تناولنا فى المقالين السابقين كيف أن برنامج الإصلاح الاقتصادى قد استند على ركيزة توطين الصناعة، مع الاستناد على وثيقة المرتكزات الاستراتيجية للإقتصاد الوطنى، وأن السياسة التى ترتكز عليها مصر فى هذه الفترة تقوم على توسيع مجالات الصناعات التحويلية واستغلال وإدارة الموارد الاقتصادية، مع السماح لرؤوس الأموال، والخبرات الأجنبية بالمشاركة فى المشروعات الصناعية مثل شركة «بريتيش بيتروليوم «BP»، سعيًا لتعظيم استفادة الدولة من مواردها لصالح الأجيال الحالية والقادمة.
فحرص القيادة السياسية على جذب استثمارات الشركات العالمية أصبح واضحًا، وأن مصر تحتاج إلى تسليط الضوء على التحديات التى تواجه صناع السياسات عند تحقيق التوازن بين مطالب النمو الاقتصادى، واستقرار القطاع المالى، وإقامة الشركات الوطنية الكبيرة. لأن تحقيق أى هدفين من هذه الأهداف على حساب التضحية جزئيا بالهدف الثالث، يجعل الأمر بمثابة معضلة ثلاثية، لذلك فإن توجه الحكومة حاليًا فى ضوء وثيقتى ملكية الدولة والمرتكزات الاستراتيجية للاقتصاد الوطنى حتى عام 2030 تستند على دعم الشركات الكبيرة، لتعطى الأولوية لاستقرار القطاع المالى، فهذه الاستراتيجية أكثر تركيزًا على الأمن القومى مقارنة بالمنافع التى يمكن جنيها من انتهاج استراتيجية أكثر صرامة. لذا جاء توقيع مشروع رأس الحكمة الذى يعتبر من المشروعات الكبرى، فالمشروع شراكة بين مصر والإمارات، ويتضمن إقامة فنادق، ومنطقة مال وأعمال كبرى، ومطار دولى، وبالتالى فنحن ننظر إلى هذه الصفقة الةستثمارية كبداية لتصحيح مسار الةقتصاد المصرى، عبر جذب ةستثمارات قدرها 35 مليار دولار ستدخل فى شرايين
الاقتصاد المصرى، وبالتالى فإننا مطالبين بالعمل على جذب استثمارات أجنبية اخرى من اجل زيادة موارد الدولة الدولارية، مع تحقيق مستهدفات الدولة فى التنمية عبر التميز المؤسسى والكفاءة فى الأداء، والتأكيد على أن رأس المال البشرى هو الأساس فى هذا التميز، وعليه فإن تصحيح المسار الاقتصادى يتطلب وجود دور رائد لمصر فى الاقتصاد العالمى وهو ما تم عبر الانضمام لتجمع البريكس، بالإضافة إلى الانضمام لكثير من التكتلات، مما ساعد فى تعظيم الدور الاقتصادى لأهم نقطة اتصال بين الشمال والجنوب على مستوى العالم وهى منطقة قناة السويس، ولا شك أن الحكومة فى هذه الفترة تبحث عن الدور الفاعل للمصريين بالخارج ليس فقط من اجل زيادة تحويلاتهم لتصبح 35 مليار دولار، ولكن للحصول على الدعم الفنى منهم وهو الأهم فى هذه الفترة، من أجل بناء اقتصاد معرفى وتكنولوجى عصرى، وهذا يتطلب وضع مسارات حقيقية لدعم القطاع الخاص، وتبنى سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلى. وبالتالى فإن مشروع رأس الحكمة سوف يساهم فى العديد من التحولات والتغيرات التى ستنعكس حتمًا على حياة المصريين فهذا المشروع سيؤدى إلى جذب مزيد من الاستثمارات لخلق مزيد من فرص العمل، التى تتطلب توفير مليون فرصة عمل سنويا، كما أن هذا المشروع باستثماراته الضخمة ستمثل فيه الشركات المصرية بكافه قطاعاتها، مع تكليف للمصانع المصرية بتوفير المواد الخام ومدخلات الإنتاج مما سيزيد من معدلات التشغيل والإنتاج، وبالتالى زيادة الصادرات المصرية لتصل إلى 145 مليار دولار فى عام 2030 كما هو مخطط. لذلك فإن الدولة المصرية يجب أن تتجه من الآن فصاعدًا نحو وضع خارطة طريق لعدم تكرار الأزمات الإقتصادية أو على الأقل الحد من تداعياتها،وجعل الاقتصاد المصرى أكثر مرونة.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
الأزمات الاقتصادية
الاقتصاد المصري
السياسة الصناعية الداعمة للنمو الوطنى ٣
د علاء رزق
إقرأ أيضاً:
خبيرة اقتصادية: الدولة المصرية تتصدى للمشككين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد، إن الاقتصاد المصري وُضع في مرمى الشائعات على مدار الفترة الماضية، مشيرة إلى أن الدولة المصرية تتصدى للمتشككين.
وأضافت الخبيرة الاقتصادية خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن النهج التكتيكي الذي وضعه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مقابلته الأسبوعية بهذا الابتكار السياسي لعرض شواغل الرأي العام والرد على أسئلة الصحافة وكل ما يشغل المواطن المصري.
ولفتت أستاذ الاقتصاد، إلى أن البنية الفكرية المصرية تتعرض لمرحلة من مراحل التصعيد غير المسبوقة، إلى جانب أن كل قصة أصبح لها أكثر من رواية.
وتابعت: «الحقيقة هي أول ما تموت في ظل انتشار الشائعات، إذ أن هناك ملف لا يمكن إخفاؤه عن أي مواطن، ويجب العلم بأن أي شخص يعلم أن الدول الكبيرة كمصر فلها تصنيفات و تقييمات ومؤسسات دولية تراقب، وهناك آليات مالية وسياسية ونقدية تنعكس على المجتمع بأكمله».