ستراتفور: هذه هي خطة فاغنر الجديدة في أفريقيا
تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT
لفت موقع ستراتفور (Stratfor) إلى أن إعلان قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين مؤخرا إعادة توجيه جهودهم نحو أفريقيا قد يؤدي إلى زيادة طفيفة في تدفق المرتزقة، لدعم إطالة عمر الحكم العسكري للقادة في القارة السمراء من خلال تعزيز الدعم الأمني الشخصي لهم، في حين أن تداعيات النزاعات المستمرة التي تمتد من ليبيا إلى السودان ستكون أكثر تنوعا.
وأشار الموقع الأميركي إلى أنه في يوم 19 من هذا الشهر ظهر بريغوجين في مقطع فيديو أعادت نشره خدمته الصحفية على تليغرام، أخبر فيه الجنود والمؤيدين أنهم لن يشاركوا بعد الآن في حرب أوكرانيا، ولكن للتحضير لـ "مسار جديد إلى أفريقيا". ويبدو أن بريغوجين تحدث في بيلاروسيا ووصف الحرب في أوكرانيا بأنها "وصمة عار لا نحتاج إلى التورط فيها".
وذكر ستراتفور أنه منذ تمرد بريغوجين الفاشل، استمرت عمليات مجموعة فاغنر في أفريقيا دون انقطاع إلى حد كبير، رغم عدم اليقين بشأن مستقبل المجموعة شبه العسكرية. وأوضح أن قوات فاغنر تنتشر في جميع أنحاء القارة، بما فيها جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وليبيا والسودان وبوركينا فاسو.
وتابع الموقع أن هناك زيادة طفيفة في قوات فاغنر في بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي من أجل الحماية السياسية، متمركزة بالفعل في هذه الدول لدعم جهود القادة المستبدين لتأجيل الانتخابات أو انتهاك حدود الولاية الدستورية الحالية، مما قد يحافظ على الحكم العسكري في البلدان الثلاثة.
مصلحة روسيا الإستراتيجية في الحفاظ على وصولها إلى ميناء السودان على البحر الأحمر، الذي يسيطر عليه الجيش السوداني حاليا، قد تقيد دعم فاغنر لقوات الدعم السريع على المدى الطويل
وفي ليبيا قد تمنح زيادة في قوات فاغنر المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر الثقة اللازمة لشن هجوم عسكري آخر على غرب ليبيا.
وأردف الموقع أنه بالنسبة لروسيا فإن أي تصعيد للصراع الليبي سيكون مرغوبا فيه إستراتيجيا، لأنه سيجبر أوروبا على تحويل المزيد من الاهتمام إلى مسرح صراع آخر.
وبالنسبة للسودان، كما يرى الموقع، من المرجح أن تؤدي زيادة دعم فاغنر لقوات الدعم السريع إلى تمديد مدة الصراع بتكلفة إنسانية كبيرة، حيث لا يزال الجانبان في طريق مسدود ويواصل المدنيون الفرار إلى البلدان المجاورة.
ومع ذلك، فإن مصلحة روسيا الإستراتيجية في الحفاظ على وصولها إلى ميناء السودان على البحر الأحمر، الذي يسيطر عليه الجيش السوداني حاليا، قد تقيد دعم فاغنر لقوات الدعم السريع على المدى الطويل.
وختم الموقع بأن توسع فاغنر في أفريقيا قد يشمل دخول قوات شبه عسكرية إلى دول جديدة، العديد منها قد يتقبل وجود المجموعة ومهتما بمساعدتها الأمنية.
ومن هذه الدول غينيا، التي يحكمها حاليا العقيد مامادي دومبويا، الذي من المحتمل أن يسعى إلى تأجيل الانتقال إلى الحكم الديمقراطي. والكاميرون، حيث حكم الرئيس بول بيا منذ عام 1982 ويحاول إنهاء التمرد في المناطق الناطقة بالإنجليزية في البلاد منذ عام 2017.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قصص من واقع حرب السودان.. فواجع وصمود وسط الدمار
الخرطوم– كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهر الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد نحو 5 أشهر ونصف الشهر من اندلاع الحرب في السودان، عندما تلقى طه حمدنا الله عباس، من سكان حي الثورة بمدينة أم درمان، اتصالًا هاتفيًا حمل إليه خبرًا صاعقًا.
وبينما كان يستقل وسيلة مواصلات عامة داخل المدينة، جاءه صوت يخبره بأن قذائف سقطت على الحي الذي يسكنه، وطُلب منه العودة فورًا.
وعند وصوله إلى منزله، فوجئ بمشهد مأساوي، فقد سقطت دانة (قذيفة) على منزله مباشرة، وأودت بحياة ابنه أحمد (24 عامًا) وابنته هنادي (26 عامًا) وطفليها مصطفى (6 أعوام) وهيام (نحو عام واحد) وتحولت الأخيرة إلى أشلاء تحت قوة الانفجار.
وكانت قوة الانفجار هائلة لدرجة أنها أحدثت حفرة واسعة في الأرض وأزالت جدارًا كاملًا من المنزل، ولم يقتصر أثر الدمار على البناء، بل امتد إلى نفوس الأهالي الذين تدافعوا إلى المنزل، والوجوم يعلو وجوههم مع انتشار الحزن والخوف.
ورغم فداحة المصاب، أذهل طه حمدنا الله الحاضرين بثباته ورباطة جأشه منذ اللحظات الأولى، مؤكدًا مرارًا أنه لن يغادر منزله مهما كانت الخسائر، حتى لو فقد جميع أفراد أسرته، بحسب روايات شهود العيان الذين التقتهم الجزيرة نت.
إعلان اختبار الصبرلم تختلف قصة آسيا الفاضل يحيى كثيرًا عن مآسي الحرب الأخرى، فالمعلمة المتقاعدة التي تسكن حي أبو كدوك بأم درمان، قررت منذ بداية الحرب البقاء في منزلها، رافضة مغادرته رغم توسلات أشقائها وأقاربها.
ورغم استمرار القصف العنيف من مواقع قريبة لقوات الدعم السريع، فقد اعتادت آسيا على أصوات المدافع والرصاص حتى باتت قادرة على تمييز أنواع الأسلحة من دويها، كما قالت للجزيرة نت.
وكانت آسيا تعيش مع بناتها الثلاث وأسرتين أخريين بالمنزل نفسه، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه المتواصل، لجؤوا إلى الجلوس تحت الأشجار المحيطة بالمنزل للتهوية، مستفيدين من وجود قوات من الجيش السوداني والمستنفرين الذين كانوا يتمركزون قرب الحي.
لكن ذلك أثار استياء عناصر الدعم السريع الذين أطلقوا الرصاص عدة مرات صوب الأشجار لتحذير الأسر من التجمع هناك.
وفي أحد الأيام، وبينما كانت آسيا تتحدث مع شقيقتها عبر الهاتف بعد صلاة المغرب، أصابتها رصاصة طائشة اخترقت يدها، ونزفت بغزارة قبل أن تُسعف إلى مستشفى قريب.
ورغم هذا الحادث، وتمسك أسرتها بمغادرتها أم درمان، بقيت آسيا مصرة على قرارها بالبقاء في منزلها، ولا تزال مرابطة فيه حتى اليوم.
نزوح تحت تهديد السلاحفي مشهد آخر من مشاهد الحرب، عايش عبد الودود يوسف عبد القادر، من قرية تمبول شرقي ولاية الجزيرة، يومًا عصيبًا في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما تعرضت قريته لهجوم عنيف شنته قوات الدعم السريع، ردًا على انشقاق قائد قطاع الجزيرة التابع لها، بقيادة أبو عاقلة كيكل، وانضمامه إلى صفوف الجيش السوداني.
عبد الودود، الذي كان ضمن مئات النازحين من القرية، وصف للجزيرة نت مشاهد مأساوية حيث "دخل عناصر الدعم السريع إلى المنازل وهم يصوبون أسلحتهم نحو الرجال والنساء والأطفال، مارسوا النهب والحرق والاغتصاب، وطالبوا السكان بتسليم الأموال والذهب، ومن اعترض على ذلك قُتل على الفور".
إعلانواضطر عبد الودود مع 17 أسرة أخرى إلى الفرار باستخدام شاحنة متهالكة، وسط موجات بشرية هائلة من الفارين على الطرقات.
وكانت أولى محطاتهم بمنطقة أبو دليق حيث استقبلتهم قبيلة البطاحين، وواصلوا طريقهم صوب مدينة شندي شمالي السودان التي قدم أهاليها لهم التكايا والمبادرات الخيرية المساعدة، ثم أكملوا رحلتهم إلى أم درمان بحثًا عن الأمان.