العالم يفقد إنسانيته .. العائدون إلى شمال غزة يموتون جوعاً :قصص مأساوية لعائلات لا مأوى لها ولا غذاء وأسر تلجأ لأكل أعلاف الحيوانات
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
الثورة / افتكار أحمد
يعيش سكان شمال غزة العائدون من النزوح في الجنوب إلى بيوتهم المدمرة شمال القطاع أوضاعاً صعبة وكارثية جراء الجوع الذي يفتك بهم، نتيجة منع الاحتلال الصهيوني إدخال المساعدات الإنسانية لهم، لإجبارهم على النزوح مجدداً نحو الجنوب أو تركهم يموتون جوعاً، وهو ما يحدث فعلاً، حيث قضى العشرات وخصوصا الأطفال جوعا، فيما لجأ بعض السكان إلى طحن علف الحيوانات للحصول على دقيق للبقاء على قيد الحياة، والبعض يطحن الرمل مع التبن والأعلاف ليصنع منه الخبز، وفق تأكيدات السكان أنفسهم وتحذيرات المنظمات الدولية المستمرة بخصوص المجاعة المتفشية في قطاع غزة وخصوصاً في الشمال .
وعلى وقع هذه الظروف المأساوية، التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، قال برنامج الغذاء العالمي أنه أوقف مؤقتاً تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع المحاصر حتى تسمح الظروف بتوزيع «آمن».
وأوضح البرنامج الأممي -في بيان- أن «قرار وقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة لم يُتخذ استخفافاً» بالنظر إلى إدراك معنى «تدهور الوضع أكثر هناك» وأن عدداً أكبر من الناس «سيواجهون خطر الموت جوعاً».
كما أعلن البرنامج -في وقت سابق- أن كميات قليلة جداً من المساعدات الغذائية تجاوزت جنوبي قطاع غزة إلى شماله منذ بداية الحرب، مؤكداً أن خطر تشكل مجاعة في مناطق بالقطاع لا يزال قائماً، وأن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، وباتوا يواجهون خطر الموت جوعاً.
تحذيرات أممية
وحذّرت الأمم المتحدة من أنّ النقص المُقلق في الغذاء وسوء التغذية المتفشّي والانتشار السريع للأمراض عوامل قد تؤدّي إلى «ارتفاع كبير جدا» في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزّة.
وقالت المتحدثة باسم البرنامج الأممي في الشرق الأوسط عبير عطيفة، إن من الصعب الوصول إلى أماكن تحتاج للمساعدات، خاصة شمالي القطاع.
فيما قالت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسف) في تقرير لها، إن 90 % من الأطفال دون السن الثانية في غزة، و95 % من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون فقراً غذائياً حاداً، إذ تتناول 65% من الأسر وجبة واحدة في اليوم.
وجاء في التقرير أيضا أن أهالي غزة يصابون بالجوع والعطش والهزال، وأظهر التقرير أن 90 % من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرض معد واحد أو أكثر، وبحسب د.مايك رايان من منظمة الصحة العالمية فإن الجوع والمرض «مزيج مميت».
ولفت التقرير إلى أن المساعدات لم تصل إلى شمال القطاع منذ أسابيع، محذراً من أنه إذا لم يتغير الوضع على الأرض فسنشهد وضعا كارثياً.
تجويع ممنهج
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد من جانبه أن المجاعة تتعمق في القطاع، وحذّر من كارثة يروح ضحيتها مئات الآلاف من الأطفال والنساء.
وأضاف، أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش، وصولاً للمجاعة منذ بدء حرب الإبادة وإن الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة تجاوز المرحلة الكارثية.
وبيّن أن بعض العائلات يحصل خلال 48 ساعة على نصف وجبة غذائية فقط، وأن المواطنين في الشمال لا يجدون حتى الأعلاف والحبوب.
وأوضح أن شبح المجاعة يحاصر أكثر من 400 ألف مواطن في محافظة شمال غزة، وأضاف أن الوضع الإنساني في المحافظة تجاوز مرحلة الكارثة، في ظل سياسة التجويع والتعطيش والحصار التي تتبعها إسرائيل.
وشدد على أن الاحتلال يمنع وصول الشاحنات إلى محافظة شمال القطاع.
ويتجمع الآلاف من الفلسطينيين بشكل يومي بمنطقة الشيخ عجلين على شارع الرشيد غربي مدينة غزة، وفي مناطق أخرى بالوسط والشمال بانتظار وصول محدود من المساعدات الإنسانية وعلى رأسها الطحين. رغم معرفتهم بوجود آليات العدو التي تطلق النار والقذائف باتجاه كل من يصل هذه الأماكن، وفي النهاية لا يحصل سوى عدد قليل من المتجمعين على جزء يسير من مرادهم بسبب محدودية المساعدات، فيما يعود غالبيتهم ببطونهم الخاوية .
قصص مأساوية
أمهات وأطفال وشيوخ وشباب يعيشون على حافة الموت ويسردون لوسائل إعلام دولية قصصاً مؤلمة لجوعهم ومآسيهم تدمي القلوب وتفطر الألباب.
ضحى الخالدي، وهي أم لأربعة أطفال في بيت لاهيا، تقول إنها قبل أسبوعين سارت لأكثر من تسعة كيلومترات إلى منزل أختها في مدينة غزة، في بحث يائس عن الطعام، بعد أن بقي أطفالها بدون أكل لمدة ثلاثة أيام.
وتابعت: «ليس لدي أي أموال، وحتى لو توفرت، فلا يوجد شيء في السوق الرئيسي للمدينة. أختي وعائلتها يعانون أيضاً، اقتسمت معها آخر كمية من المعكرونة في منزلها».
وقالت شقيقتها «نشعر أن الموت أصبح حتمياً. فقدنا الطابق العلوي من منزلنا، لكننا ما زلنا نعيش هنا على الرغم من الخوف من انهيار المنزل. منذ أسبوعين، لا يمكننا العثور على أي شيء في السوق تقف وردة أحمد (36 عاما) حزينة وحائرةً وبطنها خاوية أمام بكاء رضيعها الجائع؛ في ظل عجزها عن إرضاعه بسبب سوء التغذية.
تضطر الأم من مخيم جباليا إلى وضع تمرة في فم رضيعها حتى يتوقف عن البكاء، بسبب عدم توفر الحليب، في ظل أوضاع مأساوية يعانيها النازحون تحت قصف وحصار شديد من قبل العدو الصهيوني .
وتحت وطأة غارات إسرائيلية مكثفة وعشوائية، نزحت وردة من شمالي قطاع غزة إلى مركز للإيواء في إحدى مدارس مدينة غزة، لكن الجيش الإسرائيلي اقتحمها، ما إجبرها مع آخرين على النزوح في اتجاه مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى.
ويعاني النازحون في غزة أوضاعاً كارثية، بعد أن أجبرت الحرب نحو مليوني فلسطيني على النزوح من مناطق سكناهم إلى مراكز للإيواء وسط وجنوب القطاع، وهي مناطق تنعدم فيها المقوّمات الصحية.
اكل أعلاف الحيوانات
أبو محمد من مواطني شمال القطاع يقول بحرقة وألم ووجه شاحب: «أعلاف الحيوانات التي كانت تستخدم بديلاً للطحين في شمال غزة نفدت، ولا يوجد أي شيء يمكن أكله في شمال غزة.
أبو عمر هو الآخر يقول لا أحد يشعر بنا، ولا أحد يشعر أن هناك بشراً يعيشون في شمال غزة».
ويشكو أبو عمر من عدم دخول أي مساعدات إنسانية على الإطلاق إلى الشمال، قائلاً: «لقد نسينا شكل الطماطم والخيار والفلفل والبطاطا».
ويستدرك في حديثه: «أصبحت أطعم أولادي أكل الدواب، وإذ مرّ الوقت (وبقي الوضع كما هو عليه)، سيموت أولادي بسبب الجوع».
ويزداد المشهد قتامة أكثر في شمالي القطاع، فهذا أبو عمر يروي مشاهدته يومياً لأناس يتساقطون، مغشياً عليهم، أثناء سيرهم في الشوارع بسبب الجوع.
عبد الرحيم أب لأسرة مكونة من 7 أفراد يبحث عن طعام في سوق مخيم جباليا، بعد نفاد ما كان تحتفظ به الأسرة من قمح .
يقول عبد الرحيم والدموع تنسكب من عينيه « نتجول طوال الليل والنهار بحثاً عن شيئ يكفينا ليوم واحد فقط، ولا نجد ، لا نعرف ماذا نأكل لدرجة أننا لجأنا لأكل أعلاف الحيوانات .. أولادي معرضون للموت جوعاً وعطشاً ” .
ويتساءل « أين العالم ؟ أين الإنسانية؟ ماذا فعلنا ؟ لماذا يحدث كل هذا لنا ؟
ويقدر تقييم مخاطر المجاعة، الذي أجرته وكالات تابعة للأمم المتحدة، أن ما يقرب من أكثر من نصف السكان في المناطق الشمالية يواجهون نقصاً «كارثياً» في الغذاء. كما تكافح العائلات في المناطق الشمالية أيضا للعثور على إمدادات مياه الشرب.
ويضطر الآلاف من المواطنين لشرب مياه غير صالحة للشرب نتيجة عدم توفر أي مياه صحية .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
جريمة قتل تهز آيت أورير: شاب يفقد حياته على يد شقيقين بسبب خلاف قديم
شهد دوار “ازنتو” بجماعة آيت أورير، مساء الأحد 22 ديسمبر 2024، جريمة قتل مروعة راح ضحيتها شاب في الـ21 من عمره على يد شقيقين تتراوح أعمارهما بين 16 و20 سنة. الحادثة جاءت نتيجة خلاف قديم بين الأطراف، تفاقم بشكل مأساوي إلى مواجهة انتهت بفقدان الضحية لحياته.
وفور وقوع الجريمة، انتقلت السلطات المحلية وعناصر الدرك الملكي إلى مكان الحادث، حيث تم فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الواقعة. وتم نقل جثة الضحية إلى مستودع الأموات لإجراء التشريح الطبي بناءً على تعليمات النيابة العامة المختصة، فيما تم توقيف الشقيقين المشتبه بهما ووضعهما رهن تدابير الحراسة النظرية.
أثارت الجريمة حالة من الصدمة بين سكان الدوار، الذين عبروا عن استيائهم من تصاعد مظاهر العنف بين الشباب. وطالبوا باتخاذ إجراءات للحد من مثل هذه السلوكيات التي تهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده.
في ظل هذه المأساة، تجددت الدعوات من فعاليات المجتمع المدني لتكثيف التوعية بمخاطر العنف وأهمية حل الخلافات بطرق سلمية. كما شددت هذه الفعاليات على ضرورة تعزيز دور المؤسسات التربوية والاجتماعية للحد من النزاعات التي قد تؤدي إلى حوادث مأساوية كهذه.
تظل هذه الجريمة تذكيرًا مؤلمًا بضرورة التصدي لمظاهر العنف ونشر قيم التسامح والتفاهم، لتجنب وقوع كوارث إنسانية مشابهة في المستقبل.