د.حماد عبدالله يكتب: " أزمــات " أمـام الوطـن !!
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
لعلنا يجب أن نتفهم ما يواجه الأمة من مجموعة المشاكل التي يصل بعضها إلى حد تسميته ( بالأزمة ) وهنا يجب المواجهة – ويجب الصدق مع النفس قبل ( المواراة ) أو ودفن الرأس فى الرمال – فهذا لن يضعنا أبدًا أمام طريق سوي لأنهاء مشاكلنا -بل العكس سوف نتعثر أكثر !! وسوف نعاني في سبيلنا للتخلص أو إدارة الأزمة بعد فوات الأوان!! ولعل من أهم الأزمات التي تواجه الوطن.
أولا-ً أزمة ضعف كفائة الجهاز الإداري للدولة – الأصل في الحالة الحياتية للشعب – هو قدرة الجهاز الإداري علي التغطية الأفقية والرأسية لإقليم ومجتمع الدولة – بما يعني تطابق الإدارة التنفيذية في الحكومة مع السياسة العامة المعلنة من قبل السلطات الحكومية المركزية -مثل توصيل الخدمات إلى كافة المواطنين – وتأدية الواجبات الحكومية في الإقليم للجميع دون تفرقة ودون وساطة – وتؤدى عدم القدرة التنظيمية والإدارية للنظام السياسي – إلى تعريض هذا النظام لأزمة عدم اختراق أي عجز أو قصور النظام في التغلغل خلال الإطار الإجتماعي والإقتصادي والإقليمي خارج العاصمة – ويتمثل هذا في المناطق المحرومة والنائية وكذلك العشوائيات في المدن المصرية والتي تعدت الـ2250 منطقة حسب تقرير وزارة الإسكان !!
الأزمة الثانية هي الديمقراطية وأزمة المشاركة الشعبية -ونعني هنا بالديمقراطية حق الشعب في حكم نفسه بنفسه كقيمة سياسية – وترجع أزمة المشاركة الشعبية في البلدان النامية أساسًا إلى تخلف البنية الإقتصادية والإجتماعية والإفتقار إلى الشروط الثقافية والسياسية وهناك خصائص ثلاث لأزمة المشاركة الشعبية وهى:-
1- الافتقار إلى المتطلبات الإجتماعية والإقتصادية ( بسبب الجمود الاجتماعى والتفاوت الطبقى ).
2- غياب الشروط الثقافية والسياسية ( بسبب الأمية والإفتقار للتسامح )
3- تقلص المشاركة الجماهيرية ( بسبب السلبية واللامبالاة ).
-أما الأزمة الثالثة هى أزمة عدم عدالة التوزيع – فالنظام السياسى هو الذى يقوم بدور ( الموزع ) للثروة إذ أن كل الثروات السياسية هى فى الحقيقة ذات طابع ( توزيعى ) مثل سياسات الأجور والأسعار والضرائب والتعليم – وتدخل الدولة فى الإسكان والصحة والتأمينات وذلك بتحديد الفئات المستفيدة من التوزيع – ومقدار ما يخصص لكل منها من القيم والمنافع – وعادة تقع النظم فى البلاد النامية فى تناقض حاد بسبب المفاضلة فى عملية التخصيص بين أى من إعتبارين- إعتبار اقتصادى أى يرتبط التوزيع بنوع العمل والكفاية – أو إعتبار إجتماعى – يعنى الإهتمام بفكرة العدالة الاجتماعية.
أما الأزمة الرابعة هى أزمة تخبط الذاتية الحضارية – وهى التى تدور حول محور الزمان وهى تتلخص فى ذلك التخبط الشديد عند إختيار نموذج حضارى – تنشده الجماعة السياسية فى أحياء القومية – والتحديث الحضارى والتنمية الشاملة – ولعل أبرز ملامح التخبط -هو عندما تخفق أمة فى تحديد هويتها الحضارية وتكمن جذور أزمة الذاتية فى عدة عوامل أبرزها – السيطرة الأجنبية – وما يترتب عليها من تشويه إقتصادى وحضارى وإجتماعى ونفسى -وتعميق التبعية وشدة الاعتماد من جانب الشعوب على حكومتها لتحقيق الأمال الجماهيرية – أو شدة الإعتماد على الخارج – هذا باختصار أهم الجذور التاريخية ذات الأبعاد العميقة وراء المشكلات الوطنية الراهنة – والتى ربما ترجع ليس إلى المرحلة الساداتية أو الناصرية وإنما تعود بنا إلى العهد الملكى السابق على ثورة يوليو.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
استشراف الصيف القادم.. 22 ساعة متوقعة بلا كهرباء ولا حلول تلوح بالأفق
بغداد اليوم - بغداد
يواجه العراق أزمة طاقة متصاعدة تهدد بانهيار شبكة الكهرباء، مع تحذيرات من توقف إيران عن تزويد البلاد بالغاز بحلول عام 2025، حيث كشف المقرر البرلماني الأسبق محمد عثمان الخالدي لـ"بغداد اليوم" عن هذه المخاطر، مشيرًا إلى أن إيران تعاني من أزمات داخلية وعقوبات دولية أعاقت قدرتها على تلبية احتياجات العراق من الغاز، الذي يعتمد عليه لتشغيل "30%" من محطات توليد الكهرباء.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت يعاني فيه العراق من انقطاعات كهرباء متكررة، خاصة في بغداد والجنوب، مما يهدد بإشعال غضب شعبي مع اقتراب فصل الصيف.
جذور الأزمة.. بين التبعية والإهمال
يعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الكهرباء، حيث يستورد يوميًا نحو "50 مليون متر مكعب" من الغاز، تُستخدم لتشغيل محطات كهربائية حيوية مثل محطة "بسماية" جنوب بغداد، التي كانت تنتج "3,500 ميغاوات" قبل توقفها، ومحطة "الصدر" في العاصمة بقدرة "560 ميغاوات"، ومحطة "المنصورية" في ديالى بإنتاج "770 ميغاوات".
لكن هذه الإمدادات تواجه تحديات جذرية، أبرزها الأزمة الداخلية في إيران، حيث تعاني طهران من نقص في إنتاج الغاز بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي خلال موجات الحر والبرد، إضافة إلى العقوبات الدولية التي أعاقت تحديث قطاع استخراج الغاز، مما أدى إلى انخفاض إنتاجها بنسبة "40%" خلال العقد الماضي. كما أن البنية التحتية القديمة لأنابيب نقل الغاز تتسبب في تسرب "15%" من الإمدادات قبل وصولها إلى العراق.
وتتفاقم الأزمة بسبب عوامل داخلية في العراق، مثل أزمة المياه التي قلصت إنتاج سد الموصل من "755 ميغاوات" إلى "375 ميغاوات"، والفساد الإداري الذي أعاق مشاريع استثمار الغاز المحلي، رغم أن العراق يحرق "17 مليار متر مكعب سنويًا" من الغاز المصاحب للنفط، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، مما يجعله ثاني أكبر دولة في العالم بعد روسيا في حرق الغاز.
تداعيات ميدانية.. بين الغضب الشعبي والانهيار الاقتصادي
أدت الانقطاعات المتكررة للغاز الإيراني إلى انهيار جزئي لشبكة الكهرباء في العراق، خاصة في بغداد والجنوب، حيث وصلت ساعات الانقطاع إلى "20 ساعة يوميًا" خلال صيف 2023 و2024، مع توقعات بتجاوزها "22 ساعة" في صيف 2025.
وحذر المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، في وقت سابق، من أن انقطاع الإمدادات الإيرانية سيتسبب في "كارثة حقيقية"، مشيرًا إلى أن المحطات المذكورة تعتمد كليًا على الغاز القادم من إيران، وأن أي انخفاض في التدفق سيؤدي إلى انهيار إنتاج الكهرباء.
وتكبد العراق خسائر اقتصادية فادحة بسبب هذه الأزمة، حيث تُكلف استيراد الكهرباء من إيران نحو "4 مليارات دولار سنويًا"، بينما تُقدَّر خسائر القطاع الصناعي بسبب الانقطاعات بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تهدد الأزمة بزعزعة استقرار حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي تعهدت بتحسين الكهرباء كأولوية، مع مخاوف من عودة احتجاجات 2019 التي اندلعت بسبب تردي الخدمات الأساسية.
استراتيجية الحكومة.. بين الطموح والتحديات
كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز عبر استثمار الغاز المصاحب للنفط، الذي يُحرق العراق منه "17 مليار متر مكعب سنويًا". وتشمل الخطة مشاريع مشتركة مع شركات عالمية مثل "شل" في مشروع "باسراك" لالتقاط "700 مليون قدم مكعب يوميًا" من الغاز المحروق بحلول 2025، إضافة إلى التحول إلى الطاقة المتجددة عبر مشروع "المنظومة الشمسية" الذي يهدف لإنتاج "12,000 ميغاوات" بحلول 2030.
لكن هذه الخطة تواجه عقبات جسيمة، منها معارضة كتل سياسية لشروط العقود مع الشركات الأجنبية، وتأخر إقرار الموازنات الاستثمارية بسبب الخلافات بين بغداد وإقليم كردستان. كما تعمل الوزارة على حلول بديلة، مثل تحويل بعض المحطات للعمل بالنفط الأبيض، رغم أن تكلفته أعلى بنسبة "300%" مقارنة بالغاز، مما يجعله حلًا مؤقتًا غير مستدام.
تحذيرات الخبراء وحلول مُقترحة
حذر الخبراء من تداعيات استمرار الأزمة، حيث أكد محمد عثمان الخالدي أن "العراق أمام خيارين: إما التحرر من التبعية لإيران عبر استثمار غازه، أو الغرق في أزمات لا نهاية لها". من جهته، أشار المتحدث الرسمي بوزارة الكهرباء أحمد موسى إلى أن الوزارة تعمل على حلول بديلة، لكنها مكلفة وغير مستدامة.
ودعا الخبراء إلى إجراءات عاجلة، مثل توقيع عقود طارئة مع دول خليجية مثل قطر لاستيراد الغاز المسال، وإعادة تأهيل المحطات القديمة لتعمل بالطاقة الشمسية. كما اقترحوا إنشاء "هيئة وطنية للطاقة" للإشراف على ملف الغاز والكهرباء، وتعزيز التعاون الإقليمي مع دول مثل تركيا لزيادة إطلاق المياه نحو سد الموصل، والانضمام إلى "مشروع الربط الكهربائي الخليجي".
اختبار مصيري للحكومة والمواطنين
العراق يقف عند مفترق طرق: إما أن تنجح الحكومة في تحويل خططها الورقية إلى واقع ملموس، أو تواجه انفجارًا اجتماعيًا مع صيف قد تكون ساعات انقطاع الكهرباء فيه أطول من ساعات توفرها. التحديات جسيمة – من الفساد إلى البيروقراطية – لكن الثمن الأعلى سيدفعه المواطن العادي إذا تأخرت الحلول.