حراك شعبي في تكساس يطالب باستقلالها عن الولايات المتحدة
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
تطالب مجموعة من سكان تكساس بإعادة الولاية إلى دولة مستقلة كما كانت قبل 200 عام في تحرّك يُطلَق عليه "تكست" (Texit)، على اعتبار أن الخطوة المستوحاة إلى حد ما من "بريكست" ستساهم في حل أزمة الهجرة والخلاف مع واشنطن بشأن السيطرة على الحدود مع المكسيك.
كشف الخلاف بشأن السيطرة على الحدود بين الرئيس الديموقراطي جو بايدن وحاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت حجم الهوة في الولايات المتحدة.
وأعلنت ولاية تكساس في كانون الثاني/ يناير الماضي، رفضها قرارا من المحكمة العليا، والرئيس جو بايدن، بإزالة الأسلاك الشائكة على حدود الولاية الجنوبية لمنع عبور المهاجرين.
واشتد النزاع بين الطرفين حول السلطة على الحدود بين الولايات المتحدة والمسكيك، وأعلن حاكم الولاية غريغ أبوت أنه سيتحدى القضاء والرئيس، وسيقوم بوضع المزيد من الأسلاك الشائكة لردع المهاجرين.
في الشهر ذاته، صوتت المحكمة الأمريكية العليا لصالح الحكومة الفيدرالية، ودعت لإزالة الأسلاك الشائكة التي تم نشرها على امتداد حدود الولاية بتوجيه من أبوت.
وقال رئيس "حركة تكساس القومية" دانيال ميلر لفرانس برس "نعرف هنا في تكساس أن الطريقة الوحيدة التي سيكون بإمكان تكساس من خلالها تأمين الحدود ووضع نظام منطقي للهجرة ستكون من خلال القيام بما تفعله 200 دولة أخرى حول العالم والقيام بذلك كدولة مستقلة تحكم نفسها بنفسها".
يشدد ميلر على أن حركته التي تأسست عام 2005 لم تكن يوما قريبة إلى هذا الحد من تحقيق هدفها.
في القرن التاسع عشر، كانت تكساس فعليا جزءا من المكسيك. لكن بعد حرب استقلال عُرفت بثورة تكساس، نالت سيادتها في 1836. وبعد تسع سنوات فقط، انضمت إلى الولايات المتحدة بصفتها الولاية 28.
يشبّه ميلر تحرّك "تكست" بصدمة بريكست عام 2016 التي غادرت بريطانيا بموجبها الاتحاد الأوروبي.
وأفاد بأن تكساس تتشارك التاريخ والمصالح مع باقي الولايات المتحدة، لكن على غرار المدافعين عن استقلال إقليم كاتالونيا الإسباني، يشعر سكانها بأن الحكومة المركزية غير قادرة على فهم مشاكلهم.
ومع استعداد الأمريكيين للإدلاء بأصواتهم في تشرين الثاني/نوفمبر للاختيار على الأرجح بين بايدن ودونالد ترامب، تطالب الحركة الداعية لاستقلال تكساس المجلس التشريعي التابع للولاية بتمرير قانون يسمح بإجراء استفتاء على الانفصال.
لكن الدستور الأمريكي لا يتضمن أي بند يسمح للولايات القيام بذلك، علما بأن انفصال ولايات جنوبية بينها تكساس عام 1861 أشعل الحرب الأهلية التي اعتُبرت الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة.
من جانبه، قال بايدن سابقا؛ إن إدارته تدرك المشكلة على الحدود، وإنه بدأ في مفاوضات مع أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أجل معالجة المشكلة بشكل جدي.
وقال؛ إن ما تم التوصل إليه خلال النقاشات، سيصبح قانونا نافذا إذا ما تم تمريره في مجلس النواب والشيوخ.
تكساسي أم أمريكي؟
لطالما كان هناك تحرّك انفصالي في تكساس، لكنه كان وما زال عبارة عن حركة هامشية، بحسب مدير الأبحاث في "مشروع سياسات تكساس" التابع لجامعة تكساس في أسوتن جوشوا بلانك.
وأشار إلى أن أزمة الحدود بين تكساس والحكومة الفدرالية "خلقت وضعا أعتقد أن هذه المجموعة سعت حقا لاستغلاله لجل وجهات نظرها تبدو ليست كالفكر السائد فحسب، بل أكثر عقلانية مما هي عليه في الواقع".
وأفادت مستي وولترز، وهي ربة منزل في الخمسينات من عمرها حضرت خطابا لميلر في مطعم تقليدي في تكساس، أن سكان الولاية يشعرون بأنهم ينتمون إلى تكساس أولا قبل أن يكونوا أمريكيين.
وقالت "نتعرّض للغزو"، في إشارة إلى الأعداد القياسية للأشخاص الذين عبروا الحدود وقدم العديد منهم من أمريكا الوسطى، في قضية تحتل مكانة بارزة خلال الانتخابات الرئاسية.
وتابعت "على تكساس أن تحمي مواطنيها بشكل أفضل".
الشهر الماضي، أصدر أبوت، بيانا قال فيه؛ إن إدارة السلامة العامة في الولاية، إلى جانب الحرس الوطني، يعملون معا لتأمين الحدود، لوقف تهريب المخدرات، والأسلحة، والمهاجرين، ومنع النشاط الإجرامي العابر للحدود.
وفي بيانه، قال أبوت؛ إن عملية "لون ستار" (النجمة الوحيدة) التي تقوم بها الولاية، أدت إلى اعتقال قرابة نصف مليون مهاجر غير شرعي، وقرابة 40 ألف مجرم، و35 ألف متهم بقضايا جنائية، وصادرت 454 مليون جرعة مميتة من مادة الفنتانيل المخدرة.
وقال؛ إن ولايته نقلت عشرات الآلاف من المهاجرين إلى ولايات أخرى، منها واشنطن، ونيويورك، وشيكاغو، وفيلادلفيا، ودنفر، ولوس أنجلوس، على وجه الخصوص.
واتهم أبوت الرئيس بايدن، باتباع سياسة الحدود المفتوحة، ووضع ثغرات خطيرة على الحدود، مؤكدا أن ولايته مستمرة في سد هذه الثغرات التي تمنع المخدرات من شق طريقها إلى تسكاس، وولايات أخرى.
وأكد أن الدستور يعطي ولايته الحق في الدفاع عن النفس، في ظل استمرار بايدن بمهاجمة تكساس ورفض أداء واجبه في تأمين الحدود.
وخلص استطلاع هذا الشهر أجراه "مشروع سياسات تكساس" إلى أن 26 في المئة من المستطلعين يشعرون بأنهم من تكساس قبل أن يكونوا أمريكيين، مقارنة مع 27 في المئة شعروا بذلك في 2014، وهي نسب لا تحمل الفروقات بينها أهمية إحصائية تذكر.
وقال بلانك "وإن كان، فلا يعني ذلك بأن 26 في المئة يؤيّدون انفصالا دمويا عن الولايات المتحدة".
خلص استطلاع لمجلة "نيوزويك" هذا الشهر إلى أن 67 في المئة من أهالي تكساس يفضّلون بقاء الولاية جزءا من الولايات المتحدة.
وأفاد بلانك بأن الحركة الانفصالية تغذيها إلى حد كبير "فكرة وجود ثقافة أمريكية موحّدة مرتبطة عادة بالبشرة البيضاء".
وأضاف "مع وجود أزمة حدودية، يعزز ذلك المخاوف بالنسبة للأشخاص الذين يعتبرون فكرة الثقافة الأمريكية هذه صحيحة بشكل ما".
"تعالوا خذوها"
في بلدة إيغل باس في أقصى جنوب تكساس، سيطر الحاكم أبوت عسكريا على منطقة شلبي بارك المطلة على نهر ريو غراندي الفاصل بين الولاية والمكسيك. يعد الموقع مركز أزمة كبيرة مع الحكومة الفدرالية.
أمر الحاكم الذي يتهم إدارة بايدن بالفشل في منع تدفق أعداد هائلة من المهاجرين إلى الولاية بوضع أسلاك شائكة على أجزاء من الحدود.
يشبّه ميلر الوضع الحالي بأحداث العام 1835 عندما كانت تكساس ما تزال جزءا من المكسيك.
ورفضت تكساس إعادة مدفع أعارتها إياه المكسيك ورفعت علما كتب عليه "تعالوا خذوه"، وهو ما أدى لاندلاع حرب تكساس الناجحة للاستقلال.
وكما هي الحال مع المدفع، يعد التوتر المرتبط بحديقة إيغل باس جزءا من مشكلة أكبر بكثير، بحسب ميلر الذي وصفها برمز "للعلاقة المحطّمة بين الحكومة الفدرالية والولايات".
لكن بخلاف الحرب مع المكسيك، أو الحرب الأهلية حتى، يعتقد أنصار حركة ميلر أن تحقيق الانفصال سلميا هو أمر ممكن هذه المرة.
لكن بلانك يستبعد ذلك قائلا "لن يكون بإمكان تكساس الانفصال بسلام. لن تتفاوض الولايات المتحدة معهم بشروط مواتية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية تكساس الهجرة المكسيك بايدن امريكا لجوء تكساس المكسيك بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة على الحدود فی المئة فی تکساس جزءا من
إقرأ أيضاً:
كاتب أميركي: الجمع بين رأيي بايدن وترامب مهم لنا في سوريا
لم تكد طائرة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تهبط في موسكو حتى اندلع جدل داخل أروقة الحكومة الأميركية وجماعات الضغط (اللوبيات) وأجهزة الإعلام حول ما ينبغي للولايات المتحدة أن تفعله في سوريا.
وكتب ستيفن كوك، الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في عمود الرأي بمجلة فورين بوليسي، أنه لم يتفاجأ بهذا الجدل الذي بدأ بعد نشر الرئيس المنتخب دونالد ترامب مدونة على وسائل التواصل الاجتماعي أكد فيها أن "سوريا ليست معركتنا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: إسرائيل غارقة في الكارثة ومصابة بالعمىlist 2 of 2نيويورك تايمز: تجارة المخدرات بأفغانستان تنهار تحت حكم طالبانend of listوتزامن ذلك تقريبا مع تصريح للرئيس الحالي المنتهية ولايته جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها والأطراف المعنية في سوريا لمساعدتها على اغتنام الفرصة لإدارة المخاطر التي تواجهها.
الجمع بين الرأيينومن وجهة نظر كاتب المقال، فإن واشنطن بحاجة إلى الجمع بين وجهتي نظر الرئيسين المنتهية ولايته والمنتخب من أجل وضع إستراتيجية معقولة للشرق الأوسط، خاصة أنهما -بتصريحاتهما تلك- قدما خطوطا تقريبية عريضة لكيفية تعامل الولايات المتحدة "بشكل لائق" مع سوريا.
وما إن ظهرت مدونة ترامب وتصريح بايدن حتى بدأ المعلقون في تحليلهما، إذ رأى بعضهم أن انتهاج سياسة على نحو ما اقترحه الرئيسان قد يضيع "فرصة تاريخية" من واشنطن، لأن التلميحات المبكرة للإدارة الجديدة تشي بأنها ستتوخى "الشمولية والاستقرار" في تعاملها مع الشأن السوري، وفق مقال فورين بوليسي.
إعلانوجادل معلقون آخرون -بحسب كوك- بأن سياسة عدم التدخل الأميركية في الحرب السورية هي التي ساعدت في إطالة أمد معاناة السوريين على مدار 13 سنة.
ويفترض الباحث الأميركي في مقاله أن هذا هو السبب الذي جعل صانعي السياسات يرون أنه من الضروري أن تساعد الولايات المتحدة في ضمان انتقال سلس ومستقر في دمشق.
فكرة حمقاءلكنه يعتقد، مع ذلك، أن الاقتراح بأن يكون للولايات المتحدة دور ما في صياغة نظام جديد في سوريا هي "فكرة حمقاء"، لأنها "لا تستند إلى أي رؤية أو فهم معين لتلك الدولة، بل بالأحرى إلى عادات بعض أفراد مجتمع السياسة الخارجية الذين يجدون صعوبة في تصديق أن أميركا لا تملك حلا لكل مشكلة تقريبا".
فإذا كانت رسالة ترامب بأن سوريا "ليست معركتنا"، تعني -وفق تفسير كوك لها- أن على الولايات المتحدة ألا تتورط في تشكيل السياسة السورية، فإن تصريحه يعد أكثر حكمة مما قد يصدع به منتقدوه.
وحول التقارير الصحفية التي تحدثت عن تصريحات القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بشأن الأقليات، وتأكيده أن سوريا لكل السوريين، فقد قال كوك إن الشرع آثر الابتعاد عن تنظيم الدولة وتأسيس هيئة تحرير الشام، التي تجنبت بالفعل بعض أسوأ تجاوزات التنظيم.
خبر سارإن الخبر السار في سوريا -كما يبشر الباحث الأميركي في عموده بفورين بوليسي- هو أن "أسوأ" أتباع بشار الأسد ومموليه قد غادروا إلى روسيا ودول أخرى، ولكن لم يرحل الجميع، وربما لا ينزوي بالضرورة أنصار النظام الأقل شهرة إلى غياهب النسيان في صمت مع تبلور النظام السياسي الجديد.
ومن المهم -برأي كوك- لفت الانتباه إلى أن معظم عمليات الانتقال إلى الديمقراطية تفشل، فإن التنوع العرقي والديني في سوريا يضفي على التحول إلى نظام ديمقراطي قدرا من الصعوبة مما يجعل النتيجة "غير مبشرة كثيرا".
وحسب الكاتب، فإن احتمال أن تنزلق سوريا إلى حالة من عدم الاستقرار مع انتهاز من وصفهم بـ"المتطرفين" حدوث فراغ في السلطة، يجعل مهمة القوات الأميركية في تلك الدولة، والبالغ عددها 900 جندي، "أكثر إلحاحا" مما كانت عليه قبل بضعة أشهر فقط.
إعلانويعتقد كوك أن سحبهم الآن، في لحظة عدم الاستقرار القصوى في سوريا، سيكون نوعا من الحماقة.