فوزية الدغاري.. قصة سيدة تونسية أمضت ربع قرن في تطويع الرخام وتعلّم المهن الشاقة
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
تختفي ملامح فوزية الدغاري أسفل طبقة من غبار الرخام تنبعث من تحت نار آلة قطع وصقل لهذه المادة الصلبة، في ورشتها بأحد أحياء مدينة مدنين، جنوب شرقي تونس.
ما إن تقترب منها حتى تتجلى ملامح امرأة جادة صارمة لأن لها الرخام، فقطعته أشكالا مختلفة لكساء مطابخ وسلالم وأرضيات المنازل والساحات.
فوزية خاضت قصة تحدٍ وشقت طريقها وسط الصعوبات لإثبات الذات (الأناضول)وحول قصتها مع الرخام تقول فوزية (50 عاما) إن "الحكاية كلها غرام، فعندما نُغرم بشيء، ويُقال لك إنك امرأة لا تستطيعين القيام به، تبدأ قصة التحدي وشق طريق الصعوبات لإثبات الذات".
وتضيف فوزية "كنت أحفظ المهنة بالعين، والشيء الذي لم أكن أقوم به أصبحت أقوم به، في نوع من التحدي".
وعن سبب عملها في مهنة تبدو ذكورية، توضح "أتيحت لي الفرصة للاقتراب من صناعة الرخام بحكم أنه شغل (عمل) زوجي، فأحببت هذا المشروع".
ملامح فوزية الدغاري تختفي أسفل طبقة من غبار الرخام تنبعث من تحت نار آلة قطع وصقل الرخام (الأناضول) صعوبات وحوادثولا تخلو مهنة تطويع الرخام من صعوبات، إذ تقول فوزية "هو عمل صعب، وتعرضت لحادثين خلال عملي، ذات مرة انقلبت عليَّ شاحنة، وفي أخرى سقطت عليَّ لوحة رخامية، فهذا العمل في العادة حكر على الرجال، لأنه يتطلب بنية قوية وشخصية قوية".
وبنبرات صوت واثقة، تزيد "أفتخر بنفسي لأنني غيرت عقلية كانت سائدة عندما دخلت الميدان منذ عام 1998، وكنت في البداية عندما أدخل بناية أو منشأة، يُقال لمرافقي أتيت بامرأة لأخذ القياسات.. إنها لا تعرف ولا نقبلها!".
"ولكن باللمسة الفنية التي تعطيها المرأة للعمل من خلال الزينة وغيرها أصبحت مقبولة والناس تشترط فوزية للعمل.. وأنا الآن أصمم أي عمل بأبعاده الثلاثية"، تستدرك فوزية مفتخرة.
فوزية تواصل عملها في ورشتها بمدينة مدنين جنوب شرقي تونس (الأناضول) عمل مضاعفوبحسب فوزية، التي تعيل أسرتها، "يعتقد البعض أن عمل المرأة بالبيت فقط، ولكنهم لا يعرفون أن العمل في المنزل شاق جدا.. فهناك ترتيب البيت، وتربية الأطفال، وفي نفس الوقت العمل في الورشة هو عمل صعب، ولكن أردت فرض نفسي".
وتضيف "أبي -رحمه الله- كان يقول لي يا ابنتي لا تدخلي عملا لا تتقنيه، فلا بد أن أكون ماهرة، وعندما آخذ لوحة رخام لا بد أن أضبط قياساتي، ولا تكون بقايا زائدة تلقى في ركام النفايات".
فوزية: اللمسات الفنية لأعمالي والاستماع لرغبات الزبائن يجعلهم دائما يعودون إليّ (الأناضول)أمضت فوزية 25 عاما من العمل في تطويع الرخام، لم تكن كلها سنوات ربح وفير، فقد "تعرضتُ لعدة خيبات خلال فترة الثورة (بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2010) وبعت جزءا من أدوات عملي"، كما تقول.
وتضيف متحسرة "كانت ورشتي كبيرة، لكن نتيجة ضغط الظروف المالية دون دعم ومع كساد السوق، اضطررت أن أعمل بطاحونة رحى للحبوب والبهارات لأخرج من الأزمة الاقتصادية التي وقعت فيها".
أما عن سر تميزها في تطويع الرخام، فتوضح أن "اللمسات الفنية لأعمالي نتيجة ذوق نسائي رفيع يتمتع بسعة البال والاستماع لرغبات الزبائن المتنوعة، مما يجعلهم دائما يعودون إليّ".
فوزية: أفتخر بنفسي لأنني غيرت عقلية كانت سائدة عندما دخلت الميدان منذ عام 1998(الأناضول) مهارات متنوعةولا تجيد فوزية تطويع الرخام فحسب، فهي كما تقول دائمة التعلم "عندما أجد فراغا أقوم بتدريبات لأتعلم حرفا أخرى، فقمت بالتدرب على تقطير الزيوت وصنع الصابون والألياف البصرية والمطهرات والتعليب".
وتتابع "حصلت على شهادات تثبت كفاءتي، ودرست عن بعد عبر الإنترنت، وحصلت على شهادات في التعامل مع كبار السن والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة".
وتفسر تعلمها المستمر والمتنوع بــ"الطموح والتحسب للصعوبات التي يمكن أن تعترض حرفا معينة، فيعمل الإنسان في الحرف التي تلقى رواجا في السوق".
حظيت فوزية بتكريم وإشادة بمستوى عملها في فرنسا في مجال الرخام (الأناضول)وحظيت فوزية بتكريم وإشادة بمستوى عملها، إذ تقول "تم تكريمي في فرنسا في مجال الرخام، وهم يعملون بالليزر وضغط الماء، ولكنهم ثمّنوا عملي الذي يتم بوسائل بسيطة".
ومع ربع قرن من العمل ومواجهة تقلبات السوق، توجه فوزية رسالة للشباب الذي يطمح للهجرة، بقولها "كافح مع تونس، هناك (خارج تونس) لن تجد أباك وأمك، فأنت ولدت في هذا البلد، فإذا هاجرت أنت وأنا من سيعمر البلد؟ (…) علينا بمزيد الكفاح والعمل"، كما تختم حديثها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العمل فی
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تقول إن أعمال تخريبية وراء قطع كابلات الاتصالات في بحر البلطيق
نوفمبر 19, 2024آخر تحديث: نوفمبر 19, 2024
المستقلة/- قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إن الضرر الذي لحق بكابلين للإنترنت تحت البحر في بحر البلطيق يجب أن يُنظر إليه على أنه عمل تخريبي.
وقالت فنلندا وألمانيا في بيان مشترك إن زوجًا من كابلات الاتصالات بالألياف الضوئية انقطع يومي الأحد والإثنين، في حادث “يثير على الفور شكوكًا في حدوث ضرر متعمد”.
وفقًا لشركة الأمن السيبراني والاتصالات الفنلندية التي تسيطر عليها الدولة، توقف كابل بطول 745 ميل (1200 كيلومتر) يربط هلسنكي بميناء روستوك الألماني عن العمل في الساعة الثانية صباحًا يوم الاثنين.
وفقًا لشركة اتصالات ليتوانية، خرج كابل آخر يربط ليتوانيا وجزيرة جوتلاند السويدية عن الخدمة في الساعة الثامنة صباحًا يوم الاثنين.
أدت سلسلة من الحوادث التي شملت خطوط الأنابيب في بحر البلطيق إلى زيادة المخاوف من التخريب منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
قبل اجتماع مع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قال السيد بيستوريوس: “لا أحد يعتقد أن هذه الكابلات قطعت عن طريق الخطأ. كما أنني لا أريد أن أصدق الروايات التي تقول إن هذه المراسي تسببت عن طريق الخطأ في تلف هذه الكابلات.”
“لذلك يتعين علينا أن نعلن، دون معرفة من هو مصدرها على وجه التحديد، أن هذا عمل “هجين”. “وعلينا أيضًا أن نفترض، دون أن نعرف ذلك بعد، أن الأمر يتعلق بتخريب”.
في البيان المشترك، قالت فنلندا وألمانيا إنهما “قلقتان للغاية”، مضيفتين أن أمن أوروبا مهدد بسبب حرب روسيا في أوكرانيا و”الحرب الهجينة من قبل جهات خبيثة”.
وأضافت: “إن حماية البنية التحتية الحيوية المشتركة أمر حيوي لأمننا ومرونة مجتمعاتنا”.
وقد زادت البحرية الليتوانية الآن من مراقبتها لمياهها ردًا على الأضرار. وكشفت شركة اريليون السويدية، التي تمتلك شركة تيليا ليتوانيا الليتوانية، أن الكابل خارج الخدمة تمامًا.
وقال كارل أوسكار بوهلين، وزير الدفاع المدني السويدي، لهيئة الإذاعة العامة السويدية SVT: “من الأهمية بمكان أن يتم توضيح سبب وجود كابلين في بحر البلطيق لا يعملان حاليًا”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة سينيا أري جوسي كنابيلا للصحفيين في مؤتمر صحفي إن خط أنابيب فنلندا وألمانيا قد يستغرق 15 يومًا للإصلاح.
ويتبع الكابل الذي يربط ألمانيا وفنلندا جزءًا من مسار خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 بين روسيا وألمانيا، والتي تعرضت لضربة بسبب سلسلة من الانفجارات تحت الماء في سبتمبر/أيلول 2022. ولا يزال المدعون الألمان يحققون في الانفجار، مما أدى إلى اقتراحات بأن أوكرانيا أو روسيا ربما كانت وراء الانفجارات.
في أكتوبر/تشرين الأول، قال رئيس جهاز المخابرات البريطاني MI5 إن وكالة الاستخبارات الروسية كانت في مهمة لإحداث “فوضى مستدامة في الشوارع البريطانية والأوروبية”.