دينا محمود (لندن)

أخبار ذات صلة «التنمية الأسرية»: الاستدامة نهج راسخ في قطاعات الدولة كافة الإمارات تطلق مبادرة «التجارة والاستدامة والذكاء الاصطناعي»

وسط تقديرات دولية تفيد بأن التبعات المتسارعة للتغير المناخي قد تجبر أكثر من مئتي مليون شخص حول العالم على النزوح من ديارهم بحلول منتصف القرن الحالي، تدعو دوائر تحليلية غربية، صناع القرار في مختلف الدول، إلى التكيف مع تحركات هذا النوع من النازحين واللاجئين، واعتبارها عاملاً لإثراء المجتمعات، وليس العكس.


فاضطرار هؤلاء الأشخاص، إلى التنقل بداخل بُلدانهم أو مغادرتها بشكل كامل، جراء تقلص سبل العيش على وقع تزايد شُح المياه أو الارتفاع القياسي في درجات الحرارة أو تآكل الشواطئ وغيرها، يستوجب بنظر هذه الدوائر، أن تصبح مسألة استيعاب ما يُعرف بـ«الهجرة المناخية»، إحدى الاستراتيجيات المُتبعة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي والحد من تبعاتها. ويشدد هؤلاء الخبراء على أن من شأن المضي على هذا الدرب، جعل استقبال «المهاجرين المناخيين»، وإدماجهم في المجتمعات المُستقبلة لهم، أحد عوامل إضفاء طابع شامل وقابل للاستدامة عليها، خاصة وأنه سيوفر القوى العاملة التي تمس الحاجة إليها، في بعض الدول الغربية تحديداً.
وتزداد أهمية تبني مثل هذا التوجه، على ضوء ما خَلُصَ إليه تقرير حديث أصدره «معهد أبحاث النظم البيئية»، الذي يتخذ من ولاية كاليفورنيا الأميركية مقراً له، من وجود حاجة لآلاف العمال الإضافيين في قطاع البناء، من أجل تلبية احتياجات العدد المتزايد من مواطني تلك البلدان، لوحدات سكنية، وتسريع وتيرة تنفيذ خططها التنموية في الوقت نفسه. ويشير الخبراء، في تصريحات نُشِرَت على منصة «ذا كارانسي» الإلكترونية، إلى أن إنجاز هذه الخطط يمثل أمراً ضرورياً، لتمكين دول العالم من تحقيق أهدافها المناخية المنشودة، عبر إنشاء بنية تحتية مستدامة، ومجتمعات منخفضة الكربون، أي يتعاون سكانها للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منها، سواء بفعل عمليات الإنتاج الجارية فيها، أو الأنشطة الخاصة بالحياة اليومية لقاطنيها.
وبحسب هذه التصريحات، قد يقود جلب عمالة ماهرة وخبيرة من دول عانت من الصدمات المناخية، إلى تحقيق مثل هذه الأهداف، بكفاءة أكبر ووتيرة أسرع، فضلاً عن ذلك، ستكون هناك حاجة لاستقبال مهاجرين غير مهرة، للعمل في أماكن مثل المقاهي والمخازن والمحال التجارية الصغيرة، ما يؤكد مرة أخرى، الفوائد المتنوعة لـ«الهجرة المناخية».
ويستشهد مؤيدو هذا التوجه ببيانات وإحصاءات تكشف عن أن كثيراً من البلدان الأوروبية تعاني تزايد عدد المتقدمين في السن بين جنباتها، بالتزامن مع انخفاض معدلات الخصوبة في أراضيها، وذلك علاوة على افتقار عدد لا يستهان به من الشبان هناك للمهارات الرقمية الأساسية المطلوبة في سوق العمل في الوقت الحاضر.
عوامل
من بين العوامل التي دفعت نحو 30% من الشركات الأوروبية إلى أن تُعلن في العام قبل الماضي عن أنها تعاني من نقص في العمالة. وفي العام ذاته، قالت قرابة 74% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في القارة إنها تفتقر للعمالة الماهرة، وهو ما يؤكد احتياج أوروبا لعمال مهاجرين، قد يَقْدِمون إليها في سياق «الهجرة المناخية».
بجانب ذلك، قد تشهد القارة الأوروبية نفسها هذا النوع من الهجرة بين دولها. فاشتداد وطأة الأزمة المناخية سيجعل بعض مناطقها أكثر حرارة، وسيقود إلى أن يصبح البعض الآخر أشد جفافاً أو رطوبة، خاصة في الدول الواقعة بجنوب هذه البقعة من العالم. ويُتوقع أن يفضي ذلك إلى تدفق المهاجرين من تلك البقاع صوب المناطق الشمالية من أوروبا، للاستفادة من مناخها الأكثر اعتدالاً.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: النازحين اللاجئين الهجرة الاستدامة المناخ الهجرة المناخیة

إقرأ أيضاً:

رمضان.. فرصة لتعزيز الاستدامة البيئية والتغيير الإيجابي

يُعد شهر رمضان فرصة مثالية لتجديد الروحانيات والتقرب إلى الله، إلا أنه يحمل أيضًا أهمية كبيرة في تعزيز الاستدامة البيئية. ومع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التغير المناخي، يمكن للمسلمين دمج الممارسات الصديقة للبيئة في عاداتهم الرمضانية، مما يحقق توازنًا بين العبادة وحماية البيئة، فالقيم الإسلامية لا تقتصر فقط على الممارسات الروحية، بل تمتد لتشمل علاقتنا بالبيئة، حيث يمكننا من خلال الاستهلاك الواعي وتقليل النفايات تعزيز اتصالنا بالطبيعة، وفي الوقت نفسه تكريم التزامنا الروحي.

الحد من الهدر الغذائي

في هذا السياق، يؤكد علي بن سعيد البوسعيدي على أهمية التخطيط الجيد للوجبات كأداة فعّالة لتجنب هدر الطعام. وتشير إحصائيات منظمة الفاو إلى أن ثلث الطعام على مستوى العالم يُهدر سنويًا، مما يستدعي ضرورة تقدير الكميات بعناية وتخزين الطعام بطرق ذكية. كما يوصي باختيار الخضروات والفواكه الموسمية، حيث تساهم هذه الخطوة في تقليل البصمة الكربونية الناتجة عن النقل والتخزين.

وفيما يتعلق بالجانب البيئي، يلفت البوسعيدي إلى أهمية إعادة تدوير بقايا الطعام وتحويلها إلى سماد طبيعي. كما يشدد على ضرورة استخدام الأطباق القابلة للتحلل في الولائم الجماعية، ويحث المساجد على تبني أواني قابلة لإعادة الاستخدام خلال الإفطارات الرمضانية.

ويقول البوسعيدي: "الاستدامة في رمضان ليست مجرد تضحية، بل هي امتداد لقيم الإسلام الداعية إلى الاعتدال وحفظ النعم، إذن، يمكن لشهر رمضان أن يكون فرصة لتعزيز العادات البيئية المستدامة، مما يساهم في حماية كوكب الأرض في وقت نحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى إلى اتخاذ خطوات فعّالة لمواجهة تحديات التغير المناخي".

نحو شهر أكثر وعيًا بيئيًا

وتعتبر العادات الغذائية والاجتماعية خلال شهر رمضان محورية في تحديد كيفية التفاعل مع البيئة والموارد المتاحة، بحسب ما أكدته فاطمة العبرية إحدى المهتمات بالاستدامة، حيث تشير إلى أن التفكير في جعل رمضان أكثر استدامة لا يتطلب تغييرات جذرية بل يمكن أن يتم من خلال خطوات بسيطة ولكن فعّالة. من أبرز هذه الخطوات، التخطيط الجيد للوجبات، حيث يمكن تجنب شراء كميات كبيرة من الطعام قد تُهدر. بدلاً من ذلك، يمكن للأفراد إعادة استخدام الفائض أو مشاركته مع الجيران والمحتاجين. وتشير العبرية إلى أن استخدام الأطباق القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من البلاستيكية يُعدّ من الخيارات الفعالة لتقليل النفايات، ما يعزز من الاستدامة ويقلل من التلوث.

مبادرات مجتمعية

وفيما يتعلق بالمبادرات المجتمعية، يؤكد حميد المحروقي على أن شهر رمضان يمثل فرصة للتوفيق بين الروحانية والاهتمام بالبيئة. فمن خلال التخطيط الجيد والاختيارات الذكية، يمكن للجميع المساهمة في جعل الشهر الفضيل أكثر استدامة، كما يشدد على أهمية التبرع بالفائض من الطعام للمحتاجين، مشيرًا إلى أن العديد من المنظمات المجتمعية تتطلع لاستقبال التبرعات، خصوصًا في هذا الشهر المبارك.

من جانبه يؤكد محمد الحوسني على دور الفعاليات المجتمعية في تعزيز المسؤولية البيئية وتقوية الروابط بين أفراد المجتمع. ويقترح تنظيم حملات تنظيف محلية أو فعاليات إفطار صديقة للبيئة، حيث يتشارك الضيوف في تناول أطباق نباتية. هذا النوع من الفعاليات يسهم في نشر الوعي حول أهمية الأكل المستدام ويشجع على اتباع نمط حياة أكثر احترامًا للبيئة.

ومن خلال هذه العادات والمبادرات، يمكن أن يصبح رمضان أكثر من مجرد شهر للعبادة؛ بل فرصة لتبني ممارسات غذائية واجتماعية تعود بالنفع على البيئة وتدعم الاستدامة.

تحديات ومقترحات

ومع اقتراب شهر رمضان، تتزايد الجهود من أجل دمج مفاهيم الاستدامة في العادات الرمضانية، لكن هناك أيضًا تحديات كبيرة تواجه تحقيق هذه الرؤية، بحسب ما أكدته سميرة البحرية التي تقترح عددًا من المبادرات التي يمكن أن تسهم في جعل رمضان أكثر استدامة. من بين هذه المبادرات، تقترح تنظيم "تحدي 30 يومًا" لترشيد استهلاك الموارد طوال الشهر الفضيل، واستبدال الزينة الكهربائية بمصابيح تعمل بالطاقة الشمسية، ما يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء. كما تدعو إلى تطوير تطبيق ذكي يقدم نصائح يومية تساعد الأسر على تقليل الاستهلاك، وتشجيعهم على تقليل عدد الأطباق في الإفطار والسحور لتقليل الهدر.

التجارة الرمضانية

من جانبه، يعلق مروان الشكيلي قائلاً: "في الأشهر التي يجب أن يتحول فيها تركيزنا نحو الروحانية والإخلاص لله، نلاحظ أنها أصبحت أكثر تركيزًا على القوة الشرائية، وتأثرت الشركات بنا بسهولة لتحويل رمضان إلى حالة تجارية." ويؤكد الشكيلي أن رمضان يجب أن يكون مساحة لتعزيز أساليب الحياة المستدامة، ودعوة الجميع إلى تقليل هدر الطعام، والحفاظ على المياه، واستخدام المنتجات الصديقة للبيئة.

ويضيف الشكيلي أنه من المهم أن نوجه شهر رمضان ليكون رسالة قوية لزيادة الوعي حول تأثير أفعالنا على البيئة، وأن نلهم الآخرين لتغيير سلوكياتهم من أجل إحداث فرق حقيقي، ويشدد على أن الالتزام بالقيم البيئية في حياتنا اليومية يمكن أن يساهم في صون النظم البيئية وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مع الحفاظ على التوازن بين البشر والطبيعة.

وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي قد تواجه الاستدامة خلال رمضان، فإن المقترحات المختلفة تتسم بالواقعية والفعالية، وإذا تم تنفيذها بالشكل المناسب، يمكن أن يكون شهر رمضان فرصة رائعة لإحداث تغيير إيجابي في سلوكياتنا البيئية.

مقالات مشابهة

  • لوكا مودريتش قائد ريال مدريد من لاجئ حرب إلى أفضل لاعب بالعالم
  • مش موجود بالعالم .. شوبير يعلق على عدد الأندية في الدوري المقبل
  • فاروق: قطاع الزراعة من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية
  • الجيش التركي يتفوق أوروبيا ضمن أقوى 10 جيوش بالعالم
  • نائب الرئيس الأمريكي يزور الحدود مع المكسيك
  • هيئة المسح البريطانية تحذّر: أكبر جبل جليدي بالعالم ينحرف عن مساره وسيفكك قريباً
  • رمضان.. فرصة لتعزيز الاستدامة البيئية والتغيير الإيجابي
  • التغيرات المناخية تهدد بخفض الناتج العالمي إلى النصف بحلول 2070
  • كيف تحسب البصمة الكربونية وتتصدى للتغيرات المناخية.. أول ندوات أسبوع البيئة بألسن عين شمس
  • ما الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات من «المعادن النادرة» بالعالم؟