اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة: " هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة؟ حيث يتفاوت شعور الناس بالمشقة في الصيام، وقد سمعت: "أن الثواب على قدر المشقة"؛ فما صحة ذلك؟ وهل كلما زادت المشقة ازداد الثواب؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن الأجر والثواب يتفاوت في عبادة الصيام بطول النهار، أو اشتداد الحر فيه، أو القيام بعمل فيه نَصَب يفوق غيره من الأعمال؛ كأصحاب المهن الشاقة.

. ونحوه، وهذا ما قرَّره الأصوليون والفقهاء، إلا أن ذلك مرتبط بإخلاص النية لله عزَّ وجلَّ في العبادة.

لو فاتتك ليلة النصف من شعبان فلا تحزن عليك بهذا الأمر.. علي جمعة يوضح ذكر واحد يمحو الذنوب ويجلب النعم ويوسع الرزق ويقوي بدنك

هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة
الصيام عبادة من أجلِّ العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وهو من أعظم أسباب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، فرضًا كان الصيام أو نفلًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفق عليه.

فإذا صاحبَ الصيامَ مشقةٌ لازمةٌ؛ بحيث لا يتأتى القيام به إلا مع تحمل هذه المشقة؛ كشدة حرٍّ، أو طول يومٍ، أو القيام بعملٍ، فإن الأجر والثواب يكون حينئذ أعظم وأفضل؛ لما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها في عمرتها: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ قَدْرَ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» أخرجه الدار قطني في "السنن" والحاكم في "المستدرك" وصححه.

لو فاتك النصف الأول من شعبان.. عبادات مستحبة بالنصف الثاني (بادر بفعلها) هل يقبل الصيام بعد منتصف شهر شعبان؟.. داعية إسلامي يجيب

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (8/ 152، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا ظاهر في أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النَّصَب والنفقة، والمراد: النَّصَب الذي لا يذمه الشرع، وكذا النفقة] اهـ.

وقال العلامة الكوراني في "الكوثر الجاري" (4/ 177، ط. دار إحياء التراث العربي): [وهذا الذي أشار إليه في الحديث قانون كلي في سائر العبادات: الأجر على قدر المشقة؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7]، اللهم إلا أن يكون لشرف المكان فيه مدخل كالصلاة في المسجد الحرام، أو للزمان كليلة القدر] اهـ.

وقال العلامة محمد الخليلي القادري في "فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي" (1/ 113، ط. الحلبي): [وأما طول النهار واشتداد الحر فيه وحصول المشقة لبعض الناس دون بعض، كما يشاهد في أرباب الكسب، والمترفهين، فالظاهر زيادة الأجر الطويل باعتبار الطول واعتبار شدة الحر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: الأجر على قدر النصب، أو الأجر على قدر المشقة، ومثل ذلك يجري في طول بعض البلاد على بعض فيظهر عظم أجر الطويلة على القصيرة؛ لما في الطويلة من زيادة المشقة؛ فتأمل] اهـ.

المقصود بقاعدة "الأجر على قدر المشقة"
قرر الأصوليون والفقهاء أن "الأجر على قدر المشقة"، أي: كلما كثر العمل وشق كان أفضل مما ليس كذلك؛ كما في "المنثور في القواعد الفقهية" للزركشي (2/ 413، ط. أوقاف الكويت)، وينظر أيضًا: "مدارج السالكين" لابن الجوزي (1/ 106، ط. دار الكتاب العربي)، و"شرح الشيخ زروق المالكي على متن الرسالة" (1/ 541، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح القدير" للكمال ابن الهمام (2/ 428، ط. الفكر)، و"رد المحتار" لابن عابدين (2/ 478، ط. دار الفكر).

والمقصود بالمشقة هنا: المشقة التي لا تنفك عن العبادة، وهي التي رتب عليها الشرع الأجر العظيم والثواب الجزيل، عن غيرها من العبادات الأخرى التي لا يوجد فيها مشقة؛ إذ المشقة ليست مقصودةً شرعًا لذاتها، وإنما إذا جاءت تبعًا لمطلب شرعي أُجر الإنسان عليها، وإذا ما قصد الإنسان إدخال المشقة على نفسه فهذا أمر نهى عنه الشرع الحنيف، ووُصِف صاحبه بالمتنطع، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثًا. أخرجه مسلم في "صحيحه"، أي: المتعمقون المتشددون الغالون المجاوزون الحدود في أفعالهم وأقوالهم.

قال الإمام العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 37، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [عَلِمْنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوبَ الشرع إنما هو مصالحُ العباد في دينهم ودنياهم، وليست المشقةُ مصلحة، بل الأمر بما يستلزم المشقةَ بمثابة أمر الطبيبِ المريضَ باستعمال الدواءِ المرِّ البشع، فإنه ليس غرضُه إلا الشفاء، ولو قال قائل: كان غرض الطبيب أن يوجده مشقة ألمِ مرارةِ الدواء؛ لما حَسُن ذلك فيمن يقصد الإصلاح] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم فی الصیام

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد

أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال حول حكم الانتقال إلى سكن جديد وتأثيره على استقبال القبلة خلال الصلاة، بأن الانحراف اليسير في استقبال القبلة- بحيث يكون جزء من الوجه متجهًا للقبلة- لا يؤثر على صحة الصلاة ولا يبطلها، وقدرت الدار الانحراف المسموح به عن جهة الكعبة بـ45 درجة يمينًا ومثلها شمالًا.

حكم تغيير اتجاه القبلة 

وأضافت «الإفتاء» عبر موقعها الرسمي :«أما إذا كان الانحراف كبيرًا ولم يتم التحري الدقيق لتحديد جهة القبلة، فإن صلاة الشخص في هذه الحالة غير صحيحة ويجب إعادتها، وفي حالة التحري الدقيق والخطأ في تحديد جهة القبلة، فإن الجمهور يرى وجوب إعادة الصلاة، في حين يرى الحنفية عدم وجوب الإعادة، ويفضل في حال عدم وضوح الأمر إعادة الصلاة خروجًا من الخلاف».

واختتمت دار الإفتاء المصرية بالتأكيد على أن من يواجه هذه الحالة يمكنه اتباع الفتوى التي تروج لعدم الإعادة، ويدعو إلى التسامح والاحترام لكافة الآراء الفقهية في هذا الشأن.

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة.. «الإفتاء» توضح
  • حقيقة رؤية ملك الموت عند خروج الروح.. الإفتاء توضح
  • حكم قراءة القرآن بصورة جماعية.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز مشاركة محتوى الكورسات التعليمية مع الغير؟.. «الإفتاء» توضح 
  • «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد
  • حكم الصلاة فترة في غير اتجاه القبلة.. «الإفتاء» توضح
  • كيف يجري توزيع اشتراكات تأمين المرض؟.. «التأمينات» توضح
  • موعد صيام عاشوراء.. «الإفتاء» توضح فضله وحكم صيامه
  • ما هو موعد صيام عاشوراء؟.. «الإفتاء» توضح فضله وحكم صيامه
  • حكم صيام أول العام الهجري الجديد.. «الإفتاء» توضح