معركة “ذات الصواري” واحتلال زاوية الشيخ الأمين الإستراتيجية!!
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
د. مرتضى الغالي
المثل البولندي يقول (الحمار عندما يرفس لا يختار ضحيته)..! ولكن قادة جيش الانقلاب أصدروا أوامر مُختارة ومقصودة للاستيلاء على (زاوية دينية في أحد أزقة بيت المال) ليس فيها غير قدور لطبخ الطعام ومجموعة من المواطنين المحصورين بين نيران جيش البرهان وياسر العطا وبين قوات الدعم السريع والمليشيات الاخوانية فأنطلق الأشاوس عند ساعات الفجر الأولى وأطلقوا الرصاص على المصلين عند توقيت خروجهم من صلاة الفجر وقرآن الفجر.
هنيئاً لجيش البرهان والكيزان هذه (الواقعة النوعية) التي انتهت باحتلال زاوية الشيخ الأمين الإستراتيجية..فهذه المعركة من الانتصارات النادرة لقوات البرهان والفلول منذ بداية هذه الحرب (الانتيكة) اللعينة…!
لا فرق إن تمّت هذه المعركة (ضد قدور الفاصوليا) بتخطيط من قادة الجيش في غرفة الاركانحرب المركزية أو كانت من عساكر الكيزان برغم أنف البرهان وكباشي والعطا..!
كنا نظن (مخطئين) أن القيادة الانقلابية لا يمكن أن تستجيب بالفعل للحملة (التحريشية) التافهة والتحريضية المحمومة التي يشنها بعناد كعناد الحمير بعض (الزعابيط العطالى) لمهاجمة الزاوية وفض المواطنين المساكين والأطفال الذي لجأوا إليها جوعى مشردين..! فالكيزان وأبواقهم لا يعجبهم مطلقاً أن يقدم أي احد إحساناً أو يبذل الطعام بلا مقابل..بعد أن نفضت السلطة يدها (ونفض السيد جبريل إبراهيم يده)..عن توفير الغذاء والحياة الطبيعية للمواطنين..ذلك أن الكيزان وعساكرهم تؤذيهم فعلاً مواقف الشرف والإحسان..لأن القيم الخيّرة تزعجهم وتلمس فيهم (وتراً حسّاساً) بتقديم النموذج المعاكس لتربيتهم….!
إنهم يكرهون المعروف ولا يطيقون تعاطف الناس إلى بعضهم و(تقاسم اللقمة)..! وقد شهدناهم على مدى ثلاثين عاماً (أشحة على الخير).,.نهبوا أموال السودان إلى آخر مليم..ومع ذلك ظلوا يسرقون (لبن الأطفال) ويبيعون خيام الإيواء التي يقدمها (العالم الكافر) للضحايا..! أثروا من مال الدولة إلى حد التخمة والكِظة..ولم يفتح الله على واحد منهم ببناء (سبيل بزير واحد وكوز صفيح).. دعك من تشييد مدرسة أو مركز طبي أو ملجأ أيتام..!!
هذا النموذج لرجل دين مهما كانت درجة شياخته (وأنا بصراحة لست من محبي هذا الشيخ) يقدم الطعام ويأوي المساكين والحائرين وأبناء السبيل، ويقدم لهم الطعام، وينشئ مجتمعاً صغيراً لمتحابين في الله..ومتضامنين في (الوحسة) التي فقدوا فيها المأوى والغذاء..بعد أن تقطّعت بهم السُبل.. يتآزرون ويقتسمون الزاد ويؤدون صلاتهم في سلام وتحابب…!
هذا النموذج (يغيظ الكيزان) ومن يوالونهم من المعتوهين وبعض الإعلاميين (تربية السوء)..! هؤلاء لا يحبون أن يشيع المعروف بين الناس..فهذا السلوك النبيل (ينغوِش أكبادهم) المفطورة على الشر والشح..ويؤذيها أن يتبادل الناس الإحسان..ذلك أن (التربية الكيزانية) تقوم علي نوازع تكره القيم الفاضلة وتتأذى من كل فضيلة..مثلهم مثل (الجعران) الذي يعيش بين المزابل ويموت عند تعرّضه لأقل نفحة من ريحة الزهور والورود..!
الآن يعيش الكيزان وفرسان القيادة العامة أبهج أيامهم فرحاً بإطلاق الرصاص على المصلين وهم خارجين من المسجد..واكتمال احتلال زاوية الشيخ الأمين باعتبار أن ذلك يمثل نصراً استراتيجياً على العدو..!!
(صدّق أو لا تصدّق) لقد تم التخطيط لأسابيع طويلة لمعركة زاوية الشيخ الأمين استجابة لمطلب كيزاني..وقد كانت دعوة الاحتلال السافرة تؤكد أن هذه الزاوية تناصر الدعم السريع.. إذاً ننتظر بيان جيش البرهان وياسر العطا وكباشي بعد الانتصار الكبير على الزاوية وإكفاء قدورها (بفاصوليتها) ليحدثنا عن الأسلحة التي غنموها بعد انتهاء معركة (ذات الصواري) وعن عساكر الدعم السريع الذين اعتقلوهم..وعن الراجمات التي كان يخبئها شيخ الأمين (تحت قفطانه)…!!
هل جرى في أي مكان في العالم (منذ الحروب الصليبية) أن قامت أي قوات عسكرية من وحوش الدنيا وصعاليكها بإطلاق النار على مصلين لحظة خروجهم من باب المسجد…؟!
نحن لا ندعو إلى فناء الكيزان وعساكر انقلاب البرهان (فناء السراب على السبسبٍ) فلكل اجل كتاب..! لكن ندعو الله يفني فيهم هذه النزعة الشريرة والعار المشين والسلوك الشاذ والدوافع الإجرامية المجرّدة من كل أخلاق..بل نسأل الله ألا يرفع لهم راية ولا يحقق لهم غاية وأن يبقيهم للعالمين عبرة وآية.. كما أبقي على رفاة فرعون موسى (فاليوم ننجيك ببندك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون)…. الله لا كسّبكم بحق جاه النبي..!
الوسومد. مرتضى الغاليالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: د مرتضى الغالي
إقرأ أيضاً:
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله
زوجة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وابنة عمه وأقرب أزواجه إليه نسبا وأكثرهن مهرا وأبعدهن عنه حين خطبها، ومن أوائل من أسلم في مكة. هاجرت إلى الحبشة وتوفي زوجها هناك، فأرسل النبي لملك الحبشة النجاشي يريد الزواج منها، فزوّجها منه وجهزها وأعطاها مهرا ثم أرسلها للمدينة.
المولد والنشأةولدت رملة بنت صخر المكنى بأبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، قبل بعثة الرسول بـ17 عاما، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، الزوجة الأولى لأبي سفيان، وأخوها من أبيها معاوية كاتب وحي رسول الله، وعتبة والي عمر بن الخطاب على الطائف.
عمتها هي أروى بنت حرب (أم جميل) زوجة عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب)، وفيهما نزلت سورة المسد في القرآن الكريم تنذرهما بالنار. وعمها ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وكنيّت أم حبيبة نسبة لابنتها من زوجها الأول عبيد الله بن جحش الأسدي، وتزوج ابنتها حبيبة داود بن عروة بن مسعود الثقفي.
وعرفت أم المؤمنين (أم حبيبة) رضي الله عنها بذكائها ودهائها وفطنتها وحصافتها وسداد رأيها.
تزوجت رملة بنت أبي سفيان من عبيد الله بن جحش الأسدي، وأسلمت معه مبكرا في بدايات الدعوة المكية، وهاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية.
وحلمت بزوجها حلما سيئا ظهر فيه "بأسوأ صورة"، فلما أصبحت جاءها يقول "يا أم حبيبة، إني نظرت في الدين قبل إسلامي، فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم أسلمتُ ودخلتُ في دين محمد، ولكني الآن أرجع إلى النصرانية"، ففزعت مما قال ونهرته، وأخبرته بما رأت، لكنه بقي على شركه، فتركته حتى مات على النصرانية.
إعلانوتقول أم حبيبة إنها حزنت مما آل إليه زوجها، حتى حلمت بشخص يناديها "أم المؤمنين"، فأوّلتها بزواجها من ابن عمها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.
وفور انتهاء عدتها، جاءتها جارية أرسلها النجاشي لتخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه ليزوجها له، ففرحت أم حبيبة وقالت "بشّرك الله بخير"، فردت عليها الجارية "يقول لك الملك وكّلي من يزوّجك"، فأرسلت إلى خالد بن سعيد العاص فوكّلته، وأعطت الجارية ما عندها من حليّ وجواهر مكافأة لها على ما بشّرتها به.
وأمر النجاشي بعدها بحضور جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين، وخطب فيهم، ثم قال "إن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبته إلى ما دعا إليه، وقد أصدقتها 400 دينار".
ثم سكب النجاشي الدنانير بين يدي قومها، فتكلم خالد بن سعيد وقال بعدما خطب "فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوّجته أم حبيبة ابنة أبي سفيان، فبارك الله لرسوله"، ثم قام ودفع لأم حبيبة مهرها، ولمّا هموا بالانصراف قال النجاشي "اجلسوا؛ فإنّ سنّة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على الزواج".
وبعد انقضاء الجمع نادت أم حبيبة بالجارية التي بشرتها، فلما جاءتها أعطتها 50 درهما جزاء نقلها للبشرى، لكن الجارية رفضت، وأعادت لها المال وكل ما أعطته إياها سابقا، وقالت إن الملك أمرها ألا تأخذ شيئا منها، وطلبت من أم المؤمنين أن تنقل لرسول الله سلامها وتخبره بإسلامها.
وأُرسلت أم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة عام 7 للهجرة، وعمرها 36 عاما، ومع عمرو بن أمية الضمري مبعوث رسول الله إلى النجاشي، ويقول بعض المفسرين إن زواجها هذا من نبي الله هو سبب نزول قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (سورة الممتحنة-7).
فرح خالها عثمان بن عفان بقدومها المدينة زوجة لرسول الله فأقام لها وليمة كبيرة، طعم منها الناس في أجواء فرح عامرة، خاصة وأن ذلك صادف زمنا قريبا من فتح خيبر.
إعلان
صلح الحديبية
تضمن صلح الحديبية -الذي وقّع في السنة السادسة للهجرة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش- بندا يمنح القبائل حرية الانضمام إلى أحد الطرفين والتحالف معه، فاختارت قبيلة خزاعة التحالف مع النبي، بينما انضمت بنو بكر إلى قريش، وهما قبيلتان كانت بينهما عداوة قديمة.
استغل بنو بكر الفرصة لمهاجمة خزاعة وأخذ ثأر قديم، فهجموا عليها ليلا وقتلوا عددا من رجالها، وقدمت قريش الدعم سرا لبني بكر بالسلاح والرجال، وكان ذلك خرقا واضحا لشروط الصلح مع النبي.
وبناء على ذلك أمر النبي المسلمين بالاستعداد للتحرك نحو مكة نصرة لحلفائهم، وأوصى بأن يحاط الأمر بالكتمان حتى لا تتهيأ قريش لمواجهة جيش المسلمين.
وعندما أدركت قريش خطورة الموقف، سارع زعيمها أبو سفيان إلى المدينة المنورة في محاولة للصلح وتمديد الهدنة مع المسلمين، لكن كان الأوان قد فات، وعزم النبي على المسير إلى مكة وأصدر أمره بالتجهيز للحملة، فذهب أبو سفيان لمنزل ابنته خلسة، ليعرض عليها مطلب قريش لعلها تتوسط له عند رسول الله.
تفاجأت أم حبيبة بأبيها في منزلها، وكان لم يرها منذ هجرتها إلى الحبشة، ولمّا همّ ليجلس على فراش النبي، اختطفته من تحته وطوته، فسألها مستفهما "يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟" قالت "بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك"، فقال "يا بنية، لقد أصابك بعدي شر" وانصرف.
الوفاة
عندما شعرت بقرب أجلها، دعت أم حبيبة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وقالت لها "قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك"، فأجابتها عائشة "غفر الله لك ذلك كله وحللك منه" فردت عليها "سررتني سرك الله"، ثم أرسلت إلى أم سلمة وفعلت معها الأمر ذاته.
توفيت أم حبيبة سنة 44 للهجرة زمن خلافة أخيها معاوية، كما يذكر الواقدي وأبو عبيد والفسوي، وقيل سنة 42 للهجرة كما يورد المفضل الغلابي، وتفرّد أحمد بن زهير فقال توفيت قبل معاوية بسنة أي عام 59 للهجرة.
إعلانوروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 65 حديثا، صحح البخاري منهما حديثين ومسلم مثلهما، وحدث عنها أخواها معاوية وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة، والصحابي عروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بن شيبة وينبت بنت أبي سلمة، وغيرهم.