أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، عن مشروع تنمية منطقة رأس الحكمة في الساحل الشمالي الغربي، بالشراكة بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، ووصفه بأنه أضخم صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر.
ويتكون المشروع من شقين: الشق الأول، يمثل استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار ستدخل إلى الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار بعد أسبوع، ستكون مقسمة إلى 10 مليارات دولار تأتي سيولة من الخارج مباشرة، بالإضافة إلى تنازل شركة أبو ظبي التنموية القابضة عن جزء من الودائع الموجودة في البنك المركزي بـ11 مليار دولار، وسيتم تحويل الدفعة الأولى بـ5 مليارات دولار من دولار إلى جنيه مصري من أجل أن تستخدمها شركة أبوظبي التنموية وشركة المشروع في إنشائه.
وأشار مدبولي إلى طبيعة المشروع، وأنه من خلاله تقوم الدولة بتخصيص أرض للمطور وتأخذ الدولة مقابل الأرض مقدما نقديا، أيضا يكون لها حصة من أرباح المشروع من أجل تعظيم أصول الدولة.
ويتضمن المشروع تأسيس شركة رأس الحكمة كشركة مساهمة مصرية، وستتضمن إقامة فنادق ومشروعات ترفيهية، ومنتجعات سياحية ومنطقة المال والأعمال، وإنشاء مطار دولي جنوب المدينة، ومارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية، لافتا إلى أنه ستكون هناك تنمية متكاملة في كل المجالات وستستقطب نحو 8 ملايين سائح متوقع.
كما أشار كذلك إلى وجود تدفق أموال من الجانب الإماراتي بما لا يقل عن 150 مليار دولار، طوال مدة تنفيذ المشروع، وأن مساحة مدينة رأس الحكمة تصل إلى 170 مليون متر مربع (40600 فدان)، وأن المشروع يأتي في إطار مخطط التنمية العمرانية لمصر عام 2052، بتنمية مجتمعات عمرانية متكاملة منها: العلمين، ورأس الحكمة، والنجيلة، وسيدي براني، وجرجوب، كمدن جديدة تمكن تنميتها بالإضافة إلى تنمية مطروح والسلوم حتى تكون لدينا سلسلة من المدن الجديدة الذكية؛ فيها بنية أساسية مطورة تستوعب ملايين السكان وتخلق ملايين من فرص العمل للشباب المصري.
وقد طرحت هذه الصفقة تساؤلات ما بين مؤيد معارض لها، فيرى رئيس الوزراء والمصري وغيره أنها الحل لمشكلة السيولة الدولارية الموجودة في مصر، وكبح جماح التضخم، وفتح المجال لتشغيل شركات المقاولات والتطوير العقاري المصرية والشركات اللوجستية والمصانع التي يبرز دورها في توفير المواد الخام والتشييد والبناء وتشغيله، فضلا عن توفير فرص عمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط السياحة، وتعظيم شراكة القطاع الخاص، وزيادة الاستثمارات الخارجية المباشرة.
وفي رأينا أن هذه الصفقة رغم ما قيل عن مزاياها فإنها مزايا لا تتعدي المسكنات، فهذه الأموال لن تبقى طويلا وسوف تتبخر كغيرها من عشرات المليارات التي دخلت للحكومة ولا يعرف أحد نتاجا لها سوى مزيد من التورط في الديون.
إن هذه الأموال موجهة بالأساس لمشروع خدمي ترفي، فلن ينتج عنها إنتاج حقيقي يعزز الصادرات ويرشد الواردات، والأمل في تنشيط السياحة أمل لا يرقي للوجود في ظل معالمنا السياحية الحالية الكبيرة وفشلنا الذريع في تسويقها، كما أن هذا المشروع لا يمس حياة الطبقة العظمى في مصر، وهو مخصص لترسيخ الطبقية المقيتة للمترفين ولن يستفيد منه إلا المستثمر الإماراتي الذي سيكون له شاة حلوبا يستفيد من حلبها ويترك لأهل البلد روثها، كما أنه يفتح الباب كذلك لاقتصادات الحرام وغسل الأموال.
أخشى ما أخشاه أن تكون صفقة رأس الحكمة هي صفقة القرن الصغرى رغم وصفها بأنها أضخم صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، ثم تليها صفقة القرن الكبرى بالتخلي عن جزء من سيناء لتوطين أهل غزة مقابل إغداق وإغراء مالي من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية وخليجية، لا سيما في ظل التصريحات المتوالية التي تتجه هذا الاتجاه والتي ظاهرها الرفض وباطنها القبول
إن الحكومة وإن كانت ستنخفض ديونها بقدر 11 مليار دولار، من الودائع الإماراتية لديها، فضلا عن توفير سيولة لديها تمكنها من تعويم جزئي جديد للجنيه المصري، فإن هذا الأمر لن يكون سوى تغذية اضطرارية خلال فترة معينة بعدها ينتقل الاقتصاد إلى أزمة أكبر، وتحتاج الحكومة للبحث عن بيع أصول جديدة كما باعت تيران وصنافير من قبل.
إن قرار صفقة رأس الحكمة جانبتها الحكمة، فهي صفقة باختصار تمثل تهديدا للأمن القومي المصري، فلا يمكن للدولة أن تترك تلك المساحة مستباحة لدولة أخرى تحت اسم الشراكة وهي في حقيقتها تخلٍ عن الأرض بالتخصيص والإدارة بعد ذلك بما لهذا المشروع من حماية، ليكون دولة داخل الدولة.
إن التاريخ يثبت أنه ما أسقط الدول والإمبراطوريات إلا الديون ومنح الامتيازات للأجانب، وليس ببعيد عنا ما حدث للإمبراطورية العثمانية نتيجة ذلك؛ وهي التي حكمت في ثلاث قارات لأكثر من ستة قرون، فضلا عما حدث لمصر بسفه ديون الخديوي إسماعيل.
ونحن لسنا ضد الاستثمار الأجنبي، بل نحن معه وفق المصالح المتبادلة بأن يكون استثمارا حقيقيا يتم به تعزيز ميزان المدفوعات وتلبية حاجة الداخل من السلع والخدمات ونقل التقنية الحديثة وتشغيل العمالة.
وأخشى ما أخشاه أن تكون صفقة رأس الحكمة هي صفقة القرن الصغرى رغم وصفها بأنها أضخم صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، ثم تليها صفقة القرن الكبرى بالتخلي عن جزء من سيناء لتوطين أهل غزة مقابل إغداق وإغراء مالي من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية وخليجية، لا سيما في ظل التصريحات المتوالية التي تتجه هذا الاتجاه والتي ظاهرها الرفض وباطنها القبول. ومع ذلك، فإن من سوف يسقط هذا الخيار هم أهل غزة أنفسهم بإيمانهم بقضيتهم وثباتهم في أرضهم.
twitter.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري الإمارات استثمار الاقتصاد مصر اقتصاد استثمار الإمارات مشاريع مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بالإضافة إلى ملیار دولار رأس الحکمة صفقة القرن
إقرأ أيضاً:
استثمارات أمريكية مباشرة في سلطنة عُمان تتجاوز 16 مليار دولار بنهاية 2024
مسقط - العُمانية
تسهم اتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية التي دخلت حيّز التنفيذ منذ عام 2009م، في تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين الصديقين وفتح المجال أمام المنتجات العُمانية للدخول إلى السوق الأمريكي.
وأكد عدد من المسؤولين بالقطاعين العام والخاص بسلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية أن تأثير الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات العُمانية ليست بالمقلقة في ظل تطبيق ونفاذ اتفاقية التجارة الحرّة الموقّعة بين الجانبين، موضِّحين أنه يجري المناقشة مع الجانب الأمريكي لإعادة النظر في الرسوم المفروضة على صادرات سلطنة عُمان.
وقال سعادة بانكاج كيمجي، مستشار التجارة الخارجية والتعاون الدولي في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار: إن الجانبين العُماني والأمريكي يحرصان على تعزيز التبادل التجاري الثنائي دون عوائق جمركية أو غير جمركية لضمان ازدهار العلاقات العُمانية الأمريكية التي تمتد أكثر من 200 عام، داعيًا رجال الأعمال والمستثمرين الأمريكيين على العمل مع نظرائهم في سلطنة عُمان على استكشاف الفرص التجارية والاستثمارية والدخول في إقامة المشروعات المشتركة.
وأكد سعادته على أهمية الحوار بين الجانبين لمناقشة أوجه الاختلاف -إن وجدت-، خاصة أن سلطنة عُمان تطمح إلى تطوير تجارة ثنائية مستقرة تدعم الازدهار الاقتصادي وتسهم في إيجاد فرص للنمو بما يخدم البلدين والشعبين الصديقين.
ولفت سعادته إلى أهمية الحوار لمناقشة تأثير فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمائة، خاصةً أن قيمة الصادرات العُمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بلغت في عام 2024 أكثر من 463 مليون ريال عُماني مقابل واردات أمريكية وصلت إلى أكثر من 506 ملايين ريال عُماني.
من جانبها أكدت سعادة آنا إسكروهيما سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية المعتمدة لدى سلطنة عُمان أن "اتفاقية التجارة الحرّة بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة ليست مجرد آلية تجارية بل هي بمثابة أصل استراتيجي يجب أن يتم تجديده وتوسيعه باستمرار"، مشيرةً سعادتها إلى أن الاستثمار الأمريكي المباشر في سلطنة عُمان تجاوز 16 مليار دولار أمريكي بحلول الربع الثالث من عام 2024، ما يجعل الولايات المتحدة ثاني أكبر مستثمر في سلطنة عُمان.
وحول تأثير الرسوم الجمركية على اتفاقية التجارة الحرّة بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية، أكد خالد بن سعيد الشعيبي رئيس البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نزدهر" أن اتفاقية التجارة الحرّة لم تتأثر بقرار فرض الرسوم الجمركية البالغة 10 بالمائة؛ فالاتفاقية ما زالت مطبّقة وتنص على أن المنتجات العُمانية المصدّرة للولايات المتحدة لا تدفع أي رسوم جمركية ما عدا 10 بالمائة التي تأتي فوق أي رسوم جمركية، وبالتالي فإن موقف سلطنة عُمان من ناحية دخول السوق الأمريكي أفضل مقارنة بالدول الأخرى التي ليس لديها اتفاقية التجارة الحرّة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن هناك تفاوضًا مع الجانب الأمريكي من أجل إعادة النظر في هذه الرسوم الجمركية خاصة أن سلطنة عُمان لا يوجد لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة وهناك سهولة في دخول المنتجات الأمريكية دون أي رسوم جمركية إلى سلطنة عُمان.
من جهته أكد سعود بن أحمد النهاري عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن اللجنة المشتركة لاتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية ركزت في لقاءاتها على مراجعة اتفاقية التجارة الحرّة بين الجانبين، وتأثُّر القطاع الخاص بالرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات العُمانية، ويعكف المختصون بالجهات الحكومية لإيجاد آلية لحل وإعادة النظر في هذه الرسوم.
وقال: إن هناك بعض التأثيرات على الصادرات العُمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية جراء هذه الرسوم الجمركية، و"ليست بالمقلقة في الوقت الراهن"، وقد تختلف من مصدِّر لمصدِّر، مشيرًا إلى أن غرفة تجارة وصناعة عُمان قامت بتعيين مكتب تجاري في الولايات المتحدة لمساعدة المصدِّرين والمستثمرين العُمانيين الراغبين في زيادة صادراتهم واستثماراتهم بالسوق الأمريكي.
وأضاف أن رجال الأعمال في سلطنة عُمان يبحثون الاستفادة من الأسواق الكبيرة كالسوق الأمريكي من خلال العمل على استكشاف الفرص التصديرية، مبينًا أن مكتب الغرفة والملحق التجاري بسفارة سلطنة عُمان بالولايات المتحدة الأمريكية يوفران المعلومات اللازمة والآليات لتوسيع حجم الصادرات العُمانية واستكشاف الفرص المناسبة للمستثمرين العُمانيين.
وأشار إلى أن غرفة تجارة وصناعة عُمان ستقوم خلال شهر مايو المقبل بتسيير وفد تجاري إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في معرض "اختيار السوق الأمريكي" للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة بالسوق الأمريكي والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في سلطنة عُمان.