مشاري الذايدي*

الحقيقة كما يُقال هي أولَى ضحايا الحروب، هذا كانَ يقال قديماً حين كانت وسائل التضليل ومنصات البروباغندا بدائية، غاية ما تخيف به العدو، وتشحذ همَّة الولي القريب، هي قصيدة شاعر، وخطبة ناثر، وربما حفنة من الإشاعات ينقلها أفراد في مجالس القرية أو جوامع المدينة.

اليوم ومع انفجار الحروب السيبرانية، والميزانيات الهائلة التي ترصدها الدول لهذا النوع من الحروب، يصبح ذبحُ الحقيقة تحصيلَ حاصل، وصنع حقيقة بديلة، أو بعبارة ثانية التنافس على أي سردية تسود لتفسير وتوجيه هذا الحدث أو ذاك، لصالح هذا الطرف أو ذاك.

أخبار قد تهمك لماذا العالم في الرياض؟ 28 يناير 2015 - 12:16 مساءً

هنا يصبح السؤال لدى محركي المجتمعات، وأهم محرك هو الدولة عبر أجهزتها الصلبة الظاهرة والخفية: ما هي الحقيقة أصلاً؟ هل المهم هي الحقيقة بذاتها أو ما يقتنع به العموم؟

نقترب أكثر من لغة اليوم:

فيديو ملتقط لشخص ما، أو مقطع مجتزأ من مقابلة مع شخص ما، يشاء حظه الأغبر أن تصطاده سنارة السوشيال ميديا ويصبح «ترنداً» يتهافت على متابعته والتعليق عليه المعني وغير المعني، و«زعيط ومعيط ونطاط الحيط»، كما يقال بالدارجة، ليجد صاحب القرار الرسمي نفسه ملزماً باتخاذ موقف لتسكين الناس.

كان الساسة منذ القديم يخشون تحرك وحشَ العامة، وديدنهم هو إبقاء العوام بعيداً عن استخدامهم وقوداً في موقد السياسة من طرف داخلي أو خارجي.

ثمة عبارات قاسية من شتى الثقافات في ذم العوام وثقافتهم المدمرة، مثلما ينسب لعلي بن أبي طالب، وقيل لغيره، أنه رأى البعض وهم محتشدون، فقال قبَّح الله هذه الوجوه ما اجتمعت إلا على شرّ وما افترقت إلا إلى خير، وذاك أن كل صاحب مهنة ينصرف إلى مهنته فينتفع الناس!

ربما رأى البعض أن في هذه المواقف فوقية ونرجسية (لذلك نرى بعض المثقفين الشعوبيين العرب يسارع إلى مغازلة جمهور السوشيال ميديا العوام بدعوى انحيازه لصوت الناس البسطاء!).

الواقع يقول إن الناس البسطاء هؤلاء وقفوا بالمرصاد ضد العلم والعلماء والأدب والأدباء والإبداع والمبدعين عبر التاريخ… فمن باشر إحراق العلماء والمخترعين والفلاسفة وسجنهم ومطاردتهم إلا العوام بأمر من حراس التخلف من ساسة ورجال دين.

حاصل القول، إنه وفي ظل الاحتراب العالمي الشامل بين الغرب والشرق. الصين وروسيا ومن معهما من جهة، وأميركا وأوروبا ومن معهما، فإنَّ معرفة الحقيقة، مهمة صعبة جداً، مع تسونامي التضليل الممنهج الذي ينطلي أحياناً على الكبار ومن لديهم أثارة من عقل، فما بالك بالمراهقين و«العوام»؟!

صانَ الله عقولَنا وحفظ لنا ألبابَنا وبلادَنا في غمرة حفلة الكذب العالمي السائدة.

*كاتب سعودي
*نقلاً عن: aawsat.com

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

إقرأ أيضاً:

“المنتدى العالمي للمياه 2027” يقترح (6) مسارات إستراتيجية للعمل عليها في العامين المقبلين

اختتمت أعمال اللقاء التحضيري الأول للمنتدى العالمي للمياه 2027، في الرياض باقتراح ستة مسارات إستراتيجية لأعمال المنتدى، والعمل عليها خلال العامين المقبلين، بالشراكة بين المملكة والمجلس العالمي للمياه، وأصحاب المصلحة كافة.

وشملت المواضيع المقترحة: الأمن المائي، وتمويل المياه، ودبلوماسية المياه، والمياه للإنسان والطبيعة، وقيمة المياه، والابتكار في مجال المياه.

وشهد اللقاء التحضيري خلال يومي 14 و15 أبريل 2025م، الاجتماع الافتتاحي واجتماع أصحاب المصلحة، وعقد جلسات عمل موسعة لمناقشة محاور المواضيع الرئيسة، بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين، وتم التوسع في تحديد محاور كل موضوع ليتم مناقشتها والعمل عليها خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضاًالمملكة“الخارجية” : المملكة ترحب باستضافة سلطنة عُمان للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة

واختار اللقاء قادة عمل ممثلين للمملكة والمجلس العالمي للمياه، وذلك لإدارة النقاشات وتحديد الإجراءات، لتفعيل العمل المستدام والبناء على تلك المواضيع، بما يحقق أهداف المنتدى العالمي للمياه 2027.

وأكد اللقاء عقد ورش عمل واجتماعات مستمرة خلال العامين القادمين، بمشاركة أصحاب المصلحة كافة، وعرض النتائج الأولية لمخرجات ورش العمل والاجتماعات في اللقاء التحضيري الثاني لأصحاب المصلحة والمزمع عقده في مارس 2026.

يُذكر أن المنتدى العالمي للمياه، الذي يُنظمه المجلس العالمي للمياه بالمشاركة مع الدول المستضيفة، يعد الحدث الأكبر والأهم في مجال إدارة المياه عالميًا، ويوفر منصة لتبادل الأفكار والمعرفة والتعاون بين الأطراف المعنية حول العالم، ويتيح الفرص لطرح أفضل الممارسات الدولية، وإيجاد سبل التعاون لضمان الإدارة المستدامة لموارد المياه على مستوى العالم.

مقالات مشابهة

  • “المنتدى العالمي للمياه 2027” يقترح (6) مسارات إستراتيجية للعمل عليها في العامين المقبلين
  • الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب ترفض أن يكون “الناتو” أداة لخوض الحروب أو تمويلها
  • تجسد محطات من ذاكرة الثورة السورية… توقيع رواية “بين ساعتين” في مديرية الثقافة بحمص
  • تحت رعاية خالد بن محمد بن زايد.. انطلاق النسخة الثانية من “أسبوع أبوظبي العالمي للصحة”
  • خيسوس كاساس يودع العراق: “أحمل ذكريات لا تُنسى… ولا أخفي خيبة أملي”
  • شاهد بالصورة والفيديو.. زواج أحد أبطال معركة “المدرعات” يخطف الأضواء ويتصدر “الترند” على السوشيال ميديا بالسودان
  • تركيا… النعامة “هدهد التركية” تعود إلى صاحبها بسبب “الوحدة والاكتئاب”
  • “استدامة” تطلق مبادرة لتوزيع 15 ألف شتلة ورد في الملتقى العالمي للورد بالطائف
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُطلق سلسلة “أطفال العربية”
  • نهاية كابوس في شوارع إسطنبول… القبض على “آلة الجريمة” البالغ من العمر 17 عامًا والمطلوب في 160 جريمة