الثورة / افتكار أحمد
يعيش سكان شمال غزة العائدون من النزوح في الجنوب إلى بيوتهم المدمرة شمال القطاع أوضاعاً صعبة وكارثية جراء الجوع الذي يفتك بهم، نتيجة منع الاحتلال الصهيوني إدخال المساعدات الإنسانية لهم، لإجبارهم على النزوح مجدداً نحو الجنوب أو تركهم يموتون جوعاً، وهو ما يحدث فعلاً، حيث قضى العشرات وخصوصا الأطفال جوعا، فيما لجأ بعض السكان إلى طحن علف الحيوانات للحصول على دقيق للبقاء على قيد الحياة، والبعض يطحن الرمل مع التبن والأعلاف ليصنع منه الخبز، وفق تأكيدات السكان أنفسهم وتحذيرات المنظمات الدولية المستمرة بخصوص المجاعة المتفشية في قطاع غزة وخصوصاً في الشمال .


وعلى وقع هذه الظروف المأساوية، التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، قال برنامج الغذاء العالمي أنه أوقف مؤقتاً تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع المحاصر حتى تسمح الظروف بتوزيع «آمن».
وأوضح البرنامج الأممي -في بيان- أن «قرار وقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة لم يُتخذ استخفافاً» بالنظر إلى إدراك معنى «تدهور الوضع أكثر هناك» وأن عدداً أكبر من الناس «سيواجهون خطر الموت جوعاً».
كما أعلن البرنامج -في وقت سابق- أن كميات قليلة جداً من المساعدات الغذائية تجاوزت جنوبي قطاع غزة إلى شماله منذ بداية الحرب، مؤكداً أن خطر تشكل مجاعة في مناطق بالقطاع لا يزال قائماً، وأن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، وباتوا يواجهون خطر الموت جوعاً.

تحذيرات أممية
وحذّرت الأمم المتحدة من أنّ النقص المُقلق في الغذاء وسوء التغذية المتفشّي والانتشار السريع للأمراض عوامل قد تؤدّي إلى «ارتفاع كبير جدا» في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزّة.
وقالت المتحدثة باسم البرنامج الأممي في الشرق الأوسط عبير عطيفة، إن من الصعب الوصول إلى أماكن تحتاج للمساعدات، خاصة شمالي القطاع.
فيما قالت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسف) في تقرير لها، إن 90 % من الأطفال دون السن الثانية في غزة، و95 % من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون فقراً غذائياً حاداً، إذ تتناول 65% من الأسر وجبة واحدة في اليوم.
وجاء في التقرير أيضا أن أهالي غزة يصابون بالجوع والعطش والهزال، وأظهر التقرير أن 90 % من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرض معد واحد أو أكثر، وبحسب د.مايك رايان من منظمة الصحة العالمية فإن الجوع والمرض «مزيج مميت».
ولفت التقرير إلى أن المساعدات لم تصل إلى شمال القطاع منذ أسابيع، محذراً من أنه إذا لم يتغير الوضع على الأرض فسنشهد وضعا كارثياً.

تجويع ممنهج
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد من جانبه أن المجاعة تتعمق في القطاع، وحذّر من كارثة يروح ضحيتها مئات الآلاف من الأطفال والنساء.
وأضاف، أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش، وصولاً للمجاعة منذ بدء حرب الإبادة وإن الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة تجاوز المرحلة الكارثية.
وبيّن أن بعض العائلات يحصل خلال 48 ساعة على نصف وجبة غذائية فقط، وأن المواطنين في الشمال لا يجدون حتى الأعلاف والحبوب.
وأوضح أن شبح المجاعة يحاصر أكثر من 400 ألف مواطن في محافظة شمال غزة، وأضاف أن الوضع الإنساني في المحافظة تجاوز مرحلة الكارثة، في ظل سياسة التجويع والتعطيش والحصار التي تتبعها إسرائيل.
وشدد على أن الاحتلال يمنع وصول الشاحنات إلى محافظة شمال القطاع.
ويتجمع الآلاف من الفلسطينيين بشكل يومي بمنطقة الشيخ عجلين على شارع الرشيد غربي مدينة غزة، وفي مناطق أخرى بالوسط والشمال بانتظار وصول محدود من المساعدات الإنسانية وعلى رأسها الطحين. رغم معرفتهم بوجود آليات العدو التي تطلق النار والقذائف باتجاه كل من يصل هذه الأماكن، وفي النهاية لا يحصل سوى عدد قليل من المتجمعين على جزء يسير من مرادهم بسبب محدودية المساعدات، فيما يعود غالبيتهم ببطونهم الخاوية .

قصص مأساوية
أمهات وأطفال وشيوخ وشباب يعيشون على حافة الموت ويسردون لوسائل إعلام دولية قصصاً مؤلمة لجوعهم ومآسيهم تدمي القلوب وتفطر الألباب.
ضحى الخالدي، وهي أم لأربعة أطفال في بيت لاهيا، تقول إنها قبل أسبوعين سارت لأكثر من تسعة كيلومترات إلى منزل أختها في مدينة غزة، في بحث يائس عن الطعام، بعد أن بقي أطفالها بدون أكل لمدة ثلاثة أيام.
وتابعت: «ليس لدي أي أموال، وحتى لو توفرت، فلا يوجد شيء في السوق الرئيسي للمدينة. أختي وعائلتها يعانون أيضاً، اقتسمت معها آخر كمية من المعكرونة في منزلها».
وقالت شقيقتها «نشعر أن الموت أصبح حتمياً. فقدنا الطابق العلوي من منزلنا، لكننا ما زلنا نعيش هنا على الرغم من الخوف من انهيار المنزل. منذ أسبوعين، لا يمكننا العثور على أي شيء في السوق تقف وردة أحمد (36 عاما) حزينة وحائرةً وبطنها خاوية أمام بكاء رضيعها الجائع؛ في ظل عجزها عن إرضاعه بسبب سوء التغذية.
تضطر الأم من مخيم جباليا إلى وضع تمرة في فم رضيعها حتى يتوقف عن البكاء، بسبب عدم توفر الحليب، في ظل أوضاع مأساوية يعانيها النازحون تحت قصف وحصار شديد من قبل العدو الصهيوني .
وتحت وطأة غارات إسرائيلية مكثفة وعشوائية، نزحت وردة من شمالي قطاع غزة إلى مركز للإيواء في إحدى مدارس مدينة غزة، لكن الجيش الإسرائيلي اقتحمها، ما إجبرها مع آخرين على النزوح في اتجاه مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى.
ويعاني النازحون في غزة أوضاعاً كارثية، بعد أن أجبرت الحرب نحو مليوني فلسطيني على النزوح من مناطق سكناهم إلى مراكز للإيواء وسط وجنوب القطاع، وهي مناطق تنعدم فيها المقوّمات الصحية.

اكل أعلاف الحيوانات
أبو محمد من مواطني شمال القطاع يقول بحرقة وألم ووجه شاحب: «أعلاف الحيوانات التي كانت تستخدم بديلاً للطحين في شمال غزة نفدت، ولا يوجد أي شيء يمكن أكله في شمال غزة.
أبو عمر هو الآخر يقول لا أحد يشعر بنا، ولا أحد يشعر أن هناك بشراً يعيشون في شمال غزة».
ويشكو أبو عمر من عدم دخول أي مساعدات إنسانية على الإطلاق إلى الشمال، قائلاً: «لقد نسينا شكل الطماطم والخيار والفلفل والبطاطا».
ويستدرك في حديثه: «أصبحت أطعم أولادي أكل الدواب، وإذ مرّ الوقت (وبقي الوضع كما هو عليه)، سيموت أولادي بسبب الجوع».
ويزداد المشهد قتامة أكثر في شمالي القطاع، فهذا أبو عمر يروي مشاهدته يومياً لأناس يتساقطون، مغشياً عليهم، أثناء سيرهم في الشوارع بسبب الجوع.
عبد الرحيم أب لأسرة مكونة من 7 أفراد يبحث عن طعام في سوق مخيم جباليا، بعد نفاد ما كان تحتفظ به الأسرة من قمح .
يقول عبد الرحيم والدموع تنسكب من عينيه « نتجول طوال الليل والنهار بحثاً عن شيئ يكفينا ليوم واحد فقط، ولا نجد ، لا نعرف ماذا نأكل لدرجة أننا لجأنا لأكل أعلاف الحيوانات .. أولادي معرضون للموت جوعاً وعطشاً ” .

ويتساءل « أين العالم ؟ أين الإنسانية؟ ماذا فعلنا ؟ لماذا يحدث كل هذا لنا ؟
ويقدر تقييم مخاطر المجاعة، الذي أجرته وكالات تابعة للأمم المتحدة، أن ما يقرب من أكثر من نصف السكان في المناطق الشمالية يواجهون نقصاً «كارثياً» في الغذاء. كما تكافح العائلات في المناطق الشمالية أيضا للعثور على إمدادات مياه الشرب.
ويضطر الآلاف من المواطنين لشرب مياه غير صالحة للشرب نتيجة عدم توفر أي مياه صحية .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

لمواصلة توفير الإمدادات والخدمات للأسر اللبنانية... اليونيسف تناشد المجتمع الدولي

حذرت منظمة "اليونيسف" في بيان اليوم،  من أن "التصعيد الخطير للصراع في لبنان قد أدى إلى تدهور في وضع الأطفال وإحتياجاتهم فاقت سرعته قدرة الوكالات الإنسانية على الاستجابة الفورية من خلال التدخلات المنقذة للحياة، وأطلقت اليونيسف نداءها العاجل للحصول على 105 ملايين دولار أميركي خلال الثلاثة أشهر المقبلة".

اضاف البيان: "هناك حاجة ماسة إلى تلك الأموال لإيصال الإمدادات الحيوية الضرورية للأطفال، والحفاظ على الخدمات الحيوية في لبنان – بما في ذلك توفير المياه الصالحة للشرب والدعم النفسي والاجتماعي والتعليم – ورفع الجهوزية في وجه أي تصعيد محتمل في الأعمال العدائية".

واردف البيان: "منذ بداية شهر تشرين الأول 2023 ، قتل أكثر من 100 طفل ، وفقا لوزارة الصحة العامة اللبنانية ، مع الإشارة إلى أنّ نصف عدد الوفيات بين الأطفال حدث في الأسبوع الماضي وحده. وتقدر اليونيسف أن أكثر من 300,000 طفل قد نزحوا من منازلهم، وتفتقر الأسر النازحة الى إمكانية الوصول الى ما يكفي من مياه وغذاء وبطانيات ولوازم طبية وأساسيات أخرى. فهؤلاء الأطفال يعيشون الآن في كابوس ، يتصارعون مع الخوف والقلق والدمار والموت، لما ينتج عن ذلك من صدمات نفسية قد ترافقهم مدى الحياة".

وأشار البيان الى ان "ممثل اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر قال  ان نتائج تصعيد الأعمال العدائية في لبنان كارثية تطال جميع الأطفال في لبنان. الخوف في قلوبهم كبير هائل ولا يمكن تصوّره وهم باتوا محاصرين بالعنف وبعدم اليقين. هناك عدد لا يحصى من الأطفال في خطر حقيقي ويتعرضون للهجمات المستمرة والنزوح القسري وغير قادرين على الاعتماد على نظام الرعاية الصحية المنهك، تستجيب اليونيسف للاحتياجات الأكثر إلحاحا وأهميّة للأطفال في لبنان، ولكنها تحتاج إلى دعم عاجل للحفاظ على استجابتها وتوسيع نطاقها".

أردف: "لقد وسّعت اليونيسف، خلال الأسبوع الماضي، عملياتها مع تركيزها على المساعدات والخدمات الحرجة اللازمة، لا بل الضرورية، لدعم الأطفال وحمايتهم. بالتنسيق الوثيق مع وحدة إدارة مخاطر الكوارث نجحت اليونيسف وشركائها في الوصول الى أكثر من 50,000 شخص في أكثر من 200 مركز نزوح جماعي في محافظات الجنوب وبيروت وجبل لبنان والشمال والبقاع وبعلبك الهرمل ومدّ هؤلاء بمياه الشفة ولوازم عدّة من بطانيات وأكياس نوم وأدوات نظافة ومجموعات خاصة بالأطفال وبخدمات الدعم النفسي الإجتماعي".

 
تابع: "خلال شهر أيلول، سارعت اليونيسف الى تقديم نحو 100 طن من المساعدات الطبيّة الطارئة الى المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية التي تواجه النقص في المستلزمات أو نفاذها. وسيتمّ تسليم المزيد من المساعدات الطبيّة، وتشمل الأدوية والمستلزمات العلاجية وأدوات الطوارئ خلال الأيام القليلة المقبلة ، وذلك لمساعدة لجنة الطوارئ في وزارة الصحة العامة في لبنان التي تعمل على تقديم الإسعافات الأولية، والإستجابة الى حاجيات المستشفيات التي تعالج المرضى المصابين".

واشار البيان الى انه "مع ذلك، فإن الاحتياجات تزداد بوتيرة هائلة في لبنان. تناشد اليونيسف المجتمع الدولي بشكل عاجل لزيادة الدعم الإنساني وضمان بقاء الطرقات سالكة في لبنان لتوصيل المساعدات الانسانية، مما يسمح بإيصال الإمدادات الضرورية بسرعة وأمان إلى الأطفال الأكثر حاجة إليها".

ولفت  الى ان "ممثّل اليونيسف في لبنان قال إنّ الأطفال باتوا بلا منازل، والخطر يحدّق بالعديد منهم وحياة الكثيرين قد تكون تغيّرت الى الأبد. نزح العديد من الأطفال مراراً، من مكان الى ثان الى ثالث. هناك من فقدوا السقف وأمان البيت ومنهم من فقدوا الأم والعائلة والأحباء. هؤلاء بحاجة ماسة الى حماية، والى سائرالخدمات التي لا بُدّ منها لأيٍّ كائن طفل، بما في ذلك المرافق الطبيّة والملاجئ. اليونيسف قدّمت الدعم الى أطفال لبنان لعقودٍ وعقود ونحن مصممون على الاستمرار اليوم بتقديم الخدمات في هذا الوقت العصيب".

مقالات مشابهة

  • نزوح 300 ألف طفل في لبنان..يونيسف تطلق نداء لجمع 105 ملايين دولار
  • 40 % من الأطفال المتعاملين مع الحيوانات الأليفة معرضون للإصابة بالسعار
  • لمواصلة توفير الإمدادات والخدمات للأسر اللبنانية... اليونيسف تناشد المجتمع الدولي
  • القوات الإسرائيلية تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ148 على التوالي
  • رام الله - التنمية تعلن وصول 26 شاحنة مساعدات الى شمال غزة
  • ارتفاع حصيلة القتلى الصحفيين إلى 174 fالقصف الإسرائيلي على غزة
  • الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع.. وسيارة في خانيونس
  • الاحتلال يقصف مدرسة للنازحين في بيت لاهيا شمال القطاع.. ويقصف سيارة في خان يونس
  • سيارات متنقلة ضمن مبادرة "أطفال بلا مأوى" لإنقاذ المشردين وحمايتهم.. وأستاذة علم اجتماع تحذر من تجاهل المجتمع لهم
  • القوات الإسرائيلية تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ146 على التوالي