مفتي الجمهورية يستقبل وفدا ماليزيا لبحث التعاون الإفتائي
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
استقبل الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الثلاثاء، وفدًا ماليزيًّا برئاسة داتو سيري حاج وان زاهيدي بن وان تيه، مفتي ولاية بيراك بماليزيا، لبحث أوجه تعزيز التعاون الإفتائي بين دار الإفتاء المصرية وماليزيا.
وفي مستهل اللقاء، استعرض فضيلة المفتي، عددًا من الآليات التي اعتمدتها دار الإفتاء المصرية للتعليم والتدريب، مشيرًا إلى توسُّع الدار في إنشاء الكثير من الإدارات المختصة بشئون الفتوى، والاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة بهدف إثراء العمل الإفتائي ومواكبة التطورات الحادثة على مستوى العالم، مشيرًا إلى عناية الدار بعقد برامج تستهدف التدريب على مهارات الإفتاء، والتدريب على مكافحة الأفكار المتطرفة، ومواجهة الإلحاد والشبهات.
كما تحدَّث عن عملية صناعة الفتوى وأهمية إدراك الواقع باعتباره أحد عناصر هذه العملية التي تحتاج إلى تأهيل وتدريب بعد التحصيل الشرعي حتى يصبح الشخص مؤهلًا للجلوس للإفتاء، مؤكدًا أن الدار لديها مركز لتدريب المفتين من مختلف دول العالم وتأهيلهم على مهارات الإفتاء من خلال برامج تدريبية تمتدُّ إلى ثلاث سنوات.
وتطرَّق فضيلة المفتي إلى الحديث عن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عام 2015، التي تضم قرابة المائة دولة لتكون مظلة عالمية تجمع كافة المؤسسات والهيئات الإفتائية حول العالم للتعاون وتبادل الخبرات ومناقشة القضايا المهمة والمعاصرة.
كذلك تحدَّث مفتي الجمهورية عن مركز سلام لدراسات التطرف، وهو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، موضحًا أن تأسيسه جاء كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دؤوب لدار الإفتاء في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي.
في السياق ذاته تناول اللقاء الحديث عن إطلاق دار الإفتاء المصرية لتطبيق «Fatwa Pro»، تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وذلك في سياق مواكبتها للتطورات التكنولوجية لخدمة المسلمين شرقًا وغربًا، مشيرًا إلى أنه تطبيق إلكترونيُّ متعدد اللغات أُنشئ للتواصل مع الجاليات المسلمة -خاصة في الغرب- الناطقة باللغات الإنجليزية والفرنسية كمرحلة أُولى ليكون بمنزلة المفتي المعتدلِ والمعين لهم على الحصول على الفتوى الرشيدة المرتبطة بالأصل والمتصلة بالعصر دون إفراط أو تفريط.
كما أعلن مفتي الجمهورية عن إعداد دار الإفتاء مجلدًا عبارة عن دليل مرجعي للمسلمين الذين يعيشون في المجتمعات المسلمة، يضمُّ أبرز القضايا والمسائل والنوازل التي تهمهم وذلك بغرض معالجتها، مبديًا استعداد الدار للتعاون خاصة في مجال التدريب.
من جانبه ثمَّن الوفد الماليزي برئاسة داتو سيري حاج وان زاهيدي بن وان تيه -مفتي ولاية بيراك بماليزيا- جهود دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف والإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي، وما تتميز به من منهجية علمية منضبطة في الفتوى، مبديًا تطلعه لمزيد من التعاون مع دار الإفتاء المصرية.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية الوسطية خط الدفاع الأول في معركة الوعي
مفتي الجمهورية يتوجه إلى الجزائر للمشاركة في افتتاح الجامع الكبير
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام دار الإفتاء المصرية وهیئات الإفتاء فی العالم دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة الأمانة العامة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يكتب: عَرَضٌ يَزُولُ وَيَبْقَى الإِمَام الطيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليست العظمة أن يكون الإنسان في مأمنٍ من العوارض ولا أن يُعفى من سنن الابتلاء، ولكن العظمة أن يمر المرء بهذه العوارض كما تمر الرياح على الجبال فلا تزعزع رسوخها، ولا تنال من شموخها، فإن كانت الأجساد تأخذ نصيبها من الضعف، فإن الأرواح الكبيرة لا تعرف الوهن، وإن كان العارض يلوّح باليد، فإن الحقيقة ثابتة لا تبارح موضعها، هذا هو الإمام الطيب، ركنٌ من أركان الفكر، وصرحٌ من صروح الاعتدال، وحاملُ لواء الأزهر الشريف في زمنٍ تتنازعه الأهواء.
ما إن يمرَّ به عارضٌ صحيّ كما يمر بكل إنسان، إلا أنك لم تجده من أولئك الذين يُقاس قدرهم بهذه الساعة العارضة من الضعف أو الوهن، بل هو ممن تُوزن حياتهم بميزان العلم والعمل والمواقف الثابتة، فما تكون المحنة عنده إلا مَعْبرًا إلى مزيد من الثبات، ولا كان الابتلاء لديه إلا دليلًا على مكانة الرجال في ميزان الله.
إن الذين يتوهَّمون أن المرض ينال من الرجال كما تنال النكبات من العجزة، لم يدركوا معنى الصبر في فلسفة العظماء، ولم يفهموا أن الأجساد قد تضعف، لكن المبادئ لا تمرض، وأن القائد الذي أضاء العقول لن يخفت بريقه بعلةٍ تزور ثم تزول، قال النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (رواه مسلم).
وقد رفع الله الإمام الطيب بعلمه وحكمته، وجعل له في الأمة مقامًا محفوظًا لا تهزه العوارض، لقد كان الإمام الطيب وما زال طوال مسيرته سدًا منيعًا أمام محاولات التشويه والتشكيك، فلم يكن مجرد عالم يردد المحفوظ، بل مفكر يُجدد ويُحسن قراءة الواقع، لم ينحرف عن الجادة، ولم تأسره موجة عابرة، بل ظل متمسكًا بثوابت الأزهر وقيمه، حريصًا على أن يكون صوته صوت الحكمة، وكلمته كلمة العدل.
إن أعظم الرجال هم أولئك الذين تتجاوز قيمتهم حدود أوقات الضعف والوهن فيبقون في وجدان الأمة مناراتٍ تهتدي بها وسطورًا خالدة في صفحات التاريخ، والإمام الطيب واحد من هؤلاء الذين لا تنال منهم العوارض العابرة بل تزيدهم ثباتًا وإصرارًا، ليظل منارة مضيئة في سماء الفكر والاعتدال، إن العظمة ليست في تَجنُّب المحن، بل في كيفية التعامل معها بروح ثابتة، فالعوائق لا تزيد العظماء إلا صلابة في عزيمتهم.
ولقد تجسدت في شخصية الإمام الطيب عبقرية القيادة التي لا تهتز، فإمامنا الطيب لم يكن يومًا مجرد قائد في إطار رسمي، بل كان ومازال زال صاحب مشروع فكري يهدف إلى إصلاح المجتمع وتوجيهه نحو الطريق الصحيح، فتوجيهاته دائمًا نبراس يهدي الأمم إلى جادة الصواب في عالم مليء بالفتن والتحديات، وهكذا سيظل الإمام الطيب ويبقى بإذن الله حصنًا منيعًا لا يُقهر.
فكما أن الشجرة المثمرة تواجه الرياح العاتية بقوة وصلابة، فإن الإمام الطيب سيظل زعيمًا فكريًا وإصلاحيًا لا تهزّه الرياح العابرة، بل يزيده التحدي قوة وعزيمة، وبالتالي ليس المرض إلا اختبارًا،«أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ» (العنكبوت: 2) لكنه لا يبدل جوهر الأشياء، ولا يغير من طبيعة الرجال، فإن كان العابر يمر، فإن الثابت يبقى، وإن كان الضعف يطرق الباب لحظة، فإن القوة التي وُهِبت للرجال الكبار تستعيد مكانها، وترجع إلى موضعها، ويعود الطود إلى شموخه
فلتمضِ الأيام كما شاءت، ولتكن الأقدار على ما أرادت، فإن العارض زائل، والحق باقٍ، وإن الرجال العظام يمرون بالابتلاء، لكنهم لا يتوقفون عنده، ولا يُحجبون عن أدوارهم فيه، بل يُمنَحُون مزيدًا من القوة، لأنهم كانوا دومًا في مقام التحدي والثبات، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ (الرعد: 17) فيا أيها العابر، مرَّ كما مرَّ غيرك، فإن الجبال لا يضرها الغبار، وإن الإمام باقٍ بعلمه، وفكره، وأثره، وسيظل كذلك لا تهزه الأيام ولا تنال منه العوارض العابرة.
نسأل الله أن يحفظ الإمام الطيب بحفظه وأن يبارك في عمره طودًا شامخًا لأزهر المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه