سودانايل:
2025-03-29@10:00:29 GMT

محاولات محو دولة ما بعد الاستقلال بخطاب سياسي هزيل

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

زهير عثمان حمد

لغة الخطاب السياسي هي اللغة التي يستخدمها السياسيون لإيصال رسائلهم ومواقفهم وأهدافهم إلى الجمهور المستهدف قد تكون خشبية وفي بعض الاحيان لا يمكن أن تضعها في مقام المعقول والممكن أو شعارات جوفاء مكررة وقد تتميز لغة الخطاب السياسي ببعض السمات الخاصة، مثل الاستعانة بالأمثال والحكم والمفردات الشعبية، والاستفادة من الوسائل البلاغية والخطابية، والاستجابة للمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية.

هنالك من يعرف التراث ولديه ثقافة محلية تمكنه من أستخدام لغة عاطفية مقنعة ولكن جمهرة كبير تمارس التعالي والهيمنة علي البسطاء من خلال غاية في التعقيد اللفظي والتعقيد أيضاح الافكار وهذا واقع الخطاب السياسي الذي ينادي الان بكل وقاحة بمحو دولة ما بعد الاستقلال دون طرح بديل للدولة الذي قامت بعد الاستقلال , هنالك خلل بنيوي فيها ويمكن علاجه ولايمكن دفنها وهي حيه ولا نريد ممارسة القتل الرحيم بيننا وتكون ثقافة نلجأ اليها كل سبعون عاما

في السودان، تعتبر لغة الخطاب السياسي أداة مهمة للتأثير على الرأي العام لمشاركة في الحوار الوطني والتعبير عن الهوية والانتماء, وقد شهدت لغة الخطاب السياسي في السودان تطورات وتحولات عديدة على مدار التاريخ، خاصة في مرحلة ما بعد الاستقلال، التي شهدت صراعات وتحديات كبيرة، مثل مشكلة الجنوب والحرب الأهلية والأنظمة العسكرية والثورات الشعبية والانفصال والتحول الديمقراطي , وقد انعكس هذا التطور على لغة الخطاب السياسي في السودان، فظهرت فيها مفاهيم ومصطلحات جديدة، وتنوعت المنابر والوسائل والأساليب، وتباينت الرؤى والاتجاهات والأيديولوجيات , وقد استخدم السياسيون السودانيون لغة الخطاب السياسي للدفاع عن مواقفهم ومصالحهم ومشاريعهم، وللتواصل مع الجماهير والحلفاء والخصوم، وللمساهمة في بناء الدولة والمجتمع والوطن. واتذكر أن هنالك بحث وهو من أهم الأبحاث التي تناولت لغة الخطاب السياسي في السودان، بحث الدكتور عبد الرحمن عبد الله عبد الرحمن، الذي نشره المركز العربي للبحوث والدراسات سنة 2015، بعنوان “توظيف الأمثال الشعبية في الخطاب السياسي” وفي هذا البحث، يتناول الباحث دور الأمثال الشعبية في تعزيز الخطاب السياسي وإثرائه وتأثيره على الجمهور، ويقدم تحليلا لعينة من الأمثال الشعبية التي استخدمها السياسيون السودانيون في خطاباتهم وكتاباتهم , وفي التاريخ القديم للسودان، شهدت المنطقة تأسيس العديد من الممالك والحضارات هذه بعض المعلومات حول الدولة القديمة في السودان مملكة كوش النوبية تأسست في القرن السادس قبل الميلاد.امتدت على الضفة الشرقية لنهر النيل.
شهدت ازدهارًا في التجارة وبناء الأهرامات وتعدين الحديد , وكانت لغة التفاهم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة المروية .مملكة المقرة: اندمجت مع مملكة نوباتيا , استطاعت بسط سلطتها السياسية والروحية على السودان القديم لمدة تقارب الألف عام.
سقطت بعد توافد المجموعات العربية وزحف الجيوش الإسلامية ومملكة الفونج , أحد الممالك السودانية القديمة. تأسست في منطقة السودان الوسطى. استمرت لمدة تقارب الألف عام. تمكنت من بسط سلطتها السياسية والروحية .التاريخ القديم للسودان يحمل العديد من القصص والحضارات المثيرة، وهذه الممالك كانت جزءًا من تلك الرواية التاريخية. في التاريخ القديم للسودان، شهدت المنطقة تأسيس العديد من الممالك والحضارات. هذه بعض المعلومات حول الدولة القديمة في السودان: مملكة كوش النوبية , تأسست في القرن السادس قبل الميلاد امتدت على الضفة الشرقية لنهر النيل. شهدت ازدهارًا في التجارة وبناء الأهرامات وتعدين الحديد. كانت لغة التفاهم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة المروية. مملكة المقرة اندمجت مع مملكة نوباتيا.
استطاعت بسط سلطتها السياسية والروحية على السودان القديم لمدة تقارب الألف عام , وسقطت بعد توافد المجموعات العربية وزحف الجيوش الإسلامية مملكة الفونج , أحد الممالك السودانية القديمة. تأسست في منطقة السودان الوسطى. استمرت لمدة تقارب الألف عام. تمكنت من بسط سلطتها السياسية والروحية التاريخ القديم للسودان يحمل العديد من القصص والحضارات المثيرة، وهذه الممالك كانت جزءًا من تلك الرواية التاريخية في السودان، يشهد التاريخ مراحلًا متعددة من الحكم والتحولات السياسية بعد الاستقلال. يتناول النقاش حول “ظلم دولة ما بعد الاستقلال” العديد من الجوانب، وهذه بعض الملاحظات والطروحات السياسية:

التحولات السياسية بعد الاستقلال، شهد السودان تغييرات في النظام السياسي والحكم. تعاقبت الحكومات المدنية والعسكرية، وكان هناك صراع دائم على السلطة. الظروف الاقتصادية والاجتماعية المعقدة أثرت على الاستقرار وأدت إلى تصاعد الاحتجاجات والصراعات. الظلم والعدالة: يُعبر الكثيرون عن انتهاكات حقوق الإنسان والظلم في فترة ما بعد الاستقلال. تشمل ذلك قضايا الاقتصاد والتوزيع غير العادل للثروة والفساد. النقاش يركز على كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص والموارد. التحديات الإقليمية والدولية الصراعات الإقليمية والتدخلات الخارجية أثرت على الاستقرار في السودان. تأثير الدول المجاورة والمصالح الدولية يجب أن يؤخذ في الاعتبار. في النهاية، يبقى السؤال عن العدالة والظلم محوريًا في النقاش السياسي حول مستقبل السودان. يجب أن يكون التحول نحو نظام ديمقراطي شامل ومشاركة المواطنين في صنع القرارات هو الهدف النهائي لتحقيق العدالة والاستقرار. ي ما بعد استقلال السودان، شهدت المنطقة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان. هذه بعض الانتهاكات والمشكلات التي واجهها السودان النزاعات المسلحة والعنف الصراعات المسلحة في مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أدت إلى انتهاكات حقوق الإنسان.
استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، والاغتصاب، والتشريد، والقتل العشوائي الاحتجاز التعسفي ولقد تم في الدولة السودانية المعاصر احتجاز مئات المتظاهرين غير قانونيًا على خلفية التعبير عن الرأي.تعرض المعتقلون للتعذيب والاعتداء الجنسي. تطهير عرقي:الصراع في دارفور أسفر عن تطهير عرقي، حيث نفذت ميليشيات هجماتًا ضد القبائل المحلية.

قتل وتشريد جماعي للسكان، واستخدام العنف ضد المدنيين تقييد الحقوق والحريات الأساسية تشديد القيود على الحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والصحافة , تأثير النزاعات على الوصول إلى المساعدات الإنسانية تلك المشكلات تشكل تحديًا كبيرًا للسودان، وتتطلب جهودًا دولية ومحلية لتحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان. في السياق السوداني، يثير الحديث عن “محو دولة ما بعد الاستقلال” وقيام دولة تمثل أغلبية العناصر الأفريقية العديد من النقاشات والتحديات و هنا بعض النقاط التي يمكن أن تشكل الدفع أو الخطاب المضاد التعددية الثقافية والعرقية و يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن السودان مجتمع متعدد الثقافات والعرقيات. يمكن أن يكون الحوار حول تعزيز التعايش السلمي والمشاركة الفعّالة لجميع العناصر الأفريقية في الحكم.التنمية المستدامة والمساواة وكذلك يجب أن يكون هدف الدولة بناء مجتمع يحقق التنمية المستدامة للجميع.يجب أن يتمتع الجميع بفرص متساوية في التعليم والعمل والمشاركة السياسية. ونبدأ بالحوار والتواصل يجب أن يكون هناك حوار مفتوح وبناء بين جميع الأطراف. يمكن أن يساهم الحوار في تحقيق التفاهم والتوافق على القضايا الحساسة.والمساواة في الفرص والموارد و يجب أن يكون هناك توزيع عادل للموارد والفرص بين جميع العناصر الأفريقية والعربية

يمكن أن يكون الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية حلاً لتحقيق المساواة. في النهاية، يجب أن يكون الحوار والتعاون هما الأساس لبناء دولة تحقق التنمية والعدالة لجميع مكوناته ولكن النداء الاحمق بمحو دولة ما بعد الاستقلال وهو البداية لتقسيم السودان علي أساس عرقي وقبلي مقيت , ولن تنجح حتي ولو قامت بالتراضي ما بين العرب والزرقه وسوف نظل ندافع ونحمي دولة الاباء المؤسسين ليس من باب الولاء الأعمى ولكن لديمومة الاستقرار والتعايش السلمي وتواصل مسيرة تاريخنا المجيد نحو دولة المؤسسات والقانون والحقوق .

 

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حقوق الإنسان یجب أن یکون فی السودان العدید من تأسست فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

تحديد أولويات ومجالات الخطاب الإسلامي.. رؤية إصلاحية

في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها الخطاب الإسلامي، تبرز الحاجة إلى وضع أولويات واضحة ومحددة لتوجيه الرسائل الدعوية بفعالية. إن تحديد مجالات الخطاب يساهم في تجنب التأثيرات السلبية التي يفرضها الأعداء من الخارج، كما يساعد في معالجة مواطن الخلل الداخلية.

يقدم هذا المقال للدكتور أحمد بن نعمان رؤية لإعادة صياغة الخطاب الإسلامي على أسس علمية ومنهجية، مع التركيز على تعزيز الإعجاز العلمي للقرآن كوسيلة لإقناع العقول وإحياء الرسالة الإسلامية بوضوح وقوة.

على ضوء الملاحظات التي تيسر لنا تسجيلها على بعض معالم الخطاب الإسلامي الراهن، يمكن أن نقدم بعض المواصفات التي نراها مفيدة لتجنب ما هو مفروض على مسيرة الدعوة فرضا من الأعداء  في الخارج وما هو موجود في داخلها من بعض الخلل الملاحظ في المنهج المطلوب والمستوى المرغوب، إن من ناحية موضوع الدعوة في ذاته، وإن من ناحية الوسائل والبدائل وطريقة توصيل الخطاب إلى المعنيين به من المسلمين ومن المؤلفة قلوبهم...

أولا ـ موضوع الخطاب:

اقتناعا بأن الإسلام في حقيقته واحد، قبل أن تلعب السياسة بالمصالح، فتحدث المذاهب لتحقيق بعض المكاسب والمآرب.. ونظرا لأن كتاب الله واحد، هو هذا الذي يتعبد به في كل بلاد المسلمين.. فإن الضرورة المرحلية تتطلب من المهتمين بالدعوة إلى الحق محاولة الابتعاد عن الأمور المذهبية الاختلافية الاجتهادية، وصب كل الجهود على المسائل العلمية الكونية، والآيات التى تفاجئ العالم كل يوم بحقائق ناطقة مذهلة تتحدث عن نفسها بذاتها في مختلف مجالات العلوم وتخصصاته التي لا يختلف على حقيقتها عالمان اثنان من خارج الملة، فضلا عن أبناء الدين الواحد الذين  يصلون بالقرآن الواحد، ذي اللسان الواحد .

فمن هنا يجب البدء باتخاذ المعجزة الخالدة الناطقة بالحق المبين المتمثلة في هذا القرآن  الكريم أساسا  للدعوة وغايتها، بمتابعة الأحداث العالمية الكبرى في مجال الاكتشافات والاختراعات وربطها بما هو وارد حولها، في كتاب الله  الحكيم.

"إن تحديد مجالات الخطاب يساهم في تجنب التأثيرات السلبية التي يفرضها الأعداء من الخارج، كما يساعد في معالجة مواطن الخلل الداخلية. يقدم هذا المقال رؤية لإعادة صياغة الخطاب الإسلامي على أسس علمية ومنهجية، مع التركيز على تعزيز الإعجاز العلمي للقرآن كوسيلة لإقناع العقول وإحياء الرسالة الإسلامية بوضوح وقوة."إن ما تحقق في مجال الاكتشافات العلمية، في النصف الأخير من القرن الماضي وحتى الآن  والتراكمات المعرفية، وتوفر وسائل التعليم وتبليغ المعرفة عبر الأجيال، مع ارتفاع مستوى التعليم، كما ونوعا، مما جعل العقل الإنساني أكثر وعيا وإدراكا وتطورا وحبا للإطلاع، فتطلب من ثمة أن يلتقي فضول العلماء، مع خطاب الفضلاء  من الدعاة إلى دين الحق الذي لا ينبغي أن يخرج عن محتوى هذا الكتاب الناطق بالحق والذي لا يخلق عن كثرة الرد !!

إن كل رسول له معجزة مرافقة ومدعمة للرسالة التي تضمنت منهجه في (افعل ولا تفعل)، إلا النبي الخاتم (ص) الذي ليس بعده نبي أو منهج جديد.. فجاءت معجزته في نص خطاب منهجه (كما هو معلوم)، وما دام هو آخر الأنبياء والمرسلين، فلا بد أن تظل معجزته حية دائمة، خالدة  ناطقة ظاهرة، ولا يمكن أن تبقى كذلك إلا بهذا الجانب الإعجازي في القرآن الذي لا تنقضي عجائبه ويجب على كل العلماء والدعاة أن يبرزوا محتواه لكل العقول المتفتحة والمتعطشة إلى معرفة الحق لا تباعه  ومعرفة الباطل  لاجتنابه.

وإن في قوله تعالى: {ومنهم من يؤمن به، ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين، وإن يكذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريئ مما تعملون} (يونس / 40 ـ 41)، إشارة إلى توضيح هذا الدين الخاتم، ذي المعجزة القائمة المتجددة مع الأيام، وتبدل الأحوال على الدوام، حيث أن كل معجزاته كلام وخطاب، ولا يطلب من مؤمن أن يؤمن بآية مادية سوى كلام الله الذي تتجسد فيه الثلاث آيات مجتمعة: ففيه آيات القرآن المعجزة بالبيان، والآيات المتعلقة بعجائب الكون ونواميسه التى تحدث عنها القرآن بصفة علمية دقيقة وقطعية قبل حدوثها واكتشافها بقرون، ثم وقعت بعد ذلك بالفعل مثلما وصفها بإعجاز ودقة لا نظير لها فى الوجود، وبهذا تتحقق المعجزة المادية وتخرج من المعجزة الخطابية البيانية ذاتها، بحكم تحققها في السنن الكونية مصداقا لقوله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} (فصلت / 53)، وهي كما نرى آيات نزلت خطابية، ثم أصبحت مع تقدم العلم، وتطور وسائل البحث في مختلف مجالات الكون معجزات مادية ملموسة. فهي آيات مادية، أثبتتها آيات بيانية  خطابية أو العكس، أي هي  آيات  كلامية بيانية تجسدت في آيات مادية، مما جعل القرآن بهذا حجة مضاعفة متكاملة في مسألة الإعجاز والإقناع  لكل ذي عقل متدبر غير متعصب او عاطل  (انظر مقالنا عن التعصب.. في عربي21 ليوم 29  تشرين الثاني 2024).

ولهذا كان القرآن هو الخطاب الوحيد الذي خص الله نفسه  بحفظه من التحريف والتزييف، ليبقى نبيا مرسلا يتحرك وينطق ويخاطب الناس بالحق والصدق في كل حين، ويتحدى كل العلوم والآلات والعقول.. بينما كل الكتب  الأخرى المنزلة على الأنبياء والمرسلين، قد عهد الله  حفظها للمؤمنين من أهلها ، فلم يحفظوها، وقد حرفها المنحرفون منهم كما هو معلوم، {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار، بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء} (المائدة / 44) وإن هذا التحريف والاندثار الثابت. تاريخيا ونصا للكتب السماوية الأخرى في قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به} (المائدة / 13) ، وقوله أيضا : {ومن الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليَا بالسنتهم وطعنا فى الدين} (النساء / 46)، إن التحريف نفسه والنهي عنه والتنبيه إليه، يدل هو فى ذاته على دور الخطاب وأهمية الكلمة المؤثرة والمسؤولية المناطة بها  للخلق من الخالق عز وجل..

"لقد ارتقى الخطاب القرآني بالعقل البشري من هذه الحالة المجسمة إلى تقبل عبادة الخالق المطلق الذي "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، وارتقى العقل الناضج بهذه النقلة النوعية في التجريد إلى القناعة الكاملة والإيمان الراسخ بوجود المطلق عن طريق التدبر والمنطق والاستنتاج والتجريد وحده."وهذا ما نلمسه من تدرج فى الخطاب الرسالي لديانات التوحيد السابقة، ومعجزاتها المدعمة لها لدى الأقوام المرسلة اليهم فى الزمان والمكان.. تمشيا مع نضج العقل البشرى والارتقاء من المحسوس إلى المعقول والمتمثل فى قول  قوم موسى: "أرنا الله" (النساء / 153) وقول قوم عيسى: {هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} (المائدة / 112) وقول الوثنيين المشركين من أهل مكة عن الأصنام: "وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" (الزمر / (3) .

لقد ارتقى الخطاب القرآني بالعقل البشري من هذه الحالة المجسمة إلى تقبل عبادة الخالق المطلق الذي "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (الشورى / 11)، وارتقى العقل الناضج بهذه النقلة النوعية في التجريد إلى القناعة الكاملة والإيمان الراسخ بوجود المطلق عن طريق التدبر والمنطق والاستنتاج والتجريد وحده.

فهذا هو موضوع الخطاب الإسلامي الذي يكتب له الظهور والنجاح في الحاضر والمستقبل، بدليل أن أكثر ما يخشاه الأعداء ويحاربونه بطرق مباشرة وغير مباشرة، هو هذا المجال الإعجازي المبهر  والقاهر لهم، مما يوجب على الخطاب الإسلامي أن ينصب على إظهار الحق بلغة العلم والمنطق انطلاقا من تدبر آيات تنزيله المحكم المتعلقة  بالخلق والكون.. والتي قد غطت في كتاب الله كل المجالات (جمادا، ونباتا، وحيوانا، إنسانا) فيما لا يقل عن ألف آية بينة من محكم التنزيل ومتشابهه، مع ضرورة استرشاد هؤلاء الدعاة بكتب المفسرين القدامى والمعاصرين واجتهاداتهم، ومقارنتها بما توصل إليه العلماء والباحثون التجريبيون في عصرنا الحاضر من اكتشافات هامة في مختلف مجالات الكون المنظور، مما لم يكن يخطر على بال بشر قبل قرن من الزمان.. مصداقا لقوله تعالى: {وقل الحمد لله سیریکم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون} (النمل / 93).

والملاحظ هنا أنه عندما يواجه هؤلاء العلماء والمكتشفون الأجانب بذلك من بعض المسلمين العارفين، يتعجبون وينكرون ذلك على القرآن لأول وهلة، ثم لا يلبثون أن يصدموا بالحقيقة الموضوعية الناطقة، فيدخل بعضهم فى الإسلام، وهم  من كبار العلماء من مختلف التخصصات والمجالات، ويمتنع البعض الآخر ممن تأخذهم العزة بالإثم بطبيعة الحال، عنادا  واستكبارا وتعصبا  أعمى !؟

هذا عن الكفار والملاحدة الأجانب الذين لا يعرفون القرآن نصا ولا يعترفون به تنزيلا، أما عن هؤلاء الدعاة "الأضرار" من المنتسبين اسميا أو جغرافيا  إلى خريطة العالم الإسلامى، والناطقين بلغة التنزيل المبين لسانا، فإنهم لما أدركوا الخطر المحدق بجحودهم وبدعوتهم "الضرار"، نتيجة هذا الإعجاز القرآني المبهر والفتح الرباني العظيم المحقق للإسلام والمسلمين.. راح هؤلاء الجاحدون يبتكرون أسلوبا جديدا في التضليل بادعائهم الغيرة على قدسية النص القرآني  الذي  قد يصير عرضة للشك  والتغير مع تغير نتائج العلوم والاكتشافات المتلاحقة والمتغيرة باستمرار، فهم بذلك يخشون (حسب  ادعائهم الماكر) أن يفقد هذا النص القرآني قداسته  وثباته وإطلاقه ... نتيجة ما قد يخبئه المستقبل من بطلان لتلك النظريات التي يربطها العلماء المسلمون بالآيات القرآنية، في إطار البحث عن صور وحقائق الإعجاز العلمي، ومحاولة فهم القرآن وتفسيره على ضوئها وقد اصبحت تعقد لذلك مؤتمرات  دولية دخل على اثرها  العشرات من  كبار العلماء في الإسلام  من شتى القارات والحضارات واللغات.. يصعب عدهم في هذا المقال والمقام!!

وهكذا ننبه إلى أن هذه الخدعة التي ابتكرها هؤلاء المشركون، لا ينبغي أن تنطلي على أصحاب البصيرة المستنيرة من دعاة الأمة لأنها لا تدل إلا على أن ما اكتشفه العلم من حقائق تتطابق فعلا مع النص القرآني وكذلك مع الحديث النبوي الصحيح تطابقا عجيبا ومعجزا، وإننا لنجزم أنهم لو وجدوا فى هذه الاكتشافات العلمية والحقائق الكونية التى أثبتها العلم الحديث أي تناقض مع آيات القرآن الكريم، لكانوا أول السباقين إلى الإشارة إليها تشنيعا وتشهيرا بالقرآن وتشفيا في أهله، كما عهدناهم دائما فى مواقفهم المخزية لهم مع الإسلام في غير هذا  السياق وغير هذا المجال، مثلما فعلوا وما يزالون يفعلون إلى اليوم في "آياتهم الشيطانية " مع قصة زيد بن حارثة وغيرها  (...).

كما رتدل تلك الخدعة أيضا على مدى ما أصيب به هؤلاء من  صدمة وإحباط فى أعماق نفوسهم المهزومة والمهزوزة لما تبين لهم أن التقدم العلمي الذى يجادلون فيه بغير علم  ويراهنون عليه للدفاع عن طروحاتهم المضللة.. يأتى فى كل نتائجه القطعية المقرة علميا وعالميا، مسفها لأحلامهم ومحبطا لمخططاتهم بإثباته القطعي للمعجزة الخالدة ووقوفه حجة قوية فى صف العلماء من الدعاة الى دين الحق بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية والحمد لله !!!

والدليل على أهمية هذا الموضوع كمجال للدعوة والتبليغ، هو محاربته بكل الوسائل من طرف خبراء الدعوة المضادة لصرف أنظار الناس والدعاة عنه، لما رأوه من نتائج طيبة جدا حققها خلال أربعة عقود الأخيرة مابين القرن الماضي  والقرن الجاري ، بما أقنع الآلاف من العلماء والنابهين بحقيقة المعجزة الخالدة واهتدوا من خلالها إلى الإسلام  كما أسلفنا  وأثبتوا أن هذا الكتاب حق لا ريب فيه وهو وحي من الله وأنه مكمل ومصحح للتحريف الذي وقع للكتب السماوية المنزلة من قبله والمذكورة فيه..

كان القرآن هو الخطاب الوحيد الذي خص الله نفسه بحفظه من التحريف والتزييف، ليبقى نبيا مرسلا يتحرك وينطق ويخاطب الناس بالحق والصدق في كل حين، ويتحدى كل العلوم والآلات والعقول."وقد لاحظنا أن هذه الفئة المهتدية إلى الإسلام، وبحكم مواقع تأثيرها في المجتمع، قد أسهمت في تغيير النظرة السلبية السائدة في الغرب عن الإسلام (كدين) ، بقطع النظر عن واقع معظم المسلمين  المنفر  والمخجل والحزين..!! وحققوا بذلك نوعا من الفصل "الإيجابي" بين الإسلام والمسلمين، في عدم الخلط بين الاثنين.. وقد ساعدهم الخطاب الرسمي لبعض الساسة والقادة أنفسهم (على قلتهم) دون ذكر أسماء بلدانهم واسما ئهم  بالذات في الشهداء والمنتظرين الواعد ين ونترك الاستنتاج  للقراء النزهاء والنبهاء المتابعين الأوضاع المسلمين في العالمين.، فدعموا بذلك السلوك المثالي أولئك الدعاة على مواصلة السير في هذا الاتجاه الصحيح الذي يتطلب الدعم والتنويه ولفت الانظار إليه وبداية الغيث قطرة وكل بناء مهما علا صرحه فأساسه عبارة عن وضع حجرة على حجرة..

ثانيا ـ وسائل الخطاب:

والوسائل هنا تعني الدعاة  المبلغين للخطاب، وتعني كذلك وسائل  تبليغ الخطاب وآلياته، من حيث أجهزة الإعلام والاتصال المختلفة حسب الأهمية والفعالية وقوة التأثير، وذلك لتحقيق النقلة النوعية، بالدعوة من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم بسلاح العلم وحده، الذي يدعي الغرب أنه يمتلكه، ويضللنا به لاتباعه، موحيا لبعض (دعاته) في بلداننا، بأن طريق النجاة الحقيقية  لنا هي العلمانية التي تضع الكفر والإلحاد رديف التقدم والتطور للإنسان، وتضع الفقر والتخلف صنو التحصن بالإيمان مثلما شاهد العالم بأسره كيف انتصر دعاة الحجاب والكتاب وفصل الخطاب بالديمقراطية في تركيا العلمانية ذات  الخلفية الحضارية الإسلامية على أحزاب الكفر والسفور والفجور، مما يؤكد ويحقق إرادة الله في ظهور دينه على كل الأديان مهما طال الزمان، كما هو منصوص عليه في القرآن بأفصح آيات البيان، وهو ما يضاعف مسؤولية الدول، والمؤسسات المهتمة بالدعوة إلى الإسلام  بوسائل العصر، ومقتضياته في نوعية الخطاب ومنهجه ورجاله تكوينا ووعيا وتخصصا وإخلاصا وفعالية ومسايرة لمستجدات العصر بعلمه  وإعلامه وآلاته، ومستوى أجياله  في الوعي والذكاء والمعرفة، وعدم قبول أية معلومة كحقيقة أو مسلمة علمية مهما يكن قائلها ، دون إعمال العقل فيها والاقتناع بها قبل تبنيها والدفاع عنها ونشرها بالتالي في الآخرين لأن فاقد الشيء لنفسه لا يعطيه لغيره.

ونختم بالحديث عن وسائل التبليغ الفعالة في هذا العصر، وتتمثل بدون منازع في هذه القرية الكونية المتمثلة  في الفضائيات التي تبث بكل اللغات الى جانب نعمة  الشبكة العنكبوتية  التي أوجدها الله لبعض الدعاة المتفرغين من عباده الموهوبين المجتهدين المخلصين الذين يظهرهم في الوقت المناسب، للدفاع عن الحق بالكلمة الطيبة الصادقة والفكر النيرالواضح الأصيل ضد الدعاة "الضرار" والتحريف والتضليل الذي يسعى أولئك الأعداء المحترفو ن الحاقدون على دين الأمة أن يوظفوا تلك الوسائل التي أوجدوها لإطفاء نور الله، وتحريف عباده عن هداه، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره  ولو كره الكافرون.  فلهذا وجب التذكير والتنبيه إلى المهمة المزدوجة للدعاة المخلصين ليكونوا على بينة من أمرهم وليدخلوا البيوت من أبوابها.

وليبدأوا بتنوير أهليهم وعشيرتهم الأقربين بالمنهج الذي شرحناه وتنبيههم إلى خطر الخطاب المضاد الواضح الأسباب الذي لم يبق للأعداء غيره من وسائل للتحريض ضد الإسلام والتضليل عنه والتعتيم على نوره الساطع، الذي يدق الأبواب بالعلم والحق وفصل الخطاب.

مقالات مشابهة

  • تحديد أولويات ومجالات الخطاب الإسلامي.. رؤية إصلاحية
  • الرئيس السيسي يهنئ بنجلاديش الشعبية بذكري يوم الاستقلال
  • عقلية الساسة السودانيين والمآلات القادمة- قراءة في أزمة النظام السياسي
  • الأوضاع في الجنوب.. رئيس مجلس السيادة يجري إتصالا هاتفيا مع رئيس دولة جنوب السودان
  • مفاجأة.. اتحاد الكرة يرفض استقدام حكام أجانب إلا بخطاب رسمي من الأندية في المدة القانونية
  • البرهان يؤكد لـ سلفاكير وقوف السودان حكومة وشعبا مع دولة الجنوب
  • الشيخوخة السياسية والانقلاب الداخلي.. مرحلة جديدة نحو تغيير النظام السياسي
  • إسرائيل تحتل أراضينا وتقتل أبناءنا.. نواف سلام يقطع الطريق على محاولات التطبيع
  • بخطاب ناري.. أردوغان يرد على الإهانات الموجهة لوالدته وحملة المقاطعة
  • مصدر سياسي: بوجود ترامب المعادلة السياسية في العراق ستتغير