يعيش مرضى السرطان معاناتهم مع الأزمات الضاغطة بثقلها على مقدرات البلد، لتضاعف من آلامهم الجسدية والنفسية. ووفقًا لمعطيات منظمة الصحة العالمية لعام 2020 هناك خمسة أنواع من امراض السرطان أكثر انتشاراً في لبنان وهي سرطان الثدي، يليه سرطان الرئة، فالبروستات، ثم القولون، وأخيراً سرطان المثانة. وبالمقارنة مع تقارير سابقة للمنظمة، نجد أن هذه الأنواع من السرطانات في لبنان، ما زالت هي نفسها منذ 2016.

    
ويمكن اختصار معاناة مرضى السرطان، بأوجاع احدى المصابات، التي تحدثت عن وضعها بحزن عميق، وقالت: "هاجس الموت لا يفارقني، أصارع المرض كما يفعل كافة أصدقائي المصابين، ومسؤولية تأمين العلاج تقع على كتف زوجي وفي أغلب الأحيان لا يكفي راتبه لشراء الأدوية المطلوبة، أو أن المال يذهب سدًا في ظل انقطاع الدواء".  
أسباب الأمراض السرطانية  
عالميًا، من المتوقّع أن تزداد أعداد مرضى السرطان بنسبة 77 في المئة، وسيصل العدد الى أكثر من 35 مليون مريض في عام 2050، وفق وكالة مكافحة السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. أمّا في الشرق الأوسط، فمن المرجح أن يتضاعف الرقم إلى 1.57 مليون إصابة بحلول 2045. فماذا عن وضع لبنان؟  
أشار وزير الصحة فراس الأبيض في حديث خاص لـ"لبنان 24" الى أن "العوامل الوراثية تشكل تقريبًا 40% من الحالات المصابة، والعوامل المرتبطة بالبيئة وعادات المريض تقارب الـ 60% ".  
وبحسب ما تفيد منظمة الصحة العالمية، فان تعاطي التبغ هو المسبب الأول للوفاة وهو أمر يمكن الحد من تأثيره على مستوى العالم، ويودي بحياة حوالي 6 ملايين شخص سنوياً، ثلثهم تقريباً يموتون مصابين بالسرطان. وإذا ترك الأمر من دون ضوابط فقد ترتفع نسبة الوفيات المرتبطة بالتبغ على مستوى العالم إلى أكثر من 8 ملايين بحلول عام 2030. ويقول الأبيض: "تتراوح نسبة المدخنين من الشعب اللبناني ما بين الـ60 و70%، وهذا العدد الضخم يرفع معدل الاصابات بالسرطان، بالاضافة الى العوامل البيئية كتلوث المياه والهواء والنظام الغذائي غير الصحي".  
وفي سؤال للأبيض عمّا اذا كانت نسبة المصابين بالسرطان تختلف بين منطقة لبنانية وأخرى، أجاب: "الأماكن التي تشهد تلوثًا بيئيًا أكثر ممكن أن يرتفع فيها معدل الاصابات مقارنة مع سائر المناطق".  
الخدمات الصحيّة
  يُعدّ مرض السرطان من الأمراض الأكثر كلفةً في العلاج، فهو يتطلب علاجاً خاصاً وطويلاً ضمن بروتوكولات معتمدة، وكلما كان اكتشاف المرض مبكراً، كانت كلفة العلاج أقل وتراجعت نسبة الوفيات.  
وقال الأبيض: "وزارة الصحّة عملت على نظام التتبع والبروتوكولات، ومن خلال بعض الاعتمادات التي توفّرت، تحسّن الوضع مقارنة بالفترة الأخيرة، ولكن بالتأكيد علينا الاستمرار بالعمل لتأمين العلاج لجميع المرضى".  
وتابع: "الأهم من العلاج هو التركيز على طرق الوقاية، والوزارة أطلقت في تموز 2023 الخطة الوطنية لمكافحة السرطان، وفي هذا الشهر سنبدأ بحملة التثقيف في المدارس للاطفال عن كيفية تجنب مسببات السرطان واثار التدخين السلبية".  
الى ذلك، أشار الوزير الى أن: "وزارة الصحة تعمل على تأمين لقاح سرطان عنق الرحم، وعلى أمل أن تنطلق حملة "الماموغرافي" أي "صورة التشخيص الشعاعي" لسرطان الثدي، فمن خلال الوقاية والتشخيص المبكر يمكننا الحد من انتشار هذا المرض الخبيث".  
مصير المرضى السوريين والفلسطينيين  
في السابق، كانت الأونروا تغطّي للاجئين الفلسطينيين المرضى 50% من كلفة الدواء على ألّا يتعدى سقف التغطية 8،000 دولار أميركي لكل مريض، ويتحمل المريض 50% بالإضافة إلى كلفة العلاج في المستشفى. وبالنسبة إلى النازحين السوريين، كانت تقدّم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين العديد من الخدمات الصحية للمسجلين لديها والذين يتراوح عددهم بين 800،000 و1،200،000 نازح، باستثناء العلاج من الأمراض السرطانية. أمّا اليوم، بعد أن تخلّت المنظمات عن هؤلاء المرضى، فان ربع المقيمين الفلسطينيين والسوريين تقريباً على الأراضي اللبنانية، لا يحظون بأي تغطية صحية.  
ويقول الابيض: "تأمين علاج المرضى السوريين والفلسطينيين يقع على عاتق الأمم، ولا يمكن تحميل المسؤولية للدولة المضيفة وحدها، فكيف الحال اذا كان عدد النازحين يشكل ثلث سكان لبنان؟". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مرافقو المرضى.. معاناة طويلة وآثار نفسية وجسدية في رحلة الدعم والتعافي

لا تقتصر أهمية المستشفيات المرجعية بتوفير الرعاية الصحية للمرضى، بل تمتد لتشمل تقديم خدمات أصبحت مهمة لزوار وأسر المرضى والذين يمثلون جزءاً أساسياً من رحلة التعافي، إذ إن الدعم النفسي الذي يقدمه المرافقون لا يقل أهمية عن العلاجات الطبية التي يتلقاها المرضى، وتبقى الحاجة ملحّة لتوفير بيئة ملائمة لهؤلاء المرافقين، وخاصة القادمين من ولايات بعيدة، ممن يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات كبيرة، أبرزها غياب صالات انتظار مجهزة ومهيأة تليق بدورهم الفاعل في الصحة النفسية للمرضى، وتوفر لهم قدراً من الراحة والخصوصية. وفي هذا السياق سلطت "عمان" الضوء على هذه المعاناة واستطلعت آراء عدد من المواطنين الذين أجمعوا على أهمية إيجاد حلول عملية وفورية تسهّل زيارة المرضى وتخفف من أعباء المرافقين، خصوصًا مع تكرار هذه المعاناة في المستشفيات المرجعية الكبرى بسلطنة عمان.

معالجة التحديات

يعبر سلمان بن حمد الفارسي، عضو المجلس البلدي بولاية مصيرة ورئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئية بالمجلس البلدي لمحافظة جنوب الشرقية، عن واقع المرافقين قائلاً: "في كل رحلة علاج هناك رفيق صامت يتشارك المعاناة ويسهر بقلق ويترقب الأمل، إنه مرافق المريض، الذي يتحمل مشاق الانتظار ويعيش تفاصيل القلق بصمتٍ مؤلم". ويضيف: "في الوقت الذي تنصب فيه جهود المؤسسات الصحية على تقديم أفضل الخدمات الطبية، كثيرًا ما يُغفل هذا الرفيق، الذي يتحمّل عبء الانتظار في ظروف قد لا تليق بكرامة الإنسان، خصوصًا حين يكون من أبناء الولايات البعيدة الذين يتكبدون مشاق السفر وتكاليف الإقامة الطويلة".

وأشار الفارسي إلى أن وزارة الصحة تبذل جهودًا كبيرة لتطوير القطاع الصحي، وتعمل إدارات المستشفيات الحكومية على تقديم تسهيلات مستمرة للمواطنين والمراجعين، سواء من حيث جودة الخدمات أو سلاسة الإجراءات وتوفير الكوادر المؤهلة، وهو ما يعكس حرص سلطنة عمان على تحقيق منظومة رعاية صحية متكاملة. ومع ذلك، فإن الملاحظات الواردة من المواطنين عبر لجنة الشؤون الصحية والبيئية بالمجلس، فضلاً عن الجولات الميدانية، كشفت حجم المعاناة التي يواجهها المرافقون.

وانطلاقًا من هذا الواقع، يعمل المجلس البلدي حاليًا على إعداد مقترح متكامل لمبادرة إنسانية بعنوان "رفيق الشفاء"، والتي سيتم طرحها رسميًا في الجلسات القادمة للمجلس بمحافظة جنوب الشرقية، بهدف اعتمادها كحل عملي ومستدام لمعالجة واقع مرافق المريض. وتستند المبادرة إلى قناعة راسخة بأن المرافق يمثل ركيزة نفسية وداعمة في رحلة العلاج، ولا بد من توفير بيئة إنسانية تحفظ كرامته وتمنحه الحد الأدنى من الراحة والأمان.

ويؤكد الفارسي أن أبرز التحديات التي يواجهها المرافقون تتمثل في ساعات الانتظار الطويلة التي تمتد أحيانًا لمنتصف الليل دون وجود أماكن مهيأة للاستراحة، إضافة إلى الافتقار للمرافق الأساسية، واضطرار البعض للجلوس في الممرات أو مواقف السيارات، مما يتسبب في مشقة جسدية ونفسية، خاصة لكبار السن والنساء. كما أن التكلفة المرتفعة للإقامة في أماكن خاصة تشكّل عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المحدود.

تكاليف مادية

ويقول بدر العمري من ولاية صور: "نعاني كثيراً حين نراجع أهالينا في المستشفيات؛ فالمسافات طويلة والتكاليف باهظة، والتردد بين أوقات الزيارة مرهق للغاية، خصوصًا ونحن من مناطق بعيدة عن محافظة مسقط. من الصعب جداً الذهاب والعودة في اليوم نفسه، ونضطر في كثير من الأحيان لاستئجار سكن قريب من المستشفى، وهي تكلفة لا تقدر عليها بعض الأسر".

ويضيف العمري: "هناك أسر كثيرة غير مقتدرة مادياً تضطر للانتظار خارج المستشفى تحت ظل الأشجار، متحملةً الظروف المناخية القاسية من حرارة أو برد، دون أن تجد مأوى أو مكانًا للراحة، مما يزيد من معاناتهم النفسية والجسدية. ونأمل من الجهات المعنية النظر لهذه الفئة بعين الإنسانية والرأفة، والعمل على توفير صالات انتظار تليق بكرامتهم، وتخفف عنهم هذه المشقة المضاعفة".

تنظيم عملية الانتظار

من جانبه، يقول فيصل بن علي الرواحي: "نواجه تحديات يومية أثناء زيارتنا للمستشفيات، خاصة أولئك الذين يقطعون مسافات شاسعة من ولايات بعيدة، حيث تصبح رحلتهم إلى المستشفى رحلة مليئة بالعناء والصعوبات.. الانتظار قد يستغرق ساعات طويلة في ممرات ضيقة أو ساحات خارجية لا توفر أدنى مقومات الراحة، ولا مظلات ولا مقاعد، ناهيك عن غياب دورات المياه النظيفة أو أماكن لتناول الطعام، مما يجعل التجربة مرهقة نفسيًا وجسديًا، وخصوصًا لكبار السن والنساء".

ويضيف الرواحي: "هذه ليست مجرد معاناة مؤقتة، بل هي فجوة حقيقية في منظومة الرعاية الصحية، ولا تتعلق فقط بالراحة، بل تمس كرامة الإنسان بشكل مباشر. لذلك، فإن إنشاء صالات انتظار مكيفة مزودة بكراسٍ مريحة، ومراعاة خصوصية العائلات وكبار السن، وتوفير خدمات أساسية مثل دورات مياه، وبرادات مياه، وأجهزة شحن للهواتف، بات أمرًا ضروريًا".

ويقترح الرواحي تخصيص ركن للأطفال يحتوي على ألعاب بسيطة أو وسائل ترفيه آمنة لتخفيف التوتر عن العائلات أثناء فترة الانتظار، إلى جانب مقهى صغير يوفر مشروبات ومأكولات خفيفة بأسعار رمزية، وشاشات إلكترونية تعرض مواعيد المراجعات لتسهم في تنظيم حركة الزوار، كما شدد على أهمية التعاون مع المجتمع المدني من خلال مبادرات تطوعية لدعم هذه الصالات وتجهيزها، مما يعكس روح التكافل بين المؤسسات والمواطنين.

التكامل الصحي

جدير بالذكر أن هذه الشهادات والآراء تُبرز أهمية توفير بيئة داعمة وإنسانية لمرافقي المرضى في المستشفيات المرجعية، ليس فقط من باب التكامل الصحي، بل كضرورة حضارية وأخلاقية وأيضا لدورهم الفاعل في صحة المرضى ورحلة العلاج، والمبادرات المطروحة مثل "رفيق الشفاء" تمثل خطوة واعدة نحو ترسيخ هذا التوجه، وتؤكد أن تحسين جودة الرعاية لا يقتصر على تقديم العلاج، بل يشمل الاهتمام بكل من يشارك المريض رحلة الشفاء.

واصل وزارة الصحة في سلطنة عمان بذل الجهود الحثيثة لتحسين جودة الخدمات الصحية وتطوير البنية التحتية للمستشفيات والمرافق الصحية، بما يتماشى مع الأهداف الطموحة لرؤية عمان 2040. حيث تعمل الوزارة على توفير بيئة صحية متكاملة تسهم في رفاهية المواطنين والمقيمين، وتحقيق مستوى عالٍ من الرعاية الصحية. وفي هذا السياق، تسعى الوزارة إلى تعزيز تجربة المرضى والمرافقين على حد سواء، من خلال تحسين الخدمات المقدمة، وتوفير بيئات علاجية وداعمة تساهم في التخفيف من الأعباء النفسية والجسدية.

كما أن هذه التطلعات مع "رؤية عمان 2040"التي تضع الصحة العامة وجودة الحياة في صدارة أولوياتها، مع التركيز على تطوير القطاع الصحي ليكون أكثر قدرة على تلبية احتياجات المواطنين، وضمان تقديم خدمات طبية بمستوى عالٍ من الجودة والكفاءة. وتعكس مبادرة "رفيق الشفاء" وغيرها من المشاريع التي تقوم بها وزارة الصحة التزامها العميق بتحقيق هذه الرؤية، من خلال تحسين وتسهيل رحلة المرضى والمرافقين، وتعزيز الدور المحوري للمرافقين في دعم رحلة العلاج، وهو ما يمثل جزءاً من استراتيجيات عمان المستقبلية لبناء مجتمع صحي ومتكامل.

إن تحسين الخدمات الصحية والمرافق المساندة للمرافقين هو خطوة أساسية نحو تعزيز تجربة الرعاية الصحية في سلطنة عمان، ويعكس مدى التزام الحكومة العمانية بالارتقاء بمعايير الحياة الصحية، وعبر دمج الجهود المبذولة من قبل وزارة الصحة مع "رؤية عمان 2040" فإن هذه المبادرات تمثل خطوة واعدة نحو خلق بيئة صحية داعمة للجميع، بما يساهم في تعزيز رفاهية المجتمع العماني وتحقيق تطلعاته نحو المستقبل، مع تطلُّع دائم نحو مزيد من المبادرات والشراكة المؤسسية لتشمل فئة مرافقي المرضى في المستشفيات ودعمهم بكل الوسائل لتحقيق تكامل في المنظومة الصحية.

مقالات مشابهة

  • تعرّف على خدمات «خيرية سعود المعلا» للمرضى في أم القيوين
  • معظمهم من السودانيين .. أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
  • ضوابط دخول المرضى منشآت الصحة النفسية بحكم القانون
  • مرافقو المرضى.. معاناة طويلة وآثار نفسية وجسدية في رحلة الدعم والتعافي
  • دراسة تكشف أحد عوامل ارتفاع حالات سرطان الأمعاء.. ما علاقة مرحلة الطفولة؟
  • وزير الصحة: نعمل على توسعة البروتوكولات وإدخال أدوية حديثة ولقاح عنق الرحم
  • أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
  • اختبار دم بسيط قد يكشف عن 12 نوعا من السرطان
  • دراسة: الجهاز المناعي لكبار السن يستجيب جيدا لأدوية السرطان رغم ضعفه
  • صعقة كهربائية خفيفة قد تقلب موازين المعركة ضد السرطان