لمدة 48 ساعة، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، عن تعليق جميع إجراءات تنسيق المهام الطبية في قطاع غزة، مرجعة قرارها إلى ما وصفته بـ"فشلها" في ضمان سلامة طواقمها والمصابين المتواجدين في مستشفيات ومراكز ومركبات الإسعاف التابعة لها.

واتهمت الجمعية القوات الإسرائيلية، الاثنين، بعدم الالتزام واحترام إجراءات وآليات التنسيق المتفق عليها مع المنظمات الدولية والأممية، من خلال "استهداف" أطقم الهلال الأحمر خلال تأدية مهامهم الإنسانية والإغاثية بالقطاع، وهو ما ينفيه الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى تورط عاملين بالمجال الطبي في القطاع في "أنشطة حماس الإرهابية".

خلفيات القرار 

مسؤولة الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ، تقول لموقع "الحرة"، إن الجمعية أوقفت إجراءات التنسيق مع المنظمات الدولية والأممية لإتمام المهام الطبية في مناطق تواجد أو انتشار القوات الإسرائيلية.

وتوضح فرسخ، أن الهلال الأحمر الفلسطيني ممنوع من الوصول إلى تلك المناطق من أجل إسعاف المرضى والجرحى أو العمل داخل المستشفيات، بالتالي يتطلب التحرك نحوها تنسيقا لضمان الوصول الآمن، وهو ما كان يتم بوساطة من المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة.

غير أنها تشير إلى أنه حتى في ظل التنسيق بإخطار القوات الإسرائيلية بالعمليات الإغاثية والحصول على الضوء الأخضر لتحرك الأطقم في مركبات الإسعاف، كان "يتم استهدافهم، إما بإطلاق النار عليهم لقتلهم أو إصابتهم أو اعتقالهم".

وتوضح المتحدثة، أن القرار الجديد يعني وقف المهام الإغاثية والإسعافية نحو المناطق التي تتواجد تحت القصف أو التي تنتشر بها قوات أو آليات إسرائيلية.

وأشارت الجمعية، في بيان، إلى أنها "ستقوم بتقييم  هذا الوضع للوصول إلى خلاصة تمكنها من حماية طواقمها ومركباتهم والتأكد من عدم تعرضها لخطر الموت أو الإصابة، من خلال الاتفاق على تدخل الدول الفاعلة في المجتمع الدولي لضمان الحماية".

وكشفت فرسخ، على أن القرار الأخير للجمعية، يأتي بعد حادثة، مساء الأحد، عندما حاول 3 مسعفين بالجمعية نقل عددا من المرضى المتواجدين في مستشفى الأمل التابع لها في خانيونس باتجاه مستشفيات رفح لحاجتهم الماسة لتدخل طبي جراحي متقدم، وذلك بالتنسيق مع مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)، والذي حصل على موافقة من القوات الإسرائيلية لتنفيذ هذا الإجلاء.

وتورد فرسخ، أن بالرغم من معرفة القوات الإسرائيلية لمسار القافلة وأسماء وأرقام هويات الطاقم المرافق للمرضى، فقد اعترضت القافلة لأكثر من 7 ساعات والجرحى بداخل السيارات، وأساءت التعامل مع أفرادها وبخاصة طاقم الهلال الأحمر الطبي المرافق الذين تم إجبارهم على الركوع على الأرض، واعتقلت المسعفين الثلاثة، قبل أن تفرج عن واحد منهم بعد ساعات طويلة، فيما أبقت على اعتقالها لمسعفين اثنين لحدود اللحظة.

تعلق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني جميع إجراءات تنسيق المهمات الطبية في قطاع غزة لمدة 48 ساعة، لفشلها في كفالة سلامة وأمن طواقم الجمعية والمرضى والمصابين المتواجدين في مستشفيات ومراكز ومركبات الإسعاف التابعة للجمعية، بسبب عدم التزام واحترام قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات وآليات… pic.twitter.com/YYCLb0e8JC

— PRCS (@PalestineRCS) February 26, 2024 ليست الحادثة الأولى

واعتبرت جمعية الهلال الأحمر، أن هذه ليست الحادثة الأولى التي لا تحترم فيها القوات الإسرائيلية التنسيقات التي تجريها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، إذ قامت سابقا، بإعطاء الضوء الأخضر لمهام صحية، قبل أن تقوم بقصف مركبات الإسعاف أو منع وعرقلة قوافل المساعدات الإغاثية من الوصول إلى مناطق محددة في القطاع خاصة في غزة وشمالها، بالإضافة إلى استمرار اعتقال عدد من كوادر الجمعية. 

وذكّرت فرسخ بقصة الطفلة الفلسطينية هند، التي عثر عليها، قبل أسبوعين، مقتولة رفقة مسعفين إثنين، بعدما اتصلت قبلها بأيام مستغيثة، وسط المعارك في مدينة غزة، حين وجدت نفسها عالقة وحيدة في سيارة بين جثث أفراد عائلتها.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع قصة اختفاءها ومكالماتها المؤثرة التي سجلها الهلال الأحمر الفلسطيني، خلال الساعات التي كانت فيها على قيد الحياة في سيارة، وسط عملية إسرائيلية في مدينة غزة.

وتقول فرسخ، إنه قبل تحرك المسعفين من أجل إنقاذ الطفلة، تم التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، غير أنه تم استهدافهم عند وصولهم وقتلوا إلى جانب الطفلة، بنيران القوات الإسرائيلية.

وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إن التحقيق الأولي في حادث الطفلة الفلسطينية، أشار إلى عدم وجود أي من قواته بمنطقة الحادث لحظة وقوعه، على ما أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

الجيش الإسرائيلي يكشف نتيجة التحقيق الأولي في "القصة المفجعة" قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إن التحقيق الأولي في حادث الطفلة الفلسطينية، هند رجب (6 سنوات)، التي توفيت مع 5 أفراد من أسرتها داخل سيارة في غزة، أشار إلى عدم وجود أي من قواته بمنطقة الحادث لحظة وقوعه، على ما أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وفي مرة أخرى، تضيف فرسخ، تم استهداف مهمة، نسّقتها منظمة الصليب الأحمر طيلة أسبوع، لنقل جرحى من مستشفيات المعمداني والشفاء، مما أودى بحياة مسعف وإصابة آخر.

ويواجه عمال الإنقاذ الفلسطينيون ظروف عمل صعبة في غزة، بعد أكثر من 4 أشهر من الحرب في ظل قصف إسرائيلي مكثف وقيود مشددة على حركتهم، وتكرار انقطاع الاتصالات، إضافة إلى نقص التجهيزات الطبية.

وتكشف مسؤولة الإعلام بالجهاز الإغاثي، أن "حوالي 14 عاملا في الهلال الأحمر، راحوا ضحية هجمات القوات الإسرائيلية، وهم يؤدون عملهم الإنساني".

وتضيف، أن 16 مركبة إسعاف تابعة للهلال أخرجت عن العمل، بالإضافة إلى أكثر من 20 تعرضت لأضرار مختلفة.

وتكشف أن مستشفى "القدس" التابع للجمعية أُخرج عن الخدمة بمدينة غزة، فيما خدمات مستشفى "الأمل" في خانيونس تقترب من التوقف التام.

أدلة دامغة

وفي ردها على القرار الأخير لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، كرر الجيش الإسرائيلي اتهاماته لحماس باستخدام مستشفيات كغطاء لمنشآت عسكرية وشبكة أنفاق، ولأطقم طبية وصحية بالمشاركة في أنشطة الحركة.

وقالت وحدة المتحدثين التابعة للجيش الإسرائيلي، إن "حماس تستغل الهياكل المدنية لأغراض إرهابية"، وهي الاتهامات التي سبق أن نفتها الحركة المصنفة إرهابية، في أكثر من مرة.

وأضافت الوحدة في تصريحات لموقع "الحرة"، أنه، تم توثيق استخدام حماس للمراكز الطبية في أنشطتها الإرهابية من خلال بناء شبكات عسكرية داخل المستشفيات وتحتها، وشن هجمات وتخزين الأسلحة داخلها، واستخدام البنية التحتية المدنية والموظفين في الأنشطة الإرهابية".

ومنذ بدء هجومها البري في قطاع غزة، قامت القوات الإسرائيلية بمداهمة عدد من المستشفيات بالقطاع، واعتقال مجموعة من أطرها الطبية والإدارية. 

وأوردت الوحدة، أنه يجب أن يكون واضحا أنه يمنع منعا باتا استغلال المستشفيات للأغراض العسكرية، وتحويل المرضى إلى دروع بشرية، مشيرة إلى أنه "إذا لم يتم إيقاف هذا الاستغلال، في ظل ظروف معينة، يمكن أن يفقد المستشفى حمايته من الهجوم".

واعتبرت، أن الأدلة على استغلال حماس للمستشفيات والخدمات الطبية لـ"أغراض إرهابية دامغة ولا يمكن دحضها".

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه "نشر أكثر من دليل يوثق استخدام حماس للمرافق الطبية والبنية التحتية والموظفين لأغراض إرهابية، بما في ذلك بناء شبكات الأنفاق المحيطة بالمستشفيات وتحتها، واستخدام سيارات الإسعاف لنقل الإرهابيين، وإخفاء الأسلحة داخل مباني المستشفيات".

وأرسلت الوحدة رابطا من الموقع الرسمي الخاص بالجيش الإسرائيلي، قالت إنه يقدم "أدلة على استغلال حماس للمرافق الطبية والدور الذي لعبه مهنيون طبيون في الأنشطة الإرهابية".

وردا على مسألة اعتقال أطقم طبية ومسعفين، يقول المصدر ذاته، إنه، "في مواجهة الاستغلال الواسع النطاق للمرافق الطبية، إلى جانب المعلومات الاستخباراتية التي تشير إلى معرفتهم بل ومشاركتهم في الأنشطة الإرهابية، جرى إلقاء القبض على أفراد في غزة واستجوابهم، بمن فيهم موظفون طبيون".

وأكدت الوحدة، أنه "يتم الإفراج عن الأفراد الذين ثبت عدم تورطهم في نشاط إرهابي بعد الاستجواب". مضيفة: "بعبارة واضحة، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي غير مهتم بالأطقم الطبية الذين يقومون بأدوارهم كمهنيين طبيين، ولكن بسبب تورطهم المحتمل في إرهاب حماس".

في المقابل، تقول فرسخ إن القوات الإسرائيلية "تتعمد" استهداف المنظومة الصحية بغزة والعاملين في القطاع الإنساني، مؤكدة أنها تحاول إيجاد المبررات للتغطية على انتهاكها الجسيم للقانون الدولي الإنساني، عبر خلال هذه الاتهامات.

وتورد المتحدثة، أن الجيش الإسرائيلي، "يخرج كل مرة باتهامات لا أساس ولا صحة لها"، وتؤكد على أن منظمة الهلال الأحمر "مؤسسة وطنية وجزء من الحركة الدولية لجمعيات الصليب الأحمر ومبادئنا إنسانية وحيادية، وكل ما نقوم به مهام إنسانية وإسعافية لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين بالقطاع".

ولم تبق مستشفيات تعمل بشكل كامل في القطاع، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة، بينما يعمل نحو ثلثها بطاقة محدودة.

وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، وسط الأسبوع الماضي، أن الوضع في قطاع غزة "لا إنساني"، وذلك بعد أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الحرب.

وقال غيبرييسوس، في مؤتمر صحفي في جنيف "في أي عالم نعيش عندما لا يمكن للناس الحصول على الغذاء والماء أو عندما لا يتمكن أشخاص عاجزون حتى عن المشي من الحصول على الرعاية؟". 

وأضاف "في أي عالم نعيش عندما تتعرض الطواقم الطبية لخطر القصف أثناء قيامها بعملها؟ في أي عالم نعيش حين تُضطر المستشفيات إلى إغلاق أبوابها لأنه لم يعد هناك كهرباء أو دواء لإنقاذ المرضى ولأنها أهدافا للجيش؟".

واعتبر أن "الوضع الصحي والإنساني في غزة لا إنساني ويستمر بالتدهور".

وأكد أن "قطاع غزة أصبح منطقة موت"، وهو تعبير سبق أن استخدمه، مضيفا "دمر جزء كبير من الأراضي وقُتل أكثر من 29 ألف شخص وفقد كثيرون آخرون يُفترض أنهم ماتوا وأُصيب عدد كبير جدا بجروح".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الهلال الأحمر الفلسطینی القوات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی الأمم المتحدة فی قطاع غزة الطبیة فی فی القطاع أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

غوتيريش: الهجمات الإسرائيلية على اليمن “مثيرة للقلق”

نيويورك – أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش التصعيد بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن، وأبدى قلقه من الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي وموانئ البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن.

جاء ذلك في بيان مكتوب لغوتيريش امس الخميس، بشأن تصاعد التوترات بين إسرائيل واليمن في الأيام الأخيرة.

وأوضح البيان أن القصف الإسرائيلي لمطار صنعاء الدولي أسفر عن إصابة أحد أفراد طاقم خدمات الأمم المتحدة للنقل الجوي الإنساني.

وأشار إلى أن وفدا رفيع المستوى من الأمم المتحدة، برئاسة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس كان في المطار عندما وقعت الهجمات.

وأضاف أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على اليمن أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 12.

ولفت إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي وموانئ البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن، “مثيرة للقلق”.

وأكد غوتيريش على أن الهجمات الإسرائيلية وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر لمدة عام “تهدد الاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة البحرية”.

وأعرب الأمين العام عن قلقه العميق إزاء خطر تصعيد التوترات في المنطقة، مشددا على ضرورة قيام الأطراف المعنية بوقف جميع الأعمال العسكرية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.​​​​​​​

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أعلن أن قصف إسرائيل مطار صنعاء مساء الخميس، وقع على بعد أمتار من مكان وجوده رفقة أعضاء فريق أممي، وأدى لإصابة فرد من طاقم طائرة كانوا سيغادرون على متنها.

وأعلنت جماعة الحوثي، مساء الخميس، ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي ومحافظة الحديدة غربي اليمن، إلى 6 قتلى و40 مصابا.

و”تضامنا مع غزة”، باشرت جماعة الحوثي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 استهداف سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات، إضافة إلى شن هجمات على أهداف داخل إسرائيل.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت الإبادة الإسرائيلية بدعم أمريكي في غزة عن أكثر من 153 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • المملكة تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلية مستشفى في غزة وإجبار المرضى والكوادر الطبية على إخلائه
  • اليمن ومصر تؤكدان على أهمية التنسيق المشترك لتأمين البحر الأحمر
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي دمر آخر القلاع الصحية بشمال غزة
  • غوتيريش: الهجمات الإسرائيلية على اليمن “مثيرة للقلق”
  • لبنان.. القوات الإسرائيلية تتوغّل في «وادي الحجير» والجيش يرفع حالة التأهب
  • 2024 عام الاستهداف.. الضفة الغربية تواصل مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • الاستهداف الإسرائيلي لمستشفيات غزة عبر الخريطة التفاعلية
  • الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية
  • «التضامن» تنظم احتفالية اليوم العربي للمسنين 23 يناير المقبل
  • هجوم مضاد يسحق الميليشيات في تعز والجيش يتقدم إلى شارع الأربعين و يسيطر على مناطق استراتيجية حاكمة.. مصرع وإصابة 23 حوثيًا