سودانايل:
2025-04-18@00:26:31 GMT

من صنع الطوطم؟

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

د. أحمد جمعة صديق
لعب الطوطم دوراً مهماً في هوية الشعوب البدائية اذ كان يعزز لديهم شعوراً بالتقارب والاتصال ومعرفة تراثهم الثقافي وأصولهم المشتركة من خلال انتمائهم العشائري كما كان الحال لدى عشائر الجاهلية في الجزيرة العربية. وورد في تعريفه ووظيفته أن الطوطم يُعتبر مقدساً في بعض الثقافات لأسباب تتعلق بتمثيله للقيم المحورية في حياة الجماعة، وليس فقط لمشاعر الإجلال والإكبار التي يحملها أفراد الجماعة تجاهه.

يعتبر الطوطم رمزاً يجسد القيم والمفاهيم التي يتمسك بها المجتمع، وتتضمن هذه القيم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية التي تشكل أساس التفاعلات والعلاقات بين الافراد العديد مثل قيم الوفاء والتضحية والشجاعة والإخلاص والتعاون والتسامح وغيرها والتي تشكل أساس التعايش السلمي والتفاهم بين أفراد المجتمع. فعلى سبيل المثال، في الثقافة اليابانية، يُعتبر الطوطم رمزاً للولاء والشرف والوفاء، حيث يرمز إلى الفروسية والإخلاص في خدمة الإمبراطور والوطن. وتظهر هذه القيم المحورية في الطوطم في القصص الشعبية فالأساطير والروايات والأفلام والفنون البصرية الأخرى غالباً ما تصوره (كشخصية خارقة أو بطل) يمثل الخير والشرف، ويقدم الدروس الأخلاقية والقيمية للمجتمع. هذا الفهم لصناعة الطوطم-كشخصية خارقة أو بطل يمثل الخير والشرف - يكون مقبولاً عند العقل الرعوي أو البدوي ويتمحور حوله الصراع الانساني للمجتمع الطوطمي تقديساً واجلالاً له.
• فهل تجسدت هذه القيم لتعطي (محمد حمدان دقلو) هذه الصفات الطوطمية من الحب والاجلال؟
• من صنع هذه السمات التمجيدية في هذا الرجل وتاريخه البسيط؛ الذي لم يكن ليؤهله لاكثر من أن يرتقي به من (راعي) ابل الى (تاجر) ابل، في افضل الاحوال، بين السودان ومصر ومالي والنيجر وليبيا.
ان موقفي من (حميدتي) هو موقف مبدئي من ان الرجل ليس الا قائد ميليشيا صنعت منه الاقدار ان يلعب فصلاً سيئاً في تاريخ السودان الحديث. فالرجل شريك لنظام الانقاذ منذ 2003 حين نال الشرعية بتكوين تلك المليشيات وتبعيتها المباشرة للفاسد عمر البشير لحمايته الشخصية، كما سمي الرجل ب (حمايتي) وللجيش الذي اعطاه صلاحيات التوأمة في خروجهم من رحم واحد كما قال البرهان، وليس لدوره في تنفيذ أجندة على المستوى القومي للسودان مدافعا ومنافحاً عن الارض والعرض.
ثم انقلب السحر على الساحر فكانت ثورة ديسمبر 2018 حيث لعب (حميدتي) دوراً غير منكور. وكان لهذا الدور ان يتجسد فيه (الكثير من الخير) لولا أن ساهمت هذه القوات نفسها في فض اعتصام القيادة في رمضان في 3-6-2019 وأزهقت الارواح ورمت باجساد الشهداء في النيل. ثم تاتي الطامة الأخري فيكون الدعم السريع شريكاً في انقلاب 25 -10-2023 وثالثة الأثافي هي اعلانه الحرب على الجيش في 15-4-2023 وبغض النظر عن شرعية هذا القتال دفاعاً عن النفس كما يدعي الدعم السريع أو حرباً ذات أهداف غير معلنة ؛ فان الدعم السريع قد واجه الرفض التام وعدم الرض حينما وجه آلته العسكرية الي صدر المواطن - نفسه - قتلاً ونهباً وسلباً واغتصاباً واحتلالاً لمساكنهم وفوق ذلك اتخاذ المدنيين دروعا بشرية في كل مدن السودان التي طالتها قواته.
وقد أدرك السودانيون ان الروح القتالية العالية للدعم السريع، ليس لعقيدة قتالية يؤمن بها الدعم السريع، أو قوانين وقواعد اشتباك تتميز بها الجيوش المنضبطة ويلتزم بها الدعم السريع، بل تعود الى تلك الروح والتركيبة النفسية لمقاتل الدعم السريع كفرد ميلشيا اقرب ما يكون الى المرتزق – وهذا ما ثبت في دور الدعم السريع في اليمن – منه الى جندي ذو عقيدة قتاليةيلتزم بقوانين عسكرية، أو فيما يسمى في العسكرية بقواعد االاشتباك. فلا غرابة اذن لتلك الممارسات المشينة التي طالت حتى القرى خارج العواصم الكبيرة لممارسة اغتنام الغنائم ولو اقتضى الامر القتل بلا رحمة. وطبعاً هذا الممارسة تستمد شرعيتها من أن الذين أسسوا لهذا الجيش غير النظامي اوعزوا اليه في ان لا يتحرج، بل من حقه أخذ الغنائم من (أعدائهم) وهو مفهموم بسيط تربت عليه هذه العقول البدوية في استحلال أموال الناس. كل هذا ولم نسمع ادانة واحدة من قيادات الدعم السريع بادانة هذه المماراسات لافراده بل تمجيد مستمر لقيادته المتمثلة في آل دقلو وحاشيىتها من العسكريين والمستشارين حول هذا الرجل. وفي ظني ان الرجل قد وصل الى ما وصل اليه عن طريق:
1. التعميد من الفاسد البشير لتكليفه المباشر بدور الحماية وقبلها مقاتلة كل من لا ينتمي لمن يتسمى بالقبائل العربية في دارفور.
2. احتلاله مناجم الذهب وأخذها عنوة من حليفه هلال مما جعل من قائد الدعم السريع من أكبر اغنياء العالم بمساعدة الروس في انتاج الخام والامارات كمشتري لهذه السلعة وتمويل الدعم السريع كحليف في اليمن وربما في ليبيا.
3. الافادة من هذا الريع المالي في شراء أفضل العناصر من الجيش السوداني كضباط في الدعم السريع.
4. الافادة من ريع الذهب في شراء مجموعة معتبرة من المثقفين والقبليين والانتهازيين للعمل كمستشارين في كافة المواقع.
5. لعب هؤلاء المستشارون الدور الاكبر في صناعة الطوطم ولاشك قد قدموا له امثلة كثيرة لحكام في مثل وضعه أو أدني. وظني - وان بعض الظن أثم - انهم قد حدثوه عن (بوكاسا) بانه لم يكن سوى عريفاً في الجيش الفرنسي عام 1940، حكم أفريقيا الوسطى ونصب نفسه امبراطوراً وشبه اله. ثم (عيدي امين دادا) لم يكن هو الآخر سوى عسكرياً في جيش جلالة ملكة بريطانيا، و(سلفا كير) نموذج آخر قريب منا، لم ينل قدراً عال من التعليم أو تدريب في وست بوينت، و(علي عبدالله صالح) كان يحلو للرئيس المصري ان يطلق عليه لقب الشاويش على. والامثلة مع الفارق كثيرة ودونك الملك فهد واخوته لم يتخرجوا من اوكسفورد او سانت هيرست ولكن تركوا بعض البصمات الايجابية في بلدانهم. كانت المملكة العربية السعودية اكبر مانح في تاريخ البشرية كما شهد بذلك وزير خاجية السودان حينها (جمال محمد أحمد) وامثلة كثيرة ولا ينسى دور الملك فيصل حكيم العرب ونصير القضية الفلسطينية. ظني ان الرجل قد طرح عليه هذا التاريخ فحاك في نفسه ان يلعب هذا الدور ليكون حاكما للسودان. لاشك ان هذه هي الصورة الطوطمية التي طرحها مستشارو (حميدتي) ليستوعبها عقله الطامع في السلطة بأسرع ما يكون ويعمل نحوها بانتهاز أية فرصة تؤدي لذلك حتى ولو كان الامر بتفريغ العاصمة من سكانها كما صرح هو بذلك يوماً بأن تلك العمارات ستحتلها القطط والكلاب.
وكل ما فعله حميدتي في ان يتطلع للحكم والثروة والجاه أمر طبيعي ومشروع، لولا أن السياق الذي حدث فيه غير مقبول بل والنهاية المحتومة، طال الزمن او قصر، سيحاكم الشعب السوداني كل من تسبب في أذيته سواء اكان من جنود الدعم السريع وقياداته ومستشاريه أو من الجيش السوداني الذي فشل تماماً في الايفاء بعهده في حماية الانسان السوداني أرضه وعرضه اذ تلك هي مهمته التي كات تستهلك ما لايقل عن 80% من ميزانية السودان لنكتشف ان تلك كانت مجرد فزاعة أو فقاعة أهدرت ارواح أبناء شعبنا وحكمت بالحديد والنار وأضاعت على السودان نصف قرن على الاقل من التنمية والتقدم. وهذا طوطم آخر من صنعه؟


aahmedgumaa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مخاوف اممية من سقوط مزيد من المدنيين على يد “الدعم السريع” 

 

الجديد برس|

 

أعربت منظمات أممية وجماعات حقوقية عن مخاوفها من احتمال وقوع أعمال وحشية إضافية على يد قوات الدعم السريع التي تواصل قصفها المميت لمدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور.

 

ووفقا لتقارير إعلامية فقد تحدثت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية عن سقوط أكثر من 500 مدني بين قتيل وجريح بينهم عشرة من موظفي منظمة الإغاثة الدولية خلال اقتحام الدعم السريع لـمخيم زمزم الذي كان يؤوي مئات آلاف النازحين.

 

والأسبوع الماضي، اقتحمت قوات الدعم السريع المخيم الذي كان مكتظا بالنازحين الذين أنهكهم الجوع والخوف، وتقول الأمم المتحدة إن مئات الفارين من النساء والأطفال لا يزالون في عداد المفقودين.

 

وأشار تقرير إلى فرار أكثر من 400 ألف نازح من مخيم زمزم، ووصل معظمهم لمنطقة “طويلة” التي تبعد عن الفاشر بنحو 60 كيلومترا إلى جهة الغرب.

 

وقطع الفارون رحلة شاقة سيرا على الأقدام عانوا خلالها أهوال الجوع والعطش والتعب، بينما قضى بعضهم على طول الطريق.

 

وأكد مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دانيال مالي في تقرير للجزيرة أن قوات الدعم السريع سبق لها شن هجمات على مخيمات النازحين رغم نفيها القيام بهذه الأمور.

 

ومع دخول الحرب عامها الثالث، فإن المخاوف التي تتهدد المدنيين في السودان لا تنحصر بمدينة الفاشر ومخيماتها فقط، كما يقول دانيال.

 

كما أكد آدم رجال -المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بدارفور- أن الوضع الإنساني في الفاشر يتطلب نداء إنسانيا عاجلا، وتحركا لإنقاذ حياة هؤلاء الضحايا.

 

واليوم الخميس، قال مصدر عسكري إن الدعم السريع قصفت بالمدفعية الثقيلة مخيم “أبو شوك” شمال غرب الفاشر، فيما قال الجيش السوداني إنه والقوات المتحالفة معه تمكنوا من صد هجوم على شمال شرق وشمال غرب المدينة. وأكد الجيش مقتل 62 مدنيا بينهم 15 بسبب قصفهم من جانب الدعم السريع، فضلا عن إصابة 75 آخرين.

 

وأمام ثالوث المجاعة والقتل والتقسيم يتأجل الحسم العسكري وتتعقد التسوية السياسية أيضا، بينما تكتفي الأمم المتحدة بتكرار نداءاتها لوقف تدفق الأسلحة والمقاتلين على السودان، لتناشد الجهات الداعمة للحرب استخدام نفوذها لصالح الشعب السوداني بدلا من إطالة محنته.

 

ولا تزال مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في مرمى أهداف قوات الدعم السريع باعتبارها آخر مدينة رئيسية في الإقليم ظلت خارجة عن سيطرتها.

 

لكن الجيش السوداني يواصل مجابهة محاولات إسقاط المدينة بمزيد من القصف المدفعي، ويقول إنه كبد الدعم السريع خسائر بشرية ومادية كبيرة، ودمر طائرات مسيرة انقضاضية أطلقتها خلال الساعات القليلة الماضية.

 

واستعاد الجيش السوداني السيطرة على العاصمة الخرطوم أواخر مارس/آذار الماضي بعد معارك عنيفة ضد قوات الدعم السريع، وتمكن خلالها من تحطيم قوتها الصلبة واغتنام أسلحة متطورة والقضاء على عدد كبير من عناصرها.

 

وقال المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة إن الوقت قد حان للمضي في مسار سياسي يشمل الجميع وينهي الصراع ويحول دون معاناة الشعب، مضيفا أن “المدنيين في السودان يتأثرون بتداعيات صراع رهيب، ولا حل عسكريا للأزمة”.

 

كما قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إن “معاناة شعب السودان فادحة وعلى الطرفين ومن يدعمهما إنهاء الحرب”.

 

وكانت الأمم المتحدة أعربت أمس الأربعاء عن قلقها العميق إزاء خطر “تفكك” السودان، وذلك بعد إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الثلاثاء تشكيل حكومة منافسة في الذكرى الثانية لاندلاع الحرب.

 

 

مقالات مشابهة

  • بكري: ميليشيا الدعم السريع تسعى لفرض مسلسل الفوضى في السودان
  • مخاوف اممية من سقوط مزيد من المدنيين على يد “الدعم السريع” 
  • منظمات إغاثية تخشى سقوط مزيد من المدنيين على يد الدعم السريع
  • خارجية الدول السبع تتخذ موقفا من هجمات الدعم السريع على مخيمات النازحين
  • أمريكا تندد بهجمات قوات الدعم السريع على مدنيين في السودان
  • الجيش السوداني يعلن القضاء على 8 أفراد من قوات الدعم السريع
  • أمريكا تنتقد التصعيد.. الدعم السريع تعلن حكومة موازية في السودان
  • مجموعة السبع تندد بهجمات ميليشيات الدعم السريع ضد المدنيين في السودان
  • مجزرة في مدينة الفاشر.. الدعم السريع يقتل 15 شخصا ويصيب 20 آخرين
  • الجيش السوداني: نفذنا ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريع شمال شرق الفاشر