علي جمعة: ابتعدنا عن منهج الله فعمت الفوضى
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن ابتعاد المسلمين عن منهج ربهم يؤكد ضياع المقياس من أيديهم فذهبوا شذر مذر، وتفرقوا ، وفي تلك الآيات المتتابعة التي ترشدنا لمتابعة حكم الله ومنهجه المعاني العظيمة، فذكرنا قوله تعالى : ﴿أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة :50] أن المسألة تحتاج إلى يقين وإذا اختل اليقين تحول إلى ظن، واختل الإيمان بالله وموعوده، والله جعل الجنة لمن صدق بموعوده، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة».
ومنيحة العنز هي أن تعطي جارك عنزتك يحلبها يوما أو يومين ثم يردها بحالها إليك فلا تتكلف شيئا، فما بالك بأدنى تلك الخصال إن كانت هذه أعلاها، عمل قليل مع صدق في التوجه ويقين بالوعد والموعود يدخل المسلم جنة ربه بسلام، هكذا أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
ثم يحذرنا ربنا في الآية التالية عن موالاة أعدائه، ويشتد التحذير بأنه سبحانه أخبرنا أن جزاء تلك الموالاة يجعلنا مثلهم، بل منهم عند ربنا، فيقول تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة :51] في مفاصلة واضحة وحكم مبين، بل يشتد الوعيد بعد هؤلاء الواقعين في موالاة أعداء الله سبحانه وتعالى من الظالمين الذين لا يهديهم الله.
وعنوان هؤلاء الظالمين -الذين في قلوبهم مرض- عبر التاريخ هو «نخشى أن تصيبنا دائرة» يقول تعالى : ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِى أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة :52] فهؤلاء يخشون الناس ولا يخشون ربهم، يقول تعالى : ﴿يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء :77].
والصالحون يخشون ربهم، ولا يخشون أحدا إلا الله، يقول تعالى : ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب :39]، والله يطلب منا ألا نخشى أحدا غيره، ويطمئن قلوبنا لذلك فيقول تعالى : ﴿اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة :3]
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: یقول تعالى
إقرأ أيضاً:
التقوى.. سر مفتاح الخير ومغاليق الشر
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، أن التقوى هي مفتاح الخير ومغلاق الشر، مستشهدًا بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}.
وأوضح أن التقوى تشمل أبعادًا متعددة تجمع بين الإيمان بالله، والعمل بأوامره، والاستعداد للقاء الله يوم القيامة.
مفهوم التقوى كما ورد عن سيدنا علي رضي الله عنه
وأضاف جمعة أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لخَّص مفهوم التقوى بقوله: "التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".
وأوضح أن هذه العبارة تحتوي على معانٍ عميقة تُجسِّد مفهوم التقوى، حيث تبدأ بالإيمان بالله والخوف منه، الذي يترتب عليه الابتعاد عن المعاصي، ثم الرضا بأقدار الله والعيش بالقليل دون تذمر، وصولًا إلى الاستعداد للحساب يوم القيامة.
أبعاد التقوى: الماضي، الحاضر، والمستقبل
وأشار جمعة إلى أن التقوى تتناول الجوانب الثلاثة الكبرى في حياة الإنسان: الماضي، الحاضر، والمستقبل. ففي الماضي، يُبرز الإيمان بالله كخالق للكون والإنسان، مع التأكيد على التسليم بإرادته، حيث قال: "الإيمان بالله يجيب عن سؤال البشرية المحير: من أين جئنا؟"
وتابع جمعة: "أما الحاضر، فهو يتصل بالعمل بالتكليف الذي أنزله الله، من خلال اتباع أوامره واجتناب نواهيه، وهذا يشمل الالتزام بالشريعة والرسالة السماوية".
الاستعداد ليوم الرحيل
وفيما يتعلق بالمستقبل، أكد أن الإسلام يوجه الإنسان للإيمان باليوم الآخر والاستعداد ليوم الحساب، لافتًا إلى أن بعض العقائد الأخرى تتبنى مفاهيم خاطئة مثل تناسخ الأرواح أو إنكار القيامة، وهو ما وصفه بالعقائد الفاسدة.
الإيمان والعمل أساس التقوى
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن التقوى تجمع بين الإيمان والعمل، مشيرًا إلى قول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. ودعا إلى التأمل في أبعاد التقوى والعمل بها لتحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة.