نيوزيمن:
2025-03-04@17:29:40 GMT

تحليل: أربعة أسباب لإخفاق إعلام الشرعية

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

على مدى تسع سنوات يعيش منتسبو قطاع الإعلام المؤيد للحكومة الشرعية أوضاعاً شديدة التفاوت في المأساوية والبؤس، سواءً من حيث الأداء أو من حيث ظروف الحياة التي يعيشها العاملون فيه، ولا يستثنى منهم سوى الإعلاميين العاملين في مؤسسات خاصة تتلقى الدعم من منظمات دولية.

هناك عدد من الأسباب تكمن خلف الوضع المزري لأداء الإعلام الرسمي في الحكومة الشرعية، وخلال السنوات التسع الماضية لم يثبت هذا القطاع الكفاءة المنشودة كجبهة موازية للجبهة العسكرية والسياسية في محاربة مليشيا الحوثي وتعريتها بما يسهم في جعلها منبوذة في المجتمع اليمني.

صحيح أن الإعلام وحده لا يستطيع تحقيق هذا الهدف، لكن صناعة الرأي العام على مستوى المجتمع المحلي والمجتمع الدولي، هي مهمته التي أخفق في أدائها بالشكل المطلوب. 

بالتزامن مع استمرار مطالبات منتسبي الإعلام الرسمي برواتبهم ومستحقاتهم مع اقتراب شهر رمضان المبارك، ولأن هذه المشكلة أصبحت متكررة سنة بعد أخرى، نسلط الضوء على أبرز أربعة أسباب لاختلال الإعلام الرسمي:

1- التنظيم:

في جميع الحروب الوطنية والإقليمية كان التنظيم الجيد لدور الإعلام بالتنسيق مع بقية الجبهات عاملاً حاسماً في تحقيق النصر، وبالنسبة للإعلام الرسمي في الحكومة الشرعية تم استقطاب الإعلاميين والصحفيين المناهضين للمليشيا الحوثية، بشكل عشوائي ومقابل مبالغ مالية كبيرة تكفلت بدفعها المملكة العربية السعودية. ومنذ العام 2015 اكتظت الرياض والقاهرة بالمئات، إن لم يكن الآلاف، من الإعلاميين والصحفيين دون أن تضع وزارة الإعلام خطة مواكبة لهذا الاستقطاب المتزامن مع الحملة العسكرية والتحركات السياسية والدبلوماسية للحكومة ودول التحالف ضد المليشيا الحوثية.

وفي حين لم يظهر دور القيادات وكبار الإعلاميين والصحفيين في وضع الخطط وبرامج التنفيذ للاستفادة من ذلك العدد الكبير من الصحفيين والإعلاميين الشباب، لم تظهر أيضا أي مبادرات عملية متوسطة وطويلة المدى من قبل الشباب أنفسهم. فقد استسلم الجميع لحالة من الاسترخاء مع الكسل وكرم الضيافة وسوء التنظيم، معتقدين أن الطيران الحربي لدول التحالف وإعلامها سيوفر عليهم القيام بواجبهم بطريقة منظمة. ويستثنى من ذلك بالطبع عدد محدود من الإعلاميين الذين حاولوا تحريك ذلك الركود دون جدوى.

2- الرواتب ومستوى المعيشة:

منذ بداية التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، تم منح معظم الإعلاميين الذين انضموا إلى معسكر الشرعية امتيازات مالية كبيرة، وخاصة القيادات في وزارة الإعلام وكبار الصحفيين. وبالمقابل، اكتفى هؤلاء المحظوظون بمداخلات على القنوات الفضائية وبعض المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي. ولا بد أن الجميع يتذكرون الفترة التي مرت من سنوات الحرب وكان يكفي أن يكتب أحدهم منشوراً في مواقع التواصل ليستحق مكافأة مالية.

بالتأكيد لعبت الحكومة الشرعية دوراً في سوء التنظيم حتى في ما يتعلق بالجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، وتركت موظفيها الرسميين وغير الرسميين بلا رواتب في الداخل لأكثر من سنتين، فيما يتقاضى كبار موظفيها، ومنهم الإعلاميون أيضاً، رواتبهم بالعملات الصعبة. وعندما استأنفت صرف المرتبات لإعلامييها في الداخل، كان سعر العملة الوطنية يتهاوى أمام الدولار وبقية العملات الصعبة، ووجد الإعلاميون أنفسهم أمام أزمة معيشة متفاقمة إلى اليوم. ومثلما يصعب على الإعلامي أن يقوم بواجبه الوطني في حالة حرب وبطنه خاوية، فمن الصعب أيضاً أن يقدم أي شيء وبطنه متخمة. التوازن هو ما فقدته الحكومة وإعلامها، إضافة إلى سوء التقدير أن حالة الحرب تتطلب عدم تعامل وزارة المالية بعقلية التفريق بين المؤسسات الإيرادية والخدمية كون دور الإعلام في حالة الحرب لا يقل أهمية عن دور الجيش والأمن.

3- ركاكة الخطاب:

لا يقتصر اختلال التوازن في قطاع إعلام الشرعية على التفاوت المعطّل في الأجور والرواتب، بل يشمل كذلك الخطاب الإعلامي نفسه. فطيلة سنوات الحرب اعتمد الإعلام الرسمي على الصيغ الجامدة نفسها التي كانت سائدة في زمن السلم، كما اعتمد على الجمل الإنشائية والانفعالية بما في ذلك الأوصاف التي تحمل معنى الشتيمة أو لفظها. ومرة أخرى تم الاكتفاء بهذا الخطاب في تناول الأحداث والمستجدات، وعدم الاهتمام أو ضعفه في أحسن الأحوال، بنقاط ضعف العدو وتكثيف التناول لجرائمه ومخططاته وأخطائه بأكثر من طريقة، خصوصاً في زمن التقنيات الرقمية ووسائط الميديا.

4- الانفصال عن الواقع:

أدت الأسباب الثلاثة السابقة، إضافة لعوامل أخرى، إلى انفصال الإعلاميين عن الواقع في الداخل وما يتطلبه وضع البلاد من معالجات إعلامية عبر المراحل التي مرت بها الحرب ضد المليشيا الحوثية. حدث هذا الانفصال بالدرجة الأولى على إعلاميي الشرعية خارج اليمن الذين نسوا ما يعانيه المواطن العادي من وطأة الحرب والأزمات الاقتصادية المتتالية وجور المليشيا الحوثية وانهيار العملة والانفلات الأمني، وما يترتب على الخلافات البينية داخل معسكر الشرعية من فجوات يستطيع الإعلام ردم بعضها وتفويت الفرصة على الحوثيين من استغلالها لصالحهم. 

وإضافة إلى ذلك غفل الإعلام الحكومي وشبه الرسمي عن مراقبة سياسات الدول الشقيقة والصديقة تجاه اليمن، ومراقبة أداء مسؤولي وقيادات الحكومة، وعلاقاتها مع الأحزاب والقوى الفاعلة في الداخل ومع الحكومات الأخرى، بما يصب في مصلحة البلد وضمان مصالح الدول الأخرى، لا سيما أن اليمن تطل على واحد من أهم ممرات الملاحة البحرية في العالم.

لا تختصر هذه الأسباب جميع أسباب الاختلال في الإعلام الرسمي للحكومة الشرعية والإعلام الوطني المساند لها، فهناك عشرات الأسباب يمكن أن يلاحظها المتابعون لأداء إعلام الشرعية، ومقارنة بإعلام الحوثي الذي يحظى باهتمام زعيم الجماعة في كل خطاباته دون الحاجة إلى توجيه سلطاته، نجد في المقابل أن وزير المالية في الحكومة الشرعية يحتاج إلى توجيهات من رئيس الوزراء أو رئيس مجلس القيادة الرئاسي لكي يصرف رواتب منتسبي وزارة الإعلام.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الحکومة الشرعیة الإعلام الرسمی فی الداخل

إقرأ أيضاً:

أستاذ قانون دولي عن الحكومة الموازية السودانية: تعكس تحديات قانونية وسياسية

أعربت مصر عن رفضها القاطع لأي محاولات من شأنها تهديد وحدة وسلامة الأراضي السودانية، مؤكدة اعتراضها على المساعي الرامية لتشكيل حكومة سودانية موازية، لما تمثله من خطر على استقرار السودان وتعقيد المشهد السياسي، بالإضافة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة.

وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي إنه في النزاعات المسلحة، غالبًا ما تظهر حكومات موازية تسعى لمنافسة أو إسقاط الحكومات القائمة، مدفوعةً بدوافع سياسية، عسكرية، أو أيديولوجية. 

وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن هذه الكيانات تختلف في مدى شرعيتها الدولية، وتعتمد على الدعم الداخلي أو الخارجي لتعزيز موقفها. من الأمثلة التاريخية البارزة حكومة بيافرا الانفصالية (1967-1970) أثناء الحرب الأهلية النيجيرية، وحكومة الوطنيين الإسبانية خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939). 
وأوضح إنه في السياق الأفريقي المعاصر، يبرز الصراع السوداني بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث أُعلن مؤخرًا عن حكومة موازية أثارت إدانات دولية واسعة، أبرزها من الأمم المتحدة ومصر.  

البواعث والأغراض 

وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن الحكومات الموازية تتأسس لعدة أسباب، منها: 
- الصراع على الشرعية السياسية: كما في السودان، حيث تسعى قوات الدعم السريع للحصول على اعتراف دولي كحكومة شرعية.  
- الرغبة في الانفصال والاستقلال: كما حدث مع حكومة بيافرا التي أعلنت استقلالها عن نيجيريا.  
- التحالفات الدولية والإقليمية: غالبًا ما تتلقى الحكومات الموازية دعمًا خارجيًا لتعزيز موقعها العسكري والسياسي، كما كان الحال في الحرب الأهلية الإسبانية.  

إدانة الحكومة السودانية الموازية  

وأكد أن إعلان حكومة موازية سودانية في كينيا أثار إدانات دولية واسعة للأسباب التالية:  
1. تقويض سيادة الدولة: حيث اعتُبر الإعلان تحديًا للحكومة المعترف بها دوليًا.  
2. انتهاك القانون الدولي: إذ يعد تشكيل حكومة خارج إطار الدولة محاولة لفرض واقع جديد بالقوة، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.  
3. تفاقم الأزمة الإنسانية: قد يؤدي الاعتراف بهذه الحكومة إلى إطالة أمد الصراع وتعميق الأزمة الإنسانية في السودان.  
4. التدخل الإقليمي: موقف مصر الرافض يعكس مخاوف من زعزعة الاستقرار في المنطقة، خصوصًا مع ارتباط السودان بالأمن القومي المصري.  

واختتم الدكتور أيمن سلامة أن الحكومات الموازية تظل ظاهرة متكررة في النزاعات المسلحة، لكن شرعيتها تخضع لمعايير القانون الدولي والاعتراف الدولي. وفي حالة السودان، جاء الرفض الأممي والإقليمي لحماية وحدة الدولة ومنع تفاقم الأزمة، مما يعكس التحديات القانونية والسياسية التي تواجه مثل هذه الكيانات في الساحة الدولية.

مقالات مشابهة

  • مرقص في إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان: شجاعتكم وسام على صدر الوطن
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • إعلام عبري عن مصادر: إسرائيل تعطي حماس مهلة 10 أيام للإفراج عن المحتجزين وإلا فستجدد الحرب
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • دورة تدريبية لطلاب إعلام السويس حول تأهيل الشباب لسوق العمل
  • الحكومة أمام تحدي معالجة أسباب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية
  • السيسي يؤكد أهمية التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة أسباب الهجرة غير الشرعية
  • أستاذ قانون دولي عن الحكومة الموازية السودانية: تعكس تحديات قانونية وسياسية
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يدرس خيارين لتطورات الوضع في غزة
  • إعلام إسرائيلي: الجيش مستعد لاستئناف القتال في غزة وفق خطط جديدة