انعقاد جلسة نقاشية ضمن فعالية "مصر المحبة منذ فجر التاريخ" بمقر النادي الدبلوماسي المصري
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
في إطار رؤيتها الاستراتيجية القائمة على تعزيز ارتباط المصريين بالخارج بوطنهم الأم، والحفاظ على الهوية الوطنية وتعظيم الانتماء والولاء لدى الأجيال الناشئة، وكذلك ضمن الأولوية التي توليها الدولة المصرية لهذا الملف، وتوجيهات السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، نظمت وزارة الهجرة فعالية جديدة ضمن المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي"، بعنوان "مصر المحبة منذ فجر التاريخ" مقر النادي الدبلوماسي المصري بوسط القاهرة.
وعُقدت الفعالية بحضور الفريق محمد عباس حلمي وزير الطيران المدني، وممثلين عن الأزهر الشريف، وممثلين عن الكنيسة المصرية، ورئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، وعدد من أعضاء مجلس النواب عن المصريين بالخارج، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين على رأسهم النائب محمود القط، والنائب محمد عزمي، والنائب طارق الخولي، والنائب عماد خليل، بالإضافة إلى مجموعة من كبار الكُتاب والمفكرين والشخصيات العامة.
وتستهدف الفعالية رسالة وطنية بنشر الوعي الثقافي والقومي بالحضارة المصرية وإرثها الإنساني للمصريين بالخارج والداخل على حد سواء، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن تراث مصر القديم وعن تأثيره على والوحدة الوطنية، كذلك التذكير والتعريف بأهمية اللغة العربية ودورها في عصرنا الحديث لنشر المحبة والسلام، ونشر قيم التعايش وقبول الآخر، والتعريف بسمات الشخصية المصرية، تنفيذًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتوسيع نطاق البرامج التعليمية والتثقيفية التفاعلية الرامية نحو تعزيز انتماء شباب وأطفال المصريين بالخارج والداخل للوطن وترسيخ مبدأ الهوية المصرية.
وقالت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالحضور أن أبناء مصر هم القادة الجدد للمستقبل، وبالتالي، فإن التمسك بتعريف أبناء المصريين بالخارج باللغة العربية وجذورهم المصرية له أهمية كبيرة لربطهم بوطنهم والحفاظ على هويتهم وثقافتهم، وان التحدث بلغتنا العربية وتداولها هو اهم عنصر من عناصر الحفاظ على هويتنا، موجهة الشكر للمشاركين في الجلسة.
وتناولت الجلسة النقاشية، التي أدارها أحمد عبد الصمد، الذي قدم الفعالية، تحت عنوان "مصر المحبة منذ فجر التاريخ"، حيث دار الحديث عن تعزيز الهية الوطنية وتعظيم الولاء والانتماء لدي الأجبال الناشئة من المصريين بالخارج، ونشر الوعي الثقافي والقومي بالحضارة المصرية وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن تراث مصر القديم.
من جانبه، أكد الدكتور ميسرة عبدالله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية للشؤون الأثرية، أن مصر علمت العالم مفاهيم المواطنة والمحبة والتسامح، موضحا أن الحضارة المصرية القديمة أبرزت ذلك في معابدها، موضحا أنه منذ 3 ملايين سنة ومصر كانت حضارة عظيمة، أتاحت ممرا للبشرية نحو العالم، وهناك ما يشير لذلك ضمن مقتنيات متحف الحضارة.
وتابع عبد الله، أنه طوال تاريخ مصر القديم، والمصريين تعاملوا كعائلة واحدة، حيث جمعتهم لغة وعقيدة واحدة، وكأن محبة هذا الوطن فرضا على أهله، مشيرا إلى نصوص مصر القديمة التي توضح علاقة المحبة والانسجام، مضيفا: لم تسجل مصر القديمة ما يسمى بالحرب الأهلية مثل بقية الحضارات، وهكذا صنع المصريون حديثا ملاحم النصر دون تفرقة بين دين أو هوية، لنبقى نسيجا واحدا.
بينما، قال الراهب القس بولس آفا مينا، في كملته، نائبا عن أسقف عام الخدمات العامة والاجتماعية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن المصريين نسيج واحد منذ قديم الأزل، والتاريخ شاهد على ذلك، مشيرا إلى أن كل النصوص تحدثت عن مفهوم العدالة وترابط القلوب بين جموع المريين منذ الحضارة القديمة، بالإضافة إلى تحقيق وإرساء مبدأ المواطنة.
ولفت إلى أن الحضارة المصرية هي الحضارة الأولى التي طبقت مبدأ الثواب والعقاب، في عهد إله الحكمة "تحوت"، إلى جانب تحقيق مبدأ الوحدة والمواطنة معا، وأن يكون الإنسان المصري يسعى إلى الخير، ثم جاء الاهتمام بالمرأة، حيث حظيت المرأة بمكانة كبيرة في مصر القديمة.
كما أشار إلى أن مصر مهبط الأنبياء، كما لو كانت بصمة خاصة لهم شهد عليها التاريخ، إلى جانب الحضارة عريقة، والجينات التي توارثها المصريين، ولنا في ذلك استقبال العائلة المقدسة، والتي شعرت من استقبال المصريين كأنهم في وطنهم.
كما أوضح أن المصري القديم كان يقدس المرأة، كما كان يحمل لها مكانة كبيرة، وتجلى ذلك أيضا في السيدة مريم، وهو موروث قديم لدى المصريين، بعد أن وجدوا في النموذج القويم، وتسابق المصريين على إطلاق أسماء أولادهم على اسمها، مشيرا إلى أن الإسلام جاء وكان هناك تقديس للأنبياء، إلا أن تجد اسم مريم يحظى بقبول كبير لدى المصريين، وهي جينات توارثها المصريين، ويعكس مدى التقارب والتآلف ولا يوجد ذلك في أي حضارة أخرى.
كما أكد أن هناك اهتماما كبيرا من قبل قداسة البابا تواضروس الثاني، بشباب الأقباط في المهجر، وتعزيز الولاء والانتماء لوطنهم مصر، مشيرا إلى أن قداسة البابا تواضروس الثاني، أكد أهمية تحصين شبابنا من كل ما يحاك بهم، وقال كلمته الشهيرة:"وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن".
فيما أكد الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد المجمع البحوث الإسلامية لشئون الدعوة والإعلام الديني، أن الحضارة الإسلامية أسهمت في إعلاء قيمة المواطنة، وكذلك العلوم التي أسهمت في نشرها هذه الحضارة، مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات تسهم في تعزيز سمات الشخصية المصرية، وسماتها التي نتجت عن تزاوج حضارات عريقة عاشت على أرض مصر، مضيفا أن التسامح والتعايش والمحبة مفردات حضارية، وأزمة الجيل الحالي أنه بحاجة لإعادة الحديث عن هذه المصطلحات والتأكيد على أن مصر المحبة منذ فجر التاريخ، ليست كلمات نرددها، ولكنها حقائق ثابتة في طباع وعادات وتقاليد الشعب المصري وهويته الراسخة.
وتابع الهواري أن الكتب السماوية حثت على التعايش والتعاون، على أسس من الإنسانية، موضحا أن التنوع بين البشر سنة من السنن الكونية، ومن ذلك اختلاف الألسنة والألوان والثقافات والقوميات، ورغم ذلك نلتقي في مصر ونتآلف ونتعاون للاستفادة من التجربة الإنسانية الثرية، لنستفيد من القيم الإنسانية التي تسبب غيابها في الانغلاق والتعصب والذي نحصده دمارا للبشرية، كان يمكن تجنبه لو تم إعلاء قيم الإنسانية، مبينا أن الأديان جميعها تحث على هذه القيم النبيلة، من السلام والمحبة والتعاون، وهي من سمات شخصية مصر، منذ فجر التاريخ.
من جانبه، قال الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، إن الاتصال اللغوي خطوة في بناء الحضارات، لافتا إلى أن الاتصال اللغوي أحد العوامل التي لابد أن يكون لها اهتمام كبير، وهو ما قامت عليه الحضارة المصرية القديمة، مضيفا أن الحضارة المصرية كبيرة ومن أقدم الحضارات التي شهد لها العالم، لافتا إلى هناك جينات مصرية خاصة بالاتصال بالحضارة القديمة، ويتمثل في العديد من الأمور الحياتية للمصريين.
كما أكد بهي الدين أن الحضارة المصرية، تمتلك تراثا ثقافيا، ذو طبيعة متميزة، مبينا أنه لا يوجد تراث في العالم والحضارات الأخرى كالتراث المصري الحي، لذا لابد أن فتش في تراثنا والبحث عن لغتنا العربية والاعتناء بها، مشيدا بالمبادرة الرئاسية التي أطلقتها وزارة الهجرة اتكلم عربي وانعكاساتها الإيجابية في تواصل المصريين بالخارج بوطنهم الأم.
وشدد على أهمية إعادة الاعتبار للمبدعين المصريين والبحث عنهم والحفاظ عليهم والثقافة المصرية، مشيرا إلى أن المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي"، تعيد الاجتماع الإنساني للمصريين بالخارج، في وقت انقطع الاتصال الحي المباشر بالحضارة المصرية، مؤكدا أن الحفاظ على التراث المصري، فرض عين، موضحا أن الاهتمام بالتراث الحضاري المصري من الممكن أن يسهم في تحقيق التنمية المستدامة بمختلف المجالات.
ولفت إلى أن العودة للتراث المصري الحضاري، ظهر في بناء الجمهورية الجديدة، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وكتابتها بالخط العربي، مبينا أن ذلك يظهر في حديث فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن قيم الخلود، مشددا على أن الجمهورية الجديدة، تحافظ على الهوية والتراث المصري القديم.
وفي سياق متصل، أشار النائب عماد خليل، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى أن الجمهورية الجديدة حافظت على الهوية المصرية وحالت دون اختطاف التسامح والمحبة الذي عرفناه في مصر منذ فجر التاريخ، مضيفا أن ثورة 30 يونيو حافظت على النسيج الوطني ولُحمته، مشيرا إلى أنه كممثل لحملة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فإن مصر حريصة على بناء البشر، كما تم تشييد بنية تحتية قوية، مشيدا بالقرار الحكيم لعودة وزارة الهجرة من جديد، لخدمة ملايين المصريين حول العالم، لتربطهم بالوطن وتعزز هويتهم، وتنشر ثقافة المحبة والتسامح.
وتابع خليل أن مصر حققت إنجازات متميزة في ملف المواطنة، لم يحدث مثله منذ 200 عام، ومنه على سبيل المثال، قانون بناء الكنائس وإتاحة بناء دور العبادة، بجانب ترسيخ دور المواطنة والاحتفال بزيارة الكاتدرائية وتهنئة أشقاء الوطن بمناسبة أعياد الميلاد المجيد، وإعلاء قيم الكفاءات لبناء الوطن، دون الالتفات لجنس أو لون أو دين، والتأكيد على تعزيز الهوية الوطنية وبناء المجتمع، مشيرا إلى مبادرات تنسيقية شباب الأحزاب لدعم المبدعين، وترسيخ قيم الهوية الوطنية.
وعقب الجلسة النقاشية، تضمنت الفعاليات عرضا لفيديو حول الحضارة المصرية، أعده الشاعر محمود موسى، صاحب مبادرة "كبسولات لغوية"، والذي أشار فيه إلى مكانة مصر المتميزة وأهميته للعالم، لما تمتلكه مصر من تاريخ وحضارة وسلام ومحبة، كما تستضيف على أرضها الملايين ممن أنهكتهم الصراعات، ليفتح الشعب المصري أبوابه ويستقبلهم بابتسامات تعكس عظمة الحضارة المصرية العريقة، ولتبقى مصر التي قادت العالم عبر التاريخ هي البيت الكبير للجميع وأرض المحبة والسلام، كما قدم موسى عرضا غنائيا قصيرا باللغة العربية الفصحى عن مصر منذ فجر العالم، مستعرضا تاريخها وحضارتها، وما يميز شعبها من محبة وتسامح.
وفي الختام، أعلن الإعلامي أحمد عبد الصمد، مقدم الفعالية، أسماء الفائزين في مسابقة "اتكلم عربي" والتي جاءت أسئلتها، على الصفحة الرسمية للمبادرة، وهم: "فريدة محمد حجازي، كنزي الصبان، شيراز العجمي، فاطمة سالم، هبة علي" وستقوم وزيرة الهجرة بتسليم الجوائز للفائزين، واختتمت الفعالية بفقرة من العزف على العود، لعدد من الأغاني العربية التراثية.
IMG-20240227-WA0097 IMG-20240228-WA0082 IMG-20240228-WA0084 IMG-20240228-WA0078 IMG-20240228-WA0076 IMG-20240228-WA0060 IMG-20240228-WA0062 IMG-20240228-WA0064 IMG-20240228-WA0056المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المصريين بالخارج الهوية الوطنية الانتماء والولاء الدولة المصرية السفيرة سها جندي المصریین بالخارج مشیرا إلى أن اتکلم عربی مصر القدیم موضحا أن IMG 20240228 أن مصر
إقرأ أيضاً:
مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟
لا بد أن تشتمل الحضارة الحقيقية على أطر مهمة جدًا، وبدونها لا تكون، ولا تُسمَّى، ولا تُعتبر حضارة. وهذه الأطر هي: العلم بأنواعه، والعمل بأنواعه، والابتكار بأنواعه، والإبداع بأنواعه، والأخلاق، والقيم السامية بأنواعها. وهي منظومة متكاملة تحتوي على مفردات كثيرة من الأعمال، والأنشطة، والتقاليد، والهوية، والمعرفة، والثقافة، والفكر المتجدد المتطور، والصناعة، والمعمار، والهندسة، والفنون، وغيرها من النواحي الإيجابية المعززة للنمو الحضاري.
للسعي من أجل إنشاء حضارة حقيقية من خلال الاجتهاد في الرقي بجميع المجالات، لا بد أن يكون هناك تخطيط مبني على أسس متينة وراسخة ومستدامة، أي أن يكون التخطيط في أسمى وأروع مظاهره، وقوته، وفاعليته. وفي المقابل، يجب التخلي عن الأفكار الدخيلة الهدامة التي تُثبط وتُعرقل مسيرة التقدم الحضاري، والتحلي دائمًا بالأفكار البناءة التي تدفع بالرقي الحضاري إلى أعلى مراتبه.
وبعد أن توضع الخطط والاستراتيجيات لبناء حضارة ترفع من شأن مؤسسيها، لا بد أن تتقدم التأسيس والنمو الحضاري الأخلاقُ والقيمُ والمبادئُ، لأنها هي التي تضمن الثبات والتماسك والرسوخ والاستمرارية على مدى بعيد جدًا.
ونظرًا لما يشهده العالم من تغيرات، فإن الحضارة المادية أثبتت فشلها، ولنقل إنها ناقصة وتخدم مصالح فئات معينة همها استعباد البشر، والتعالي عليهم، والتمييز بين جنس وآخر، وعرق وآخر، وبسط أنواع من الهيمنة على شعوب العالم، وتجرد هذه الحضارة المزعومة من الإنسانية والعدالة والكرامة.
والحضارات المبنية على الديانات السماوية والكتب المقدسة، وقيادة الأنبياء، والمبنية على شرع الله وتعاليمه الإنسانية العادلة الرحيمة، هي الجديرة بأن تعود وتسود العالم وتبقى لصالح البشرية جمعاء.
وبالرجوع إلى أسس الحضارة الحقيقية، فإن أول ما يجب التمسك به هو الدين من ربنا -عز وجل-، الذي يصنع الحضارة الإنسانية العظيمة بكل أسسها، ويحمي البشرية من أنواع الظلم والقهر والاستبداد والعنصرية البغيضة.
وبالتمسك بدين الإسلام العظيم، نضمن رضا المولى -عز وجل-، وعونه، ومدده، وهدايته، وبدون عبادته -جل في علاه- لا يتأتى صنع الحضارة المرجوة، ففي الدين كل تفاصيل الحياة الإنسانية العظيمة الكريمة.
وتأتي بعد عبادة الله وتعظيمه، الأخلاقُ السامية النبيلة الراقية، ومنبعها الإسلام من خلال القرآن والسنة النبوية المطهرة.
ولك أن تعدد الأخلاق الإسلامية التي إن تمسك بها الفرد والمجتمع ساد الرقي الإنساني والحضاري، فمنها: الصدق، والتواضع، والإخلاص، والكرم، والحياء، والأمانة، والعدل، والسماحة، والتعاون، والشجاعة، والإيثار، والمساواة، والتسامح، والصبر، وبر الوالدين، وحق الجار، والقائمة تطول ببقية الأخلاق العظيمة التي تؤسس الحضارة العظيمة.
فأين العالم المعاصر والحضارة المادية الجافة من هذه الأخلاق؟ وبالشكر المستمر والحمد للمولى -عز وجل-، يُغدق -جل جلاله- على المؤمنين من نعمه التي لا تُحصى ولا تُعد، ويمكن لهم في الأرض من خلال العلم، والعمل، والصناعات، والزراعة، والتجارة، واستكشاف ثروات باطن الأرض من نفط، وغاز، ومعادن، وغيرها، ومن القدرة على الاستكشاف، والتصنيع، والاختراع، ومن ثم الاستغناء عن الغير بتوفر الكوادر المؤهلة للبناء والتعمير.
وتُستكمل المنظومة الحضارية من خلال التأليف، والكتابة، والبحوث، وإنشاء النظريات، والبناء عليها، وإفادة العالم من العلوم الأخرى المتعلقة بالجبال، والصخور، والبحار، والمحيطات، والأنهار، والحيوانات، والحشرات، والنباتات، والطيور، وغيرها.
فالعلم لا يزال بحاجة إلى العلوم المتجددة والمتطورة، ولنا باع طويل على امتداد الحضارة الإسلامية عبر التاريخ، فالمسلمون أولى بقيادة العالم بسبب القاعدة الصلبة التي يجب أن يقفوا عليها وينطلقوا منها.
والحضارة الغربية أضرَّت بالبشرية، فيجب أن ترجع الحضارة الإسلامية العملاقة من خلال عودة المسلمين لدينهم العظيم، والتمسك بالقرآن والسنة النبوية الشريفة.
ولا يخلِّص البشرية من الطغاة والعُصاة والمستبدين وأعداء الإنسانية إلا الإسلام بحضارته المتجددة، لأن الحضارة البشرية المادية المعاصرة ناقصة، ويجب تخليص البشرية منها.
وعمليًا، يمكن الانطلاق مما نملكه من مواردنا الطبيعية، ومن الأراضي الخصبة، والبحار، والمضايق البحرية، ومن التجارة فيما بين المسلمين، ومن هم في صف المسلمين من الأحرار الأسوياء، ومن اتحاد الصناعات في الدول الإسلامية، ومن التكامل بين الدول الإسلامية لتكون دولة واحدة تمثل الحضارة بكل تفاصيلها، وحتى تعيد المجد المفقود، وتصنع الحضارة المرتقبة التي تجمع بين التمسك بالدين، واستثمار العلم، والقدرات البشرية المبعثرة في أرجاء الأرض لخدمة البشر وحفظ كرامتهم في كل مكان.
وعلى المسلم ألا ينجرف خلف الحضارة الناقصة التي لا تلتفت للبشر وإنسانيتهم، ولا تقيم وزنًا لكرامة الإنسان وفطرته السليمة، والتي تترك خلفها معظم شعوب العالم يئنون تحت وطأة الجهل، والفقر، والأمراض، والتخلف بشتى مظاهره، وتحرِّض على التفرقة بين البشر، وتجبر شعوب العالم على التبعية، وتحوِّل دولهم إلى مستهلكة تقتات شعوبها على الفتات.
وكذلك، فإن الدول التي تدَّعي أنها متقدمة تريد أن تتحكم في مصير البشر من خلال اختلاق الأمراض لتمرير أدويتها ولقاحاتها المصنَّعة المضرَّة من أجل المال، وافتعال الحروب والأزمات مع الدول وبين الدول لبيع أسلحتها الفتاكة الباهظة الثمن، وزعزعة الدول من الداخل، وإثارة القلاقل والصراعات فيها للتدخل في شؤونها، وتسيير هذه الشعوب نحو المصائب الدائمة رغبة في الهيمنة بعيدة المدى، لاستنزاف ما تملك، وتحجيم قدراتها الحقيقية، وتحوِّلها إلى مستعمرة بشتى أنواع الاستعمار المعروفة.
عودة الإسلام هي عودة الحضارة الحقيقية، لينعم البشر بالخير، والرحمة، والاستقرار في شتى أنحاء الأرض.
وقد تحدث عدد كبير من الكتَّاب، والأدباء، والمتخصصين في أنحاء العالم عن الإسلام ورسالته السامية العظيمة المتكاملة للبشرية جمعاء، وهم بحق أنصفوا الإسلام، والمجال لا يسع لذكرهم جميعًا، ومنهم: بارتولد، وتوماس كارلايل، وهنري دي كاستري، وآدم ميتز.
وكذلك جوستاف لوبون، الذي ذكر في كتابه الشهير «حضارة العرب» ما تتميز به من أخلاق، ومُثُل، وقيم عليا مستمدة من الدين الإسلامي العظيم.
ومنهم من تحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كقائد، وشخصية تتمتع بأعظم الصفات والأخلاق، ومن أعظم العظماء في التاريخ البشري، مثل: بوشكين، وجوته، وجورج برنارد شو، ووليام مونتجمري، وآخرين تحدثوا عن أخلاق المسلمين، وكيف أثرت في نفوس غير المسلمين في السلم والحرب.
ويقول المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي: «إن شرط نمو الغرب إنما كان سببًا في تخلُّف الآخرين، وهم من جعل ما نسميه العالم الثالث متخلفًا».