تنوع مواقيت الصلاة بمراكش.. ذكاء اجتماعي وعلاقات إنسانية تميّز المدينة الحمراء
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
تشير الساعة إلى الثالثة والنصف زوالا من يوم الجمعة، يندهش العم صالح وهو سائح عربي من سماع صوت الأذان، بالرغم من أن الوقت ليس وقت صلاة، لكن مرشده السياحي حميد أومزدو الذي يرافقه طيلة مقامه بمدينة مراكش المغربية، يشرح له أن مسجدا بالمدينة يؤخر الصلاة إلى ما قبيل العصر من أجل تمكين من فاتته الصلاة من الجماعة.
يتوجهان إلى مسجد سيدي ابن سليمان الجزولي بحومة رياض العروس، فيلاحظان توافد المصلين من كل حدب وصوب، بأعمار مختلفة، يستمعان إلى خطبة قصيرة بصوت إمام شجي، يعود بهم إلى تاريخ المدينة التليد.
مسجد سيدي ابن سليمان الجزولي في مراكش (الجزيرة)يقول حميد للجزيرة نت "يكون صوت الأذان واختلاف مواقيته، وتكراره 3 مرات يوم الجمعة، وزيادة بعض العبارات في أذان الصبح، دائما محل تساؤل زائري المدينة الحمراء، سواء كانوا من المسلمين أو غيرهم، لذلك يجب دائما أن يجدوا عندك المعلومة الصحيحة بعيدا عن كل فلكلورية".
ويضيف "كما لا يمكن أن تذكر مواقيت الصلاة، دون ذكر عدد من رجال المدينة الذين نبغوا في تحديد وقت الصلاة بدقة، مثل ابن المؤقت المراكشي، وابن البناء المراكشي".
صومعة مسجد سيدي ابن سليمان الجزولي بمدينة مراكش المغربية (الجزيرة) تفرد مدينة مراكشتنفرد مدينة مراكش، وخاصة المدينة القديمة، بتنظيم وقت الصلوات بشكل خاص، فيعرف عن مساجد تأخير وقت صلاة الصبح والظهر وكذلك صلاة الجمعة، لإتاحة الفرصة للجميع لأداء الصلاة جماعة.
ويقول الأستاذ الباحث أحمد متفكر للجزيرة نت إن صلاة الظهر في بدايته يسمى "لعلام" (الإعلام بدخول وقت الصلاة)، وهي تصلى خاصة في المساجد الصغيرة المتواجدة بكثرة في الأحياء الشعبية، فيما تنفرد مساجد أخرى خاصة الكبيرة منها بتأخير هذه الفريضة حوالي ساعة ونصف.
ويبرز أن كل ذلك مرتبط بعادات المراكشيين في تقديم الطعام، وعمل الحرفيين في الأسواق ممن لا يرغبون في إغلاق محالهم وقت الصلاة.
أحمد متفكر: عادة تأخير وقت صلاة الجمعة موجودة أيضا في مسجد الحارة بحومة باب دكالة أيضا (الجزيرة)ويشرح أن هناك مساجد صغيرة جدا تقام فيها الصلاة بمجرد نزول المؤذن من الصومعة، وغالبا ما يقصدها أصحاب الحوانيت الصغيرة، والذين لا تستدعي الصلاة تغيير ملابسهم، على خلاف بعض الحرفيين الذين يستغرقون بعض الوقت من أجل الاستعداد للصلاة قبل التوجه إلى المسجد الكبير.
وتستمر عادة قديمة بالرغم من التقدم في العمران، وهي رفع بعض الصوامع لأعلام بيضاء للإعلام بدخول وقت الصلاة، وأخرى زرقاء خاصة بصلاة يوم الجمعة، كما يبرز الأكاديمي متفكر، مضيفا أن هذه الصوامع غالبا ما تحتوي على غرفة بها معدات لمعرفة وقت الصلاة، كما أن عادة تأخير وقت صلاة الجمعة موجودة أيضا في مسجد الحارة بحومة باب دكالة.
من عادات أهل مراكش أن يبيع التاجر لزميله وقت غيابه لأداء الصلاة (الجزيرة) تضامن اجتماعيمن بين ما يميز مدينة مراكش، تأخير وقت صلاة الصبح بجامع حومة المواسين إلى اقتراب بزوغ الشمس، والذي أقرها العالم المغربي محمد بن سعيد المرغيتي كما يوضح الباحث متفكر، وذلك رفقا بالمرضى والضعفاء والمسنين والمسافرين، مبرزا أن هذه العادة عرفت أيضا في المدينة المنورة.
ومن طريف ما يقع خلال اليوم، كما يقول عبد الصمد أبو الثقة للجزيرة نت، وهو رئيس جمعية التجار بسوق السمارين (القريب من ساحة جامع الفنا المشهورة)، أن يؤثر "المعلم" (صاحب الدكان) الصناع العاملين لديه، بأول وقت الصلاة، فيما هو ينتظر رجوعهم للحاق بالمسجد في الصلاة المتأخرة.
سوق السمارين في مراكش حيث من طريف العادات أن يؤثر المعلم صنّاعه في أداء الصلاة أولا (الجزيرة)كما إنه من جميل ما يحافظ عليه في السوق، بتعبير "أبو الثقة"، التآزر والتعاون بين التجار وقت الصلاة، حيث يستمر البيع والشراء، دون توقف، لوجود فرص لأدائها في أوقات ممتدة في جوامع مختلفة لمدة تصل إلى حوالي نصف ساعة، إذ يمكن لتاجر أن يحل محل زميله في المحل لبيع سلعة في غيابه، ويضع ثمنها في محله إلى حين رجوعه، وهي عادة محمودة يحافظ عليها تجار الأسواق القديمة، وتزرع بينهم الألفة والثقة والتعاون.
ذكاء اجتماعيمن يتجول في أسواق المدينة القديمة بمراكش، يقف على استمرار تدفق الحياة في شرايينها دون توقف، حتى يخيل للمرء أن لا أحد ذهب إلى أداء الصلاة في وقتها، ومن يدخل مسجدا قريبا يجده مليئا بالمصلين حتى يخيل له أيضا ألا أحد بقي في السوق، كما يلاحظ المرشد السياحي أومزدو.
اختلاف مواقيت الصلاة بمساجد مراكش يعكس شكلا من الذكاء الاجتماعي عند المغاربة (الجزيرة)ويذهب الأكاديمي المغربي الباحث في التراث والتاريخ عبد البر حدادي إلى أن اختلاف مواقيت الصلاة بمساجد مراكش، وغيرها في بعض مدن المغرب مثل فاس، وتازة وغيرهما، يعكس شكلا من الذكاء الاجتماعي عند المغاربة، ونوعا من التيسير في التعاطي مع بعض الشعائر والعبادات الدينية، وخاصة من قبل بعض الفئات الاجتماعية التي لا تسعفها ظروفها المهنية أو الصحية أو الاجتماعية في تأدية بعض الكلف الشرعية كالصلوات الـ5 أو صلاة الجمعة.
وينوه حدادي في حديثه للجزيرة نت إلى أن "هذا الذكاء لا يترجم من خلال تقديم أوقات الصلوات أو تأخيرها فحسب، بل نجده حتى في العمارة الدينية على سبيل المثال كذلك، إذ نجد أن عرض المسجد أكثر من طوله، والقصد من ذلك هو تمكين أكبر عدد ممكن من المصلين من تحصيل فضل صلاة الجماعة في الصفوف الأولى الأمامية".
زوار المدينة، يلاحظون ورود عبارات أو تكرار آذان الجمعة (الجزيرة) أصبح ولله الحمدما يلاحظه زوار المدينة، مع ورود عبارات أو تكرار آذان الجمعة، يشرحه الباحث حدادي، إذ يشير إلى أن بعض عبارات الأذان تعود إلى الفترة الموحدية، من قبيل عبارة "أصبح ولله الحمد" في أذان الفجر، وكذا عبارة التوسيع "اللهم يا واسع المغفرة"، أضف إلى ذلك تكرار الأذان 3 مرات يوم الجمعة، والتي ذاعت في المغرب منذ ذلك الحين، اللهم إذا استثنينا بعض الجهات التي كانت تقتصر على أذان واحد، مثلما هو الأمر في الزاوية الناصرية بتمكروت، وبعض فروعها، قبل أن يتغير الأمر فيما بعد.
مسجد سيدي ابن سليمان الجزولي في مدينة مراكش المغربية (الجزيرة)ويبرز الأكاديمي نفسه أن مواقيت الصلاة تختلف باختلاف العلامات التي نصبها الشارع لهذا الغرض، فمن كان قادرا على تحديد مواعيد الصلاة بناء على العلامات الشرعية فذاك، وإلا فلا صلاة حتى يتيقن المرء، أو يغلب على الظن أن وقت الصلاة قد دخل، فهناك من يصلي الصلاة في أول وقتها منفردا، أو يؤخرها عن أول وقتها ليصليها مع الجماعة.
ويضيف أن الأعمال التي يتوصلون بها إلى معرفة أوقات الصلاة والصوم عددت عند المؤلفين الميقاتيين (الفترة المرينية نموذجا)، وساروا في ذلك على 3 طرائق، يعتمد في اثنتين منها على الظلال من غير آلة، والثالثة الأخذ بالآلات مثل الربع المُجَيّب والربع المقنطر والكرة والإسطرلاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تأخیر وقت صلاة مواقیت الصلاة مدینة مراکش صلاة الجمعة یوم الجمعة وقت الصلاة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
فضل صلاة الجمعة وأثرها في حياة المسلم
فضل صلاة الجمعة وأثرها في حياة المسلم، صلاة الجمعة هي أحد أبرز الشعائر الإسلامية التي تحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين.
يُعتبر يوم الجمعة يومًا عظيمًا من أيام الأسبوع، يتم فيه الجمع بين الصلاة والخطبة، وتزداد فيه البركات والرحمات.
صلاة الجمعة ليست مجرد عبادة يؤديها المسلمون، بل هي فرصة روحية للتجديد والتقوى والتكفير عن الذنوب.
تعرفكم بوابة الفجر الإلكترونية على فضل صلاة الجمعة، وأثرها العميق على حياة المسلم سواء من الناحية الروحية أو الاجتماعية.
دعاء المطر وطلب الرزق.. أسرار وأهمية التضرع لله أهمية صلاة الجمعة1. أجر عظيم في الدنيا والآخرة:
تعد صلاة الجمعة من أعظم الأعمال التي يحبها الله تعالى، وقد ورد في الحديث الشريف: "من ترك ثلاث جمعات تهاونًا بها طبع الله على قلبه".
من هنا يظهر أن صلاة الجمعة ليست مجرد فرض، بل هي عبادة محورية لها أجر عظيم في الدنيا والآخرة، حيث يعتبر المسلم في هذا اليوم أقرب إلى الله، وتغفر له ذنوبه إذا حضر الصلاة بإخلاص.
2. تذكير المسلم بيوم الحساب:
في خطبة الجمعة، يستمع المسلمون إلى التذكير بتقوى الله والابتعاد عن المعاصي، فضلًا عن ذكر الموت ويوم القيامة.
هذا التذكير يحفز المسلم على إصلاح سلوكه والتوبة عن ذنوبه، مما يجعل يوم الجمعة فرصة ذهبية لتطهير القلب والنية.
3. الاجتماع على العبادة:
من أبرز مميزات صلاة الجمعة أنها تؤدى جماعة في المسجد، مما يساهم في توطيد أواصر المحبة والتراحم بين المسلمين.
الاجتماع على الصلاة يعزز الروابط الاجتماعية ويوحد الصفوف، ويذكر المسلمين بقوة الأمة وواجباتها.
4. البركة في الوقت والرزق:
صلاة الجمعة تفتح أبواب البركة في حياة المسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظمها عند الله".
لذلك، يعتقد المسلمون أن أداء صلاة الجمعة يساعد في جلب البركات والرزق في حياتهم اليومية.
فضل ذكر الله في يوم الجمعة وأثره في حياة المسلم كيف يمكن للمسلم الاستفادة من صلاة الجمعة بشكل أكبر؟1. الاستماع إلى الخطبة بتدبر:
من أهم الأمور التي يجب أن يحرص عليها المسلم هو الاستماع الجيد إلى خطبة الجمعة بتدبر وفهم.
فالخطبة هي فرصة لتعلم التوجيهات الدينية والتمسك بالقيم الإسلامية، مثل الصبر، والصدق، والعدل.
التأمل في المعاني التي تُطرح في الخطبة يساعد المسلم في تقوية إيمانه وتهذيب أخلاقه.
2. الإكثار من الدعاء في يوم الجمعة:
يُستحب للمسلم أن يدعو الله بما يشاء بعد أداء صلاة الجمعة، وخاصة في الوقت الذي تلي الصلاة مباشرة أو في الساعة التي لا يوافقها المسلم فيها.
الدعاء في يوم الجمعة له مكانة كبيرة، وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه".
3. قراءة سورة الكهف:
من السنن المستحبة في يوم الجمعة قراءة سورة الكهف، وهي من السور التي تحمل العديد من الدروس والعبر، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها نور للمسلم ما بين الجمعتين.
هذا يعكس أهمية السورة في تقوية الإيمان وتذكير المسلم بالعبر الدينية في حياته.
4. إعداد النفس للصلاة:
من المفيد أن يحرص المسلم على الاستعداد لصلاة الجمعة من خلال الوضوء، وارتداء أفضل الثياب، وترك مشاغل الدنيا والاتجاه إلى المسجد بقلب طاهر،هذه الأمور تساعد المسلم على أداء الصلاة بخشوع وتدبر.
صلاة الجمعة هي شعيرة عظيمة في الإسلام، تحمل في طياتها الكثير من الفضائل والفوائد.
هي فرصة لتجديد الإيمان، وتقوية العلاقة بالله، وزيادة الروابط الاجتماعية بين المسلمين.
لذا، يجب على كل مسلم أن يحرص على أداء صلاة الجمعة، وأن يستفيد من بركاتها عبر الاستماع للخطبة بتدبر، والدعاء، وقراءة القرآن.