أثارت الإجراءات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة المصرية مؤخرًا، وإعلان د. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، عن أكبر اتفاق اقتصادى بين الحكومة المصرية وصندوق أبو ظبى السيادى بقيمة ٣٥ مليار دولار، لإقامة مشروعات تنموية وسياحية فى منطقة رأس الحكمة، على الساحل الشمالى بين الضبعة ومرسى مطروح، المزيد من إختلاف وجهات نظر المصريين، بين مؤيد ومعارض على النهج الذى تنتجهه الحكومة فى إدارة الاقتصاد المصري.
ذكرتنى هذه المناقشات مع البعض ممن يتخوفون من إتباع سياسة بيع الأصول، ومن تَمْلُك غير المصريين لأراضٍ مصرية، والتخوف الاكبر من بيع أو رهن بعض الممتلكات التى تحمل ذكريات خاصة جدًا للمصريين مثل قناة السويس.
ذكرتنى هذه المناقشات بثلاث مناسبات ذُكر فيها الاقتصاد بأوصاف مختلفة.
أولًا: جملة إنه الاقتصاد يا غبي، (It's the economy، stupid) وهى جملة استخدمتها الحملة الانتخابية لـ"بل كلينتون" ضد جورج بوش الأب عام ١٩٩٢. كان بوش المرشح الأقوى والأكثر حظًا لكسب الانتخابات، بسبب خبرته السياسية، ونجاح سياسته الخارجية فى انتهاء الحرب الباردة وحرب الخليج الأولي. اكتبست العبارة شعبية كاسحة، وكانت سببا فى فوز بل كلينتون، حيث اقنعت الناخب الأمريكى أن بوش الأب لم يهتم بالاقتصاد حيث شهد الاقتصاد الأمريكى موجة من الكساد أثناء. رئاسته.
المغزي، أن النجاح السياسى بمفرده غير كافِ، ولابد أن تنتهج القيادة السياسية سياسات اقتصادية خارج الصندوق لدفع الاقتصاد فى الطريق الصحيح، وهذا ما أقدمت عليه الحكومة المصرية وهى تواجه أزمة اقتصادية كبيرة وغير مسبوقة.
ثانيًا: تجربة مارجريت تاتشر فى الخصخصة
عندما بدأتُ بعثتى فى انحلترا سنة ١٩٩٧، شاهدت الحملة الانتخابية التى قادها شباب حزب العمال، تونى بلير وجوردن براون، ضد حزب المحافظين الذى كان يقوده جون ماجور خليفة مارجريت تاتشر. استغل شباب حزب العمال ما قامت به مارجريت تاتشر من وقف توزيع الألبان على الأطفال، وفرض رسوم دراسية على الطلاب، وخصخصة معظم ممتلكات الدولة، وخلافها الكبير مع النقابات المهنية. الحقيقة أنه فى عام ١٩٧٩ أصبحت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا، وكان الهدف الرئيسى لحكومتها هو منع الانهيار الاقتصادى للمملكة المتحدة، وتقليل دور الدولة فى الاقتصاد. فكانت أول من طبق نظام الخصخصة فى العالم. المرأة الحديدية استطاعت رغم اعتراضات الشعب البريطانى من تخصيص العديد من القطاعات من ضمنها النفط، الكهرباء، والاتصالات، والمناجم، وغيرها. استطاعت حكومة تاتشر أن تخفض الدين الحكومى من ٤٣٪ عام ١٩٧٩ إلى ٢٦٪ عام ١٩٩٠، واستطاعت تحرير أسواق المال، وجعلت لندن عاصمة للمال فى أوربا. كان هذا النجاح فى الخصخصة هو الدافع لباقى دول الإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول من اتباع سياسات تاتشر الاقتصادية. اللافت للنظر ان حكومة العمال قد انتهجت نفس السياسات التى اتبعتها تاتشر، واليوم كل الطلاب فى الجامعات الانجليزية يدفعون رسوما دراسية قد تزيد على ١٠ آلاف جنيه استرلينى سنويًا.
ثالثا: رأى الخبراء المصريين فى الاقتصاد المصري
فى مقالة نحو سياسة اقتصادية لتعزيز النمو الاقتصادى الشامل فى مصر كتب د. طارق مصطفى غلوش، نائب رئيس جامعة المنصورة للدراسات العليا والبحث العلمى وآخرون من اساتذة كلية التجارة ـ جامعة المنصورة فى المجلة المصرية للدراسات التجارية
"الاقتصاد المصرى يتسم بتباطؤ الاستثمار، ولا سيما الاستثمار الخاص، وارتفاع کل من معدل التضخم والبطالة. وهما من أهم علامات الخلل الهيکلى فى الاقتصاد المصري. هذا بالإضافة إلى الاستعانة دائما بالقروض والمساعدات الخارجية، والعجز المزمن فى الميزانية العامة للدولة. إضافه إلى التفاقم فى حجم الدين العام المحلى والخارجي. والعجز فى الميزان التجاري، حيث تعجز الصادرات السلعية عن تغطية التصاعد المستمر للواردات السلعية (سواء لتلبية الحاجات الاستهلاکية الأساسية أو لتوفير جانب رئيسى من مستلزمات القطاع الصناعي)".
إذا كان هذا هو واقع الاقتصاد المصري، فهل هناك بديل أمام الحكومة الحالية أو أى حكومة أخرى أن تستمر فى نهج السياسيات الاقتصادية التى انتهجتها الحكومات المصرية منذ عدة عقود، وأن يستمر العجز فى الميزانية العامة للدولة وأن يستمر معدل التصخم وانهيار قيمة العملة؟
من كان يمتلك أى حلول أخرى، وضمانات أكثر، تنهض بالاقتصاد المصرى، غير تلك التى تنتهجها حكومة د. مدبولي، فليتفضل وسوف نساعده جميعًا.
حفظ الله مصر، ووفق شعبها وحكومتها لكل خير.
د. السعيد عبد الهادى: رئيس جامعة حورس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإجراءات الاقتصادية الحكومة المصرية رئيس مجلس الوزراء الاقتصاد الاقتصاد المصري
إقرأ أيضاً:
خبير دولي: القضية الفلسطينية لم تغب لحظة واحدة عن أجندة الحكومة المصرية
قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، إنّ العلاقات المصرية الثنائية بين مصر ودول أوروبية مهمة على هامش قمة مجموعة العشرين مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأسبانيا تعكس السياسة الخارجية المصرية، موضحا أنّ كل لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسي مع زعماء العالم تجمعها قاسم مشترك وهو القضية الفلسطينية التي لم تغب لحظة واحدة عن أجندة الحكومة المصرية.
مساعي مصر مستمرة في وقف إطلاق الناروأضاف «أحمد»، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح»، أنّ مساعي مصر مستمرة دائما ودؤوبة من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنّ الفلسطينيين يواجهون خطر المجاعة في شمال غزة في ظل استمرار جرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.