أعربت الجزائر، اليوم بنيويورك، عن قلقها إزاء تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية والامنية في سوريا.

وأكد في كلمة ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا بالطرق السياسية وبالانتقال من إدارة الأزمة إلى حلها.

وبإسم مجموعة A3+ (الجزائر وموزمبيق وسيراليون بالإضافة إلى ممثل الكاريبي، غويانا)، أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا، عبّر جامع عن قلق العميق، إزاء مرور أكثر من 13 عاما على الأزمة السورية واستمرار معاناة الشعب السوري، في وقت لا يزال فيه الملايين مشردين قسرا.

وأشارت الجزائر في كلمتها، باسم المجموعة A3+ إلى أنه وبعد مرور أكثر من عام على الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، “لا يزال الوضع الإنساني مزريا ويتفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية والصراع والعقوبات أحادية الجانب”.

واضافت الجزائر  أن “وفقا لنظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024، فان نحو 16.7 مليون شخص، 75 منهم من النساء والأطفال، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية”.

وأبرزت الحاجة الملحة إلى “معالجة النقص في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لضمان نجاح إيصال المعونة الإنسانية”.

وحثت الجزائر بإسم المجموعة المانحين على” الوفاء بتعهداتهم لمشاريع الإغاثة وسبل العيش والإنعاش المبكر والتنمية لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة”.

وشددت على أن “احترام مبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلال أمر بالغ الأهمية للعمل الإنساني”.

كما اعربت المجموعة عن دعمها لجهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، والتزاماته. بما في ذلك تلك المتعلقة ببناء الثقة من خلال نهج تدريجي، داعية جميع الجهات الفاعلة إلى مساعدته في تسهيل المناقشات والمفاوضات بين السوريين، بما يتماشى مع القرار 2254.

وأشارت المجموعىة إلى أنها تترقب بفارغ الصبر الاجتماع التاسع للجنة الدستورية. كما أكدت على أهمية إحراز هذه اللجنة تقدما على المسار السياسي.

وشددت مجموعة A3+ على “أهمية عملية شاملة بمشاركة كاملة من المرأة والمجتمع المدني”.  معربة عن حل المسائل العالقة وأن تتمكن سوريا قريبا من المضي قدما في مسار بناء السلام والتنمية الوطنية.

أما بخصوص تصاعد العنف  في شمال سوريا عبرت المجموعة عن قلقها ” إزاء تصاعد العنف، لا سيما في شمال سوريا”.

و دعت مجموعة A3+ إلى وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، مؤكدة على أن التنسيق بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب أمر ضروري، خاصة في ضوء تصاعد الهجمات الأخيرة من قبل تنظيم “داعش”.

بالإضافة إلى  “اتخاذ إجراءات حاسمة نحو مكافحة الإرهاب لاستعادة سلطة الدولة والأمن والاستقرار في سوريا”.

ونبهت المجموعة ذاتها إلى خطر امتداد الصراع الإقليمي والوضع في غزة الذي يهدد استقرار سوريا. ودعت في هذا الإطار إلى “احترام سيادة سوريا وضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد”.

وشددت في هذا الإطار على أن إيصال المساعدات عبر الحدود أمر “حيوي”، بالإضافة إلى “الحاجة إلى استكشاف جميع المسارات الإنسانية، بما في ذلك الآليات عبر الحدود وعبر خطوط التماس من أجل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وفي الوقت المناسب ودون عوائق”.

كما دعت المجموعة المجتمع الدولي إلى دعم الجهود السورية وجهود الأمم المتحدة “لإعادة تأهيل البنية التحتية واستعادة الخدمات الأساسية وتسهيل العودة الطوعية والكريمة والآمنة للاجئين والنازحين”.

وحثت جميع الأطراف على الوفاء بالتزاماتها القانونية بهذا الخصوص، كما رحبت بالاتفاق بين سوريا ومفوضية اللاجئين بخصوص حق العودة، الذي تم الإعلان عنه خلال الدورة ال 74 للجنة التنفيذية للمفوضية.

وإختتم بن جامع كلمته  و “في الوقت الذي يركز فيه العالم على الوضع في غزة، يجب ألا ننسى سوريا، خاصة وأن الوضع متفجر”، ما يستوجب أن “ننتقل من إدارة الأزمة إلى حلها”، مشددة على “ضرورة وضع الخلافات السياسية جانبا والعمل سويا من أجل سوريا، لان الشعب السوري يستحق أن يعيش في سلام وازدهار واستقرار”.

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

الظل الروسي في الأزمة بين الجزائر ومالي

عدا عن الأسباب المحلية والعوامل الإقليمية المتداخلة من الصعب تجاهل أن لروسيا دورا في التأزم الذي تشهده علاقات الجزائر مع بعض الدول الإفريقية المحيطة بها وعلى رأسها مالي.

يصعب تخيّل الطغمة العسكرية الحاكمة في مالي «تستأسد» على الجزائر لو لم تكن وراءها قوة دولية تشجعها وتعدُها بالحماية. غالبا هذه القوة هي روسيا. في أسوأ الأحوال روسيا دفعت نحو التأزم، وفي أفضل الأحوال لم تفعل شيئا لمنعه.

كانت مالي جارا مسالما للجزائر طيلة العقود الثلاثة التي أعقبت استقلال البلدين (مالي في 1960 والجزائر في 1962) حتى جعل الرئيس موسى طراوري من التوقف في مطار الجزائر ومقابلة رؤسائها، ولو لدقائق معدودة، سُنة من سُنن رحلاته إلى فرنسا وأوروبا. ناهيك عن الزيارات الرسمية المبرمجة.

في تسعينيات القرن الماضي انشغل كل بلد بهمومه الداخلية فتراجع منسوب الدفء في العلاقات. ثم تحوّل الفتور إلى جفاء رغم إصرار الجزائر على البقاء وسيطا في أزمات مالي الداخلية. آخر مستويات الفتور كان العداء الذي نشهده هذه الأيام. وحادثة المسيّرة المالية التي أسقطها سلاح الجو الجزائري في تينزاواتين من أعراض الأزمة وليست من أسبابها.

هل من الصدفة أن يتحوّل الفتور إلى عداء مع بدء تسلل اليد الروسية إلى القارة الإفريقية بذرائع متعددة أبرزها مساعدة الأنظمة الحاكمة على سحق خصومها المحليين؟ وهل من الصدفة أن يتزامن الفتور بين الجزائر ومالي مع ذوبان التقارب التقليدي الذي كان بين الجزائر وموسكو؟
ليس من السهل الجزم بأن روسيا تتعمد تأزيم العلاقات بين الجزائر وجيرانها الأفارقة، لكن يجوز القول إن الحضور الروسي هناك لا يخدم بالضرورة الأمن القومي الجزائري التساؤلات التي تُطرح الآن في الجزائر عن دور روسيا في مالي وأسرار تخليها عن تحالفها مع الجزائر في غير محلها، لأن الاعتقاد بأن الجزائر وروسيا حليفتان استراتيجيتان، ثم البناء على ذلك، مغالطة من الأساس. الاتحاد السوفييتي ذاته لم يكن حليفا استراتيجيا للجزائر، لم يدعمها بالجرأة المطلوبة حتى أثناء حرب التحرير (1954 ـ 1962) بشهادة كبار قادة الثورة مثل فرحات عباس والأخضر بن طوبال، ولم يعترف بحكومتها المؤقتة إلا بعد سنتين من تشكيلها وبعد أن اعترفت بها عشرات الدول القريبة والبعيدة.

بعد الاستقلال، وبحكم الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية لثورتها، ولظروف دولية مساعدة، وجدت الجزائر نفسها في فلك المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي، تتزود منه بحاجاتها العسكرية والاقتصادية دون أن يرقى ذلك إلى تحالف استراتيجي. بالنسبة للجزائر كانت موسكو سوقا لائقة للتزود بالسلاح وقطع الغيار العسكرية بشروط ميسَّرة أحيانا، وبالنسبة لموسكو كانت الجزائر زبونا جيدا ولاعبا يعيق، متى ما استطاع، تمدد الغرب الرأسمالي إلى شمال إفريقيا.

كانت الأرضية خصبة شجعت الود بين البلدين، فكان التقارب ذا طابعين، ثنائي ثم ضمن الكتلة الاشتراكية التي كانت تقارع الغرب الرأسمالي الاستعماري.

ورغم كل شيء، ورغم التعاون العسكري الكثيف، لم يبلغ التقارب بين البلدين مستويات استثنائية كأن يشمل مثلا بناء قواعد سوفييتية في الجزائر.

تزامن انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991 وانشغال الروس بمشاكلهم الداخلية مع انشغال الجزائر هي الأخرى بأزمتها الداخلية. بعد ذلك اختلفت روسيا عقائديا وبدأت تغيّر طموحاتها، ففقدت العلاقات الثنائية بريقها وأصبحت تعيش على الحنين وبقايا الاعتقاد بأن الدولتين حليفتان تقليديتان. وبينما عملت روسيا على التحرر من ذلك الاعتقاد، حافظت عليه الجزائر وظل خطابها السياسي والإعلامي يكرر، تلميحا وتصريحا، أن روسيا حليف استراتيجي. يجب القول أيضا إنه رغم التراجع، حافظت العلاقات الثنائية على دفئها وخلت من أسباب التوتر.

لكن بحلول العقدين الماضيين تراكمت جملة من العوامل عمّقت المسافة بين البلدين رغم استمرار الحديث في العاصمتين عن شراكة اقتصادية وسياسية قوية. من هذه العوامل حديث الجزائر عن تنويع صادرات سلاحها وتوجهها إلى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من أجل ذلك. تكرار الدبلوماسية الجزائرية أنها ترفض التدخلات الأجنبية في الدول الإفريقية بينما أصبح التدخل ركنا من أركان العلاقات الدولية الجديدة، وبينما كانت روسيا تتمدد في القارة، وفي دول على أبواب الجزائر، عبر شركاتها الأمنية ومرتزقتها وتؤثر في الصراعات الداخلية وفق حساباتها الخاصة. وعندما توغل الجيش الروسي في أوكرانيا امتنعت الجزائر عن دعم موسكو صراحة وفضلت الوقوف على الحياد، لكن نُسب لها إغراء أوروبا بغازها لتعويض الغاز الروسي الذي أُخضع لعقوبات غربية. هذه العوامل وأخرى كرّست الاعتقاد في موسكو بأن الجزائر ليست حليفا موثوقا، وكرّست الاعتقاد في الجزائر بأن عهد الصداقة القوية مع روسيا والوثوق بها قد ولّى.

ليس من السهل الجزم بأن روسيا تتعمد تأزيم العلاقات بين الجزائر وجيرانها الأفارقة، لكن يجوز القول إن الحضور الروسي هناك لا يخدم بالضرورة الأمن القومي الجزائري، وقد يضر به في بعض الحالات. ففي سعيها للتخلص من النفوذ الفرنسي في دول الساحل الإفريقي، عملت روسيا على توجيه قادة هذه الدول إلى التضحية برصيد العلاقات مع دول الجوار وبينها الجزائر.
(القدس العربي)

مقالات مشابهة

  • عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو تصاعد الأزمة الإنسانية
  • مجلس الأمن يبحث اليوم تصاعد الأزمة في اليمن
  • تصعيد جديد بين الجزائر وفرنسا فمن يعمّق الأزمة؟
  • مؤتمر دولي في لندن لمناقشة الأزمة الإنسانية في السودان ولا دعوة لممثلين عن البرهان وحمديتي
  • الظل الروسي في الأزمة بين الجزائر ومالي
  • تصاعد الاحتجاجات بإسرائيل ضد الحرب وزامير يسعى لاحتواء الأزمة
  • أونروا تصف الأوضاع في غزة بـالجحيم.. وتحذر مع تفاقم الأزمة الإنسانية
  • الأونروا تصف الأوضاع في غزة بـالجحيم.. وتحذر مع تفاقم الأزمة الإنسانية
  • ضربات ممنهجة للمنشآت الطبية تفاقم الأزمة الإنسانية
  • تصاعد الأزمة الاستراتيجية داخل كيان العدو الإسرائيلي وتداعياتها على “المؤسسة العسكرية”