جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-31@16:11:27 GMT

انهيار اللوبي الصهيوني

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

انهيار اللوبي الصهيوني

 

 

عائشة السريحية

لعلَّ البدء في الحديث عن مقدمة ابن خلدون سيكون بمثابة إشارة لصيرورة ما يحدث الآن وسيحدث في رقعة العالم المتسعة جغرافيا، والمرتبطة جيوسياسيا، ونخلص إلى مؤشرات تعيد تشكيل الخارطة من جديد.

إن الحديث عن اللوبي الصهيوني مرتبط ارتباطا وثيقا بالولايات المتحدة الأمريكية وسياسيتها، والدرع الذي تستخدمه لحماية اللوبي من خلال مركز الاحتلال في قلب الأمة العربية، وكانت تستند استنادا تاما على حملات الدعاية والاستغلال البشع والوهمي لما يُقال عنه الهولوكوست لكسب تعاطف العالم وإعطاء اليهود شرعية وحق الولادة في احتلال واستيطان الأراضي العربية الفلسطينية.

ونجحت حقيقة الأمر منذ وعد بلفور -ومنذ العام 1948م بداية الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين- في أن تغسل أدمغة البشر حول العالم، بتصوير العربي والفلسطيني بالذات كشيطان معاد للسامية، ومعتد أثيم، فكسبت الشعبية والتعاطف العالمي مع ما يفعله الصهاينة في الفلسطينيين، تحت تعتيم وتضليل إعلامي مكثف عمل على استغلاله اللوبي الصهيوني من خلال السيطرة على أهم القنوات الإعلامية، والجرائد الرسمية والشهيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، فكانت الأخبار تصاغ بطريقة احترافية لشيطنة المظلوم وتصوير الصهاينة في فلسطين كحملان وديعة تحاول العيش بسلام.

لكن اليوم وقد تغيرت قواعد اللعبة، فلم يفكر أولئك الذين أكل عليهم الدهر وشرب، أنهم شربوا من نفس الكأس، ولم يُدركوا أن الأجيال الجديدة اختلف تفكيرها، واختلفت مصادر تلقيها للمعلومة، وأن وسائل التواصل الاجتماعي صارت كاشفة لكل الأكاذيب والتضليل الإعلامي الذي كان ينجح سابقا على مدار خمسة وسبعين عاما، بل إنهم كلما زادروا في إخفاء الحقيقة، ركضت الشعوب من الجيل الشاب للوصول والتعمُّق أكثر للبحث عن الحقيقة، طارد الجيل الشاب المسؤولين في كل مكان ثقفوهم فيه، قامت المظاهرات بشكل شبه يومي، عزلت أمريكا نفسها بعيدا عن دول العالم، أصبحت سمعتها في الحضيض، وكذلك المدعوة إسرائيل!

ولأول مرة، تُصبح لديها صحيفة سوابق، ومتهمة بإبادة جماعية، ولأول مرة تفقد تعاطف الشعوب الغربية بعد أن فضحت حقيقتها على مرأى ومسمع العالم، حتى الدول الموالية لأمريكا، أو تلك التي ترجو مصالحها، أو تلك التي تمارس عليها أمريكا لعبة الجزرة والعصا، جميعها لم تعد تجد مُبرِّرًا أمام شعوبها لتستمر في دعم الكيان الصهيوني.

ورغم التضحيات الكبيرة والعظيمة التي تقدمها غزة دمًا وجراحًا وجوعًا، إلا أنَّ آيات النصر تشكلت، وباتت الأصوات التي تعادي المقاومة أيًّا ما كانت أسبابها تتضاءل وتفقد مصداقيتها، فالشجر والحجر يحكي ما يحدث، وعدسات الكاميرا تنقل الوقائع، ويظهر الشيطان الحقيقي بقرنيه، ليؤشر الجميع إليه بإصبع الاتهام.

وأستطيع القول إنَّ اللوبي الصهيوني حين تتكسر أوصاله، وتبدأ الشعوب التي تعد الفيصل في مسألة الانتخابات، تبدي امتناعها عن التصويت لأولئك الذين يقبضون الثمن من اللوبي الصهيوني، ستغير قواعد اللعبة، وكما يقال مجبرا أخاك لا بطل، وحين كان الهدف إغلاق الملف الفلسطيني، وتحقيق السمعة التي خططت لها أمريكا وإسرائيل حول الأمن والأمان لتكون قوة عسكرية مخيفة لدول المنطقة، تستخدم في الوقت المناسب، وكذلك قوة اقتصادية جاذبة للاستثمارات والمشاريع الإستراتيجية الضخمة، وبتمييع القضية وتهجير السكان الأصليين وسط صمت القريب قبل البعيد، لم يسكت الفلسطيني عن حق الدفاع عن النفس، وجاءت انتفاضة السابع من أكتوبر كصفعة للعالم لتجعله يفيق من سباته، ويعلم كمية المعاناة التي يتجرعها أبناء هذا البلد المظلوم منذ عقود طويلة.

وكنتيجة طبيعية لفقدان الحاضنة الإعلامية، وفقدان المصداقية للجانب الصهيوني، والضغوطات التي نشهدها كل يوم من الشعوب وما تفعله حركات المقاومة في الدول العربية من وسائل ضغط من أجل إيقاف الحرب سواء أعجبت البعض أم لم تعجبهم، إلا أن كل ما يحدث سيفتت اللوبي الصهويني، وسيتحرَّر العالم من عبوديته، رغم الاندفاع اللامحسوب من إدارة البيت الأبيض، في دعم الصهاينة كونهم هم جزءا منها، سيجعلهم يخسرون خسارة عظيمة سواء لمناطق نفوذهم في تايوان أو أوكرانيا وستجعل تلك المراكز تضعف، بل ربما تود الإدارة الحالية أن تقايض كل شيء مقابل الحصول على فلسطين المحتلة، وهذا يجعلنا نفكر مليًّا: لماذا كل هذا الإصرار على إنقاذ إسرائيل، رغم أن الفلسطينيين أنفسهم مستعدون لأخذ نصف دولة بحدود 1967؟ أليس من العجيب أن تجعل أمريكا نفسها في عزلة من أجل إنقاذ الحكومة الإسرائيلية، ولو كلَّفها ذلك خسارة دول العالم، أو إنشاء مكوِّن جديد بدلا من مجلس الأمن الحالي الذي تآكل فيه الفيتو من كثرة ما تم استخدامه لحماية إسرائيل المدانة عالميا؟

إذن؛ الهدف ليس فقط غزة، إنما الهدف مخطط استعماري شامل، بدأت خطته منذ أسست للكيان اللقيط دولة، وسيشمل ذلك المنطقة برمتها، بعد أن أشعلت فيه أمريكا ومن تحت يدها الفتن والقلاقل وبسبب وبدون سبب دمرت معظم الشعوب وقدراتها العسكرية، إلى حدث لم يأتِ أوانه بعد.. ولكنهم يشاؤون والله يفعل ما يشاء.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“الأردن والعراق: أخوّة فوق العواصف

#سواليف

” #الأردن و #العراق: أخوّة فوق العواصف.. لا تهزّها المباريات ولا تغيّرها اللحظات العابرة”
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة

في عالمٍ يضجُّ بالتقلبات ويزدحم بالصراعات، ينهض الأردن بثقة العارف لمكانه، ممتلئًا وفاءً لأولئك الذين شاركوه الطريق في لحظاته الصعبة، ومن أوائلهم العراق الشقيق، الذي لم يكن يومًا مجرد دولة جارة، بل كان ظهرًا وسندًا، حاميا للبوابة الشرقية وعمقًا عربيًا حقيقيًا ارتكزت عليه مواقف الرجال ومبادئ الدول.

لن ننسى القدر العراقي ،حين ضاقت السبل، واشتدت الأزمات، كانت بغداد تمدّ يدها لعمان، لا منّةً ولا فضلًا، بل إيمانًا بوحدة الدم والمصير. وكان الأردن الرئة التي يتنفس منها العراق ، وهو على الدوام ، بقيادته الهاشمية الراسخة، وشعبه الوفي، يحفظ الجميل ويصون العهد، ويُدرك أن نهرَي دجلة والفرات لا يبعدان عنه أكثر مما يبعد القلب عن النبض.

مقالات ذات صلة تحذيرات أممية من انعدام الغذاء في غزة بالتزامن مع جرائم الاحتلال الوحشية 2025/03/29

إنّ ما نراه اليوم من محاولات لإثارة الفتن والانقسامات على هامش مباراة كرة قدم، ما هو إلا سحابة صيف عابرة، لن تحجب شمس المحبة، ولن تغيّر من طبيعة العلاقة التي نمت في تربة التاريخ، وسُقيت بدماء الشهداء على ثرى فلسطين و في كل ميادين النضال العربي المشترك. فالأردنيّون لا يرَون في العراقيين سوى أهلاً ورفاق درب، ومواقف العز التي سجلها العراقيون ستظل محفوظة في وجدان الأردن، لا تنال منها تغريدة، ولا تُضعفها لحظة انفعال.

المباريات تنتهي بصافرة حكم، أما الأخوّة فهي قرار شعوب وضمير أمة. لا يمكن لتصريحات انفعالية أن تهدم جدران المودة، ولا لأصوات الغضب أن تحجب صوت العقل والتاريخ. فالعراق في قلوب الأردنيين ليس دولةً بعيدة، بل بيتٌ من بيوت الدار، وأهله أهل الدار لا ضيوفها.

العروبة التي تجمعنا ليست خطبًا جوفاء ولا عبارات موسمية، بل هي التزام أخلاقي، وعهد سياسي، وسند روحي لا يسقط بالتقادم. بين العراق والأردن صفحات من المجد المشترك، من الدفاع عن فلسطين، إلى الدعم المتبادل في اللحظات الحرجة، إلى التكاتف في وجه الأزمات. وبينهما وشائج لا تمزقها مباراة، ولا تهزّها همسة غضب.

إنّ الرياضة، وكرة القدم على وجه الخصوص، وُجدت لتوحيد الشعوب، لا لشقّ صفوفها. هي مساحة للفرح واللقاء، وميدان للتنافس الشريف ، لا ساحة للنزاع و لا منصة للكراهية والتفرقة. ومهما تعالت الأصوات المتوترة، فإن صوت الحكمة هو الأبقى، ووعي الشعوب العربية هو الحصن المنيع في وجه كل محاولات التفرقة.

ومن أرض النشامى، يمدّ الأردن يده إلى العراق بالمحبة والثقة، ويقولها بلسانٍ لا يعرف المجاملة ولا يخشى اللوم: أنتم في وطنكم، وفي قلوبنا، أنتم ركنٌ من أركان عروبتنا، وسندٌ لا نتخلى عنه. لا ينال منكم مَن أراد الفتنة، ولا يغيّركم موقفٌ عابر أو تصريحٌ منفلت.

اليوم، نحن أمام فرصة جديدة، لا لمجرد التهدئة، بل لتعزيز روابط الأخوّة وتجديد العهد على أن ما يجمعنا هو أكبر من لحظات الغضب، وأسمى من خلافات عابرة. نطمح إلى علاقات تقوم على الوعي والثقة، وإرادة الشعوب لا تقلبات اللحظة.

فلنحمل عروبتنا بأمانة، ولنحفظها من انفعالات لا تليق بماضينا ولا ترسم مستقبلنا. ولنجعل من الرياضة جسورًا للقاء، لا جدرانًا للتنافر. فبين بغداد وعمان، وفي قلوب العرب جميعًا، لا مكان إلا للمحبة، ولا مستقبل إلا بالشراكة، ولا مصير إلا واحد.

ستبقى الجسور بيننا قائمة، لأن ما بين الأردن والعراق ليس مصالح عابرة، بل دم وتاريخ ومصير مشترك. وسيظل الأردن، بقيادته الهاشمية الرشيدة ، وشعبه العروبي الأصيل، وفيًّا لمن وقف معه، معتزًّا بكل شقيق عربي، حريصًا على وحدة الصف، متمسكًا بعروبته الأصيلة التي لا تهزّها العواصف، ولا تغيّرها المباريات.
بين الاردن والغراق ،وبين الاردن وكل شقيق عربي ستظل الابواب مفتوحة والجسور ممدودة ، والنوايا صافية ، والايمان راسخ بأننا ، مهما تباينت أراؤنا ، لن نسمح لكرة القدم أن تفرقنا لأن ما بيننا أكبر ، وأسمى، وأبقى.

مقالات مشابهة

  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • فلسطين: إسرائيل تواصل القتل لتحسين شروط التفاوض
  • نيويورك تايمز: أمريكا غارقة في حالة ضارة من الهوس بنظريات المؤامرة
  • فلسطين: إسرائيل تواصل استخدام أسلحة فتاكة ومتفجرة في غزة
  • أمريكا تدعم إسرائيل بعد قصف جنوب لبنان.. وتطالب بنزع سلاح حزب الله
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة
  • “الأردن والعراق: أخوّة فوق العواصف
  • أخبار العالم | أمريكا تطالب لبنان بنزع سلاح حزب الله .. ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة.. والأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • «مصطفى بكري» يوجه رسالة نارية إلى العالم: أين ضمائركم من جرائم نتنياهو ضد أطفال فلسطين الذين يُحرقون بالقنابل؟
  • قائد أنصار الله: امريكا أكبر مجرم في العالم وسجلها مليء بالجرائم الرهيبة في العالم