عربي21:
2024-07-02@04:25:25 GMT

حتى تخدم الإنزالات إسناد أهل غزة لا تهجيرهم

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

أثارت الإنزالات الجوية لبعض المواد الغذائية على قطاع غزة مؤخرا جدلا كبيرا بين ناقد وحامد، إذ ثمة من يرى الأمر من باب تقديم أقل الواجب لدعم وإسناد أهل القطاع الذين يعانون أوضاعا إنسانية صعبة، وبالتالي فهي خطوة تستحق الشكر والتشجيع رغم تأخرها. وهناك من رأى بأنها لم تخدم الهدف الأساسي الذي يفترض أنها تبغيه، حيث سقط جزء مهم منها في البحر وأجزاء أخرى في وسط القطاع وجنوبه وليس في الشمال الذي يعاني حالة التجويع الأقسى، فضلا عن بعض الحركات الاستعراضية "غير اللائقة" من وجهة نظرهم مثل مرافقة بعض مؤثري وسائل التواصل للقوات المسلحة في عملية الإنزال.



فالقوات المسلحة الأردنية كانت قد أعلنت عن تنفيذ عدة إنزالات سابقة من الجو للمستشفى الميداني الأردني في القطاع، قبل أن تعلن مؤخرا عن إنزال لأهل غزة مباشرة، كما أعلن عن مشاركة دول عربية أخرى -مصر والإمارات - في أحد الإنزالات.

وبالنظر إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعانيها سكان القطاع بشكل ممنهج من قبل الاحتلال بدءا بالقتل ومرورا بالحصار وليس انتهاء بالتجويع، فإن أي جهد باتجاه تقليل هذه المعاناة يستحق الإشادة والتحفيز لما هو أكثر، بيد أننا نحتاج في البداية لتثبيت بعض المعطيات المهمة، وفي مقدمتها:

بالنظر إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعانيها سكان القطاع بشكل ممنهج من قبل الاحتلال بدءا بالقتل ومرورا بالحصار وليس انتهاء بالتجويع، فإن أي جهد باتجاه تقليل هذه المعاناة يستحق الإشادة والتحفيز لما هو أكثر
أولا، رغم أن مجمل مناطق قطاع غزة تعاني أوضاعا إنسانية سيئة، من حيث أعداد الشهداء والجرحى ودمار البيوت والبنى التحتية والنزوح وظروف الإيواء الصعبة وضعف الخدمات الصحية، إلا أن الظروف الأصعب يعانيها أهل محافظتي شمال غزة وغزة الذين صمدوا في مناطقهم وواجهوا ضغوط الاحتلال بالنزوح جنوبا، ويعانون في الأيام الأخيرة من حالة تجويع حقيقي مقصودة أوصلت البعض منهم لتناول أعلاف الحيوانات ووفاة البعض تضورا من الجوع، ما يعني أن الأولوية القصوى بلا نقاش هي لإغاثة أهل الشمال قبل غيرهم.

ثانيا، أن الإنزالات فيما يبدو بداهة تتم بالتنسيق مع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، ومن هو قادر على التنسيق لإنزال من الجو يفترض أن يكون قادرا على التنسيق لإدخال المساعدات برا، إن صدقت النوايا.

ثالثا، إن الكميات التي يمكن إنزالها من الجو قليلة جدا ولا تكاد تكفي طعام يوم واحد لمن يحصل عليها -في حال حصل عليها- وهم الأقلية، وبالتالي فإن ما أُنزل ويمكن أن ينزل لاحقا لا يكفي لسد الرمق فضلا عن كسر الحصار، على عكس البروباغندا السائدة.

رابعا، أن ما يحتاجه سكان القطاع ليس المواد الغذائية فقط على أهميتها وأولويتها، بل ثمة حاجة ماسة للأدوية وحليب الأطفال والمواد الصحية وغير ذلك الكثير من المواد الأساسية والضرورية.

خامسا، أثبتت عمليات الإنزال أنها كانت ممكنة طول الوقت، وبالتالي أنها أتت متأخرة جدا، وهذا جزء أساسي من التقييم لا ينبغي إهماله إلى جانب المعايير الأخرى. كما أنها أتت بعد الكشف عن الجسر البري للبضائع التي تمر لدولة الاحتلال عبر دول عربية منها الإمارات والأردن، والذي -أي الجسر البري- رغم النفي الرسمي ما زال يحظى بمصداقية عالية بالنظر للقرائن القائمة عليه، ما يطرح سؤالا وجيها عن الهدف الرئيس للإنزالات بين المساعدات وتخفيف الاحتقان الداخلي.

أثبتت عمليات الإنزال أنها كانت ممكنة طول الوقت، وبالتالي أنها أتت متأخرة جدا، وهذا جزء أساسي من التقييم لا ينبغي إهماله إلى جانب المعايير الأخرى. كما أنها أتت بعد الكشف عن الجسر البري للبضائع التي تمر لدولة الاحتلال عبر دول عربية منها الإمارات والأردن، والذي -أي الجسر البري- رغم النفي الرسمي ما زال يحظى بمصداقية عالية بالنظر للقرائن القائمة عليه، ما يطرح سؤالا وجيها عن الهدف الرئيس للإنزالات
سادسا، ينبغي التنبه للحد الفاصل بين تخفيف حدة الحصار والجوع عن أهل غزة وتخفيف الضغوط عن الاحتلال الذي يحاول تجميل صورته والادعاء بأنه يسمح بدخول المساعدات ولا يحاصر غزة أو يمنع عنها الغذاء، على عكس الحقيقة.

سابعا والأهم، واجب الوقت هو فتح المعابر البرية وإدخال المساعدات من مختلف الأنواع لسكان قطاع غزة في كل المناطق، وهذا أمر محميٌّ قانونيا وسياسيا وممكن عمليا وكافٍ للناس؛ بخلاف الإنزالات الجوية التي تعمل مثل المسكّنات المؤقتة فقط.

وبالتالي، وبالنظر لكل ما سبق والوقائع التي شابت عمليات الإنزال، نكون أمام أحد أربعة سيناريوهات قد يتحقق أحدها أو أكثر في الوقت ذاته حسب الوقائع:

الأول، تخفيف حدة الجوع ولو بالحد الأدنى إذا ما ركزت الإنزالات على مناطق شمال القطاع على وجه التحديد وتجنبت البحر ومناطق الوسط والجنوب (ولو مرحليا)، وهذا مقدور عليه إذ رأينا أكثر من مرة دقّة الإنزالات على المستشفى الميداني.

الثاني، عمليات إنزال بروتوكولية وبكميات قليلة غير مؤثرة هدفها الرئيس تخفيف الاحتقان الداخلي في وجه الجسر البري على وجه التحديد.

الثالث، عملية دعاية وبروباغندا دون أن يكون ثمة رصيد واقعي للإنزالات، باستمرار الشكل الحالي غير المؤثر على الحقيقة.

الرابع، استمرار إنزال الغذاء والمساعدات على مناطق وسط القطاع وجنوبه دون الشمال، ما قد يجبر بعض السكان الصامدين في الأخير على تركه نحو الوسط والجنوب تعلقا بأمل الحياة، ما يعني أن الإنزالات بهذه الصيغة تخدم هدف الاحتلال المعلن بتفريغ الشمال من سكانه وإعادة احتلاله، أو حتى ضمه لدولة الاحتلال وفرض واقع سياسي وأمني وإداري مختلف فيه بعد انتهاء العدوان.

رغم أننا ما زلنا نقول ونؤكد أن دخول المساعدات عبر المعابر البرية، وفي مقدمتها وأهمها معبر رفح مع مصر، هو واجب الوقت وأنه ممكن وضروري، إلا أنه لا يمكن رفض الإنزالات من الجو بالمطلق
مما سبق، يتضح أن فكرة الإنزالات غير كافية بمفردها وبشكل مجرد لخدمة أهل غزة ونصرتهم، بل غير كافية لوحدها للتدليل على حسن النوايا، إذ ذلك منوط إلى حد كبير بالتفاصيل والوقائع والنتائج. فيمكن، كما سبق تفصيله، أن تخفف الإنزالات عن بعض أهل غزة واقعهم الإنساني الصعب نسبيا ويمكن أن تخدم خطط الاحتلال بالتهجير جنوبا، وبينهما سيناريوهات أخرى وسيطة.

وعليه، على الدول العربية أن تقرر بشكل دقيق ما الذي تريد فعله وبأي وسيلة، وأن تدرك أن الشعوب والنخب اليوم أكثر وعيا مما يُتصور ويُتوقع، ولا تنطلي عليها الكثير من أساليب الدعاية والتضليل.

ورغم أننا ما زلنا نقول ونؤكد أن دخول المساعدات عبر المعابر البرية، وفي مقدمتها وأهمها معبر رفح مع مصر، هو واجب الوقت وأنه ممكن وضروري، إلا أنه لا يمكن رفض الإنزالات من الجو بالمطلق، بل ينبغي تقييمها وفق المعايير التي سلف ذكرها.

ليس من باب الشعارات ولا المزايدات ولا الشعبوية، لكن سكان غزة ومعهم الشعوب العربية والمسلمة تتابع عن كثب تفاصيل ما يحصل، وأيَّ هدفٍ ستخدم هذه الإنزالات في نهاية المطاف. وبالتالي فأداء الأنظمة والدول العربية ستشهد عليه الشعوب والتاريخ والله، وسيكون له ما بعده. فإن كانت بعض هذه الأنظمة عجزت و/أو تقاعست عن النصرة، وبعضها مد يد العون للاحتلال بالبضائع التي يحتاجها خلال الحرب، فإن مآلات هذه الإنزالات ستكون معيارا إضافيا للتقييم.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر المساعدات الحصار الإمارات مصر الاردن غزة مساعدات الإمارات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجسر البری أهل غزة من الجو

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: أهالي غزة يعيشون حياة بائسة ويحتاجون إلى كل شيء

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة توثيق 10 آلاف حالة إعاقة في غزة نصفها من الأطفال «اليونيسف»: تصعيد العنف في الضفة يهدد سلامة الأطفال

حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من أن مئات الآلاف من سكان قطاع غزة مازالوا محرومين من المأوى المناسب والغذاء والمياه النظيفة، مشيرةً إلى أن أهالي القطاع يعيشون حياة بائسة للغاية، ويحتاجون إلى كل شيء. وسلطت «الأونروا» الضوء في بيان على أن «القدرة على التخلص من القمامة ومعالجة مياه الصرف الصحي مقيدة بشدة، فيما تستمر القمامة في التراكم».
 وقالت: إن «مئات الآلاف من سكان القطاع مازالوا محرومين من المأوى المناسب والغذاء والدواء والمياه النظيفة».
وفي معرض تعليقها على تقييد المساعدات لغزة، قالت «الأونروا»: «عندما تصل كمية قليلة جداً من المساعدات، سيكون هناك بالطبع اندفاع كبير من السكان للحصول عليها». وأضافت أن «مئات الفلسطينيين بغزة ينتظرون وصول المساعدات».
واعتبرت أن «سكان غزة يعيشون حياة وأوقاتا بائسة للغاية، ويحتاجون إلى كل شيء». وأردفت «الحل الوحيد تقديم المزيد من المساعدات لأهالي غزة».
وفي السياق، قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة، إن المدنيين في قطاع غزة أجبروا على العيش في مبان أو مخيمات دمرها القصف بجوار أكوام ضخمة من القمامة، ونددت بـ«ظروف لا تطاق» في القطاع.
وعرضت لويز ووتريدج من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» الظروف المعيشية القاسية للغاية في قطاع غزة. وقالت للصحافيين في جنيف عبر تقنية الاتصال المرئي من جنوب قطاع غزة «الأمر لا يطاق حقاً».
وعادت ووتردج الأربعاء بعد قضائها 4 أسابيع خارج القطاع، مشيرة إلى أن الوضع في تلك الفترة تدهور بشكل كبير.
وأضافت «لا بد أنه يكون الأسوأ على الإطلاق، ولا أشك في أن الغد سيكون الأسوأ على الإطلاق مرة أخرى».
وقالت ووتردج، إن قطاع غزة دُمر، موضحة أنها صدمت لدى عودتها إلى خان يونس جنوب قطاع غزة. وتحدثت ووتريدج عن صعوبة جلب الوقود إلى غزة وتوزيعه بأمان، الأمر الذي يؤثر على القدرة على إيصال المساعدات.

مقالات مشابهة

  • وزير شئون الإغاثة الفلسطيني: نكثف اتصالاتنا مع الدول المانحة لزيادة حجم المساعدات لغزة
  • "الأونروا": الأوضاع في قطاع غزة "كارثية" جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة
  • وسائل إعلام عبرية توضح لماذا تنتصر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة
  • قصف إسرائيلي مكثف يستهدف أحياء الصبرة والتفاح والدرج شرقي غزة
  • رئيس جامعة برج العرب: الجامعات التكنولوجية تخدم العلم الأكاديمي والمهني
  • آخر تطورات الحرب في غزة.. الأونروا: سكان القطاع فقدوا كل مقومات الحياة!
  • الأمم المتحدة: أهالي غزة يعيشون حياة بائسة ويحتاجون إلى كل شيء
  • حماس توضح حول مستجدات صفقة التبادل.. ويدعو العرب والمسلمين لاغاثة غزة
  • السيسي يحذر من انزلاق المنطقة إلى صراع غير مسبوق
  • الهلال الأحمر: دخول 40 طنا من الطحين إلى غزة لمساعدة آلاف النازحين