موقع النيلين:
2024-07-03@23:52:21 GMT

وقدرت تموت يا محمود!

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT


لم نعد كما كنا، أصبحنا غرباء، تفرقنا هرباً من الذكرى وعهود الصداقة والتزامات الأخوة التى ترهقنا.. أنهكتنا الحياة حتى لم نعد نقوَ على الحب، ذلك الذى كان (فعلاً وثورة ولقمة عيش وضحكة من القلب وسخرية من تفاهة أحلامنا المستحيلة وعلاقات معقدة «لأننا لسنا عاديين».. وضماناً للأقساط ومنح مالية لا ترد إلا بحروف وكلمات لأنها أثمن ما نملك)!.

هل كان صديقى المكتئب دائماً هو الخيط الذى يجمعنا وانفرط العقد بعده؟!.. أم كانت غواية الكلمة الحرة المتمردة، والإضراب ضد «حبس الصحفيين»، ورائحة الحبر تشيع عهد مبارك وتلعن «الإخوان وسنينهم»؟!.

«انزل يا محمود روح الجورنال».. شيلوا اسمى من على الترويسة: إن لم نجد من يدهسنا انتحرنا من أعلى المانشيت الرئيسى.

هكذا كان «محمود الكردوسى» طفلنا المدلل العنيد، الأكثر موهبة والأكثر إيماناً بأن الموهبة لعنة لا تزول إلا بالعشق أو الكتابة (أنا الذى رأى كل سحرة العاصمة لحماً ودماً).. ألم تنفخ فى عصاك شجناً خاصاً لتخلع الأساطير ثيابها وتكشف عن صمتك الكئيب وتفك «طلاسم كلماتك»، وتفض بكارة الخرافات الساكنة فى قلب التاريخ والصعيد، وتتراقص جنيات الشعر من حولك لتمنحك «سيناريو صاخباً» وسخرية لاذعة وموهبة نادرة لتسطر «ذائقة الموت» بحبر القلب: «اليوم أتممت كلماتك».

لم يترك لنا «محمود» فرصة للمزايدة على حزنه، ولا البكاء على قبره، لقد بكيناه مئات المرات حياً، وانتزع الأنفاس من صدورنا ونحن نراقب جسده يقاوم «الحياة» ليذهب سريعاً إلى حضن «أمه»: «أصبح عندى الآن قبر»!.

وكأنه منحنا نفحة من موته جعلتنا نضيع فى دروب الحياة، لكنه لم يعلمنا كيف نغتال الموت حين يتسلل ليسرق منا «البهجة اليتيمة».. ولا أطلعنا على سر الخلود بين كلمتين: «السيسى – 30 يونيو».. احتكر محمود لنفسه «الخلطة السحرية»: أن يؤلمك ويزعجك ويغرقك فى طاقة الكآبة السلبية وتحبه!.. أن يهرب منك أو يأتيك فجأة مثل جنىّ يقفز إلى عقر حياتك دون استئذان ليفرض حزنه ومرضه ووجعه العاطفى وتحبه!.

لم نسأل يوماً لماذا أحببنا «الكردوسى» بكل ما فيه من لامبالاة وعدمية؟.. إنها عبقرية «أن تكون محمود الكردوسى» بكل هذا النزق والتهور فى حب الوطن، وتلك الطفولة فى التعلق السريع والهجر السريع «نزوات لم تأتِ» وعرائس أحلام لم تتجسد، وحدها «صاحبة الجلالة» كانت المعشوقة التى منحته نفسها ومجدها وبريقها بربع ما أوتى من موهبة واحترافية.

احترف «الكردوسى» الكتابة واحتكر اللغة وترك لى «رثاء يليق به».. ترك لى ضحكته الصافية حين يسخر من «فكرة الاحتراف».. كانت «المناصب» تأتيه صدفة ويهرب منها ليعانق القلم ويكتب: الكلمة هى معشوقته الوحيدة.. تراوده عن نفسها، ربما يجنى منها مالاً أو شهرة، لكن ذلك «الانبهار» الذى يحيط به لم يأته إلا فى شهقة الموت!.

«وقدرت تموت يا محمود» وتُميت فينا دفء «الصحبة» وتفرض علينا العزلة والصمت؟.. الطيبون هكذا: غرباء.. كرقعة حريرٍ فى رداء صوفى مهووس.. لا يتذكرون أين خبأوا لحظاتهم الجميلة.. ولا يكترثون إلا بنداء القديسة تريزا: «هلمى أيتها الحياة فغادرينى.. إنى أريد أن أفقدك لكى أكسبك».. ثم يموتون فى صمت.

سحر الجعارة – الوطن نيوز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

«دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»

يبدو أن الأسرة المصرية التى لديها طالب أو طالبة فى الثانوية العامة كُتب عليها أن تعيش المعاناة، ليس فقط على مدار العام بسبب ضغوط وتكاليف المصروفات الدراسية، والدروس الخصوصية التى فشلت كل الجهود فى القضاء عليها لأسباب كثيرة، وإنما أيضًا فى ضياع حلم الكثير من الأسر فى دخول أبنائهم كليات القمة التى يحلمون بها، واليقين بذلك قبل ظهور نتيجة الامتحانات.

نقول ذلك بمناسبة ما حدث فى امتحان مادة الفيزياء لطلاب الشعبة العلمية فى الثانوية العامة الذى أثار الجدل، سواء بسبب طبيعة وطريقة الأسئلة، أو تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى، بغض النظر عن طبيعة اللجنة التى تم تشكيلها لمراجعة الامتحان أو قراراتها، لأنه فى النهاية تبقى صدمة الامتحان ذات تأثير معنوى على الطلاب كما رأينا يوم الامتحانات.

والغريب فى الأمر أن امتحانات هذا العام يجب أن تتفق فى كل الأحوال مع الظروف التى يعيشها الطلاب على مدار الشهور الماضية، خاصة منذ بداية أزمة انقطاع الكهرباء، وتخفيف الأحمال، وأداء الطلاب للامتحانات فى درجات الحرارة المرتفعة، وأزمة أولياء الأمور فى توفير المراوح داخل اللجان رأفة بأبنائهم، الأمر الذى جعلنا نصف طلاب هذا العام بأنهم «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» أو«ثانوية المراوح وتخفيف الأحمال».

ولم تكن هناك أى مراعاة من واضعى الامتحانات تجاه هؤلاء، خاصة أن كل المواد التى أدى فيها الطلاب الامتحانات تضمنت العديد من الأسئلة الصعبة التى جعلت الكثير من الطلاب يشعرون بضياع حلم العمر، أو ضياع فرصة الالتحاق بكليات القمة، وهو ما جعل الكثير من الأسر لم يعد أمامها الآن سوى التفكير بقوة فى تدبير مصروفات الجامعات الخاصة ليقينها بضياع مبدأ تكافؤ الفرص لأسباب كثيرة.

والسؤال الذى يفرض نفسه بقوة الآن هو «هل تبقى الثانوية العامة بعبع كل بيت فى مصر وعرض مستمر لفوضى التداول والتسريب؟!». المؤكد أن دولة بحجم مصر ومؤسساتها لا يجب أن تظل على هذا الوضع الذى يؤكد صعوبة السيطرة على الامتحانات لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وانتشار الغش الذى يستفيد منه قلة قليلة تدمر أحلام وجهود المتفوقين.

والحديث عن ضبط الطلاب المتورطين فى الغش أو معاقبتهم بالرغم من كونه ضرورة، إلا أنه لن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. ومن هنا يجب التفكير فى حلين لا ثالث لهما، وهو إما السيطرة الكاملة على الامتحانات وتحقيق العدالة بين الطلاب، أو حتمية التطبيق الفورى لنظام ثانوية عامة يجعلها شهادة نجاح ورسوب فقط دون أى مقياس أو شروط للحاق بالكليات، مع الأخذ فى الاعتبار بأن الطريق الثانى سيفتح الباب أمام الكثير من خريجى الجامعات من عديمى الكفاءة للاعتماد هنا على الغش طوال سنوات التعليم.

كما أن الأسرة المصرية التى تعانى ويلات الظروف الاقتصادية الحالية، وغلاء الأسعار، وجبروت أباطرة الدروس الخصوصية من حقها أن تعيش أجواء الفرحة والاطمئنان على مستقبل أبنائها على الأقل خلال أيام الامتحانات بدلًا من تصدير اليأس لهم مع بداية الامتحانات أو منتصف الطريق خلال أداء الامتحانات فى المواد التخصصية.

خلاصة القول أن «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال» كانت تستحق الكثير من التقدير الجيد للأوضاع التى يعيشها الطلاب وأولياء الأمور. كما أنها كانت تستحق الرحمة من واضعى الامتحانات، وتستحق تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التى غابت لسنوات طويلة سواء بسبب التسريب، أو التداول، أو عدم المعرفة الجيدة للطريق الذى نسير عليه فى قطاع التعليم..حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء وللحديث بقية إن شاء الله.

مقالات مشابهة

  • وحيد حامد.. ويوسف إدريس!
  • عمرو الفقي يكشف الهدف الرئيسي من إقامة مهرجان العلمين
  • عمرو الفقي يكشف لـ«الحياة اليوم» الهدف الرئيسي من إقامة مهرجان العلمين
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي
  • بالفيديو .. شجاعة مقاومين من كتائب القسام يهاجمان دبابة إسرائيلية في رفح من نقطة صفر تحصد تفاعلا واسعا
  • الموت يغيّب أشهر كاتب سيناريو في هوليوود
  • هبة عبد العزيز تكتب: ثورة 30 يونيو كانت بمثابة المخرج للمرأة المصرية من الوقوع فى فخ الجهل والتجهيل الذى مارسته الجماعة المحظورة
  • المسئولية.. والواجب الوطنى
  • الفساد للرُكب
  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»