نصفها مأوى للنازحين.. طلاب مدرسة في تعز اليمنية يعانون ازدحاماً في الفصول الدراسية (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من أسامة الفقيه
يستيقظ أحمد صدام البالغ من العمر ”25 عامًا صباح كل يوم لتوصيل شقيقته التي تدرس في الصف الثاني الثانوي إلى مدرسة الشهيدة نعمة رسام وسط شارع جمال بمدينة تعز (جنوب غربي اليمن) ويقوم بإعادتها ضهرا إلى المنزل.
يقول أحمد في حديث لـ”يمن مونيتور”: “كانت شقيقتي تدرس في مدرسة علي ابن أبي طالب في الحارة وكانت المدرسة قريبة لنا ولم أقوم بتوصيلها إلى أي مدرسة، ولكن منذ أن توافد النازحين إلى المدرسة من مناطق ومحافظات أخرى سكنوا في أحد مبانيها، أزدحم الطلاب وتدهور وضع المدرسة على ما كان سابقا.
وتابع: “بسبب كثافة الطلاب قررت إدارة المدرسة أن تقوم بتقسيم الطلبة إلى فترتين، صباحا ومساءً، لم توافق شقيقتي بتدريسها بفترة المساء فأصرت على سحب ملفها، لتواصل تعليمها في مدرسة نعمة رسام على الرغم من أنها بعيدة إلى حد ما”.
لم تكن شقيقة أحمد هي الوحيدة التي تركت المدرسة والالتحاق بمدرسة أخرى، ثمة العديد من الفتيات من صفوف مختلفة فضّلن مدارس بعيدة على أن يدرسن فترة مسائية.
“فتاة أخرى”
رغدة السبئي هي الأخرى تضطر لقطع مسافة كبيرة مشيًا على الأقدام إلى مدرسة الشهيد الحكيمي الواقعة في حي المرور.
تقول: ”رغدة اصحي الساعة السادسة صباحا كون المدرسة بعيدة لأجل أن ألحق بالطابور الصباحي، بس ذلك أهون من المدرسة اللي نصفها سكان والنصف الآخر مدرسة”.
رأت رغدة أن مدرستها البعيدة مناسبة خصوصا للفتيات أمثالها لما توفره من بيئة تعليمية وجو مثالي يساعد على التركيز والإستيعاب أثناء فترة التدريس، حسب قولها.
“نصف مأوى للنازحين”
تحول مبنى إدارة مدرسة علي أبن أبي طالب التي كان يضمن مكتب الإدارة والعديد من المكتبات والمرافق الأخرى، إلى فصول دراسية نتيجة تواجد نازحين في المبنى الآخر الذي كان يجمع 800 طالبا وطالبة.
وفي هذا السياق يقول عبدالقوي سعيد الوهباني مدير المدرسة في حديث لـ “يمن مونيتور”: كانت المدرسة عبارة عن مبنيين، مبنى خاص بالمرافق، وإدارة المدرسة، ومكتبات بالإضافة إلى مرافق أخرى ومبنى آخر خاص بالفصول الدراسية”.
وأضاف ” 1790 طالب و800 طالبة، يتلقون تعليمهم في مبنى واحدا، بسبب ضيق المدرسة قسيما الطلاب إلى فترتين، فترة صباحا وفترة مساءً، بحيث الطالبات في المساء والطلاب في الصباح نتيجة كثافة الطلاب.
وتابع: نحو 470 طالب وطالبة بالصفوف الثانوية، حيث يتقسم كل صف من 3 إلى 4 شعب بمعنى كل 80 طالب في شعبة واحدة بينما كان في السابق كل شعبة لا تزيد عن 40 طالب، حاليا أصبح كل هذا العدد في 10 شعب فـ ”صول“، النصف منهم يقعدون على الأرض والنصف الآخر على الكراسي”.
ومضى قائلا: “منذُ سبع سنوات والنازحون يسكنون في المدرسة، قدمنا العديد من المقترحات للجهات المختصة والمعنية ولكنها لم تتجاوب معنا حتى هذه اللحظة، وضعنا كافة الحلول لهم ولم يتوجب للسلطة في تعز وإدارة التربية والتعليم بالمحافظة بوضع أي حلول، وكأنهم مستفيدين من وجود النازحين في مبنى المدرسة.”.
“تحديات كبيرة”
تواجه مدرسة علي أبن أبي طالب بتعز تحديات كبيرة نتيجة تدفق النازحين إلى المدرسة وقلة الفصول الدراسية والكادر التعليمي والكتاب المدرسي، في ظل غياب الجهات المعنية ومكتب التربية والتعليم بالمحافظة، حيث تجاوز عدد الطلاب 2590 طالب وطالبة، وفق مدير المدرسة.
وأضاف الوهباني “نواجه عجزا كبيرا نتيجة كثافة الطلاب وقلة الكادر التعليمي والكتاب المدرسي، في ظل غياب مكتب التربية والتعليم، واجهنا العديد من التحديات اجتهدنا قدر الاستطاع على تغطية الحصص الدراسية”.
وتابع: “بذلنا جهودا كبيرة نحن كإدارة لتغطية العجز الحاصل في المدرسة، لكنه مازال العجز موجود وخاصة توفير الكتب الأساسية للصف الأول والثاني والثالث”.
تحديات تليها تدهور المستوى التعليمي، وما تشهده من عجزا كبيرا في الكادر التعليمي والكتاب المدرسي رغم محاولة إدارة المدرسة تقديم المقترحات لمكتب التربية بالمحافظة في ايجاد حلولا من أجل استمرار العملية التعليمية.
“نازحون بلا مأوى منذ 7 سنوات”
منذ العام 2017م، تحولت مدرسة علي ابن أبي طالب الواقعة في حي البعرارة وسط مدينة تعز، إلى مأوى يجمع مئات النازحين الوافدين من محافظة الحديدة غربي اليمن.
لم يحصلوا على مأوى أمن يقيهم من بطش الحوثيين ليستقر بهم الحال في منطقة السكنية المحاذاة لخطوط النار الشمالية لمحافظة تعز.
مندوب النازحين في مدرسة علي أبن أبي طالب يقول لـ” يمن مونتيور”: نزحنا في بداية الأمر من كيلو 16 إلى مدينة السكنية كنا مشردون إلى أن أتى (أ. سمير إسماعيل) في سبيل تحسين وضع النازحين نقلنا بعد ذلك إلى هذه المدرسة أصبحنا نقيم في هذه الفصول حتى الآن.
وتابع: “كل عائلة تقييم في صف واحد مع أطفالها والآخر يكون لعائلتين، نواجه ازدحام وتضايق كبير نتيجة كثافة النازحين وعدد أفراد الأسرة الواحدة.”.
وأضاق “لم تكن هناك أي إيجابيات من قبل السلطات المعنية بتعز لوضح حلول مناسبة للنازحين وطلاب المدرسة، رغم رفع إدارة المدرسة العديد من الشكاوى للجهات المعنية لمعالجة أمور الطلبة ونقل النازحين إلى أماكن أخرى، هناك مساحات كبيرة في المدينة”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: النازحين اليمن تعز مأوى للنازحين إدارة المدرسة مدرسة علی العدید من أبی طالب
إقرأ أيضاً:
تقرير يتناول وضع أطفال لبنان... هذا ما فعلته الحرب بهم
أصدرت منظمة اليونيسف تقريرا جديدا حول الحرب الاخيرة على لبنان، لفتت فيه، الى أن "الحرب الأخيرة على لبنان ألحقت أضراراً كارثية بحياة الأطفال، حيث لا تزال آثارها تتردد حتى بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في تشرين الثاني 2024. فقد أجبرت الحرب المدمرة الأطفال على الفرار من منازلهم وألحقت أضراراً جسيمة بالمرافق التي توفر الخدمات الأساسية وتسببت في معاناة جسدية ونفسية للأطفال في جميع أنحاء البلاد".
ولفت ممثل اليونيسف أكيل أيار، الى أن الحرب "تركت أثرا صادما على الأطفال، حيث طالت جميع جوانب حياتهم - صحتهم وتعليمهم ومستقبلهم بأسره"، وقال: "يحتاج أطفال لبنان إلى دعم عاجل للتعافي وإعادة بناء حياتهم والتغلب على التداعيات طويلة الأمد لهذه الأزمة".
وأظهر استطلاع أجرته اليونيسف في كانون الثاني 2025 أن "72 بالمئة من مقدمي الرعاية، أفادوا أن أطفالهم كانوا يعانون من القلق أو التوتر خلال الحرب، بينما قال 62 بالمئة أن أطفالهم كانوا حزينين للغاية أو يشعرون بالإكتئاب. ويمثل هذا ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالبيانات المسجلة قبل الحرب في عام 2023. وعلى الرغم من أن 8 من كل 10 من مقدمي الرعاية أشاروا إلى تحسن في صحة أطفالهم النفسية بعد وقف إطلاق النار، فإن الأطفال الذين تعرضوا لفترات طويلة من التوتر والصدمات النفسية قد يواجهون تداعيات صحية ونفسية ترافقهم مدى الحياة".
وكشف التقرير أيضا، "صورة مقلقة لوضع تغذية الأطفال، لا سيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل محافظتي بعلبك - الهرمل والبقاع اللتين تعرضتا لضربات جوية متكررة. ففي بعلبك - الهرمل، يعاني أكثر من نصف الأطفال دون سن الثانية (51 بالمئة) من فقر غذائي حاد، وفي البقاع ارتفعت النسبة إلى 45 بالمئة، في زيادة كبيرة عن نسبة 28 بالمئة عام 2023. ويعتبر الأطفال في حالة فقر غذائي حاد إذا كانوا يستهلكون اثنين أو أقل من ثمانية مجموعات غذائية أساسية. ولا تقتصر الأزمة على الرضع وصغار الأطفال، إذ أظهر التقييم أن 49 بالمئة من الأطفال دون سن 18 عاماً في البقاع، و34 بالمئة في بعلبك - الهرمل، لم يتناولوا أي طعام أو تناولوا وجبة واحدة فقط في اليوم السابق للاستطلاع. وعلى الصعيد الوطني بلغت النسبة 30 بالمئة"، واعتبر ان "التغذية غير الكافية وتكرار الوجبات المنخفض يؤثران على نمو الأطفال وتطورهم المعرفي ويزيدان من خطر إصابتهم بسوء التغذية الحاد الذي قد يهدد حياتهم".
اضاف التقرير: "فاقمت الحرب ايضا من أزمة التعليم في لبنان ووجود أكثر من 500 ألف طفل خارج المدرسة بسبب سنوات من آثار الأزمة الاقتصادية وإضرابات المعلمين وتأثير جائحة كوفيد-19. فقد دمرت الحرب مدارس وألحقت ضررا شديدا بمدارس أخرى، كما حولت مئات المدارس الباقية الى مراكز نزوح لإيواء قسم من النازحين الهاربين من حدة النزاع والذين بلغ عددهم الإجمالي حوالى 1.3 مليون شخص. حتى مع وقف إطلاق النار، لا يزال الحضور المدرسي منخفضا، إذ لا يزال أكثر من 25 بالمائة من الأطفال خارج المدرسة وقت إجراء المسح الشهر الماضي، مقارنة بنحو 65 بالمائة كانوا خارج المدرسة خلال الحرب. ولا يستطيع العديد من الأطفال الذهاب إلى المدرسة بسبب العوائق المالية.حيث يشير ثلثا الأسر التي لديها أطفال خارج المدرسة، أن السبب يعود إلى ارتفاع الرسوم المدرسية وتكاليف النقل واللوازم المدرسية وهو رقم تضاعف مقارنة بالعام 2023".
كما كشف التقرير عن نتائج مقلقة أخرى، وهي ان "45 بالمئة من الأسر اضطرت إلى تقليص الإنفاق على الخدمات الصحية، و30 بالمئة على التعليم، لتأمين الاحتياجات الأساسية، و31 بالمئة من الأسر لم يكن لديها ما يكفي من مياه الشرب، و33 بالمئة من الأسر لم تتمكن من الحصول على الأدوية اللازمة لأطفالها، و22 بالمئة من الأسر لم يكن لديها أي مصدر للتدفئة خلال فصل الشتاء".
واكد ان لبنان "يواجه تحديات هائلة في التعافي من آثار الحرب والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي استمرت لسنوات. وقدمت اليونيسف الدعم للأطفال خلال فترة النزاع وهي ملتزمة مواصلة دعم جهود التعافي وإعادة الاعمار".
واوضح أكيل أيار، ان "هذه البيانات تقدم دليلا قاطعا للحاجة الملحة للتحرك الآن. ويجب أن يتلقى لبنان الدعم اللازم لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية وضمان مستقبل أفضل للأطفال"، وقال: "في هذه اللحظة الحرجة والمصيرية من تاريخ لبنان لا يمكننا الانتظار، وندعو جميع الأطراف إلى الالتزام بشروط وقف إطلاق النار والعمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على السلام الدائم وتأمين مستقبل مشرق للأطفال. كما ندعو الحكومة الجديدة إلى إعطاء الأولوية لحقوق الأطفال وحاجاتهم ضمن أجندة الإصلاح والتعافي".
واشارت اليونيسف الى انه "نظرا الى تعقيدات الأزمة الحالية وتأثيرها طويل الأمد على الأطفال، تصبح الحاجة ملحة لدعم مستدام في ظلّ هذه الأوقات الحرجة"، وتدعو المجتمع الدولي "للوقوف إلى جانب أطفال لبنان والمساهمة في نداء الاستجابة لعام 2025 بقيمة 658.2 مليون دولار أميركي لتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ2.4 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد".