قضى سنواتهِ الأهم مغتربًا في السعودية، يتذكر بلاده، ومدينته، وطفولته، ووالدته وأولاده وأصدقاءه، كان يتخيل عودته في صباحاته ومساءاته وحياته البعيدة، كان خيالًا يتراءى له طيلة أوقاته كلها، حتى قرر الرجوع لقضاء إجازة شهر رمضان في الوطن، [أحمد الأبرقي] عاد من السعودية بعد سنوات من الاغتراب، ومات في صحراء الوطن بسيارته وهداياه وأحلامه وأشواقه ودموع الفراق.

أحمد الأبرقي شاب من اليمن، من محافظة عمران، أرغمه المصير على الرحيل، غادر بلاده للعمل، اغترب لأجل أهله وأسرته وأبنائه، كأعظم حكاية تروى عن الأبطال الصادقين، لكنه لم ينس طريق العودة الى اليمن، وانتظر بفارغ الصبر للفرصة الغائبة منذ سنوات، ومعها كان يتحدث كل يوم عن العودة، عن الرجوع القادم، عن اللقاء بعد الكثير من الزمن الكئيب، كان وكان، إلى أن أرغمه الزمن على التوقف، لينصاع لأشواقه وحنينه، وخيالات والدته ودعواتها له بينما يحدثها كل يوم، يومها أوقف حياته وأشواقه وحمل صورة والدته وأبنائه وقرر الرجوع إليهم، كان يهرع في الطريق، وفي ثناياها يموت من الفرح، بينما يقول: هأنذا عائد يا بيتنا، بقي القليل، سأصل إلى ذلك المكان في بيتنا ورائحة السلام، أحبكم يا عيالي، انتظروني سأصل بعد ساعات..


لا أحد يعرف معنى الطريق إلى البيت، مذاق العودة إلى حيث القلوب، تلك الساعات الطويلة تكون قصيرة وبطيئة، وتلك السعادة تكون مرسومة في ملامح العائدين الى مسقط الرأس والحنين، وصل أحمد أخيرًا ووطئت قدماه الوطن، وصل الى بلاده التي كان يحكي لرفاقه عنها وعن طبيعتها وجمالها، الله ما أجمل الوطن! والعودة الى الوطن! كان يشاهد الأنحاء، ويقارنه بالخيال، كان يتأمل الوطن المكلوم بالكروب، لكنه جميل، نعم هو جميل في ملامحه وتفاصيله وطيبة ناسه والبسطاء على ضفتيه، كان يراقب المشاة، والعابرين، والقاعدين على الطريق، كان يبتسم للجميع ويسلم عليهم، كأنه يعرفهم جميعًا، كانه يقول لهم: هأنذا قد عدت، كأنهم ناسه وأهله الذين لطالما افتقدهم، كان يعرفهم من وجوههم، كانوا يشبهونه ويشبههم، وكان يعرف جيدًا ما يحكونه عنهم، لكنه يحبهم، ولا يريد غير الاطمئنان والحياة في سعادتها واستقرارها، سعادة القلوب الصادقة والحياة المليئة بالترابط والامتنان، كان يسير بين الناس حاملًا كل أملاكه وهداياه، كان يسير باطمئنان وأمان، لقد صار في بيته ومدينته ووطنه.

آه أيها الوطن اللعين! كم أشتاق إليك دائمًا، وكم أحبك باكيًا، وكم أموت عليك في ليالي البعد والانتظار، سارت الساعات، ومرت الصحراء، وتسارعت المسافات، ليصل إلى آخر مكان، شابًا عائدًا، كل أمنياته الوصول والتأمل في تفاصيل ما يشتاق إليه، شابًا يشتاق لأبنائه وبيته، لكنه لم يع حقيقة الصراط اليمني في ثنايا الطريق، انفجر به لغم في صحراء الجوف، في طريق اليمنيين المغلق بالقوة.

انتهت حكاية أحمد في صحراء الوطن، انتهت إلى الأبد.. تمامًا كآلاف الحكايات اليمنية المريرة. ولكن الله في أعلى سماواته يعلم جيدًا ماذا يجرى في تلك الأماكن الخالية من كل الشهود العارفين، لقد تكفل بهم إله السماء من عليائه، وهو من سيتكفل ببقية الحكاية.. رحمة الله عليك يا أحمد، لك الخلود والجنة، وروحك باقية كمعجزة لن تترك الظلام.

#افتحوا_الطريق

من صفحة الكاتب على الفيسبوك


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی صحراء

إقرأ أيضاً:

المشدد 10 سنوات للمتهم باستعراض القوة مع موظف عمومى بالشرقية

عاقبت محكمة جنايات الزقازيق بمحافظة الشرقية، عاطلا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات؛ لاتهامه باستعراض القوة والعنف والتهديد مع موظف عمومي أثناء تنفيذ إذن النيابة العامة بتفتيش شخصه ومسكنه بمركز كفر صقر.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد الكريم عبد الرحمن، رئيس المحكمة، وعضوية المستشار الدكتور مصطفى بلاسي، رئيسا بالمحكمة، والمستشارين أحمد سمير سليم وإسلام أحمد سرور، رؤساء بالمحكمة، وسكرتارية محمد فاروق أحمد غريب.

تعود أحداث القضية رقم 16501 لسنة 2024 جنايات مركز كفر صقر، المقيدة برقم 4229 لسنة 2024 كلي شمال الزقازيق، عندما قررت النيابة العامة إحالة المتهم "أحمد ن ال ع م" 29 عاما، عاطل، مقيم بمركز كفر صقر، للمحاكمة الجنائية بمحكمة جنايات الزقازيق؛ لاتهامه باستعراض القوة ضد موظف عمومي وقوة شرطية أثناء تنفيذ إذن النيابة العامة بتفتيش شخصه ومسكنه.

وجاء في أمر الإحالة أن المتهم استعمل القوة والعنف والتهديد مع موظف عمومي ومرافقيه من قوات الشرطة بأن أشهر في وجههم سلاح ناري (بندقية خرطوش) لحملهم بغير وجه حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم، وهو تنفيذ إذن النيابة العامة بتفتيش شخصه ومسكنه، وقد بلغ من ذلك مقصده وهو عدم تنفيذ الإذن على النحو المبين بالتحقيقات.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • محاولة عبور انتهت بفاجعة.. حادث سير يودي بحياة شاب في الكورة!
  • محيي إسماعيل: متجوز بقالي 4 سنين وهي في بيتها وأنا ببيتي
  • سحر رامي: حسين الإمام لم يكن دونجوان.. لكنه كان فارس أحلامي
  • لامين يامال: فليك صارم لكنه عادل
  • المشدد 10 سنوات لقهوجى بتهمة خطف طفلة والتعدى عليها بالشرقية
  • المشدد 10 سنوات للمتهم باستعراض القوة مع موظف عمومى بالشرقية
  • إفطارهم فى الجنة.. أحمد جمال من رائحة الأمل إلى أفق الشهادة
  • القاهرة: خطة إعمار غزة انتهت وستعرض للتصويت في القمة الطارئة
  • بزشكيان يريد الحوار مع ترامب لكنه ملتزم برفض خامنئي
  • خلي بالك.. تفقد حقك في استرجاع شبكتك حال ارتكابك هذا الإجراء