اعتبروه مشاركة في الإبادة.. آلاف الفنانين يطالبون بمنع إسرائيل من المشاركة بـبينالي البندقية
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
وقّع نحو 12 ألفا و500 شخص -بينهم فنانون ومديرو متاحف ومهندسون وأمناء معارض- على عريضة عبر الإنترنت تدعو إلى استبعاد إسرائيل من معرض "بينالي البندقية للفنون 2024" هذا العام على خلفية ارتكابها "إبادة جماعية" في غزة.
وقالت الرسالة "إنّ أي تمثيل رسمي لإسرائيل في الساحة الثقافية الدولية يُعدّ تأييدا لسياساتها والإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة".
وأضافت الرسالة أن "بينالي التزم الصمت بخصوص الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين"، مضيفة "نشعر بالاستياء من ازدواجية المعايير هذه".
ويعد بينالي البندقية، الملقب "أولمبياد عالم الفن"، من الأحداث الرئيسية في تقييم الفنون العالمية.
واستندت مجموعة "تحالف الفن: لا للإبادة الجماعية"، التي بادرت بالرسالة، إلى القرار الذي اتّخذته قبل عامين بينالي، إحدى المؤسسات الثقافية الرئيسية في إيطاليا، بحظر مشاركة أي شخص على علاقة بالحكومة الروسية تنديدا بالحرب على أوكرانيا.
وأشار التحالف إلى أن معرض بينالي البندقية سبق أن حظر جنوب أفريقيا بسبب سياسة الفصل العنصري التي تمثلت في حكم الأقلية البيضاء، فضلا عن استبعاده روسيا بسبب حربها على أوكرانيا عام 2022.
انتقاد وزير الثقافة الإيطاليمن جهته، انتقد وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانجوليانو رسالة الفنانين، ووصف طلبهم منع مشاركة إسرائيل بأنه "قرار غير مقبول ومخز.. من أولئك الذين يعتقدون أنهم حماة الحقيقة، بغطرسة وكراهية، ويعتقدون أن بإمكانهم تهديد حرية الفكر والتعبير الإبداعي".
وذكر -في بيان- أن إسرائيل "لها الحق في التعبير عن فنها، ومن واجبها أيضا أن تكون مخلصة لشعبها" بعد تعرضها لهجوم من "إرهابيين من دون رحمة"، على حد قوله.
وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانجوليانو انتقد رسالة الفنانين العالميين المنددة بمشاركة إسرائيل (رويترز)ولم يرد المكتب الصحفي لبينالي البندقية بعد على طلب للتعليق أمس الثلاثاء.
ومن بين من وقعوا على الطلب مدير متحف فلسطين في الولايات المتحدة فيصل صالح، والمصورة الأميركية الناشطة نان غولدين، والبريطاني الذي يعمل في مجال الفنون المرئية جيسي دارلينغ الحائز جائزة تيرنر العام الماضي.
ومن المقرر أن تضم نسخة المعرض هذا العام -تحت عنوان "الأجانب في كل مكان"- أجنحة من 90 دولة في الفترة ما بين 20 أبريل/نيسان و24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبلين.
وتواجه إسرائيل انتقادات دولية آخذة في التزايد، لا سيما في عالم الثقافة والفن، جراء حربها المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي أدت لاستشهاد أكثر من 30 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، ونزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وفقا لمسؤولين بقطاع الصحة الفلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بینالی البندقیة
إقرأ أيضاً:
هل يسمح العالم بمنع الأونروا من إنقاذ الأرواح في غزة؟
كان يفترض بوكالة أونروا التابعة للأمم المتحدة، والمكلفة بحماية ورفاهية اللاجئين منذ ثلاثة أرباع القرن، والتي أرأسها حاليا، أن يكون عملها مؤقتا. وكان انتهاء تفويضها متوقعا منذ إنشائها. والخيار الذي نواجهه اليوم هو ما إذا كان علينا أن نتخلص من استثمار عقود من الزمن في التنمية البشرية وحقوق الإنسان من خلال التفكيك الفوضوي للوكالة بين عشية وضحاها، أم أن نواصل عملية سياسية منظمة تستمر من خلالها أونروا في إمداد ملايين اللاجئين الفلسطينيين بالتعليم والرعاية الصحية إلى أن نسلِّم مهامنا لمؤسسات فلسطينية قادرة؟
قد تضطر الوكالة إلى أن توقف عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الشهر القادم في حال تنفيذ القرار الذي أجازه البرلمان الإسرائيلي. حيث إن القوانين سوف تعوق الاستجابة الإنسانية في غزة وتحرم ملايين اللاجئين الفلسطينيين من خدمات لازمة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وسوف تقلص الشهود مسموعي الصوت على أهوال ومظالم لا حصر لها مما يعاني منه الفلسطينيون منذ عقود من الزمن.
لقد رأينا جهود حكومة إسرائيل السافرة لإحباط إرادة المجتمع الدولي ـ مثلما عبرت عنها قرارات عديدة من الأمم المتحدة ـ وتفكيكها منفردة وكالة أممية، ورأينا كيف قوبلت هذه الجهود بإدانة وغضب عامين تلاشيا إلى حد كبير بسبب الجمود السياسي. ولا خير يرجى لنظامنا متعدد الأطراف من الافتقار إلى الشجاعة السياسية والقيادة القائمة على المبادئ عندنا تمس الحاجة إليهما.
ما الذي يوجد على المحك بالضبط؟ بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، يتعلق الأمر بحياتهم نفسها ومستقبلهم. فتأثير حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية وغيرهما من الخدمات الاجتماعية سيكون تأثيرا مدمرا وممتدا لأجيال عدة. كما أن التواطؤ في هذا السعي ينال لا من إنسانيتنا وحدها وإنما ينال أيضا من شرعية نظامنا التعددي. فالغياب شبه التام للعقوبات السياسية أو الاقتصادية أو القانونية على الانتهاكات الصارخة لمعاهدة جينيف، والتجاهل التام لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، والتحدي السافر لقواعد محكمة العدل الدولية، إنما هي استهزاء فج من النظام الدولي القائم على القواعد.
يترافق مع حرب غزة هجوم استثنائي على من يدافعون بالقول أو العمل عن حقوق الإنسان والقانون الدولي وضحايا حرب همجية. فعمال الإغاثة الإنسانية العاملون منذ عقود في خدمة الشعوب المتضررة من الحرب باتوا بغتة يصنفون من جملة الإرهابيين أو المتعاطفين مع الإرهابيين. ومنتقدو سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها باتوا يتعرضون للترهيب والتحرش. والدعاية التحريضية التي تتم برعاية وزارة الخارجية الإسرائيلية معروضة الآن على لافتات في مواقع بارزة بالولايات المتحدة وأوروبا، ويكتمل ذلك بإعلانات في جوجل تروج مواقع الإنترنت المليئة بالمعلومات المضللة. وهذه جهود ممولة غايتها الإلهاء عن القسوة والاحتلال غير المشروع والجرائم الدولية المقترفة في ظل حصانة تامة تحت سمعنا وأبصارنا.
وتبرر حكومة إسرائيل وأتباعها ما يجري من أفعال ضد أونروا بزعم أن الوكالة مخترقة من حماس، برغم التحقيق بدقة في جميع الادعاءات التي تم تقديم أي دليل عليها. في الوقت نفسه، تتهم حماس قيادة أونروا بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي وتعارض جهود الوكالة لتعزيز حقوق الإنسان والمساواة الجندرية. والوكالة بعيدة كل البعد عن كونها طرفا في الصراع، فهي ضحية من ضحايا هذه الحرب. وهدف الجهود الرامية إلى تشويه سمعة أونروا وتفكيكها في نهاية المطاف هدف بسيط، هو القضاء على وضع اللاجئين الفلسطينيين والتحويل من جانب واحد للمعايير الراسخة منذ أمد بعيد لحل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولقد تجاهل السعي الأعمى لتحقيق هذا الهدف حقيقة مفادها أن وضع اللاجئين الفلسطينيين ليس مرتبطا بوكالة أونروا، بل إنه محمي بقرار للجمعية العامة سابق على إنشاء الوكالة.
إن المجتمع الدولي يقف اليوم عند مفترق طرق. ففي أحد الاتجاهات يكمن عالم نتراجع فيه عن التزامنا بتقديم استجابة سياسية للقضية الفلسطينية. وهذا عالم الدستوبيا الذي تنفرد فيه إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، بتحمل المسؤولية الوحيدة عن سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، وربما تعهد بالمسؤولية من الباطن إلى جهات خاصة أقل مسؤولية أمام المجتمع الدولي.
وفي اتجاه آخر يكمن العالم الذي تظل فيه حواجز النظام القائم على القواعد راسخة ويتم فيه حل القضية الفلسطينية بالسبل السياسية. وهذا هو المسار الذي يسلكه حاليا التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، بقيادة المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. ويهدف هذا الجهد، الذي يحيي مبادرة السلام العربية، إلى إرساء مسار لا رجعة عنه نحو حل الدولتين، وتكوين قدرة لإدارة فلسطينية كي تحكم دولة فلسطين المستقبلية، ومنها غزة.
وهذا هو المسار الذي أنشئت أونروا لدعمه. وإلى أن تقوم دولة فلسطينية، سيكون دور الوكالة حاسما لضمان ألا يعيش أطفال غزة بين الأنقاض، دونما تعليم ودونما أمل. فما لكيان آخر ـ إلا دولة قادرة ـ أن يوفر التعليم لمئات آلاف الفتيات والفتيان، والرعاية الصحية الأساسية لملايين الفلسطينيين. وفي إطار الحل السياسي، يمكن أن تنهي أونروا تفويضها تدريجيا، حيث يصبح معلموها وأطباؤها وممرضاتها قوة عاملة في المؤسسات الفلسطينية المتمكنة.
لا تزال لدينا مجال لفرصة نجتنب بها مستقبلا كارثيا يقام فيه النظام العالمي بقوة النار والدعاية فتحدد هذه القوة أين ومتى تنطبق حقوق الإنسان وسيادة القانون، إذ كان لها أن تنطبق أصلا. والأدوات والمؤسسات اللازمة للدفاع عن نظامنا المتعدد الأطراف والنظام القائم على القواعد وتعزيزهما موجودة وكافية، وليس علينا إلا أن نمتلك الشجاعة السياسية لاستخدامها.
فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)
عن الجارديان البريطانية