جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-08@06:39:10 GMT

موتى على قيد الحياة!

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

موتى على قيد الحياة!

 

 

مدرين المكتومية

أكاد أجزم بأنَّ الوتيرة المتسارعة التي تتطوَّر بها التقنيات من حولنا، تضع إنسانيتنا على المحك؛ فما بين ذكاء اصطناعي، وروبوتات، وتكنولوجيا حيوية، وأتمتة، وحوسبة كمية، ومواد متقدمة، تعاجلنا الحياة بجُملة فرص نعم، ولكن تباغتنا بمجموعة واسعة من التحديات من شأنها إحداث تحولات جذرية في الطريقة التي نعيش بها.

. فأنْ يفقد كل شيء من حولنا الحياة، وتكون كبسات الزر والمحادثات الرقمية هي البديل عن التواصل، والإيموجي بديلًا عن التعبير عن المشاعر، والرسائل النصية بديلًا عن المصافحات والعناق، يجب التوقف لمشاهدة تموضعنا على خارطة الحياة.. فأخشى أن نكون يوماً "موتى على قيد الحياة".

إنه عصر "الإغراق المعلوماتي".. عصرٌ تُخيِّم تبعاته على عالم نحياه، فتؤرِّق مزاجاتنا وتسلب هدوء أرواحنا؛ فلا تكاد تفتح هاتفك إلا وترى كمًّا هائلاً من الأخبار التي تصيبك بالانزعاج والتوتر؛ ولا أعني هنا تلك التي تمس مبادئنا وعروبتنا وقوميتنا وإنسانيتنا التي نتشاركها مع العالم من حولنا، ولكن ما أعنيه توافه الأمور التي لا تمت لنا بصلة ولا تضيف لنا جديدًا يُذكر، لكننا بسبب التقنيات المتسارعة أصبحنا نعيش بين أحداثها بسطحية تامة دون عُمق في التحليل، واقتناء المفيد والتخلي عن غيره، أصحبنا مُتلقين لكل شيء بغثه وسمينه، شراهة استهلاك المعلومات لدينا رفعت أدرينالين الشَّرَه بالحصول على كل شيء وتداول كل شيء، دون وعي حقيقي بماهية الأشياء وأهميتها، أو حتى الإضافة التي ستقدمها لنا.. نتعامل في اليوم مع مئات المواضيع المطروحة في الداخل والخارج، دون أن نضع لأنفسنا حدودًا نبني معها قدرتنا بالتركيز على ما يهمنا ويعنينا فقط.

وبين هذه وتلك، نصل طريقًا مسدودًا، مطالبين فيه بإعادة النظر، ومساءلة أنفسنا بل وإلزامها أنْ نكون أكثر صِدقًا في تقصِّي المعلومة، واستهلاك التقنية، ومعرفة وتحليل ما وراء كل ما نسمع ونرى، دون الوقوف فقط عند مرحلة التلقي والتداول؛ علينا أن نُراجع أنفسنا لنستعيد قدرتنا على التحكم في التعاطي مع ما يدور حولنا؛ فهناك الكثير مما نعيشه ليس حقيقيًّا، نحن أنفسنا في كثير من الأحيان نُغرِق في الأوهام، نعتقد أنَّ ما نفكر فيه صحيح، وما يدور في خيالاتنا واقع، لكننا في الحقيقة لا نقرأ إلا عقول الآخرين، عقول أناس يُمرِّرون من خلالنا مشاعرهم وأفكارهم ونظرتهم للأشياء، وتحليلاتهم الشخصية التي قد تكون مبنية على العاطفة.

... إنَّ الأشخاص بطبيعتهم ما هم إلا حصاد عوالمهم، وبيئاتهم المختلفة، وما نحن جميعًا سوى رسائل؛ كل واحدة منها تأتي إلينا بما خلفته السنون والأعوام، فنؤثِّر ونتأثَّر، ونتماهى مع حيواتنا فلا ننسى أن لدينا الوقت الكافي لنُعطي فرصة لنكون على الأقل أمام اكتشاف الآخر، واكتشاف كل ما يمرِّرونه لنا. علينا في هذه الحياة أن نَحْيَا على النحو الذي يضمن لنا الحفاظ على إنسانيتنا، لكن في الوقت نفسه نصون أنفسنا ونبتعد عن كل ما يُعيق تقدمنا؛ فالحياة قصيرة ولا تستحق أن نرتكب أفعالا تهدِّدها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشعب فى خدمة الحكومة

مازالت أحلام وامنيات الشعب المصرى تتوالى آملة من الدكتور مصطفى مدبولى فى ظل حكومته الثانية التى انطلقت منذ ساعات أن تعمل بصورة مختلفة فى اتجاه صالح الشريحة الأكبر من جموع المصريين فى ربوع البلاد.

الغالبية العظمى من شعب مصر تئن من اوجاعها وصرخاتها، تحت خط الفقر بعد تلاشى الطبقة المتوسطة خلال السنوات الماضية وربما كانت حكومة مدبولى الأولى سببا مباشرا أو رئيسيا فيما آلت إليه أحوال العباد.

القطاع العريض من المصريين يأمل أن تبذل الحكومة قصارى جهدها من أجل تلك الفئة تشريعا وسن قوانين وانصاف، هؤلاء لا يحلمون أن يمتلكون فيلات فى الساحل الشمالى ومراقيا والعلمين، ولا بالشقق المليونية ولا بالعلاج فى الخارج ولا بتعليم أولادهم فى المدارس الأجنبية والخاصة، ولا يملكون ما يضاربون به فى البورصة أو يكنزون به سبائك الذهب والفضة، ولكنهم يملكون ستر الله ولقيمات يستقوون بها على الحياة وانفاس متضاربة ترتفع أصواتها بين شهيق وزفير من مرارة الأيام وضغوط الحياة.

أحلامهم بسيطة وتحقيقها لا يحتاج سوى نظرات الرضا والإيمان بقضاياهم وحقهم فى الحياة واليقين أنهم مواطنون مصريون كفل لهم الدستور المأكل والملبس والمسكن والعلاج وحق التعليم والعيشة الآدمية، وكل هذه الحقوق ببساطة هى مجمل أمنيات جموع الشعب الذى يريد حكومة شعبية تعمل من أجله، ومن أجل الأجيال القادمة لتحول حياتهم البائسة إلى مسارات جديدة تتواكب مع شعب يعشق الحياة.

المرحلة المقبلة تتطلب اليقظة والمراقبة والثواب والعقاب لكل أعضاء الحكومة وجميع المسئولين التنفيذيين عبر تقييم الأداء أولا بأول والإبقاء على الذين يعملون من أجل الوطن والاستغناء فورا عن أولئك الذين وصلوا إلى تلك الأماكن القيادية عن طريق الصدفة أو المحسوبية أو بطريق الخطأ.

لم نعد نمتلك رفاهية دفع الفواتير وتحميل كاهل الشعب بمصروفات تجارب فاشلة، وإنما نحتاج أصحاب الكفاءات والفكر وفقا لنظرية الرجل المناسب فى المكان المناسب، حتى نتمكن من التغلب على مشاكلنا وازماتنا والعبور بوطننا إلى ما يستحق من آفاق رحبة فى عالم لا يرحم الضعفاء والفقراء.

تبقى كلمة.. السوس نخر فى عظام دواوين المحافظات، وبعض وكلاء الوزارات والمسئولين تحولوا إلى أصحاب عزب خاصة يديرونها بطريقة الأهل والعشيرة وبث الرعب فى قلوب المواطنين بدون سند من القانون بهدف تحقيق مآرب شخصية الأمر الذى يزيد العبء على كاهلهم، ويتطلب من الوزراء الجدد العمل على تطهير المحافظات من هؤلاء والاعتماد على دماء جديدة تنفذ القانون بدقة وتفعل فى الوقت ذاته روح القانون بعيدا عن المحسوبية.. طريق الاصلاح طويل وشاق وعموما أن تبدأ متأخرا خير لك من الا تبدأ.

باختصار.. ما يتمناه المصريون من الحكومة الجديدة أحلام مشروعة، والترقب والحذر لا يعنى الاستسلام او فقدان الأمل، وإنما يعبر عن ثقة مفقودة على طول الخط بين الشعب والحكومة بعدما تخلت عن دورها وبات الشعار المقلوب للعلاقة المتوترة هو الشعب فى خدمة الحكومة التى تخلت عن دورها فى الحماية المجتمعية لتختفى الطبقة المتوسطة لتلحق بالطبقة المعدومة فى مغارة على بابا.

مقالات مشابهة

  • دماء وأشلاء وموتى
  • الحياة التعيسة تعزز صعود اليمين المتطرف في أوروبا
  • كيف نحمي أنفسنا من «الاحتيال عبر الانترنت»؟
  • الحضارة الضالة.. والعار الإنساني
  • كيف يمكن لغذاء الطفل حمايته من مرض ألزهايمر مستقبلا؟
  • راشد بن حميد يترأس اجتماع لجنة تطوير مصفوت
  • عزة مصطفى في أولى حلقات برنامج «الساعة 6»: نقول ما يرضي ضمائرنا والوطن
  • أيمن عاشور: الملتقى العربي لتعليم الكبار هدفه توحيد الجهود بمجال التعلم مدى الحياة
  • الشعب فى خدمة الحكومة
  • ينطلق غدًا السبت.. تفاصيل برنامج "الساعة 6" على قناة الحياة