قوانين التجديف وازدراء الأديان.. لماذا تسمح السويد بحرق المصحف؟ - عاجل
تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة العراق عن قوانين التجديف وازدراء الأديان لماذا تسمح السويد بحرق المصحف؟ عاجل، بغداد اليوم متابعةأثارت سلسلة من وقائع حرق المصحف الشريف المتكررة من النشطاء المناهضين للإسلام في السويد رد فعل غاضباً في البلدان .،بحسب ما نشر وكالة بغداد اليوم، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات قوانين التجديف وازدراء الأديان.
بغداد اليوم - متابعة
أثارت سلسلة من وقائع حرق المصحف الشريف المتكررة من النشطاء المناهضين للإسلام في السويد رد فعل غاضباً في البلدان الإسلامية وأثارت تساؤلات -في السويد نفسها أيضاً- حول سبب السماح بمثل هذه الأعمال.
في أحدث واقعة من هذا القبيل، تعمَّد عراقي مقيم في السويد يدعى سلوان موميكا، يوم الخميس، 20 يوليو/تموز، أن يدوس على القرآن ويركله أمام السفارة العراقية في ستوكهولم. وأذنت الشرطة السويدية بذلك، فيما أبقت مجموعة من المتظاهرين الغاضبين على مسافةٍ آمنة من مبنى السفارة.
قام الرجل العراقي نفسه أيضاً بحرق المصحف أمام مسجدٍ في ستوكهولم الشهر الماضي في واقعةٍ مماثلة أذنت بها الشرطة. وفي بداية العام، قام ناشط يميني متطرف من الدنمارك بفعلٍ مماثل أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية.
إليكم نظرة على كيفية تعامل السلطات السويدية مع هذه الأفعال، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
هل التدنيس مسموح؟
لا يوجد قانون في السويد يحظر على وجه التحديد حرق أو تدنيس القرآن أو النصوص الدينية الأخرى. مثل العديد من الدول الغربية، السويد ليس لديها أي قوانين ازدراء أديان.
لم يكن الأمر كذلك دائماً. في أواخر القرن التاسع عشر، كان ازدراء الأديان، أو التجديف، جريمةً خطيرة في السويد يُعاقَب عليها بالإعدام. لكن قوانين التجديف خُفِّفَت تدريجياً مع تنامي العلمانية في السويد. وأُلغِيَ آخر قانون من هذا القبيل في عام 1970.
إيقاف هذه الأعمال
طالبت العديد من الدول الإسلامية الحكومة السويدية بمنع المتظاهرين من حرق المصحف. لكن في السويد، الأمر متروك للشرطة، وليس للحكومة، لتقرر ما إذا كانت ستسمح بالمظاهرات أو التجمعات العامة.
تقول السويد إن “حرية التعبير” محمية بموجب الدستور وإن الشرطة تحتاج إلى ذكر أسباب محددة لرفض تصريح لمظاهرة أو تجمع عام، مثل المخاطر على السلامة العامة.
هذا بالضبط ما فعلته شرطة ستوكهولم في فبراير/شباط الماضي عندما رفضت طلبين لاحتجاجاتٍ كانت ستحرق القرآن، مستشهدةً بتقييماتٍ من جهاز الأمن السويدي بأن مثل هذه الأعمال يمكن أن تزيد من خطر الهجمات الإرهابية ضد السويد. لكن المحكمة نقضت هذه القرارات في وقت لاحق، قائلة إن الشرطة بحاجةٍ إلى ذكر المزيد من التهديدات الملموسة لحظر التجمعات العامة.
خطاب كراهية
يحظر قانون خطاب الكراهية في السويد التحريض ضد مجموعات من الأشخاص على أساس العرق أو الدين أو التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية.
يقول البعض إن حرق المصحف يشكِّل تحريضاً ضد المسلمين، وبالتالي يجب اعتباره خطاباً يحض على الكراهية. ويقول آخرون إن مثل هذه الأفعال تستهدف الدين الإسلامي وليس أتباعه، وإن انتقاد الدين يجب أن يشمله حرية التعبير، حتى عندما يعتبره البعض مسيئاً.
وسعياً للحصول على إرشاداتٍ من النظام القضائي، وجهت الشرطة السويدية اتهاماتٍ أولية بارتكاب جرائم كراهية ضد الرجل الذي أحرق المصحف أمام مسجدٍ في ستوكهولم في يونيو/حزيران، والذي دنس المصحف مرةً أخرى الخميس. الأمر الآن متروك للمدعين العامين لتقرير ما إذا كان الاتهام سيُوجَّه إليه رسمياً.
تمييز السلطات
تساءل بعض المسلمين في السويد الذين استاءوا بشدة من حرق المصحف مؤخراً عما إذا كانت الشرطة السويدية ستسمح بتدنيس الكتب المقدسة من الديانات الأخرى.
من الواضح أن أحد المسلمين قرر اختبار الأمر وتقدم بطلبٍ للحصول على إذنٍ لتنظيم احتجاج يوم السبت الماضي أمام السفارة الإسرائيلية قال فيه إنه يعتزم حرق التوراة والإنجيل.
ورغم أن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية والجماعات اليهودية أدانوا الاحتجاج المزمع ودعوا السلطات السويدية إلى إيقافه، وافقت الشرطة على طلب الرجل. ومع ذلك، بمجرد وصول الرجل إلى المكان، تراجع عما كان ينويه، قائلاً إنه بصفته مسلماً فهو ضد حرق أيٍّ من الكتب الدينية.
ازدراء الأديان
يُعتَبَر ازدراء الأديان، أو التجديف، جريمةً في العديد من البلدان. وجد تحليلٌ أجراه مركز بيو للأبحاث أن 79 دولة وإقليماً من بين 198 دولة دُرِسَت في التحليل لديها قوانين أو سياسات مسجَّلة تحظر التجديف، الذي يُعرَف بأنه “الكلام أو الأفعال التي تُعتَبَرَ ازدراءً لله أو لأشخاص أو أشياء تعتبر مقدسة”. في سبع دول على الأقل (أفغانستان وبروناي وإيران وموريتانيا ونيجيريا وباكستان والمملكة السعودية) يُحتَمَل أن يُعاقَب على ذلك بالإعدام.
في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان لدى 18 دولة من أصل 20 دولة قوانين تجرم التجديف، رغم أنه لا يُعاقَب عليه بالإعدام في معظم الحالات.
في العراق، تُعَد إهانة رمز أو شخص مقدس من قِبَلِ طائفةٍ دينية جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
وبالمثل في لبنان المتنوع دينياً، حيث ساعدت الانقسامات الطائفية على تأجيج حرب أهلية طاحنة استمرت 15 عاماً من 1975 إلى 1990، فإن أي عمل “يُقصَد منه أو ينتج عنه” إثارة “الفتنة الطائفية” هو جريمة يُعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
وفي الولايات المتحدة، بموجب حماية حرية التعبير في التعديل الأول للدستور، لا يُعَد حرق نسخ من القرآن أو الكتب المقدسة الأخرى أمراً غير قانوني.
على سبيل المثال، أصيبت السلطات بالفزع بعدما هدَّد قسٌّ يُدعَى تيري جونز في عام 2010 بحرق المصحف في ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكنها لم تتمكن من اتخاذ إجراء قانوني حيال ذلك. لم ينفذ جونز ما كان ينويه، لكنه قاد واقعة حرق المصحف في فلوريدا في العام التالي.
المصدر:عربي بوست
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: عاجل موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس بحرق المصحف حرق المصحف فی السوید
إقرأ أيضاً:
أستاذة مقارنة الأديان بجامعة الزقازيق لـ "البوابة نيوز": الحضارة الإسلامية قدمت نموذجًا مبكرًا لاحترام التعددية الثقافية.. ورمضان فرصة للتقارب والتسامح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى ظل الصراعات الفكرية والثقافية التى يعيشها العالم حالياً، يظل الحوار بين الأديان هو المفتاح لفهم الآخر وبناء جسور من التفاهم والتسامح. حول مفهوم الحوار الدينى والتعايش السلمي؛ التقت "البوابة نيوز" الدكتورة هدى درويش، أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الزقازيق، والعميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الآسيوية.
وإلى نص الحوار..
■ فى البداية، حدثينا عن ذكريات رمضانية خاصة لا تزال عالقة فى الذهن؟
- كان لشهر رمضان طابع روحانى واجتماعى قوي، حيث كانت العائلات تجتمع على مائدة الإفطار دون انشغال بالهواتف أو التكنولوجيا. كان الأطفال يفرحون بالفانوس اليدوى المصنوع من النحاس والزجاج الملوّن، وكانت الشوارع تكتسى بزينة يدوية بسيطة. المسحراتى كان يجوب الأحياء بطبلته، يوقظ الناس للسحور، وكان لهذا طقوس خاصة تدخل البهجة فى القلوب.
الطعام أيضا كان مختلفاً؛ كانت الأمهات والجدات يعددن الوجبات التقليدية بطرق طبيعية دون إضافات صناعية، وكانت موائد الرحمن منتشرة، لكنها كانت تعتمد على الجهود الفردية وليس المؤسسات الكبرى. التراويح كانت مشهداً مهيباً، وكان الناس يقضون أغلب وقتهم فى المساجد أو فى حلقات الذِّكر والتلاوة.
اليوم، رغم أن بعض التقاليد لا تزال موجودة، إلا أن التكنولوجيا غيرت الكثير من العادات. التواصل الاجتماعى أصبح افتراضياً أكثر من كونه حقيقياً، حيث يجلس البعض على موائد الإفطار منشغلين بهواتفهم. الفوانيس تحولت إلى أشكال إلكترونية وموسيقى مسجلة، وزينة الشوارع أصبحت أكثر احترافية لكنها فاقدة للروح.
حتى المأكولات أصبحت تعتمد على الأطعمة الجاهزة والمطاعم أكثر من الطبخ المنزلي، بسبب ضغوط العمل والحياة السريعة. ومع ذلك، لا يزال هناك بريق خاص لرمضان، حيث تحاول الأسر الحفاظ على روح التجمع والعبادات رغم التغيرات.
كان لرمضان فى الماضى نكهة خاصة، وكان للصوت الإذاعى دور كبير فى تشكيل الذاكرة الرمضانية، خاصة لدى الأجيال التى نشأت على البرامج الإذاعية قبل انتشار التليفزيون والمنصات الرقمية. كان صوت الإذاعية القديرة أبلة فضيلة من العلامات المميزة فى بيوت المصريين، حيث ارتبط الأطفال وكثير من الكبار ببرنامجها الشهير "حكايات أبلة فضيلة".. بصوتها الدافئ وحكاياتها المليئة بالحكمة، كانت تقدم قصصاً تعلّم القيم والأخلاق، وكانت مقدمة البرنامج وحدها كافية لبث مشاعر الألفة والطمأنينة.
فى ذلك الزمن، كانت الإذاعة هى الوسيلة الأساسية للترفيه والتثقيف، فكان الناس يستمعون إلى برامج مثل "على الناصية" لآمال فهمى، و"قال الفيلسوف" لأحمد سالم، إلى جانب الابتهالات الدينية وآيات الذكر الحكيم التى تبث قبل الإفطار، وأهمها صوت الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ محمد رفعت، اللذان كانا يبثان الروحانية فى الأجواء.
كما كنا نتابع فوازير رمضان والتمثيليات الإذاعية التى كانت تذاع يومياً فى رمضان، ومنها المسلسلات الكوميدية والاجتماعية التى تناقش قضايا الناس فى قالب خفيف.
■ ماذا عن علم مقارنة الأديان؟ وما أهميته فى فهم العلاقة بين الديانات المختلفة؟
-علم مقارنة الأديان ببساطة هو مجال يهتم بدراسة الأديان المختلفة من حيث العقائد، النصوص المقدسة، الشعائر، والتاريخ. وأهميته تأتى من كونه وسيلة لفهم الآخر بشكل علمي، بعيدًا عن الصور النمطية أو الأحكام المسبقة. وعندما نفهم التشابهات والاختلافات بين الأديان، نستطيع التعامل مع بعض بطريقة أكثر احترامًا وتسامحًا، وهذا يجعلنا نواجه التطرف الفكرى الذى ينشأ بسبب الجهل بالأديان الأخرى.
ومن خلال تقديم رؤية علمية محايدة، يمكن لهذا العلم أن يساهم فى حل النزاعات الناشئة بسبب الاختلافات الدينية، من خلال تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم. ويوضح الأسباب التاريخية والاجتماعية للنزاعات الدينية، ويقترح حلولًا مبنية على الدراسة الأكاديمية الدقيقة.
والحقيقة فإن دراسة الأديان تعد لونًا من ألوان الدعوة الواجبة وعاملا من عوامل إقامة الحجة ودفع الباطل وتبيان الحق. ومن أهدافها التوصل إلى تحقيق درجة من التعايش السلمى فى ظل وجود أديان متعددة سواء داخل المجتمع الواحد أو الشعوب الأخرى. وهو علم يسهم فى تعميق الشعور بالتعدد والتنوع بين بنى البشر وقبول الاختلاف. طبقاُ لما ورد فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ فعلم الأديان يهتم بمراقبة الظواهر الدينية والطقوس العملية فى كل دين بعيداً عن أى تأثير أو هدف.
■ وكيف يساهم هذا العلم فى نشر ثقافة التسامح الديني؟
-عندما يعرف الإنسان أن الأديان كلها تشترك فى قيم مثل العدل، الرحمة، والسلام، سيرى الآخر بشكل مختلف. علم مقارنة الأديان يساعدنا على التخلص من الصور السلبية الذى أحيانًا الإعلام والسياسة يحاولان أن يزرعاها بين الشعوب، وبدل أن يكون الدين وسيلة للفرقة، يتحول لجسر للتواصل.
■ هل يمكن أن يكون لشهر رمضان دور فى تعزيز الحوار والتواصل بين أتباع الديانات المختلفة؟
-شهر رمضان هو الرمز المقدس لدى مسلمى العالم فى التكافل، ورعاية المحتاجين، وجبر الخواطر، وفيه تعزز قيم التسامح والعفو وهى قيم نجدها فى العديد من الديانات الأخرى، مثل المسيحية والتى تُسهم فى خلق بيئة إيجابية للحوار بين الأديان.
وفى رمضان تكثر الأنشطة الخيرية التى تجمع الناس مثل موائد الرحمن، وتوزيع الطعام على المحتاجين، وتفتح المجال للتعاون بين المسلمين وغير المسلمين فى خدمة المجتمع، مما يعزز العلاقات الإيجابية بينهم، ودائمًا فى رمضان نرى ونشاهد مشاركة الإخوة المسيحيين فى موائد الرحمن ونشاهد بعض رجال الدين المسيحى يحتفلون مع المسلمين فنجدهم يقفون فى الطرقات ليطعموا الصائمين وهو مظهر حضارى يتكرر كل عام يعطينا البهجة والسرور والتعايش الراقى بين المسلمين والمسيحيين ويدل على الوحدة الوطنية بيننا.
وتُعد موائد الإفطار الجماعية فرصة لتلاقى الناس من شتى الأجناس والأديان المختلفة، الأمر الذى يسهم فى بناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام والتفاهم. كما نجد فى العديد من الدول الإسلامية، موائد الإفطار التى تجمع المسلمين وغير المسلمين لتعزيز التعايش والتفاهم الثقافي.
■ كيف يمكن للقيم الروحية للصيام أن تكون نقطة التقاء بين البشر؟
- يمكن للقيم الروحية للصيام أن تكون نقطة التقاء بين البشر من أتباع الديانات المختلفة، فالصيام يعكس مبادئ روحية وإنسانية مشتركة. منها التقرب إلى الله ففى الإسلام، صيام رمضان يُعزز التقوى ويُعد وسيلة للتقرب إلى الله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: ١٨٣).
وهذا المفهوم موجود فى المسيحية، حيث يُمارس الصيام كوسيلة لتطهير النفس والاقتراب من الله فنجد الصوم الكبير الذى يستمر ٤٠ يومًاً، ويتضمن الامتناع عن اللحوم وبعض الأطعمة الأخرى وصوم الأربعاء والجمعة، وفى بعض التقاليد، يصوم المسيحيون كل يوم أربعاء وجمعة، كذكرى لما تعرض له السيد المسيح يوم الأربعاء، وصلبه يوم الجمعة.
أما الصيام فى الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية فيشمل صيامًا أكثر صرامة يمتد لفترات طويلة مع الامتناع عن اللحوم ومنتجات الألبان وأحيانًا الزيوت والأسماك. وكذلك فى اليهودية فمن أهم أيام الصيام يوم الغفران الذى يعتبر أهم وأقدس يوم صيام، يستمر ٢٥ ساعة، ويمتنع فيه اليهود عن الطعام والشراب وأى نوع من الأعمال.. ولا تنسى أنه حتى فى البوذية والهندوسية يوجد صيام بأنواع مختلفة، وهذا يجعل الفكرة مفهومة ومتقبلة عند الكل.
والصيام يُعلم الإنسان التحكم فى شهواته ورغباته، وهو أمر مشترك بين الأديان، حيث إن الامتناع عن الطعام وغيره من الملذات يعد نوعًا من الزهد والتأمل بين الأديان.
وفى الإسلام نجد قسمين من الصيام صوم العوام وصوم الخواص. كما أن هناك قيما أساسية للصيام فى الإسلام وتعد من المبادئ المشتركة بين الأديان وهى الشعور بجوع الفقراء وتعزيز التعاطف معهم، مما يدفع إلى العمل الخيري.
■ فى رأيك، هل الحوار الدينى ممكن أن يكون وسيلة فعالة للحد من الصراعات الطائفية؟
- طبعًا، لأن أغلب الصراعات الدينية فى العالم ليست ناتجة عن الدين نفسه، لكن عن سوء الفهم أو الاستغلال السياسى للدين. وعندما يكون هناك حوار جاد وصادق بين رجال الدين والمفكرين من مختلف الطوائف، يساعد على توضيح الحقائق، وإزالة اللبس الذى يؤدى للصراعات.. فالحوار الدينى يلعب دورًا مهمًا فى الحد من الصراعات الطائفية والتعايش السلمى بين أتباع الديانات والمذاهب المختلفة. ويؤدى إلى بناء الثقة والتسامح.
وفى حالات النزاعات الطائفية، يمكن للحوار الدينى أن يكون وسيلة فعالة لحل المشكلات عبر التفاهم والتفاوض بدلاً من اللجوء إلى العنف. ولكى يكون الحوار الدينى ناجحًا، يجب أن يكون صادقًا وموضوعيًا، وأن يتم دعمه من قبل القادة الدينيين والمجتمعات المحلية، إضافةً إلى وجود إرادة سياسية لتعزيز التعايش ونبذ الطائفية.
وهناك العديد من الأمثلة التى توضح كيف ساهم الحوار الدينى فى الحد من الصراعات الطائفية وتعزيز التعايش السلمي. على سبيل المثال مبادرات مجلس حكماء المسلمين عن طريق المؤتمرات واللقاءات التى تجمع قيادات دينية مختلفة، مثل قمة البحرين للحوار التى عقدت عام (٢٠٢٢) التى جمعت رجال دين من مختلف الطوائف لتعزيز التفاهم ونبذ التعصب. ومنها أيضًا وثيقة الأخوة الإنسانية (٢٠١٩) التى تم توقيعها بين شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا فرنسيس فى أبوظبي، وهدفت إلى تعزيز الحوار بين الأديان، ونبذ العنف والكراهية، والدعوة إلى التعايش السلمى بين المسلمين والمسيحيين.
■ وكيف ينظر الإسلام للشرائع الأخرى وفق النصوص الدينية والتراث الإسلامي؟
- الإسلام لديه رؤية واضحة جدًا تجاه الأديان الأخرى، وهو يعترف بالديانات السماوية السابقة، ويؤكد على وحدة الرسالات التى تدعو كلها للتوحيد. القرآن الكريم ذكر المسيحية واليهودية، وسمى أهلها بـ"أهل الكتاب"، وهذا معناه أن الإسلام يقر بوجودهم وبحقوقهم. حتى أن التاريخ الإسلامي، كان فيه تعايش كبير بين المسلمين وغير المسلمين، وهذا دليل على أن العلاقة ليست عدائية، مثل ما يصورها البعض، لكن الحقيقة أن الإسلام عنده اختلافات عقائدية معهم، التاريخ الإسلامى فيه نماذج كثيرة للتعايش، مثل ما حدث فى الأندلس.
■ يرى البعض أن الإسلام لا يعترف بحرية الاعتقاد، ما ردك على ذلك؟
- هذا كلام غير دقيق، لأن الإسلام أكد على حرية الاعتقاد فى أكثر من موضع، مثل الآية {لا إكراه فى الدين}، و{لكم دينكم ولى دين}. الإسلام لايفرض العقيدة بالقوة، لكن فيه تنظيم فقهى لمسألة تغيير الدين داخل المجتمعات الإسلامية، وهذا يختلف من عصر لعصر حسب الظروف الاجتماعية والسياسية.
■ كيف نفعّل الحوار بين الأديان لمواجهة التطرف والإرهاب؟
- لابد أن يكون الحوار حقيقياً، وليس مجرد لقاءات رمزية بين رجال الدين. ولابد أن تكون فيه برامج تعليمية تدرس الأديان بشكل علمى ومحايد، ويجب أن يلعب الإعلام دوراً إيجابياً فى نشر ثقافة التفاهم بدلا من التركيز على النزاعات والخلافات.
كما أن المؤسسات الدينية، مثل الأزهر والفاتيكان، لها دور كبير فى تقريب وجهات النظر، لكن المشكلة أن الجهود أحيانًا تكون محدودة التأثير، وهذا بسبب غياب الدعم الإعلامى أو السياسى ولا بد أن تكون فيه مبادرات مستمرة، وليس مجرد بيانات رسمية وقت الأزمات. كما أن الأمم المتحدة عندها برامج للحوار بين الأديان، لكنها محتاجة تفاعل أكثر.
■ ما أهم الشبهات التى تقال عن الإسلام، وكيف نرد عليها؟
- من أكثر الشبهات انتشاراً أن الإسلام دين عنف، وأنه ضد المرأة، وأنه متعصب ضد الأديان الأخري، لكن الحقيقة أن كل الادعاءات نتيجة لتفسيرات خاطئة أو ممارسات لا تمثل الدين بشكل حقيقي، ولابد من الرد عليها بالعلم والتاريخ، وليس بالانفعال أو الرفض المطلق.
لكن المشكلة أن الإعلام الغربى يبرز الصور السلبية أكثر، خاصة عندما يربط الإسلام بالتطرف والإرهاب، وهذا يجعل الناس تأخذ فكرة مشوهة عنه. فلابد أن يكون فيه إعلام عربى وإسلامى محترف قادر على عرض الصورة الحقيقية للدين بعيداً عن الصور النمطية.
■ هل يوجد تقصير فى تقديم الإسلام فى الغرب؟
- للأسف، لأن الغرب يعتمد فى معلوماته عن الإسلام على مصادر سطحية، ولايوجد جهد كافٍ من المؤسسات الإسلامية لتقديم صورة صحيحة ومتوازنة عن الدين والثقافة الإسلامية. وأود القول هنا إن التفاهم بين الأديان ليس رفاهية، لكنه ضرورة لبناء مجتمعات متماسكة وسلمية. وأن يكون فيه حوار حقيقي، على مستوى القادة الدينيين، وبين الشعوب، لبناء عالم قائم على الاحترام والسلام.
■ كيف تعاملت الحضارة الإسلامية تاريخيًا مع أتباع الديانات الأخرى؟
- تبنّت الحضارة الإسلامية نهجًا متسامحًا فى التعامل مع غير المسلمين، حيث منحتهم حقوقًا واضحة، ووفرت لهم الحماية، وسمحت لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية. اعتمد هذا النهج على مبادئ إسلامية تحث على العدل والتعايش السلمي، وهو ما انعكس فى التشريعات الإسلامية والممارسات الفعلية عبر مختلف العصور.
وقد أكدت النصوص الإسلامية على مبدأ العدل وحسن المعاملة مع غير المسلمين. فقال الله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الممتحنة: ٨).
فمع قيام الدولة المحمدية، عاشت مجتمعات متعددة الأديان تحت حكمها، وتم تنظيم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين وفق ما يُعرف بـ"أهل الذمة"، حيث تمتعوا بحقوق واسعة مقابل التزامات محددة.
وكان لليهود والمسيحيين، بل وحتى لبعض الديانات الأخرى مثل الزرادشتية (ديانة أهل فارس القديمة) حرية ممارسة شعائرهم وإدارة شئونهم الخاصة. وكانت الكنائس والمعابد اليهودية قائمة فى مختلف المدن الإسلامية دون اضطهاد أو تضييق. وفى تعامل النبى صلى الله عليه وسلم مع وفد نجران، لم يُجبرهم على الدخول فى الإسلام، بل أقرّ لهم بحرية العبادة.
وفى العصرين الأموى والعباسى احتل غير المسلمين مناصب مهمة فى الدولة، مثل الترجمة والطب والإدارة، وكان لهم دور فى النهضة الفكرية. وقد ازدهرت الترجمة على أيدى علماء مسيحيين ويهود فى بيت الحكمة ببغداد، حيث تم نقل المعارف من الإغريقية والفارسية والهندية إلى العربية. وكان للفيلسوف اليهودى موسى بن ميمون تأثير وتبادل فى الفكر الفلسفي، وعمل فى خدمة الحكام المسلمين. ونقل الكثير من العبادات إلى اليهودية.
ولم يجبر المسلمون الشعوب التى فتحوها على اعتناق الإسلام، بل استمرت الديانات الأخرى فى الوجود والتطور داخل الدولة. وبذلك، يمكن اعتبار الحضارة الإسلامية نموذجًا مبكرًا لاحترام التنوع الدينى والتعددية الثقافية.