الكتاب.. أنفضله ورقيا أم رقميا؟!
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
في كل عام حينما يبدأ معرض مسقط الدولي للكتاب يدور حديث واسع حول قدرة الكتاب الورقي على الصمود أمام الكتاب الرقمي، ويستند من يدافع عن الكتاب الورقي إلى مشهد عشرات الآلاف من القراء الذين يزورون المعرض يوميا ويخرجون محملين بعشرات الكتب الورقية، مؤكدين في الوقت نفسه أن مئات دور النشر التي تشارك في عشرات المعارض التي تقام في العالم العربي، على الأقل، ما كانت لتبقى لولا أنها تحقق أرباحا جيدة جراء بيع الكتاب الورقي، ما يعني أن العمر الافتراضي للكتاب الورقي ما زال طويلا بالنظر إلى الأصوات التي تشير إلى أن الكتاب الورقي يلفظ أنفاسه الأخيرة وأن المستقبل للكتاب الرقمي والكتاب المسموع الذي بدأ في تشكيل قاعدة جماهيرية لا بأس بها في العالم أجمع وبما في ذلك العالم العربي.
ورغم عدم وجود دراسة علمية يمكن الاستناد إليها تكشف عن معدل تنامي قراءة الكتب الرقمية في العالم العربي لكن يمكن الاستناد إلى ضعف اهتمام دور النشر العربية بصناعة الكتاب الرقمي، وندرة وجود هذا الكتاب في تطبيق «كندل» التابع لشركة أمازون على سبيل المثال.
وعالميا، تكشف الإحصائيات الحديثة عن مشهد دقيق لتفضيلات القراءة بين الورقي والرقمي، وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أفاد بأن 65% من البالغين في الولايات المتحدة قرأوا كتابًا مطبوعًا في العام الماضي، فيما قرأ 30% منهم كتابًا رقميًا، واستمع 23% منهم إلى كتاب صوتي، وهذه الأرقام تسلط الضوء على التحول الكبير الذي يحدث في العالم تجاه الكتاب الرقمي رغم أن الأرقام ما زالت تنحاز كثيرا للكتاب الورقي.
ويمكن الحديث عن بعض الأسباب الشائعة لتفضيل الكتاب الورقي على الكتاب الرقمي منها على سبيل المثال أن التجربة «اللمسية» المتمثلة في حمل كتاب وتقليب صفحاته ورائحة ورقه تعدّ عند الكثيرين تجربة ممتعة جدا بالإضافة إلى ذلك، لا تتطلب الكتب المطبوعة بطاريات أو أجهزة رقمية، مما يجعلها ملائمة أكثر لبعض القراء، خاصة أولئك الذين يقضون وقتًا طويلًا بعيدًا عن مصادر الطاقة أو الذين يفضلون تقليل وقت الشاشة بسبب إجهاد العين أو اضطراب النوم.
لكن علينا ألا نكون متفائلين كثيرا بقدرة هذه الرؤية الرومانسية على الصمود كثيرا فالمعدل العالمي لارتفاع قراءة الكتاب الرقمي والكتاب السمعي تستحق أن نقف معها طويلا، وهي تشير إلى ارتفاع هذا الرقم باطراد سنويا.. توفر الكتب الرقمية الراحة وسهولة النقل وأسعارًا أقل في الكثير من الأحيان، مما يجعلها خيارًا جذابًا للكثيرين، خاصة عند السفر أو التنقل. وتوفر الكتب الرقمية أيضًا ميزات مثل أحجام الخطوط القابلة للتعديل والقواميس المدمجة والقدرة على حمل آلاف العناوين على جهاز واحد، مما يلبي مجموعة واسعة من تفضيلات واحتياجات القراءة.
هناك أيضا الكثير من العوامل التي يمكن استحضارها عند الحديث عن الكتاب الورقي والكتاب الرقمي منها على سبيل المثال المستوى التعليمي وكذلك مستوى الدخل وأيضا الفئة العمرية. لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذا الحديث يعتمد على الأرقام العالمية التي قد لا تنطبق كثيرا على العالم العربي.. لكن بشكل عام يسير العالم العربي في اتجاه مماثل فالغالبية الكبيرة في العالم العربي ما زالت مرتبطة بالكتاب الورقي، ومعارض الكتب في جميع العواصم العربي مثال يمكن البناء عليه، لكن لا يمكن أيضا تجاهل الاتجاه الذاهب إلى النمو نحو الاعتماد على الكتاب الرقمي والسمعي، على أن الأمر يبقى رهنا بعالم صناعة الكتاب في العالم العربي فإذا كان هناك تحول في دور النشر العربية نحو بناء منصات تدعم الكتاب الرقمي خاصة في ظل ارتفاع تكلفة صناعة الكتاب الورقي فإن وتيرة التحول ستكون أسرع بكثير مما هي عليه اليوم، وسنستطيع بعد خمس سنوات مثلا أن نرصد هذا التحول بشكل أكبر بكثير مما هو عليه اليوم.
ورغم أن هذا الجدل يأخذ حيزًا كبيرًا من الأسئلة التي تطرحها معارض الكتب إلا أنها تشير في المجمل إلى مكانة القراءة لدى الجميع، وفي الحقيقة هي الأهم فسواء كانت القراءة ورقية أم رقمية أم سمعية أم بأي وسيلة قد تظهر في المستقبل فإن هذا الأمر يتعلق بالغاية الأسمى وهي القراءة التي تسهم في بناء الوعي الحقيقي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی العالم العربی الکتاب الورقی الکتاب الرقمی کتاب ا
إقرأ أيضاً:
عضو اتحاد كتاب مصر تحذر من تأثير التكنولوجيا على القراءة: لا غنى عن الكِتاب الورقي
قالت الدكتورة غالية الزامل، عضو اتحاد كتاب مصر، إنها تحذر من التأثيرات السلبية التي قد تنتج عن الاعتماد الكامل على التكنولوجيا في تعليم الأطفال وقراءة الكتب الرقمية، مؤكدة أنه لا شك أن التكنولوجيا لها مزايا مثل التفاعل مع الواقع المعزز والقصص الرقمية التي تجذب انتباه الأطفال.
وأضافت أنه رغم التكنولوجيا ومزاياها، لكن يجب أن تكون هناك تحذيرات؛ لأن الاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية قد يعزل الطفل عن التجربة الفعلية للقراءة، موضحة أن الكتاب الورقي يعزز لدى الطفل الإحساس بالتفاعل المباشر مع المادة المقروءة، ويعطيه فرصة للتفكير بشكل أعمق.
التكنولوجيا قد تضر بالتطور العقلي والنفسي للطفلوتابعت عضو الاتحاد: «التكنولوجيا قد تكون مغرية، لكنها في المقابل قد تضر بالتطور العقلي والنفسي للطفل، خاصة إذا أصبح الكتاب الرقمي هو المصدر الوحيد للقراءة»، محذرة من التكلفة العالية للأجهزة الرقمية وأثر ذلك على الميزانية الأسرية، مشددة على أن الأجهزة الإلكترونية مكلفة من حيث السعر والصيانة، وإذا تعطلت الأجهزة أو تعرضت للتلف، قد يصبح الطفل غير قادر على الوصول إلى المادة التي يحتاجها، على العكس، الكتاب الورقي متين ويمكن أن يستمر لفترة أطول.
يجب أن نحرص على تقديم الكتاب الورقي للأطفال باعتباره تجربة حقيقيةوتابعت: «الآن قادر على كتابة القصص، إنشاء الرسومات، وحتى تأليف الأشعار، لكن هذا لا يعوض القيمة الحقيقية للكتاب المطبوع الذي يشجع على التفكير النقدي والإبداعي، يجب أن نحرص على تقديم الكتاب الورقي للأطفال باعتباره تجربة حقيقية تساهم في نموهم الفكري والنفسي، القراءة يجب أن تكون نشاطًا محببًا».