ثنائية المشاركة والمقاطعة.. لماذا يتجه طيف من الإيرانيين للتصويت الاحتجاجي؟
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
طهران- يتفاعل الإيرانيون بشكل مزدوج مع الحملات الانتخابية التي توشك على الانتهاء مع حلول فجر الخميس المقبل، ورغم الدعاية الخجولة والبرود المسيطر على المشهد الانتخابي، لا سيما في العاصمة طهران، يبدو أن النقاش بشأن "التصويت الاحتجاجي" يحتدم بين الأوساط السياسية.
وبعد أن اعتادت المفوضيات العليا للانتخابات في إيران، خلال العقود القليلة الماضية، على إعلان نسبة الأصوات الباطلة عقب كل انتخابات، فإن رفض مجلس صيانة الدستور أهلية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني للترشح لانتخابات مجلس خبراء القيادة، أعاد النقاش حول "ثنائية التصويت الاحتجاجي والمقاطعة" إلى الواجهة من جديد.
روحاني نفسه كان سباقا في إثارة موضوع التصويت الاحتجاجي هذه المرة، إذ أشار في بيان أصدره عقب إبعاده من خوض المعترك الانتخابي إلى "ضرورة الاحتجاج على خطة إزالة صناديق الاقتراع وإزالة الجمهورية من النظام"، مؤكدا ضرورة "إيجاد طريقة لكي يصبح التصويت الاحتجاجي، الصوت المعبر للشعب الإيراني".
الأصوات الباطلةوعلى وقع مطالب القوى المعارضة في داخل إيران وخارجها بمقاطعة الانتخابات، فإن موضوع عدم المشاركة لم يلق آذانا مصغية لدى القيادات العليا للتيار الإصلاحي التي اعترضت بدورها على عدم مصادقة مجلس صيانة الدستور على رفض أهلية غالبية مرشحيها.
لكن اللغة الدبلوماسية التي استخدمها الرئيس السابق حسن روحاني، لتسجيل اعتراض الناخب الإيراني، كانت كافية لإعادة "ظاهرة الأصوات الباطلة أو الأوراق البيضاء في الانتخابات الإيرانية" إلى الواجهة وإثارتها في الأوساط السياسية التي تتوجس من تكرارها في انتخابات الأول من مارس/آذار المقبل.
وبعد أن تراوحت نسبة الأصوات الباطلة في الدورات الانتخابية المتعاقبة خلال العقود القليلة الماضية من 2 إلى 3% من مجموع الأصوات، ارتفعت في رئاسيات 2021 إلى نحو 13% لتحتل المرتبة الثانية بعد خيار الشعب الذي أفرز فوز الرئيس إبراهيم رئيسي.
وبذلك، سجلت الرئاسيات السابقة ارتفاعا في نسبة الأصوات الباطلة مقارنة مع الاستحقاق الرئاسي عام 2017 الذي أعاد انتخاب حسن روحاني رئيسا لولاية ثانية، حيث ذهب نحو مليونين و700 ألف ورقة انتخابية من الأصوات الباطلة التي بلغت 4 ملايين و500 ألف صوت، لصالح الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد بعد رفض مجلس صيانة الدستور أهليته للترشح.
الفتور سيد الموقف في الحملات الانتخابية بإيران (الجزيرة) قراءات متباينةوبينما يجمع الإيرانيون على أن الأصوات الباطلة ذات دلالات اجتماعية وسياسية، ينقسمون، بنفس الوقت، بشأن دعوة روحاني الناخبين إلى التصويت "للاحتجاج على الأقلية الحاكمة" وما يقصده من التصويت الاحتجاجي، في حين تشاطر شريحة ثالثة المعارضة في الخارج رأيها حول ضرورة مقاطعة الانتخابات.
وإلى جانب شريحة تحذر من مغبة الامتناع عن التصويت وارتفاع نسبة الأوراق البيضاء مما سيضمن استمرار سيطرة المحافظين على البرلمان، تقدم شريحة أخرى قراءة متفاوته بشأن مغزى تصريحات روحاني، وترى أنه يريد التصويت لصالح بعض المرشحين لإفشال المخطط الرامي إلى استمرار الوضع الراهن عبر استبعاد العديد من المرشحين من المعترك الانتخابي.
ودعا محمد توسلي الأمين العام لحزب "نهضت آزادي إيران" المعارض -في تغريدة على منصة إكس- إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة باعتبارها "سلوكا احتجاجيا أكثر مدنية لمتابعة المطالب الوطنية الرامية إلى تحقيق الإصلاحات الهيكلية في الدستور".
المرحلة الأولى من انتخابات الدورة 12 للبرلمان الإيراني تقام في 1 مارس/آذار 2024 (الصحافة الإيرانية) تصويت احتجاجيوغرد حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني السابق، على المنصة إكس "قد لا تستطيع الأغلبية -مهما كانت الأسباب- إرسال قائمتها المفضلة إلى البرلمان، لكن بإمكانها أن تمنع القوائم غير اللائقة من دخول البرلمان عبر تصويتها الاحتجاجي".
واعتبر المتحدّث باسم حزب "اعتماد ملي" الإصلاحي إسماعيل كرامي مقدم، رفض مجلس صيانة الدستور أهلية المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين "مسيّسًا"، وأرجع سبب ترجيح طيف من السياسيين الإيرانيين التصويت الاحتجاجي إلى رغبتهم في الاعتراض على سلوك مجلس صيانة الدستور وأداء السلطات الحاكمة، لا سيما البرلمان الحالي.
وفي حديث للجزيرة نت، قال مقدم، إن "طيفا من التيارين الإصلاحي والمعتدل يرى في التصويت الاحتجاجي سبيلا لحفظ العملية الانتخابية وعدم التفريط بالاستحقاق الانتخابي عوضا عن المقاطعة، مشددا على ضرورة المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح القوائم والمرشحين الذين يعارضون سياسة الاستفراد بالسلطة".
61 مليونا و172 ألفا و298 إيرانيا يحق لهم التصويت في انتخابات 2024 (الجزيرة) الأوراق البيضاءوخلص مقدم إلى أن التصويت الاحتجاجي يبقى الأمل قائما لدى الناخب الإيراني لمنع إعادة سيطرة التيار المتطرف على البرلمان، موضحا أن شريحة وازنة من الإصلاحيين والمعتدلين يرون في قائمة "صوت الشعب" المستقلة بزعامة السياسي علي مطهري خيارا صائبا لتسجيل الصوت الاحتجاجي.
ويرى السياسي المحافظ محمد مهاجري، أن الأوراق البيضاء في الانتخابات إنما تدل على احتجاج الناخب على الوضع القائم، وستكون أفضل من المقاطعة بما يترتب عليها رفع المشاركة الشعبية من جهة، وتأكيد التزام الناخب بالنظام الانتخابي من جهة أخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت، أرجع مهاجري سبب ترجيح شريحة من الناخبين الإيرانيين التصويت الاحتجاجي والتصويت بالورقة البيضاء إلى إبعاد مرشحيها من المعترك الانتخابي أو عدم حضور مرشح مناسب لتلبية تطلعاتها من البرلمان المقبل، موضحا أنه يرى أن بيان حسن روحاني يدعو الناخبين المعترضين إلى الإدلاء بالأوراق البيضاء للاحتجاج على آلية الرقابة الانتخابية والعملية الانتخابية.
الحملات الانتخابية في مدينة قم جنوب طهران تتسم بالبرود (الجزيرة) إشارات الاحتجاجولدى إشارة الناشط السياسي المحافظ إلى أن شريحة من موظفي الحكومة تشارك بالورقة البيضاء لكي تتميز عن المقاطعين للعملية الانتخابية، عبر عن أسفه على عدم التقاط السلطة الحاكمة إشارات الناخب الإيراني الذي سجلها خلال الانتخابات الماضية عبر الأصوات الباطلة.
وعقب رئاسيات إيران 2021، قال المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي -لدى استقباله الرئيس إبراهيم رئيسي ومسؤولي السلطة القضائية- إن "من يأتي إلى المراكز الانتخابية ليس غاضبا من صندوق الاقتراع، وإنما يريد التصويت، لكنه عندما لا يرى المرشح الأمثل يدلي بصوت باطل، من الواضح أنه مهتم بالانتخابات ومهتم بصندوق الاقتراع ومهتم بالنظام".
وما عدا التصويت الاحتجاجي الذي يرمي إلى منع مرشحي تيار محدد من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان ومجلس صيانة الدستور، فإن شريحة من المراقبين الإيرانيين يرون أن الأصوات الباطلة والأوراق البيضاء ستنعكس إيجابا على استمرار الوضع الراهن في البلاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجلس صیانة الدستور الأصوات الباطلة حسن روحانی
إقرأ أيضاً:
إيغلاند: السودان يتجه نحو مجاعة بدأ عدها التنازلي
يان إيغلاند اعتبر أنه من غير المعقول أن تستحوذ أزمة السودان على جزء يسير من الاهتمام الذي استحوذت عليه قبل 20 عاماً بالنسبة لدارفور.
التغيير: وكالات
قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، السبت، إنّ السودان الذي يشهد حربًا مدمّرة يتجّه نحو “مجاعة بدأ عدّها التنازلي” ويتجاهلها قادة العالم، في حين تقتصر قدرات المساعدات الإنسانية على “تأخير الوفيات”.
وشدّد إيغلاند في مقابلة أجراها لوكالة “فرانس برس” في تشاد عقب زيارته السودان هذا الأسبوع، على أن البلاد تشهد “أكبر أزمة إنسانية على هذا الكوكب، أكبر أزمة جوع، أكبر أزمة نزوح… والعالم لا يبالي”.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حربًا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أوقعت عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص.
ويعاني وفق الأمم المتحدة نحو 26 مليون شخص داخل السودان من الجوع الحاد.
وأضاف إيغلاند: “قابلت نساء هن بالكاد على قيد الحياة، يتناولن وجبة واحدة من أوراق النباتات المسلوقة يوميًا”.
تحولات في المزاج الدوليويقول المجلس النرويجي للاجئين، إحدى المنظمات القليلة التي تواصل عملياتها في السودان، إن نحو 1,5 مليون شخص هم “على شفير المجاعة”.
وتابع إيغلاند: “العنف يمزق المجتمعات بوتيرة أسرع بكثير من قدرتنا على إيصال المساعدات”، وأضاف: “فيما نكافح من أجل الاستجابة لذلك، فإن مواردنا الحالية تؤخر الوفيات بدلًا من منعها”.
وقال إيغلاند: “من غير المعقول أن تستحوذ الأزمة في السودان حاليًا على جزء يسير من الاهتمام الذي استحوذت عليه قبل 20 عامًا بالنسبة لدارفور، عندما كانت الأزمة في الواقع أصغر بكثير”.
وأشار إلى أنه رصد تحوّلًا في “المزاج الدولي. وتحدّث عن “ميول أكثر قومية وأكثر تطلعًا إلى الداخل” لدى حكومات غربية يقودها سياسيون يضعون في المقام الأول “أمتهم، وأنفسهم وليس البشرية”.
وندّد بمسؤولين “قصيري النظر” سيدفعون ثمن مواقفهم عندما يتدفق أولئك الذين لم يساعدونهم إلى بلادهم لطلب اللجوء أو بصفة مهاجرين غير نظاميين.
نجاة من التطهير العرقيوقال إنه التقى في تشاد بشبان نجوا من التطهير العرقي في دارفور وقرروا عبور البحر المتوسط لمحاولة الوصول إلى أوروبا رغم غرق أصدقاء لهم سبقوهم في المحاولة.
في السودان، نزح واحد من كل خمسة أشخاص بسبب النزاع الحالي أو النزاعات السابقة، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ومعظم النازحين في دارفور حيث يقول إيغلاند إن الوضع “مروع ويزداد سوءًا”.
وفي ضواحي بورتسودان، المدينة الواقعة على البحر الأحمر حيث تتّخذ الحكومة المدعومة من الجيش ووكالات الأمم المتحدة مقرا، قال إيغلاند إنه زار مدرسة تؤوي أكثر من 3700 نازح حيث لم تتمكن الأمهات من إطعام أطفالهن.
وقال: “كيف يعقل أن الجزء الذي يسهل الوصول إليه في السودان يشهد جوعًا؟”.
وتفيد الأمم المتحدة بأن كلا الطرفين يستخدمان الجوع سلاحًا في الحرب. وتعرقل السلطات على نحو روتيني وصول المساعدات بعقبات بيروقراطية، فيما يهدّد مقاتلون في قوات الدعم السريع طواقم الإغاثة ويهاجمونهم.
وأضاف إيغلاند أن “الجوع المستمر هو مأساة من صنع الإنسان… كل تأخير، وكل شاحنة يمنع وصولها، وكل تصريح يتأخر هو حكم بالإعدام على عائلات لا تستطيع الانتظار يومًا آخر للحصول على الطعام والماء والمأوى”.
لكنه قال إنه رغم كل العقبات “من الممكن الوصول إلى كل أصقاع السودان”، داعيًا المانحين إلى زيادة التمويل ومنظمات الإغاثة للتحلي بمزيد من “الشجاعة”.
وأضاف أن “أطراف النزاعات متخصصون في إخافتنا ونحن متخصصون في الخوف”، وحضّ الأمم المتحدة ووكالات أخرى على “التحلي بقوة أكبر” وطلب تمكينها من إيصال مساعداتها.
الوسومالسودان المجلس النرويجي للاجئين المساعدات الإنسانية دارفور مجاعة يان إيغلاند