودولية بالغة التعقيد، فضلاً عن محاولة استشراف تداعياته المستقبلية على طرفيه، وعلى القرن الإفريقي باتساعه.
سياق الاتفاق:
في مطلع عام 2024، أعلنت الحكومة الفدرالية الإثيوبية توقيعها مذكرة تفاهم مع حكومة أرض الصومال تقضي بمنح إثيوبيا نفاذاً لسواحل أرض الصومال؛ بما يتيح استغلالها في إقامة موانئ تجارية وقواعد عسكرية بحرية، وذلك مقابل أن تبدأ إثيوبيا في مسار الاعتراف باستقلال أرض الصومال، وهو ما اُتفق على أن يبدأ بترقية التمثيل الدبلوماسي بين الجانبين إلى مستوى السفراء. ومنذ صدورها في يناير الماضي، أثارت مذكرة التفاهم توترات استثنائية بين مقديشو وأديس أبابا، عبّرت عن نفسها في مظاهر عدة على امتداد العام الحالي، وصولاً إلى تهديد الترتيبات الأمنية القائمة في الإقليم منذ عام 2007 بعد أن وظفت الحكومة الصومالية انتهاء ولاية البعثة الإفريقية، والاستعداد لإطلاق بعثة جديدة في الإعلان الرسمي عن رفضها استقبال أي قوات إثيوبية ضمن البعثة، واعتبار أي مظهر لحضور عسكري إثيوبي في الصومال احتلالاً من قوات أجنبية بدايةً من مطلع عام 2025.
وقد جاء الإعلان عن الاتفاق بين الصومال وإثيوبيا نتيجة جهود دبلوماسية تركية يقودها وزير الخارجية، هاكان فيدان، منذ يوليو الماضي، للتوسط بين الدولتين اللتين تربطهما بأنقرة علاقات وثيقة. لكن اللافت أن هذا الاتفاق لم يتضمن أي إشارة إلى تسوية القضايا الخلافية بين الصومال وإثيوبيا، وهو ما تُرك لمسار تفاوضي ذي طبيعة فنية سيتم إطلاقه بحلول فبراير 2025، على أن يمتد لأربعة أشهر قبل الوصول إلى اتفاق نهائي يتضمن تسوية مختلف القضايا محل الخلاف بين الجانبين.
وبذلك يتضح أن ما تم الإعلان عنه من توافق في أنقرة بين الصومال وإثيوبيا إنما يقتصر على تبادل الدولتين التفاهمات بشأن المبادئ الحاكمة للعلاقة الثنائية، على نحو ما عبّر عنه البيان الرسمي الصادر عن الجانب التركي الذي أكد التزام إثيوبيا بمبدأ وحدة وسيادة الصومال، مقابل اعتراف الصومال بحق إثيوبيا في الوصول إلى السواحل الصومالية بغرض الاستفادة الاقتصادية، مع اعتراف الصومال كذلك بما قدمه الجنود الإثيوبيون من تضحيات طوال سنوات انخراطهم عسكرياً في الصومال.
محفزات النجاح:
على الرغم من تجنب الاتفاق الذي رعته تركيا بين الصومال وإثيوبيا، الاشتباك مع القضايا التفصيلية الخلافية؛ فإنه لا يزال يحظى بفرص حقيقية للنجاح استناداً إلى وجود عدد من المحفزات التي تتمثل في الآتي:
1- حاجة كل من الصومال وإثيوبيا لتهدئة التوترات البينية للتفرغ لمواجهة مشكلات داخلية حادة: في الوقت الحالي يواجه الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، معارضة متنامية بسبب خطته لإنهاء الاعتماد على المحاصصة العشائرية كآلية لإسناد السلطتين التشريعية والتنفيذية في المستوى الفدرالي، من خلال إلغاء الانتخابات غير المباشرة والتحول إلى الانتخابات المباشرة بمنطق صوت لكل مواطن. يُضاف إلى ذلك، الخلافات التي نشبت بين الرئيس الصومالي وبين عدد من رؤساء الولايات، على خلفية محاولته تأكيد مظاهر سيادة الحكومة الفدرالية في الوقت الذي تتمتع فيه حكومات الولايات بصلاحيات موسعة تقليدياً.
وفي المقابل، يواجه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، تحديات جسيمة، تتمثل في تفجر المواجهات المسلحة في إقليمي أمهرا وأوروميا بصورة رئيسية، مع ظهور فرص لتجدد التوترات في إقليم تيغراي الشمالي. هذا بجانب تعثر مشروعه السياسي لإعادة تشكيل السياسة الإثيوبية بما يتجاوز نظام الفدرالية الإثنية، على نحو ما عكسته المشكلات العديدة التي واجهت مساعي إعادة توحيد الأحزاب المُشكلة والداعمة لـ”الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية” تحت راية “حزب الازدهار” منذ نهاية عام 2019.
2- تداعيات التغيير السياسي في أرض الصومال: اعتمدت الخطة الإثيوبية أساساً على موقف رئيس أرض الصومال السابق، موسى بيحي عبدي، الذي وقّع مذكرة التفاهم معها في يناير 2024، وكان من بين أكبر المتحمسين للاعتماد على إثيوبيا من أجل تحييد الضغوط القادمة من الحكومة الفدرالية الصومالية في مقديشو. لكن الانتخابات التي عُقدت في نوفمبر 2024 أفضت إلى وصول عبدالرحمن محمد عبدالله إلى السلطة في أرض الصومال، والذي سبق أن أعلن اعتزامه إعادة تقييم كافة الاتفاقيات الموقعة مع أطراف خارجية، بما يضمن أن تقوم هذه الاتفاقيات بتعزيز مصالح أرض الصومال على المدى الطويل. وقد أكدت هذا الاتجاه مبادرة المتحدث باسم الحزب الحاكم في أرض الصومال بالإعلان عن دراسة الحكومة الجديدة مذكرة التفاهم مع إثيوبيا من أجل اتخاذ قرار بالمُضي قُدماً في تنفيذها أو تعليقها، وذلك بعد أيام من إعلان التوافق الصومالي الإثيوبي في أنقرة.
وبهذا، قد يشكل تغير السلطة الحاكمة في أرض الصومال مصدراً لتحفيز إثيوبيا على العودة لتنسيق أولوياتها مع مقديشو، من أجل التوصل إلى تسويات أكثر شمولاً واستدامة وأقل إثارة للتوترات الإقليمية.
3- المصالح التركية المشتركة في الصومال وإثيوبيا: هي المصالح التي شكلت الدافع الرئيسي للوساطة التركية، حيث تتمتع أنقرة بحضور قوي في الصومال منذ عام 2011، امتد من الجانب الإنساني إلى الاقتصادي وصولاً إلى الجانب العسكري، في ظل الدور المؤثر الذي تؤديه تركيا في تدريب القوات المسلحة الصومالية. وبالمثل، تُعد تركيا شريكاً تجارياً ومستثمراً رئيسياً في الاقتصاد الإثيوبي، فضلاً عما يربط أنقرة وأديس أبابا من علاقات سياسية ممتدة.
وتُشكل هذه المصالح التركية دافعاً لأنقرة في الاستمرار في رعاية التفاوض بين الصومال وإثيوبيا، وصولاً إلى توقيع اتفاق لتسوية مختلف القضايا الخلافية، بما يقدمه ذلك من فرص نوعية لتعزيز الحضور العسكري والأمني والاقتصادي التركي في القرن الإفريقي.
تحديات الصمود:
أمام المحفزات المتعددة لنجاح الاتفاق الذي رعته تركيا بين الصومال وإثيوبيا، تظهر في المقابل العديد من التحديات التي قد تهدد صمود هذا الاتفاق، والتي تشمل ما يلي:
1- التحديات الأمنية التي قد تعوق وفاء الجانبين الصومالي والإثيوبي بمقتضيات الاتفاق: من ناحية، تبدو مهمة تأمين طريق بري طويل من السواحل الصومالية وحتى العمق الإثيوبي وصولاً إلى المركز الاقتصادي في العاصمة أديس أبابا، مهمة بالغة الصعوبة حتى مع توفير دعم عسكري وأمني تركي مدفوع بمزايا اقتصادية يمكن أن تجنيها أنقرة. وتتمثل أبرز هذه التحديات في حضور التنظيمات الإرهابية، بما يمكن أن يفرضه تنظيم الشباب من تهديدات جسيمة حال الاعتماد على موانئ وسط وجنوب الصومال مثل مقديشو ومركا وكسمايو، وما يفرضه تنظيم داعش الآخذ في توسيع نشاطه خلال العام الحالي في حال الاعتماد على الموانئ الشمالية في بونتلاند مثل ميناء بوصاصو.
يُضاف إلى ذلك، الخبرة السلبية التي قدمها صراع تيغراي، وما أثاره من صراعات جانبية بين الصوماليين والعفر داخل إثيوبيا أسفرت في عام 2021 عن قطع خط السكك الحديدية الذي يربط بين ميناء جيبوتي والعاصمة الإثيوبية، خاصةً في ظل ما تشهده الشهور الأخيرة من تصاعد الصدامات بين الصوماليين والأورومو في وسط وجنوب البلاد.
2- التداعيات الممتدة لاضطرابات الشرق الأوسط: يتصل القرن الإفريقي بالشرق الأوسط عبر مضيق باب المندب؛ ما يجعل الإقليم عُرضة للتأثر المباشر بالأوضاع المتغيرة نتيجة تنامي الضغوط الرامية لتحديد التمدد الإيراني في عدد من الدول من بينها اليمن التي تشكل النقطة الشرق أوسطية جغرافياً الأقرب للقرن الإفريقي. وبهذا المنطق، يمكن أن تستدعي التطورات في الشرق الأوسط، تحول المناطق الساحلية من القرن الإفريقي إلى نقاط إسناد أو ساحة مواجهة، عبر استدعاء المزيد من الحضور العسكري الأجنبي النشط؛ الأمر الذي قد يُعيد تشكيل التوازنات في الإقليم بما يقلص جدوى التوافق الصومالي الإثيوبي الأخير.
3- الاستقطاب الدولي المتنامي والممتد لمنطقة القرن الإفريقي: ما يجعلها منفتحة على مستويات متصاعدة من التنافس الذي قد يتسبب في اضطراب الاستقرار الهش القائم، حيث بات يُنظر للسواحل الإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن وامتداداتها الجنوبية باعتبارها تُشكل الحد الغربي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تشهد بالفعل منافسة حادة بين عدد من القوى الدولية الكبرى والمتوسطة، تشمل الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند وفرنسا. ويُعرض هذا الوضع العلاقات البينية التي تربط دول القرن الإفريقي ببعضها بعضاً للتأثر المستمر بطبيعة توازنات المصالح الدولية في الإقليم، والتي عادةً ما تتجه إلى محاولة تكريس الاستقطاب، خاصةً في ضوء المتغير المهم المتمثل في عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة بدايةً من يناير 2025.
ثلاثة اتجاهات:
على خلفية المحفزات والتحديات التي يواجهها الاتفاق الصومالي الإثيوبي الذي أُعلن عنه برعاية تركية، يمكن استشراف ثلاثة اتجاهات مستقبلية لتداعيات هذا الاتفاق على القرن الإفريقي، هي كالتالي:
1- التهدئة الوقتية للتوترات بين الصومال وإثيوبيا، والتي شكلت مصدراً للتوترات الإقليمية امتد لنحو عام كامل؛ إذ يأتي النهج التركي المتمهل في معالجة القضايا الخلافية الدقيقة بين الجانبين ليطيل نسبياً من أمد خفض التصعيد حتى أواسط عام 2025، وهو الوقت الذي قد تؤثر فيه مختلف الأطراف المعنية بالقرن الإفريقي الانتظار لحين تبلور ملامح السياسة الأمريكية الجديدة في الإقليم.
2- الترسيخ التدريجي لتنامي فاعلية التسويات المقدمة من الخارج لمشكلات القرن الإفريقي، مقابل التراجع الحاد لفاعلية الآليات الإقليمية والإفريقية، وذلك في ظل التراجع المطرد لدور الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والاتحاد الإفريقي في معالجة أزمات القرن الإفريقي، وهي الممارسة التي أيدتها العديد من الشواهد في العقد الأخير.
3- ما حمله الاتفاق الصومالي الإثيوبي من طابع جزئي قد يعالج بعداً واحداً من مشكلات الاندفاع الإثيوبي نحو الساحل، إلا أنه يترك اثنتين من أكثر الدول المتصلة بهذه القضية دون تسويات ملائمة وهما جيبوتي وإريتريا؛ ليفتح الباب أمام مصادر جديدة للتوترات الإقليمية.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”