الإبل.. خطواتٌ على الورق
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
تتصدّر الإبل لائحة المواضيع البارزة التي تجذب اهتمام الباحثين سواءً على المستوى العلمي أو الأدبي، إذ خصَّها الله سبحانه وتعالى بسِماتٍ تُميّزها عن غيرها، مما يدعو إلى التأمُّل بها والتدبُّر بما تتمتع به من عجائب، الأمر الذي جعل منها مصدر إلهامٍ للأدباء والعلماء، حيث تداخلت فيها رؤاهم التاريخية والثقافية في سردٍ متشابك، في مؤلفاتٍ جوهرية، أصبحت فيما بعد مرجعاًحيوياً عن الإبل التي خلّفت أثراً عظيماً في حياة الناس.
وفي سعيها لتعزيز وتأصيل مكانة الإبل الراسخة، باعتبارها موروثاً ثقافياً يعكس الهوية السعودية، وَسَمت وزارة الثقافة عام 2024م بـ”عام الإبل” بعد إقراره من مجلس الوزراء، بهدف المساهمة في إبراز القيمة التاريخية والثقافية للإبل.
وتباينت إصدارات الإبل لنُخَب الكتّاب السعوديين بشكلٍ فريد على رفوف المكتبات، إذ تنوّعت مؤلفاتُهم بين أبحاث علمية دقيقة، وروايات تسلط الضوء على جوانب ثقافية واجتماعية، حيث انْسابَ الأسلوب بين الوصف العلمي لبنية الإبل وتأثيراتها البيئية، والسرد الأدبي الذي خطف القُرّاء عبر القصص الشيّقة والمؤثرة عن تفاعل الإنسان مع هذه الكائنات.
النجائب الشرارية
ومن بين أبرز المؤلفات التي جاءت لِتُجسِّد هذا الانسياب: كتاب “الإبل عند الشرارات دراسة مختصرة لإحدى نجائب الإبل العربية” للكاتب سلمان بن الأفنس بن ملفي الشراري، الذي أخذ القُرّاء في رحلة دراسية قيمة، ركّز فيها على الإبل ليستكشف عوالمها، ويتحدث عن سماتها وألوانها وأعمارها، وينقلهم بعد ذلك إلى حكايةِ إبلِ قبيلة كلب المعروفة بـ ” الإبل الكلبية”، مستعرضاً الأصول لتلك النجائب الشرارية، والتي تجسّدت في العديد من أشعار القبائل العربية.
وتابع الكِتاب مسارَهُ إلى أرقى مراعي الإبل، متجولاً في بساتين النباتات الرعوية، ليكشف النقاب عن بعض مواضع رعي الإبل، وعوالم العسف والتطبيع، ليختتم كتابه بالحديث عن الأدوات المستخدمة في تربية الإبل.
لمحة تاريخية
في كتاب “الإبل” ينسج المؤلف علي بن محمد الحبردي باقةً من المعلومات الثرية والمُسلّية حول الإبل، حيث يسافر عبر الزمن ليستعرض لمحةً تاريخية غنيةً بالمواقف والقصص، وليأخذ القارئ فيما بعد إلى فصلٍ يتناول فيه ما ورد عنها في القرآن والسنة، ملقياً الضوء على الواجبات التي تقع على عاتق مُلّاكِهاكزكاة الإبل.
فيما يستمتع القارئ عبر أحد الفصول بما قدمه المؤلف مما قيل في الشعر الشعبي عن الإبل، ليستكمل إبداعه بعد ذلك بتقديم أسماء موجزة تُلخّص صفات الإبل.
قضايا الإبل
يسلُك كتابُ “الإبل تاريخ وهوية” للمؤلف تركي بن ماطر الغنامي مساراً متيناً في منهجه لاستكشاف القضايا المتعلقة بالإبل، بدءاً من المعنى اللغوي للفظ “إبل” وانتقالاً إلى أثرها في لغة العرب وآدابها، كما يستعرض المؤلف في عمله أبعاد الإبل من خلال التركيز في أصواتها وأسلوب حياتها، ويتجول بين أنواعهاوتقسيماتها الزمنية.
ويُشدّد الغنامي في أحد الفصول على أهمية الإبل في حياة العرب، وكيف تُعدّجزءاً لا يتجزأ من هويتهم العربية، التي انتقلت بدورها للعصر الحاضر.
ولم يَغفَل المؤلف عن المناقشة والحديث فيما يخص “المزايين” والمعايير التي تحكُمها، حيث تناول بعمقٍ تاريخَ مسابقات الهجن وواقعها الحالي.
وسم الإبل
ناقش الكاتب مساعد بن فهد السعدوني عبر كتابه “وسوم الإبل في الجزيرة العربية“ إحدى العاداتِ والتقاليد المرتبطة بالإبل في التراث العربي المعروفة بـ “وسم الإبل“، حيث يقع الكتاب في ثلاث فصول، خصص الأول للحديث عن جذور الوسم، من خلال تقديم نبذةٍ عن أصولها في القرآن والسنة، ومستعرضاًالأشعار والقصص والألغاز والأمثال المتعلقة بها، ومن ثم يتعمّق بتناول التفاصيل الدقيقة حول عملية الوسم، والتي تأخذ منحنياتها في الوقت المناسب لها، عبوراً بمسمياتها وأشكالها وأدواتها.
وتطرّق المؤلف في الفصل الثاني إلى نماذج لوسوم الإبل لدى البادية، شملت 113 قبيلة من قبائل الجزيرة العربية، في حين تحدث الفصل الثالث عن أمثلةٍلوسوم الإبل عند الحاضرة.
تجربة حية
يُعتبر كتابُ “سفينة الصحراء/رحلة فريدة على الإبل في القرن الخامس عشر الهجري” للمؤلف عبد العزيز المسند، سرداً حياً لتجربة الكاتب وفريقه خلال رحلتهم التي وثّقوها لتكون مورداً للقارئ والأجيال القادمة.
اقرأ أيضاًUncategorizedفيصل بن عياف: احتفاؤنا بذكرى يوم التأسيس يعكس اعتزازنا بالجذور الراسخة للمملكة
ويُعدّ الكتابُ بمثابة “الرواية” التي لا تنحصر في الدراسة المتخصصة عن جوانب معينة من الإبل، بل تُعتبر تجربةً شخصية تبدأ من فكرة الرحلة، وتمتد لتشمل الهدف منها، وردود الفعل المتباينة من المعارضين والمشجِّعين، والحديث عن تفاصيل البداية وتسليط الضوء على الأماكن التاريخية، مع استعراض الأدوات التي يستخدمها العرب في رحلاتهم.
دراسة ميدانية
يتميز كتاب “الإبل العربية في الرسوم الصخرية” للمؤلف مشاري بن عبد العزيز النشمي، بالتفرّد والتميز بين الأعمال الأدبية المخصصة عن الإبل، إذ قام بتقديم دراسة ميدانية شاملة لأربعة مواقع جبلية غرب مدينة حائل، وتحديداًفي جبال (المُسْمى، وساحوت، وعرنان، وقمرا)، حيث تُعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تسلط الضوء على أنواع رسوم الإبل في فنون الصخور.
يحتوي الكتاب على ترجمة لمجموعة من النقوش العربية القديمة، خصوصاً “الثمودية“، التي تشير إلى تاريخ الإبل، من خلال الدراسة الميدانية، حيث تم اكتشاف أكثر من 20 موقعاً يحتوي على مجموعة من الرسوم الأثرية النادرة، وتم تسجيل هذه المواقع لدى هيئة التراث الوطني، مما جعل الكتاب إسهاماًقيماً في توثيق تاريخ وفنون الإبل.
معتقدات العرب
يتناول كتاب “أقدم مُرح ومرابط وسلالات الإبل لدى بعض قبائل الجزيرة العربية” للمؤلِّفَين ناصر بن شديد بن جار الله القحطاني وعبد الله بن مذكر بن هميل البقمي مجموعةً من المواضيع التي تخص الإبل، كاشفين أسرارَها وتاريخَها البارز، كما يستعرض الكتاب معتقدات العرب حيال الإبل ومكانتها في التراث، وأهميتها على وجه الخصوص في المنظومة العسكرية القائمة في البلاد قديماً.
وفي موضوع آخر، تطرق الكتاب إلى مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، كحدثٍمهم يُشكّل حوضاً لهذا التراث العريق، مُقدِّماً نظرةً عامة عن المهرجان ونادي الإبل، مع إضافة صور فوتوغرافية احترافية للإبل.
تفصيل علمي
يتّسم كتاب “الإبل/أسرار وإعجاز” للمؤلِّفَين ضرمان بن عبد العزيز آل ضرمان وسند بن مطلق السبيعي بكونه تفصيلاً علمياً عميقاً، انطلق من أجزاء جسم الإبل الخارجية، ثم عرّج على تاريخها والتصنيف العلمي لها، واستعرض سلالاتها في الجزيرة العربية.
وتطرّق المؤلفان إلى الإعجازِ الذي يُجسّده تَحمُّل الإبل للعطش، ووسائل الحفاظ على الماء في جسمها، ومواضيع متنوعة شملت سلوكياتها في موسم التزاوج وما بعد الولادة، والمنتجات المشتقة منها كالحليب، واللحم، والوبر، والجلد، مروراً بطرق علاجها من الأمراض التي تعتريها.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الجزیرة العربیة عبد العزیز الضوء على الإبل فی
إقرأ أيضاً:
كتاب “عالمية الأبجدية العربية” يرصد حضور الحرف العربي في لغات العالم
المناطق_واس
في الوقت الذي قدَّرت فيه منظمة” اليونسكو” التابعة للأمم المتحدة عدد الناطقين باللغة العربية بأكثر من 450 مليون شخص حول العالم، يرصد الباحث السعودي عبدالرزاق القوسي في كتاب على جزأين آراء العلماء عبر التاريخ في أصل الحروف العربية، متتبعًا ودارسًا عددًا من اللغات العالمية التي كُتبت بالحروف العربية في فترات زمنية مختلفة.
وجاء الكتاب الذي أصدره “مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية” في أكثر من 900 صفحة تحت عنوان “عالمية الأبجدية العربية” الذي شمل جداول ومخطوطات ورسومات توضح العلاقة بين الحروف العربية وأصولها من اللغات القديمة، حلل فيها الباحث “القوسي” بمشاركة الدكتور عبدالله الأنصاري (محرر الكتاب) علاقة اللغة العربية وحروفها بأكثر من 300 لغة حول العالم.
أخبار قد تهمك مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُطلق الحقيبة الرقمية 27 نوفمبر 2024 - 11:07 صباحًا مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يطلق النسخة الرابعة من “تحدي الإلقاء للأطفال” 16 نوفمبر 2024 - 2:34 مساءًوفي ظل هذه العراقة والامتداد الحضاري للغة العربية عبر العصور، إلا أن “اليونسكو” دقَّت ناقوس الخطر حول توافق هذا العمق الثقافي مع متطلبات وسائل التقنية الحديثة، مشيرة إلى أن المحتوى المُتاح على شبكة الإنترنت باللغة العربية لا يتجاوز نسبة 3% مما يحدّ من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به.
وفي سبيل تقديم حلول علمية لهذا الأمر وتطوير نشر المحتوى العربي على الإنترنت، أطلقت “اليونسكو “مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لهذا العام 2024 تحت عنوان “العربية والذكاء الاصطناعي: تحفيز الابتكار وصون التراث الثقافي”، حيث ستُنظم فعالية تجمع خلالها عددًا من العلماء والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي وروّاد الثقافة؛ بغرض استكشاف سُبل سد هذه الفجوة الرقمية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وتعزيز حضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت، ودعم الابتكار وتشجيع الحفاظ على التراث.
وعودًا إلى كتاب “عالمية الأبجدية العربية” فقد ناقش فيه المؤلف أصل الحروف العربية، موضحًا أن العلماء اختلفوا حول أصلها، فمنهم من يرى أن أصلها “الكتابة النبطية المتأخرة”، ومنهم من يرى أن أصلها الكتابة “السريانية الأسطرنجيلية”، لكن في مقارنة أجراها الباحث توصلت إلى أن أكثر النظم الحرفية قُربًا للحروف العربية المعاصرة هي الحروف المندائية بسبعة أحرف مضاف إليها حرفان ثم الحروف النبطية بستة أحرف ثم السريانية بخمسة أحرف.
وفي مطلع الكتاب يرى الباحث، أن العرب كتبوا لغتهم قبل الإسلام بشكل محدود، ولم يصلنا إلا بعض القصائد وبعض الخطب غير المكتوبة، فالمعلقات الشعرية التي كانت تكتب على أستار الكعبة لم يصلنا منها مكتوبًا إلا القليل وشفهيًا، مضيفًا بقوله: “لا شك أن العرب كتبوا لغتهم قبل الإسلام بقرون، ووصلنا منها الكثير من النقوش هنا وهناك في عموم شبه الجزيرة العربية، ومعظم النقوش التي لها صلة بالكتابة العربية المعاصرة نجدها في شمال الجزيرة العربية”.
وفي تتبعه للغات التي استخدمت الحروف العربية، يرى القوسي أن هناك لغات كثيرة لم تذكر في هذا البحث لأسباب متعددة لعل من أهمها أن كتابة تلك اللغات بالحروف العربية انتهت، مثل: عدة لغات عديدة في إثيوبيا وإرتيريا كـ”الأرغوبية”، و”الأمهرية”، و”التجرينية”، و”العفرية”، و”الغوراغية”، على الرغم من أنها كتبت بالحروف العربية على الأقل من قبل المسلمين، كما أن بعض اللغات في شرق أوروبا كُتبت بالحروف العربية من قبل بعض المسلمين لفترة مؤقتة، مثل: الرومانية.
ولاحظ الكتاب أن هناك لغات عديدة تسمي كتابة اللغة بالحروف العربية تسمية خاصة؛ مثل: “عجمي” أو “جاوي” حيث ظهرت هذه التسمية في أفريقيا والأندلس، ومنها امتدت إلى شرق آسيا، وهذه التسمية معاصرة لفترة كتابة اللغة الفارسية بالحروف العربية؛ لكن لم تظهر تسمية خاصة لها في فارس أو آسيا الوسطى، لكنه يؤكد أن الشعوب التي تبنت كتابة لغتها بالحروف العربية كتبتها بسبب حبها للإسلام وللعرب وللغة العربية، وبسبب الروابط الدينية وليس بسبب ضغوط أخرى.
ويعود أكبر انتشار للحروف العربية -حسب الباحث- إلى بداية القرن العشرين، حيث كانت تستخدم في قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا، ثم تراجعت الحروف العربية واقتصرت على آسيا وأفريقيا، أما اللغات الأوروبية فلا تزال “التتارية”، و”البشكيرية” تستعمل الحروف العربية بشكل محدود جدًا، وفي أفريقيا تُستخدم الحروف العربية في اللغات “القمرية”، و”المايا”، و”الماندنكا” التي تستخدم الحروف العربية واللاتينية معًا، أما بقية اللغات الأفريقية فتستخدم الحروف العربية بشكل شعبي وتتفاوت فيما بينها.
أما في آسيا فيرى الباحث أن من أهم أسباب انتشار الكتابة بالحروف العربية استقلال باكستان وسعيها لنشر التعليم مما جعل الحروف العربية تنتشر أكثر ويزيد عدد اللغات المستخدمة فيها، فعند استقلالها كانت اللغات المكتوبة حدود 5 لغات، وبعد استقلالها أصبحت لغات باكستان لغات مكتوبة وفيها حركة نشر بالحروف العربية، كما في اللغات الكهوارية، والبروشاسكية، والكتشية، والأورمرية، وباركري كولي، والبرهوية، وبوتهواري، وتؤزوالية، والسرائيكية، وشيئا …إلخ”.
ويورد المؤلف أدلة على الكتابة بالحروف العربية في عددٍ من اللغات المعاصرة مثل: اللغة (الأذربيجانية) التي تكتب في إيران بالحروف العربية وفي أذربيجان بالحروف الكريلية (الروسية) سابقًا، ثم بالحروف اللاتينية الآن واللغات: (البوتهوارية، والتالش، والبروشسكية) تكتب أساسًا بالحروف العربية، لكن هناك من فقد كتابتها بالحروف اللاتينية، واستهوت الكثير بالكتابة بها على الإنترنت، لكن الكتابة الشائعة وحركة النشر أساسًا بالحروف العربية، كذلك اللغة “الأيغورية” تكتب أساسًا بالحروف العربية، وقلة جدًا التي تكتبها بالحروف اللاتينية، والحكومة الصينية تدعم كتابتها بالحروف العربية.
يذكر أن الكتاب جاء ضمن أعمال وبرامج مشروع” المسار البحثي العالمي المتخصص” الذي أطلقه مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ لإثراء المحتوى العلمي ذي العلاقة بمجالات اهتمام المجمع، ودعم الإنتاج العلمي المتميز وتشجيعه، ويضم المشروع مجالات بحثية متنوعة، من أبرزها: (دراسات التراث اللغوي العربي وتحقيقه، وقضايا الهوية اللغوية، ومكانة العربية وتعزيزها، واللسانيات، والتخطيط والسياسة اللغوية، والترجمة والتعريب، وتعليم اللغة العربية للناطقين بها وبغيرها، والدراسات البينية).