مؤتمر دبي للخلايا الجذعية يستعرض العلاجات الحديثة في الطب التجديدي
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
استعرض مؤتمر دبي للخلايا الجذعية في ختام دورته التي استمرت يومين .. العلاجات الحديثة في مجال الطب التجديدي، وتأثير البحوث العلمية حول الخلايا الجذعية على تطوير تقنيات العلاج لأمراض عديدة كالسرطان والثلاسيميا والسكري، ورحلات الشفاء الملهمة للعديد من المرضى الذين منحهم العلاج بالخلايا الجذعية أملاً جديداً.
أكد المؤتمر الذي حظي بإقبال كبير من الأطباء والمختصين العالميين والطلاب أهمية العلاج باستخدام دم الحبل السري و ضرورة الحفاظ عليه.
وأوضح المتحدثون في المؤتمر، أن العلاج بالخلايا الجذعية سيكون خلال سنوات قليلة، الحل السحري لكافة الأمراض المستعصية، خاصة مع تزايد الوعي بأهمية دم الحبل السري الذي كان وما زال يلقى في نفايات المستشفيات، إذ تكمن أهميته في احتوائه على ملايين الخلايا الجذعية التي يمكن فصلها في المختبرات واستخدامها لعلاج الأمراض المستعصية.
واستقطب المؤتمر هذا العام 30 متحدثاً عالمياً في قطاع الخلايا الجذعية منهم 18 متحدثاً من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى متحدثين من اليابان والسويد وفنلندا وألمانيا وهولندا وقطر والإمارات، ما شكل تبادلاً متنوعاً للأفكار والابتكارات.
وكان من أبرز المتحدثين المشاركين هذا العام الدكتور عصام عبد العليم رئيس فرق الخلايا الجذعية بمركز “سيدرا” الطبي والأستاذ المشارك في كلية الصحة وعلوم الحياة في قطر حيث تركزت أبحاثه على استخدام الخلايا الجذعية البشرية التعددية القدرات لفهم الفسيولوجيا الأساسية لتطوير مرض السكري وإنتاج خلايا البنكرياس الوظيفية بهدف التحضير للاستخدام المحتمل في علاج الخلايا.
وقدم مؤتمر دبي للخلايا الجذعية فرصة استثنائية لمناقشة معلومات جديدة في بحوث الخلايا الجذعية حيث غطت جلساته مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك دور الخلايا الجذعية في الأمراض القلبية والأوعية والسكري والسرطان والثلاسيميا والكشف عن أبحاث الخلايا الجذعية، والتقدم في تقنيات الخلايا الجذعية والعلاج الجيني.
وقالت الدكتورة فاطمة الهاشمي رئيسة المؤتمر مديرة مختبر “هورتمان” للخلايا الجذعية إن الحدث تناول في يومه الثاني التطورات العلمية في مجال الخلايا الجذعية، وتركزت نقاشاته حول أهمية البيانات والخلايا الجذعية في تطوير علاجات لأمراض مستعصية وتطوير تقنيات جديد، لافتة إلى أن أهم ما ميز المؤتمر هو اللحظات المؤثرة وقصص النجاة التي شاركها المرضى الذين تعافوا جراء العلاج بالخلايا الجذعية مع الحضور.
وشددت الهاشمي على أهمية حفظ عينات الخلايا الجذعية للأفراد والتبرع بها لما تسهم به في علاج العديد من الأمراض المرتبطة بالدم والسرطانات، مشيرة إلى الدور الكبير للتبرع في تمكين المزيد من المرضى في العالم من الحصول على فرصة جديدة للحياة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: للخلایا الجذعیة الخلایا الجذعیة
إقرأ أيضاً:
رسّام الحياة الحديثة .. الحداثة والعبقرية كما يعرّفهما بودلير
أذكر كنت فـي مكتبة «لوتس» أنبش الكتب بحثًا عن كتاب لقراءته وقتها، إلا وتتلقف يدي بغتة كتابًا كان على وشك السقوط، ابتهجت لحظتها لأنني عثرت على اسم كاتب أحبه، شارل بودلير أحد أعمدة القرن التاسع عشر وأبرز رواد الحداثة والرمزية، ثم استغرقت فـي عنوان الكتاب الطويل نسبيا، «نسبيا» هذه الكلمة التي ستتكرر فـي ثنايا الكتاب، «رسام الحياة الحديثة/الجمال المطلق للحظة الراهنة»، ترجمة الدكتور قاسم المقداد، وتقديم جيرالد فروادوفو الذي أرفق دراسة حول الحداثة البودليرية عنونها بـ«الحداثة والنزعة الحداثية، بودلير إزاء عصره».
وأذكر أنني كنت أقرأ الكتاب فـي أحد كراسي المكتبة المريحة، فقرأت فـي غلاف الكتاب الفقرة، وليست كأي فقرة، التي قالها جيرالد فـي تقديمه: «بودلير يقابل الحداثة العلمية والصناعية فـي عصره بنظريته حول الحداثة الثقافـية.
بهذا تراه يرفض السلطة المولدة ذاتية لأي شيء حديث، وكذلك لفكرة الحداثة. عندئذ نفهم أن الحداثة البودليرية ليست تمجيد إنجازات الإنسان المعاصر، فتبدو بمثابة مشروع إنقاذ، ويعبر عنها، إن لم يكن بإرادة العودة، فعلى الأقل بالرغبة فـي ترويض الشياطين التي أعتقها العقل الخلاق للإنسان الحديث».
لكن كل ذلك لم يشبع ظمئي وفضولي، فضلا عن أن الكتاب ثقيل بمحتواه الفكري، نوعا ما، ويحتاج إلى تركيز ووقت.
وأذكر أنني كنت ممسكًا بكتاب آخر لبودلير «الفراديس المصطنعة فـي الحشيش والأفـيون»، فعضضت عليهما بالنواجذ، وابتعت الكتابين مثلما يبتاع الأب لأبنائه سكاكر حلوة من السوق.
رسام الحياة الحديقة هو ثلاث عشرة مقالةً، فقط، يلخص فـيها بودلير رؤاه وهواجسه إزاء الإبداع والعبقرية والحداثة والجمال.
فحداثة بودلير لا ثابت ولا مطلق لها سوى التجديد، فحداثي اليوم سيصبح قديم الغد، وثمة مثال فـي ذهني يعزز رؤية بودلير، هو أن بودلير نفسه الحداثي الكبير فـي زمنه، أو المتقدم على عصره، غدا أدبه اليوم يصنف ضمن الكلاسيكيات القديمة.
فـي ذات الوقت لم تكن نظرة بودلير بمتطرفة إزاء الجميل القديم، فهو يؤمن بخلود الجمال الأصيل والعبقرية، فنجده يستشهد بعباقرة التاريخ والمبدعين القدامى والحديثين، هو المولع بمنابع العبقرية ومحاولة فهمها وتحليلها.
فـيشرح بودلير فلسفته إزاء الحداثة على نحوٍ مبسط فـيقول: «البكرات كلهن جذابات، أو بالأحرى كُنَّ جذابات بشكل مشروع فـي وقتهن قبل أن تدور العجلة، وتحلُّ بكرة جديدة محل البكرة السابقة، وتأتي بجميل مشروع بعد السابق ويحل مطلق محل آخر». فـي حين يقول فروادوفو فـي التقديم: «بودلير لا يخشى التناقض، لأن هذا التناقض، هو الحداثة نفسها».
كل هذا جعلني أستحضر ديلاكتيك هيغل ونهر هيراقليطس وتطور داروين، وأمورا أخرى كالهدم والتخريب لبناء الجديد.
وفـي رؤية أخرى لبودلير، يثبت فـيها أن كل جميل يتكون من عنصر ثابت دائم، وعنصر نسبي ظرفـي، فـيردف: «من دون العنصر الثاني، الذي قد يشكل غطاء مسليًا، أو مدغدغا، ومشهيًا للكعكة الإلهية، سيكون العنصر الأول عسير الهضم، ولا يناسب الطبيعة البشرية». وفـي سياق مشابه يقول: «تأملوا، إذا شئتم، ذلك الجزء الثابت أبدًا بوصفه روح الفن، والعنصر المتغير باعتباره جسده». نلاحظ أن لغة بودلير فـي الكتاب لا تخلو من الشعرية والصور الجمالية العذبة.
وينتصر بودلير لجماليات الهامش مستطردًا: «هناك أناسٌ ممن قرؤوا، ذات يوم، بوسويه وراسين فـيعتقدون أنهم امتلكوا تاريخ الأدب. لكن، لحسن الحظ، يبرز من وقت إلى آخر، من يصحح مثل هذه الأخطاء، من نقاد وهواة، وفضوليين، ليؤكدوا أن رافائيل لا يختصر الفن، وأن راسين لا يعني كل شيء، وأن لدى الشعراء الصغار ما يقولونه من جديد، ومتين ولذيذ».
والجمال فـي الأدب والفن بالنسبة لبودلير لا ينحصر على فئة أو مذهب أو شخوص، إلا أنه يميل دائما للأدب والفن اليومي الذي يمثل طبقة العامة والبسطاء والحياة المعيشة مجسدًا الحياة الحقيقية فـي تلك الفترة، وينتقد الفنون والآداب الشائعة فـي زمنه تلك التي تصور الطبقة المخملية من برجوازيين وأرستقراطيين ونبلاء وغيرهم.
وأنا أقرأ هذه الفكرة عدتُ بلا إرادة مني لتاريخنا العربي، التاريخ الأدبي على وجه التحديد، فضربت مثالا، ربما ينطبق على ما قاله بودلير، قد لاحظته سابقا، وهو أن السرد العربي كان دائما يمثل ويعكس هذه الطبقة الدنيا على عكس الشعر الذي كان معظمه يتغنّى ويمجّد بطبقات السلاطين والملوك والفرسان والنبلاء وهلم جرا، فإذا بكُتّاب السرد مكروهين منبوذين ومهمشين من البلاط على عكس الشعراء المقربين، باستثناء الشعراء الصعاليك طبعًا. فـي المقابل هذا لا يبخس أهمية ديوان العرب ليس للحضارة العربية بل حتى فـي تاريخ الآداب والفنون العالمية.
يحدثنا بودلير فـي معظم الكتاب عن هذه الشخصية العجائبية، هذا المثال الشامل الذي ينطبق على أغلب رؤى بودلير. وهو فنان، رسام ويكتب الشعر أحيانا، يرفض عادة ذكر اسمه، يسميه بودلير «بالإنسان العالمي»، ولا يمل بودلير من وصفه وسرد قصص عنه، فالذي يتمتع بثقافة موسوعية تتقصى الجمال فـي كل شيء، نذر حياته كلها للجمال اللحظي وللفن والأدب والإبداع. هذه الشخصية الفريدة التي ألهمت بودلير فـي كتابة هذا الكتاب الذي أخال أن روحه تحضر حتى فـي العنوان» رسام الحياة الحديثة/الجمال المطلق للحظة الراهنة».
وبالنسبة لبودلير تقف العبقرية جنبًا إلى جنب مع الطفولة، ذلك الفضول والدهشة الأولى عند الطفل والحساسية المرهفة هي ما يحتاجها المبدع، فـيقول: «العبقرية يمكن أن تنطلق من الفضول». ويقارن فـي سياق آخر بين العبقري والطفل فـيردف: يتمتع العبقري بأعصابٍ متينة؛ أما أعصاب الطفل فضعيفة. لدى الأول شغل العقل مكانًا كبيرًا، أما لدى الطفل فتشغل الحساسية كيانه كله. لكن العبقرية ليست سوى الطفولة المستعادة إراديًا».
وأختم هذا المقال باقتباس لبودلير حول الإلهام الذي يجتاح العبقري:
«أؤكد أن للإلهام علاقة معينة بالاحتقان، وأن أي فكر سامٍ يترافق بهزة عصبيةٍ قوية، إلى حد ما، يصل دويها إلى المُخيخ».