«حياة بلا طفولة.. ثمن الحرب الباهظ على الأطفال».. اليونيسيف: أكبر نزوح للأطفال في العالم حدث في السودان.. وقُتل أكثر من 5000 طفل في غزة
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
لا أحد ينجو من ويلات الحروب، لكن يبقى الأطفال هم الضحايا الأولى والأكثر عُرضة للمخاطر، إما قتلى أو مصابين أو سلب منهم الأب أو الأم أو كلاهما، وفوق كل هذا من الممكن أن يتعرضوا للتهجير والنزوح العنف والإغتصاب والجوع.
تُعتبر الحروب من أشد الكوارث التي تُلحق الضرر بالمجتمعات، خاصةً فئة الأطفال الذين يُمثلون مستقبل أي بلد، فعن طريقها يتعرض الأطفال للقصف والقتل والإصابات بشكل مباشر.
تأتي نتائج تلك الحروب بعواقب وخيمة على تلك الأطفال، حيث فقد العديد منهم بيوتهم وأسرهم، واضطروا إلى العيش في مخيمات اللاجئين أو مع عائلات أخرى، بجانب معاناتهم من صدمات نفسية بسبب تعرضهم للعنف والموت.
ونستعرض في هذا التقرير وضع الأطفال في السودان وغزة عقب الحرب التي بدأت العام الماضي.
اتفاقية جنيف
بحسب المـادة (24) من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في أغسطس 1949 فتنص على أطراف النزاع أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر الذين تيتموا أو افترقوا عن عائلاتهم بسبب الحرب، وتيسير إعالتهم وممارسة دينهم وتعليمهم في جميع الأحوال، ويعهد بأمر تعليمهم إذا أمكن إلى أشخاص ينتمون إلى التقاليد الثقافية ذاتها.
كما تنص ذات المادة: على أطراف النزاع أن تسهل إيواء هؤلاء الأطفال في بلد محايد طوال مدة النزاع، بموافقة الدولة الحامية، إذا وجدت، وبشرط الاستيثاق من مراعاة المبادئ المبينة في الفقرة الأولى، وعليها فوق ذلك أن تعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لإمكان التحقق من هوية جميع الأطفال دون الثانية عشرة من العمر، عن طريق حمل لوحة لتحقيق الهوية أو بأي وسيلة أخرى.
عام من العنف في السودان
شنت كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع العديد من الهجمات العشوائية على مناطق مكتظة بالسكان أثناء القتال خلال الفترة الواقعة بين أبريل وديسمبر 2023 بما في ذلك مواقع تضم النازحين داخليًا خاصة في العاصمة الخرطوم وأم درمان وكردفان ودارفور.
وكشف تقرير للأمم المتحدة نشر حديثا في فبراير الجاري أنه بحلول 15 ديسمبر 2023، تعرض ما لا يقل عن 118 شخصًا للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، من بينهم 19 طفلًا في السودان.
بحسب منظمة الأمم المتحدة يستند التقرير إلى مقابلات أجراها المكتب مع 303 من الضحايا والشهود، بما في ذلك عشرات من المقابلات التي أجريت في إثيوبيا وشرق تشاد، فضلًا عن تحليل الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو وصور الأقمار الاصطناعية ومعلومات من مصادر مفتوحة أخرى.
ويظهر التقرير أن طرفي الصراع استخدما أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق، مثل القذائف التي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار والأسلحة المضادة للطائرات وقذائف المدفعية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "منذ ما يقرب من عام، تتحدث الروايات الواردة من السودان عن الموت والمعاناة واليأس، مع استمرار الصراع الذي لا معنى له وانتهاكات حقوق الإنسان دون نهاية تلوح في الأفق".
بحسب "تورك" يقدم هذا التقرير قراءة مؤلمة للغاية للمأساة التي لحقت بالشعب السوداني دون داع منذ أبريل 2023، مؤكدا على من جديد إلى الحاجة الماسة لإنهاء القتال وكسر دائرة الإفلات من العقاب التي أدت إلى نشوب هذا الصراع في المقام الأول.
أكبر نزوح للأطفال في العالم حدث في السودان
لقد نزح أربعة ملايين طفل أي 13 ألف طفل كل يوم لمدة 300 يوم، بحسب ما أعلنه جيمس إلدر المتحدث باسم اليونيسف "منظمة الطفولة والأمومة الأمم المتحدة".
وقال «إلدر» إن عواقب الـ 300 يوم الماضية تعني أن أكثر من 700 ألف طفل من المحتمل أن يعانوا من أخطر أشكال سوء التغذية هذا العام، موضحا لن نتمكن من علاج أكثر من 300 ألف منهم دون تحسين القدرة على الوصول والدعم الإضافي، ومن المرجح أن يموت عشرات الآلاف.
كما أشار ارتفاع حالات القتل والعنف الجنسي والتجنيد بمقدار ستة أضعاف عما كانت عليه قبل عام، قائلا: وهذا يعادل أعدادا مرعبة من الأطفال الذين قتلوا أو اغتصبوا أو تم تجنيدهم، وهذه الأرقام هي غيض من فيض.
قُتل أكثر من 5000 طفل فى غزة
أما عن الأوضاع في قطاع غزة بفلسطين، فقد تطرق جيمس إلدر إلى الإصابات التي يعاني منها الأطفال بسبب الحرب الدائر في غزة ة من حروق وجراح خطرة، معلنا إن نحو 1000 طفل تعرضوا لبتر في الأطراف- خلال الفترة الماضية- فيما قُتل أكثر من 5000 وفقا للتقارير.
في فيديو مصور له شرح إلدر حالة الأطفال في غزة قائلا: من المهم معرفة أنه عندما يُقصف منزل بقذيفة أو صاروخ مثلا- وأنا لست خبيرا عسكريا- فإن ذلك لا يؤدي إلى إصابة الأطفال بإصابة واحدة، ولكنه يؤدي إلى كسر العظام وإحداث حروق وإصابات بالشظايا التي تمزق جسد الطفل.
وتابع قائلا: لقد تحدثت مع أناس في وزارة الصحة وحاولت الحصول على معلومات من المستشفيات. ويبدو أن ألف طفل على الأقل عانوا من بتر في الأطراف، لقد رأيت بعضهم في المستشفى.
10 ملايين طفل نزحوا حديثا
أكد السفير إكرامي الزغاط، رئيس الصندوق العالمي للتنمية والتخطيط، المستشار الخاص للصندوق الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، أن النزاعات في بقاع الأرض المختلفة أدت إلى تشريد وقتل ملايين الأطفال، موضحًا أن التقارير الأممية والدولية الصادرة بشأن الأطفال في مناطق النزاع تشير إلى أن الأطفال في العديد من بلدان العالم مهددون بالموت جراء الجوع أو نقص الغذاء أو وتزايد العنف وتفاقم النزاعات المسلحة حول العالم.
وأشار الزغاط في بيان له اليوم الثلاثاء، إلى أحدث تقرير صادر بشأن حقوق الأطفال في مناطق النزاعات، والذي أصدرته مؤسسة "أنقذوا الأطفال" البريطانية المعنية بحقوق الإنسان في العالم، والذي أشارت فيه إلى أنه يوجد حوالي 10 ملايين طفل أجبروا على الفرار من منازلهم خلال عام 2023 بسبب النزاعات المسلحة، وكذلك نزوح أكثر من 50 مليون طفل في أنحاء العالم، لافتًا إلى أن هذه الأرقام تشير إلى وجود كارثة إنسانية يجب أن ينتبه لها المجتمع الدولي.
وأضاف رئيس الصندوق، أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، حذرت من أن هناك حوالي 5 ملايين طفل في السودان مهددون بسبب النزاعات المسلحة، وكذلك الأمر بالنسبة للأطفال في غزة، فإنهم يواجهون خطر الموت جوعًا وانتشار الأوبئة، والوضع نفسه في أوكرانيا والعديد من المناطق التي تشهد حروبًا مسلحة، مشددًا على أن الأطفال في قارة أفريقيا على وجه التحديد يواجهون جحيمًا حيًا يجب الانتباه له ووقفه فورًا.
وتابع، أن كل ساعة تمر على البشرية تتزايد فيها الخسائر، وهو ما لا يمكن معه منع وقوع كوارث صحية وبيئية واجتماعية، حيث تؤثر الحروب على حقوق الأطفال في الرعاية الصحة الجيدة، أو الحصول على التعليم والغذاء، ويجب أن يتصدى المجتمع الدولي له ويتكاتف من أجل حماية ملايين من الأطفال الذين يشكلون مستقبل الأمة.
وطالب الزغاط، المنظمات الأممية بضرورة دعم الأطفال والتحرك العاجل من أجل وقف نزيف الدماء وانتهاك الحقوق في مناطق النزاع، والعمل جنبًا إلى جنب من أجل حماية الأطفال وإيصال المساعدات الغذائية لهم، وتوفير الدعم النفسي لكل من تعرض إلى أي نوع من أنواع العنف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحرب الأطفال النزوح العنف السودان غزة الأمم المتحدة ملایین طفل فی السودان أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد مرور عامين على حرب السودان … كيف أثرت على حياة المدنيين ؟
في كل صباح يبدأ عمر وهو اسم مستعار لشاب في العشرينات من عمره، يبدأ يومه بذات الفكرة العالقة متى أعود؟ وكيف؟ فبعد اندلاع الحرب لم تمنحه وقتا للتفكير بل أجبرته على الهروب فترك خلفه شوارع الخرطوم التي عرفها جيدا وأصدقاء الساحات والهتاف وحتى عائلته التي ما زالت تقاوم البقاء في منطقة تغلي بنيران النزاع.
التغيير – فتح الرحمن حمودة
استقر عمر في أوغندا لاجئا لكن روحه ظلت معلقة هناك حيث يُحتجز قلبه بين ذكريات وطن يتآكل وحنين لا يهدأ بعد عامان مرا منذ اندلاع الحرب كانا كفيلان بأن يقلبا حياته رأسا على عقب كما فعلا بحياة آلاف السودانيين الذين تاهت بهم الطرق وتبددت أحلامهم.
و اليوم دخلت الحرب السودانية عامها الثاني لا كذكرى عابرة بل كظل ثقيل ما زال جاثما على صدر البلاد و لم تكن مجرد حرب بين طرفين متنازعين بل تحولت إلى زلزال اجتاح النفوس والمكان فغير ملامح المدن والقرى ومزق تفاصيل الحياة اليومية وخلف جراحا لا تندمل.
و وسط هذا المشهد حملت «التغيير » سؤالا بسيطا في مظهره عميق في معناه ما الذي تغير في حياة الناس؟ ومن المنافي إلى مدن الصراع كانت قد بدأت رحلة البحث عن الإجابة بين الذين عانوا ويلات اللجوء أو من ظلوا في الداخل يتشاركون في مواجهة قسوة الحياة اليومية وثقل الفقدان .
و قالت فاتن الزين لـ «التغيير » إن حياتهم تغيرت بشكل جذري خلال عامين من الحرب حتى اضطروا للنزوح من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة وأكدت أن التأثير الأكبر كان على أطفالها الذين انفصلوا عن والدهم بسبب عمله كجندي في المؤسسة العسكرية مشيرة إلى أنهم كانوا شديدي التعلق به.
و مضت في حديثها : عانيت كثيرا لأساعد أطفالي على تجاوز هذا الفقد خاصة في ظل انقطاع التواصل بيننا أحيانا وما يصاحبه من قلق دائم، و تضيف بعد فترة من الإقامة في الجزيرة لجأت إلى خارج البلاد واستقرينا وهنا شعرت العائلة بالأمان رغم غياب الأب الذي كان قد مات على إثر سقوط طائرة عسكرية وكان لهذا الحدث أثر بالغ علينا جميعا و كانت صدمة قاسية على الأطفال وأصبح علينا أن نبدأ من جديد من نقطة الصفر ونحاول بناء حياة تستمر رغم كل الفقد .
بينما قالت فاطمة حسين إن أكثر ما أثر فيها بعد مرور عامين على اندلاع الحرب هو أنها وجدت نفسها تعيش في مكان لم تتخيل يوما أنها ستسكن فيه وأضافت بحسرة :”عندما أزور بيتنا أحس كأني ضيفة في منطقتي و هذا الإحساس مؤلم جداً”.
وتابعت فاطمة في حديثها لـ « التغيير » حتى الناس الذين اصبحنا نراهم في المنطقة باتوا غرباء لأن الجيران والأهل والأصحاب الذينا تربينا معاهم نزحوا وابتعدوا عن منازلهم و هذا وجع كبير وفي نفس الوقت الناس الحولينا في المكان الجديد أيضاً لا نعرفهم لأنهم غرباء علينا لكنا مضطرين نتعامل معاهم ونتأقلم رغم اختلاف العادات والثقافات و هذا أمر صعب .
و منذ اندلاعها في 15 أبريل 2023 لم تتوقف الحرب عن خطف الأرواح وتشريد الملايين في ما يعد أسوأ كارثة إنسانية في تاريخ البلاد الحديث وبعد مرور عشرين شهرا من القصف والمعارك والنزوح صارت البلاد مسرحا مفتوحا للفقد المستمر والانهيار الكامل في مؤسسات الدولة وخدماتها.
اما جهاد محمد قال إن الأوضاع الاقتصادية والنفسية خلال عامين من الحرب كانت صعبة للغاية بالنسبة لهم و أنها اجبرت معظم الناس على ترك منازلهم واللجوء إلى المدارس التي إن توفرت فيها المياه فهي غير صالحة للشرب والمراحيض فيها تعاني من ضغط استخدام شديد.
وأضاف في حديثه لـ « التغيير » أن الخوف المستمر من تجدد العمليات العسكرية وسقوط القذائف كان له الأثر الأكبر على حياتهم اليومية مما جعلهم يعيشون في خوف و هلع بشكل يومي إلى جانب الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
و لكن سلمى أحمد قالت إنه طوال العامين الماضيين لم يطرأ أي تغيير سوى ازدياد المآسي والأحزان التي عاشوها يوميا وأضافت اصبح ما عاد هناك شيء يؤثر علينا تعودنا على الوجع و نتعايش مع كل شئ ونقول «في شنو تاني ممكن يحصل أكتر من الحصل لينا » على حد تعبيرها .
ورغم هذا الواقع القاسي اختتمت سلمى في حديثها لـ «التغيير» بروح صبر وإيمان قائلة نحمد الله على كل شئ وندعوه إن يصلح الحال ويكتب لنا أياما أفضل و ان تتوقف هذه الحرب .
و كانت قد شهدت مناطق القتال الرئيسية مواجهات عنيفة بين الأطراف المتحاربة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والقذائف ما تسبب في حالة من الذعر والهلع وسط المدنيين وعرض حياتهم للخطر بشكل مستمر.
و على الرغم من مرور عامين من الحرب إلا انه حتى الآن لا تلوح في الأفق أي حلول سياسية حقيقية فالمحاولات الدولية والإقليمية لإيقاف القتال كانت قد فشلت والمبادرات ظلت تراوح مكانها فيما تواصل الحرب اجتياحها لكل شيء حتى الحجر والبشر،الحلم والهوية لم ينجوا منها .
الوسوم15 أبريل الحرب السودان اللجوء النزوح عامان